برقيات وتغطيات 819
ناجي نعمان في اختِتام موسم صالونه:
"الأب جوزف قزِّي علامَةٌ وعلاَّمَة"
إستقبل الأديب ناجي نعمان في داره ومؤسَّسته للثَّقافة بالمجَّان، وفي إطار اختِتام الموسم الحادي عشر لصالونه الأدبيِّ الثَّقافي 2018-2019، الأبَ العلاَّمةَ جوزف قزِّي، ضيفًا مكرَّمًا في "لقاء الأربعاء" السَّادس والسِّتِّين.
نعمان
بعد النَّشيد الوطني، رحبَّ نعمان بالضَّيف وبالحضور، وقال: "الأبُ الشَّابُّ جوزف قزِّي شَغَلَ النَّاسَ بكِتاباتِه منذ سبعينيَّات القرن الماضي، في أزمنةِ التَّخَلِّي والاندِفاعِ المَفروضِ بقوَّةِ ما كان يَحْدُث. شَغَلَهم وَقتَها، لكنَّ ما كانَ يَشغَلُهُ هو، مُنذُها، تَمَثَّلَ باللهِ، وبالسَّبيلِ إلى تبرئَتِه مِن الأديان وما تَفعَلُهُ بالإنسان، وبخاصَّةٍ عندما يَطْفو الجَهلُ وتَوأَمُه التَّخَلُّفُ، ويَحُلُّ التَّعصُّب".
وأضاف: "ومُذْ بَرَّأَ الأبُ قزِّي اللهَ قبلَ أنْ يَتَبَرَّأَ اللهُ مِن خَليقته، غَدا عَلامَةً وعَلاَّمَةً، والأملُ أنْ يُبَرِّئَ ذاتَ يومٍ الإنسانَ مِن المَوروثاتِ شِبهِ الخُرافِيَّةِ الآتِيَةِ مِن سَحيق الزَّمان، وُصولاً إلى تبرئَتِهِ مِن الخطيئة الأصليَّة، كيما يَنطلِقَ ذا الإنسانُ في حُرِّيَّةٍ نحوَ اللهِ، خالقِهِ وصديقِهِ المُحِبّ".
رزق الله
وتكلَّم الدُّكتور شارل رزق الله على الأب قزِّي الَّذي رافقَه في دراساتِه الثَّانويَّة والجامعيَّة، فقال: "كان الرَّاهبُ الشَّابُّ القادمُ من الشُّوف السَّاحليِّ بروحه السَّخيَّة السَّمحاء قُدوةً لنا ومِثالاً، إلى جانب كونه إداريًّا حازمًا على قساوةٍ لا تخلو من لُيونةٍ هادئةٍ مُرفَقَةٍ بابتسامةٍ تُظهرُ ما في القلب من مَشاعر الدَّعوة السَّماويَّة الحَقَّة وأحاسيس العامِلين في كَرم الرَّبّ".
ووجد أنَّ قزِّي، "صاحبَ الدِّراسات الفلسفيَّة، مؤرِّخٌ لَبقٌ يُعالجُ الوقائعَ بأسلوبٍ علميٍّ مَنهجيٍّ، فيطوفُ بالتَّاريخ مُفرغًا ذاته في كلِّ بحث، داعمًا أقوالَه وكتاباتِه بالشَّواهد البَيِّنات، ولا مُحاباةَ لديه ولا غُلُوّ". وأنهى قائلاً: "بوركت ريشةٌ أصيلةٌ، حبرُها المُعَتَّقُ من لون السَّماء".
