تقوم العلاقات بين الدول على أساس تحقيق المصالح المتبادلة، وليس في قاموس السياسة البذل والإفادة من طرف واحد، مهما ارتبطت الدول بعلاقات ذات أبعاد مختلفة، فإما أن يكون الدافع تحقيق منافع، أو درء مخاطر، ففي النهاية مهمة كل نظام أن يعمل على تحقيق المصالح لوطنه وصيانة أمنه.

لقد بدا منذ إسقاط نظام بشار الأسد، أن المملكة العربية السعودية تتجه لأداء دور فاعل في سوريا، والعمل لأن تكون شريكا رئيسيا في بناء سوريا الجديد. السعودية قبل الإطاحة بنظام بشار كانت تتعاطى مع أزمة السوريين بجدية، إذ أنها احتضنت ما يزيد عن ثلاثة ملايين سوري بصفة مقيمين لا لاجئين، وأدمجتهم في المجتمع السعودي، ومكنتهم من العمل، وقدمت لهم خدمات مجانية في مجالي الصحة والتعليم.

وما أن صعدت الحكومة السورية الجديدة، حتى أيدت السعودية خيار الشعب السوري، وأعلنت دعمها للقيادة الجديدة، والعمل على إدماج سوريا في البيت العربي من جديد، وقامت بعمل جسر جوي إغاثي لتحسين الأوضاع المعيشية في سوريا، وعقدت عدة لقاءات مع الرئيس أحمد الشرع ورجال حكومته في الرياض ودمشق، معلنة عن توطيد العلاقات والعمل بجدية على بناء سوريا موحدة، والسعي دوليا لرفع العقوبات على سوريا.

التوجه السعودي الداعم للإدارة السورية الجديدة أظهر ثباته، فلم تقدم السعودية قدما وتؤخر الثانية في انتظار ما تُسفر عنه الفاعليات المناهضة للنظام، التي حركتها النزعات الانفصالية التي تغذيها أطراف خارجية، ولا الاضطرابات وأحداث العنف الأخيرة، التي قامت بها فلول النظام السابق، بل سارعت لإدانة الجرائم التي ارتكبها الخارجون عن القانون، وإعلان وقوفها إلى جانب الحكومة الرسمية لتحقيق الأمن والاستقرار والحفاظ على السلم الأهلي، إضافة إلى الإشادة بخطوة الحكومة السورية التي اتخذتها بشأن توقيع الاتفاق على دمج المؤسسات المدنية والعسكرية كافة في شمال شرق سوريا ضمن مؤسسات الدولة السورية.

تابع القراءة