رحلة إلى أجمل شلالات النمسا
وأضخم سلالم في أضيق وادي
وادي حماية الدببة...شلالات وسلالم ووادي ضيق وسحر النمسا الطبيعي
بدل رفو المزوري
النمسا\غراتس
(ميكس نيتس) بلدة صغيرة يبلغ عدد ساكنتها 3000 نسمة وتقع في مقاطعة شتايامارك ضمن خارطة مدينة(بروك على نهر مور) ومساحتها 86 كيلومترا وتقع على ارتفاع 458 متراً فوق مستوى سطح البحر.
عرفت هذه المدينة عن طريق أجمل وأضيق الوديان وأكثرها سحرا، حيث تهدر منه أروع شلالات النمسا ومن قمم الجبال، لذلك سميت المنطقة بوادي حماية الدببة، والاسم له حكايات كثيرة فالبعض يقول بأن الدببة سكنت فيه والآخر يقول لا تزال الدببة متواجدة فيه ولكن خلال عودتي لم أر إلا عددا كبيرا من الوعول والغزلان.
لقد تم تعريف الوادي عام 1978 بنصب الطبيعة، ففي هذا الوادي الضيق للغاية تم تشييد ونصب السلالم الخشبية وشدها إلى الصخور، وظل هدير المياه وتلاطمها بالصخور يمنح الطبيعة جمالا وحياة وألقا من نوع آخر، ونظراً لارتفاع السلالم وطول الطريق يصعب على الكثيرين تسلقها فالطريق من ساحة وقوف السيارات لغاية قمة الجبل تستغرق مابين 5 إلى 6 ساعات وتتخللها استراحات قصيرة ويصبح صعبا مواصلة التسلق والاستمرار في المشي دون استراحة... إن مكونات هذا المشهد من مناظر ساحرة في الوادي الضيق وخرير الماء وهدير الشلالات والسلالم العملاقة تبين مدى قدرة الإنسان من خلال صراعه الأزلي مع الطبيعة على الحفر في الصخر من أجل أن تستمتع الأجيال القادمة بطبيعة بلادهم القاهرة وبماء الشلال الذي يجري في نهر صغير يملأ خريره بلدة (ميكس نيتس).
عمليات تصليح السلالم وتبديل الخشب ليست بالطريقة السهلة التي يتصورها البعض فحتى الطائرات المروحية يقع على عاتقها الدور في حمل الاخشاب بالاضافة الى نادي غراتس لجبال الالب ومن الناس والمجموعات المتطوعة للحفاظ على البيئة لهم الدور الكبير في تصليح السلالم وبمساعدة المتسلقين على الصخر ايضا ولانه يحتاج جهدا كبيرا.
من خلال نظرة إلى وادي حماية الدببة يمكن وصف شلالاتها الهادرة بعنف وقوة التي نتجت عنها تكوينات صخرية كبيرة تدفع البعض لتسلقها في تحد للطبيعة، كما تكثر النباتات النادرة في المنطقة، بالإضافة إلى الحيوانات البرية، ويعد أطول وأكثر إبهاراً وإعجاباً وأجمل شلالات وسلالم النمسا وأوربا على الإطلاق. تقاطعات كبيرة وكثيرة في الوادي حيث يوجد أكثر من 64 جسراً خشبياً عبر 2500 لوحة كبيرة وأعمدة ربط وهناك بعض السلالم على طول 350 متراً. المشي والسياحة والتنزه بين الشلالات الجامحة والصخور تعد تجربة مشوقة مثيرة للإعجاب وقوة خارقة للطبيعة يعجز اللسان عن وصفها مهما كانت الكلمات بل تتطلب التمتع بالعين وبكل الحواس. لقد تم إنشاء هذه السلالم في أحلك الظروف التاريخية لمدينة غراتس قبل 100 عام، من طرف نادي غراتس لجبال الألب.
نظراً لسحر الطريق فالزائر لا يشعر بالإرهاق والتعب، ففي هذا الوادي الضيق يوجد أكثر من 20 شلالاً مابين 200ـ300 متراً والمشي في هذا الوادي الضيق وعلى السلالم هي رياضة بالإضافة إلى التمتع، قبل الدخول إلى الوادي يصادف الزائر كوخا لدفع رسوم رمزية تخصص لصيانة سلالم الوادي. بعد مسافة كيلومتر ونصف الكيلو تفاجئ الزائر شلالات جميلة أشبه بشلالات بيخال التي لم أزرها في حياتي بعد ونحن في الطريق صوب الوادي... السلالم في الوادي الضيق والجسور الخشبية الضيقة للغاية.
يبعد الوادي مسافة 40 كيلومتراً شمالاً من مدينة غراتس، ومنطقة الوادي تعد ضمن المحميات الطبيعية ومن أجمل مناطق أوربا ولهذا يتوجه إلى الوادي الكثير من السواح من اوربا وعشاق المشي والرياضة وهذه المراعي الجبلية العشبية هي بمثابة مشهد ثقافي وألبوم من المناظر الطبيعية للدولة وللجميع. للصعود على سلالم الوادي يجب الإعداد للرحلة جيداً وأهم هذه الاستعدادات مراقبة حالة الجو فمن الصعب صعود السلالم في أجواء ممطرة خوفاً من التزحلق وكذلك ارتداء الملابس والأحذية الجبلية، بالإضافة إلى حماية الاطفال من قبل المرافقين لهم. بعد وصولي الجسر الأخير تصورت بأن الرحلة انتهت وإذا بسلالم عملاقة كادت أن تقضي علينا بسبب الإرهاق وبعد الوصول إلى القمة وقطع مسافة 10 دقائق مشياً بين الغابات الكثيفة تصل نقطة النهاية فتجد مطعم للأكلات الجبلية النمساوية وبعد ذاك اتخذنا الطريق الأخر للنزول وسط الغابات بدل السلالم. وادي حماية الدببة مشي لمسافات طويلة وتجربة رائعة للجميع ففي هذا الوادي يندمج الجسر والسلم والدرج في خلق طبيعة ساحرة وفي طريق الصعود يصادف الزوار مغارات وكهوف ويعتقد البعض بانها كانت ملاذ وملاجئ الدببة واليوم هي ملاذ للزوار حين تمطر السماء، جمال الوادي يزداد في فصل الربيع بعد ذوبان الثلوج ولذلك يكون هدير الشلالات قويا.
رحلة إلى وادي الدببة تعد زمناً طويلا نظراً للصخور الشديدة الانحدار والشلالات الخانقة المنبع. رحلة الى عالم رومانسي يتخللها الخوف والسقوط من السلالم وطبيعة تصارع الزمن والجمال.
الصور بعدسة الكاتب