الحاج
وتكلَّم الأبُ الدُّكتور بديع الحاج، عميدُ كلِّيَّة الموسيقى في جامعة الرُّوح القُدُس – الكسليك، عن الأب قزِّي الإنسان الَّذي "يحترمُ كلَّ النَّاس ويُشجِّع على النَّجاح والإبداع"، والرَّاهبِ "المُلتزِم الَّذي همُّه الرهبانيَّة ورسالتها، الباحثِ دومًا عن الحقيقة، عن الله، والَّذي لا يقنعُ بالإيمان الموروث والإيمان المُتَلَقَّى على نحوٍ سَلبي. فالإيمانُ بالنِّسبة إليه ليس بالوراثة فحَسب، بل أيضًا بالشَّكِّ واليقين".
كما تكلَّم على الأب قزِّي الباحِث الَّذي "يحثُّ تلامذته على القراءة والبحث والاطِّلاع"، مُضيفًا: "أحبَبنا الكتابَ من خلاله. وكان يسألُنا دومًا: ماذا تقرأون؟ وينقاش ويجادل. وكنتُ أتصوَّرُه كفلاسفة اليونان الَّذين كانوا يعلِّمون من خلال استِنباط المعلومات من التَّلامذة أنفُسهم".
وأشارَ الحاج أخيرًا إلى أنَّ قزِّي عالمٌ في أرشفة المكتبات، وأوَّلُ من استخدم الكمبيوتر في الدَّير، ويُمثِّلُ مرجعًا في تاريخ الرهبانيَّة وتفسير قوانينها والإضاءة على أَعلامها، شاكرًا اللهَ "الَّذي وضع الأبَ قزِّي على طريق حياته".
قزِّي
وشرح الأبُ جوزف قزِّي الأفكارَ الرَّئيسةَ في كتابه "تبرئة الله"، مُشيرًا إلى "أنَّ الله خلقَ الإنسان حرًّا، ولم يُقيِّد نفسَه، ولا الإنسان، بدينٍ أو ناموس"، وإلى أنَّ "الله هو الكائنُ المُطلَق، الكُلِّيُّ الكمال، الَّذي لا يطالُه عقلُ إنسان"، فالإنسانُ "المحدود في الزَّمان والمكان لا يُمكنُه أن يعرفَ الله اللامحدود واللامُتناهي"، ووجد أنَّ رجال الدِّين "يُقيِّدون الله بمَنطقهم ومقولاتهم"، مؤكِّدًا أنَّه لا يدعو "إلى إلغاء ما قدَّمته الأديانُ للبشريَّة من حضارات وثقافات وعلوم وفنون"، بل "إلى تبرئة الله من صنع هذه الأديان، من معتقداتها، وتعاليمها، وشرائعها، وقوانينها"، واجدًا أنَّ يسوع نفسه "كان أوَّلَ من تجرَّأَ على تبرئة الله من التَّقاليد المَوروثة"، ولا سيَّما حين هاجمَ "الفرِّيسيِّين والكَتَبَة والأحبار والرؤساء" قبلَ أن يصلبوه.
وأنهى قزِّي قائلاً: "الدِّينُ، كما أفهمُه شخصيًّا، يطعنُ في الله وفي الإنسان معًا. لهذا، يجبُ تبرئة الله والإنسان منه، مهما كلَّفَ الأمر، بذلك تسلمُ البشريَّةُ ويسلمُ الإنسان، ويتقدَّمُ العالمُ إلى كماله، وتنجلي صورةُ الله الحقيقيَّة الرَّائعة في الكون".
نقاشاتٌ وشهادة
وبعد نقاشاتٍ شارك فيها كلٌّ من جوزف مسيحي وإميل كبا ومريم نزار الدِّيراني وسليم أبو معشر وواكيم بولحدو وشربل شهوان وجوزف أبو نهرا وجان-كلود جدعون وحنَّا جحا وجلال شربل، سلَّم نعمان ضيفَه شهادةَ التَّكريم والاستضافة، وانتقلَ الجميع إلى ضيافة المناسبة، وإلى توزيع مجَّانيٍّ لآخر إصدارات مؤسَّسة ناجي نعمان للثَّقافة بالمجَّان ودار نعمان للثَّقافة والأصدقاء. وجال الحاضرون في مكتبة المجموعات والأعمال الكاملة وصالة متري وأنجليك نعمان الاستعاديَّة.
ويُذكر أن "لقاء الأربعاء" استضافَ خلال موسمه الحادي عشر، إلى الأب جوزف قزِّي، كلاًّ من الأكاديميّ الدُّكتور جورج جبُّور، الفنَّان التَّشكيليّ جريج بوهارون، الشَّاعر غسَّان مطر، الأديب والمُربِّي عبده لبكي، المؤرِّخ الدُّكتور إميل معكرون.
***
هذا، وتميَّز اللِّقاء بحضور جمهرةٍ من مُحبِّي التَّاريخ والفن والثقافة والأدب، من مِثل الشُّعراء والأدباء والفنَّانين والدَّكاترة والأساتذة: إميل كبا، عصام نور الدين، جوزِف أبو نهرا، محمَّد إقبال حرب، أنطوان رعد، واكيم بولحدو، جوزِف مسيحي، حنَّا جحا، سمير العنيسي، بهيج مخُّول، ماري تيريز الهوا، شربل شهوان، جان-كلود جدعون، جوزف صفير، إيلي مجدلاني، سليم أبو معشر، دعد قزِّي رزق الله، هند قزِّي حوَّاط، بول غصن، مازن زكريان، شربل عقل وقرينته جاكلين، جو نعمه، إيلي طنب، سمير خيَّاط، مخايل الشمالي وعقيلته ميراي، جلال شربل، نزار حنَّا الدِّيراني وكريمته مريم.
احتفالية كبيرة، بمناسبة الإسراء والمعراج
أقامت رابطة الأدب الإسلامي، المكتب الإقليمي في عمان/ الأردن، مساء السبت 6/4/2019،احتفالية كبيرة، بمناسبة الإسراء والمعراج، وعيد الأم ويوم الكرامة، ويوم الأرض، حضرها جمع غفير من أعضاء الرابطة وغيرهم، وأدارها عضو الهيئة الإدارية، د.عبد الجبار عبد الله دية ...
وفي بداية الحفل ،نَعَت الرابطة زميلين كريمين، انتقلا إلى رحمة الله ورضوانه ،هما الأخ الأديب عاطف عبد العزيز، والأخ عبدالحليم عباس ،ودعونا لهما، وقرأنا الفاتحة على روحيهما ،سائلين الله -تعالى- لهما القبول، وأن يلحقنا بهما في الصالحين ...
ومن ثم تقدم الفرسان المبدعون، لقراءة قصائدهم وإبداعاتهم في المناسبات المختلفة .. وقد شنّفوا آذان الحاضرين بكل جميل طيب، من المعاني والأحاسيس، وخصوصا الأديبة المتألقة د. نبيلة الخطيب، أذكرها وقد استجاد الكثيرون شعرها، وانفعلوا به ،وتفاعلوا معه. وكان بين الفرسان أختان من المبدعات: د. نبيلة الخطيب، والسيدة هيفاء علوان، زوجة الأديب الراحل محمد الحسناوي، وآخرون نذكر منهم: الأدباء عبد الرحمن المبيضين، ومحمود إبراهيم، وجميل كنعاني ،ود.عبد الله بركات، ومحمد شحادة، الذي فوض ابنه ،الشاب عبادة، قراءة قصيدته نيابة عنه...
وقد خُتِم الحفل بقصيدة من والد حنون، إلى ابنه المتمرد، قرأها عريف مدير الاحتفالية، د.عبدالجبار؛ حتى لا ننسى الأب الوالد في خضم احتفالنا بالأم الغالية، ولكلٍّ حقه وتكريمه ...
ومن ثم كانت الضيافة وصلاة المغرب !
صدور العدد الأول من السنة الثامنة (141) من مجلّة الإصلاح
تحّية طيّبة وبعد،
يسرّني إعلامكم بصدور العدد الأول من السنة الثامنة (141) من المجلّة ( أفريل 2019 / شعبان 1440)، لتحميله مجّانا في صيغة "Pdf" اضغط على أحد الرّابطين:
http://alislahmag.com/revue_141.pdf
http://alislahmag.com/revue-141.pdf
في إطار مراجعة قائمة المشتركين في هذه الخدمة الرّجاء الإجابة :
- بـ نعم إذا كنتم ترغبون في مواصلة التّواصل.
- بـ لا إذا كنتم ترغبون في الكفّ عن التّواصل معكم.
شكرا على تفهّمكم...
قراءة ممتعة...
حيفا بين حُبِّ وحنينِ عادل سالم!
إعداد: آمال عواد رضوان
الأديب عادل سالم حلّ ضيفًا على حيفا في أمسية حيفاويّة مائزة أقامها نادي حيفا الثّقافيّ، برعاية المجلس المِلّيّ الأرثوذكسيّ الوطنيّ/ حيفا، وذلك بتاريخ 4-4-2019، في قاعة كنيسة مار يوحنا المعمدان الأرثوذكسيّة في حيفا، ووسط حضور نخبويّ مميّز من أدباء وشعراء وأصدقاء ومهتمّين، وقد ازدان مدخل وزوايا القاعة بمنتوجات ولوحات ومعروضات فنّيّة للفنّانة التّشكيليّة سماح عوض، وتولّت إدارة الأمسية آمال عوّاد رضوان، بعد أن رحّب المحامي فؤاد نقارة رئيس نادي حيفا الثّقافيّ بالحضور، وقدّم د. رياض كامل قراءة نقديّة تتمحور في جديد رواية "الحنين إلى المستقبل" من حيث الموضوع، ومن زاوية السّرد ومبنى الرّواية الفنّيّ، وقدّمت د. علا عويضة قراءة نقديّة لرواية "الحنين إلى المستقبل" بعنوان: الضَّياع في الحنين في سيراويّة عادل سالم، ثمّ تناول د. صالح عبود المجموعة الشّعريّة (الحب والمطر)، وقدم قراءة بعنوان (الاغتراب في شعر عادل سالم)، أخيرًا، ختم اللّقاء المحتفى به عادل سالم، شاكرًا الحضور والمنظّمين والمتحدّثين، وتمّ التقاط الصّور التّذكاريّة
مداخلة آمال عوّاد رضوان:
*أحبّائي الحضور، أهلا ومرحبًا بكم باتّساع قلوبنا المترنّمة بالمحبّة، وبشساعة أرواحكم العطشى إلى رحيق الكلمة الأثيريّة، والّتي تُقصّر المسافات، وتستقصي الأسرار، تلك الكلمة العميقة الّتي تجمع الماضي بالمستقبل، وبوح الحاضر بحنين الآتي. فأهلًا بالإبداع بكلّ مقاساته ومذاهبه ومدارسه وأصنافه.
*الفنون البصريّة التّشكيليّة: هذا الإبداع المرئيّ الّذي يُلفتُ النّاظر إليه ويُحفّز مشاعرَه، كالفنّ المعماريّ، الزّخارف، السّيراميك، الأثاث، التّصميم الدّاخليّ، الدّكورة، المجوهرات والمنحوتات، الرّسومات واللّوحات وغيرها.
المدارس الحقيقيّة الواقعيّة: ومن خلالها يتمّ نقل الواقع الموجود على هيئة فنّ وتصوير، وغالبًا ما يدخل شيء من عواطف الفنّان، فظهرت أعمال الفنّانين في الفترة الّتي نشأت فيها الواقعيّة التّصويريّة بهيئة كلاسيكيّة.
المدرسة الانطباعيّة: بدأت هذه المرحلة الفنّيّة بخروج الفنّان حاملا مرسمه من غرفته إلى الطّبيعة الخارجية، لرسم أشياء في الطّبيعة، مُعتمدًا على المُلاحظة الحسّيّة، وعلى انطباع حسي مباشر يُهيمن على اللوحات.
المدرسة ما بعد الانطباعيّة: ولأوّل مرّة تستخدم القماش، فهي مزيج من المدارس الانطباعيّة والواقعيّة، ولكن بأسلوب حديث وألوان شديدة.
المدرسة الرّمزيّة: ابتعدت عن الطّبيعة وعن الواقع كلّيًّا، واعتمدت على التّرميز.
المدرسة التّعبيريّة: ظهرت في بداية القرن الـعشرين، واعتمدت على انطباع الفنّان عن المشهد أكثر من تصويره.
المدرسة الدّادائيّة: استهدفت التّنبّه للأرصفة الملوّثة وتفاصيل مُهملة غير مهمّة.
المدرسة السّرياليّة: تعتمد على تجسيد الأحلام والأفكار، واستعادة ما في الذّاكرة.
المدرسة التجّريديّة: تعتمد على خيال الفنّان، وتجريد الحقائق من طبيعتها.
المدرسة التّكعيبيّة: ظهرت في فرنسا في بداية القرن العشرين، على يد بابلو بيكاسو قبل الحرب العالميّة الاولى، واتّخذ من الأشكال الهندسيّة أساسًا لبناء وبلورة وتجسيم العمل الفنّيّ من بيوت وجبال بشكل مكعّبات.
*عزيزنا الأديب عادل سالم: حيفا تحتضنك في إحدى أماسيها الأدبيّة، ويُسعدنا أن نتناول هذه اللّيلة عمليْن من إبداعك، يتعانقان مزهوّين بروحك وبوْحك، رواية الحنين إلى المستقبل؟ بالعادة يكون الحنين إلى الماضي، والتّوْق إلى المستقبل، فكيف قلبت الأزمان وتلاعبتَ بمفاهيم اللّغة؟ أهو خطأ في العنوان، أم هو تلاعب مجازيّ تهكميّ؟ أم.. نترك الإجابة لد. رياض كامل، ود. علا عويضة.
*أمّا المجموعة الشّعريّة المعنونة بـ "الحبُّ والمطر" الصادرة عام 2016، فيبدو العنوان منعشًا للرّوح، لأنّ الحبّ والمطر هما ركنان أساسيّان في الحياة، إذ إنّ المطر منبع الخيرات الأرضيّة، والحبّ منبع الخيرات الرّوحيّة، يبعثان الحياة والسّلام والرّحمة والإنسانيّة ما بين البشر.
مداخلة د. علا عويضة بعوان: الضَّياع في الحنين في سيراويّة عادل سالم:
لقد توّج الكاتب عادل سالم مؤلَّفه "الحنين إلى المستقبل"، من خلال تحديده للجنس الأدبيّ: رواية. لم يكتفِ الكاتب بذلك، فكتب في عتبته الدّاخليّة، بعد الإهداء مباشرةً وبالخطّ العريض: "هذه رواية، تنقلُ واقع بعض المغتربين في الولايات المتحدّة، ليست سيرةً ذاتيّةً لشخص محدّد، والأسماء الواردة فيها، من خيال المؤلِّف، فإن تطابقَت مع أسماءٍ من الواقع مرّوا بالتّجربة نفسها، فهي مجرَّد صدفة" (ص7).
يبدو أنَّ النَّصّ، في أساسه يقوم على سيرةٍ ذاتيّةٍ، غير أنَّ تقنيّات بناء الرّواية الّتي وظّفها الكاتب في عمله هذا، جعل منه جنسًا أدبيًّا آخر، حيث دمج النَّمطَين بشكلٍ مُحْكم، فلا يقف المُتلقّي بفروق محدّدةٍ بينهما، إلّا أنّنا نستطيع التّمييز بينهما فنّيّا.
تجدر الإشارة إلى أنَّ الحدّ الفاصل بين السّيرة الذّاتيّة المكتوبة بقالب روائيّ؛ (أيّ السّيرة الذّاتيّة الرّوائيّة)، والرّواية الفنّيّة الّتي تعتمد على أجزاءٍ مِن حياة الكاتب الشّخصيّة، (رواية السّيرة الذّاتيّة) هو التزام الكاتب بالحقيقة، والكشف عن غرضه؛ أي التّصريح بأنّه يكتب سيرة روائيّة في قالب روائيّ، بالإضافة إلى إعلان اسمه الحقيقيّ وأسماء الشّخصيّات والأماكن، بغضّ النّظر عن الجانب المتخيَّل في العمل. أمّا إذا اتّخذ الكاتب لنفسه اسمًا آخر (كما هو الحال في "الحنين إلى المستقبل") فيكون بهذا يكتب قصّة أو رواية سيرة، وعندها لا يجوز له الإشارة إلى أنّها سيرة. ولعلّ ذلك هو السّبب الّذي دفع الكاتبَ إلى تصدير عمله بالتّصريح بنوع هذا العمل (رواية).
أمّا فيما يتعلّق باسم المؤلّف، فلا نجدُ له ذِكرًا إلّا على الغلاف. ويبدو أنّه اكتفى بذلك، ليوفّر للمُتلقّي إمكانيّة التّخييل الّذي توفّره هذه الثّنائيّة: سيرة- رواية، مكتفيًا بضمير المتكلّم في بعض أجزاء السّيراويّة، ليقوم مقام الاسم، على نحو ما جاء في الفصل السّابع؛ الأمر الّذي يدلّ على التّطابق بين السّارد (الأنا) والشّخصيّة الفاعلة والمؤلِّف. لقد جاء هذا التّستّر على الاسم، لخدمة العمل الفنّيّ الّذي يتمثّل في إيصال بعضِ سيرتِه بقالب روائيّ.
حين يكتب الكاتبُ سيرتَه الذّاتيّة، لا يكون في حالة تصوّرٍ إنّما في حالة تذكّرٍ. وعليه، في كتابةٍ من هذا النّوع، كتابة روايةٍ تعتمد على سيرة الكاتب الذّاتيّة، على الكاتب أن يلتزم الحقيقةَ التّاريخيّة من جهةٍ، وأن يكتب بأسلوب فنّيّ من جهةٍ أخرى، مستعينًا بعناصر الفن الرّوائيّ المختلفة، نحو: التّصوير، التّخيّل، الحوار، مناجاة الذّات وغيرها.
إنَّ هذا العمل الأدبيّ نصّ استعاديّ نثريّ، كتبَ فيه الكاتب عن وجوده الذّاتيّ، مُركّزًا على حياته الفرديّة وعلى تاريخ شخصيّته. نَقَل أحداثًا ووقائعَ حقيقيّةً مختلفة، نحو: مكوثه في سجون الاحتلال، السّجن في الخارج بسبب التّهرّب من الضّريبة، الابتعاد عن الأهل، وذلك من خلال شخصيّة نعيم قطينة. أراد بذلك الإشارة إلى حياة المغتربين العرب في السّجون الأمريكيّة، والمقارنة بين حال الأسرى في سجون الاحتلال وفي السّجون الأمريكيّة. أبرز ما جاء في المقارنة بين السِّجنين هو العنصريّة، العنصريّة العِرقيّة والدّينيّة، العنصريّة تجاه العرب والسّود الّذين يتعرّضون هم أيضًا، للاضطهاد من قِبل الأمريكيّ الأبيض (ص153). وأبرز أنواع العنصريّة الّتي كرّرها الكاتبُ في أكثر من موضعٍ، هي تلك العنصريّة الموجّهة ضدّ العربيّ المسلم الّذي يتّهمه الآخر، الأمريكيّ، بالإرهاب. (مثلا ص161). ليدلّ بذلك على جهل الآخر بالحقيقة، على جهله بمفهوم الإسلام وقِيَمه وانغماس الآخر في سياسيةٍ تحريضيّةٍ.
كذلك أشار الكاتبُ إلى العديد من المشاكل الاجتماعيّة الّتي تواجه الشّبان العرب في الخارج، نحو زواجهم من الأجنبيّات بهدف الحصول على الجنسيّة ظنًّا منهم أنَّ ذلك سيوفّر لهم مستقبلا أفضل.
لقد جعل الكاتب هذه المشاهد المستقاة من سيرته في قالبٍ روائيّ، رتّب أحداثها ووقائعها لتُسرد على المُتلقّي بطريقة التّقابل، ممثّلًا بذلك للعلاقة بين الذّاكرة والمتخيَّل في السّيرة الذّاتيّة.
الحنين إلى المستقبل، عمل أدبيّ واقعيّ، يجسِّد مشهدًا واقعيّا يتقاطع مع سيرة الكاتِب نفسه، وإن أنكر هو ذلك. عادل سالم كان أسيرًا في سجون الاحتلال الإسرائيليّ، وسُجن في أمريكا بتهمة التّهرّب الضّريبيّ، فألبَس هذا العمل ثوب الحقيقيّةِ من جهةٍ وثوب الخيال من جهةٍ أخرى.
يبدو أنَّ الدّافع إلى كتابة هذا النّصّ يعود إلى جهتين: عقلاني وعاطفي. أمّا الجانب العقلانيّ فيتجلّى من خلال رغبة الكاتب في صياغة واقع ما، وإدلاء شهادته بهذا الواقع من خلال تجاربه في الحياة. أمّا الجانب العاطفيّ فيعود إلى رغبته في تحدّي الزّمن ومحاولة إدراك وجوده.
*الجماليّات: تتحقّق جماليّات هذا الشّكل السّرديّ، رواية السّيرة، بفضل التّفاعلات الخلّاقة بينهما كشكلين أدبيّين سرديّين، والّتي أدّت إلى ولادة شكل ثالث يحمل خصائص تختلف عنهما.
لقد جمع الكاتب في سيروايّته نمطيْن مختلفيْن ومتكامليْن من رواية السّيرة، يكشف كُلّ منهما عن وجه من وجوه العلاقة بين التّجربة الواقعيّة للمؤلِّف من جهةٍ، وبين المخيَّلة الإبداعيّة للمؤلِّف من جهةٍ أخرى، وذلك من خلال تصويره لذاته ولمجتمعه. أمّا النّمطان فهما:
1* استخدام تقنيّات السّرد الرّوائيّ كأداةٍ لاستعادة، لإبراز وإدانة العنف الّذي تعرّض له، وتحوِّله من موقع الضّحيّة إلى موقع المقاوِم لكلِّ أشكال الظّلم والعنصريّة. يظهر ذلك جليًّا في السّجن الأمريكيّ، حين تعرّض نعيم إلى التّمييز العنصريّ والعنف الكلاميّ من قِبل أحد النّزلاء، فاستجمع قواه بدعمٍ من قوى أخرى مستضعَفة، متمثّلةً بصديقه الأسود (إي جي)، وواجه الأمريكيّ الأبيض (تيموثي) الّذي يمثّل كلَّ البيض العنصريّين. وبينما كان الأخير، الأمريكيّ الأبيض، مسلَّحًا بالقوّة والعنصريّة، كان هو، العربيّ، مسلَّحًا بقوّة الحقّ. كان ضحيّةً، لكنّه سرعان ما تحوّل إلى رمزٍ لمقاومة هذا التّمييز.
2* استخدام الشّكل الرّوائيّ كقناعٍ فنّيّ يعبِّر الكاتبُ من خلاله عن آرائه ومواقفه، ويحاول كذلك استعادة تجاربه في منظور نقديّ تأمّليّ.
*المنظور التّعبيريّ: لقد تعدّدت المستويات اللّغويّة في النّصّ، فجعلَنَا الكاتبُ أمام لغة فصيحة متوسّطة، كما أنَّ الحوار بين الشّخصيّات، رغم تفاوتها، جاء على هذا الشّكل. بالإضافة إلى استخدام اللّغة العاميّة الّتي جاءت بشكلٍ عفويّ، واستخدام كلمات أجنبيّة (أوكي..). تجدر بنا الإشارة إلى الشّتائم الأجنبيّة الّتي كانت تدور بين نزلاء السّجن في أمريكا، وقد ذكرها الكاتب في أكثرَ من صفحةٍ، ناقلًا بذلك البيئة الواقعيّة للسّجن الأمريكيّ، فالشّتائم هناك تنهال ككلمة التّرحيب "السّلام عليكم". ذكر عدة شتائم باللّغة العربيّة (ص111، 112)، وجعل الأخرى باللّغة الأجنبيّة ولكنّه كتبها بحروفٍ عربيّةٍ وحروفٍ أجنبيّةٍ (ص112، 113)، رغم أنَّ القائل واحدٌ، أجنبيّ!! أمّا سبب ذلك فهو غير واضح، ولم نجد له أيَّ مبرّر، سوى التّحفّظ من ترجمتها!
كذلك السّرد جاء متنوّعًا، فتارةً يكون الكاتبُ السّارد والرّاوي العالِم بكلّ شيء، مُستخدِمًا صيغة الغائب (كما في الفصل السّادس عشر)؛ وتارة أخرى، يأخذ دور البطل ويروي حكايته بنفسه مستخدمًا ضمير المتكلّم "الأنا" (نحو ما جاء في الفصول: الخامس، السّابع والثامن وغيرها)، حيث تماهى المؤلّف مع الأنا ومع الرّاوي، فكان ظلّه حاضرًا في الحوار، مقرّبًا بذلك النّصّ من الحياة الحقيقيّة.
لقد عبّر الكاتب من خلال ضمير المتكلّم والمونولوج الدّاخليّ عن الجانب النّفسيّ للشّخصيّة، وعن أفكاره، وآرائه ومواقفه.
أمّا الأسلوب المسيطر في السّيراويّة فهو أسلوب الرّاوي الثّاني، حيث خاطب الشّخصيّة الرّئيسيّة بضمير المخاطَب (نحو ما جاء في الفصول: الثّاني، الثّالث، السّادس، التّاسع والعاشر وغيرها)، ففصَل بين ذاته وبين الشّخصيّة الرّئيسيّة من جهةٍ، وأشار إلى نفسه من جهةٍ أخرى. كما بدا وكأنّه يخاطب المُتلقّي، جاعلًا إيّاه جزءًا فاعلًا من الحدث، يشعر بتتابعيّة الحركة في الزّمان والمكان والأحداث. لقد وُفّق الكاتب في توظيف هذه الآلية ليتآلف ذلك مع الثّنائيّة الجنسيّة للنّص: سيرة- رواية.
لم يخلُ هذا العمل النّثريّ من التّعابير الفنّيّة الشّعريّة. إنّ تقمّص النّثر للّغة الشّعريّة في بعض المواضع، إلى جانب الصّور الفنّيّة، أكسب النّصّ كثافةً وأبرز لغة الصّراع والمعاناة. لقد استخدم الكاتب كذلك الأسلوب الإنشائيّ، خاصّة صيغ الاستفهام، الأمر الّذي ساهم في منح السّيراويّة بعضًا من شعريّتها، إذ يعمّق ذلك من غموض التّجربة الإنسانيّة، ويُشرك القارئ بانفعالاته مع النّصّ.
تنثال هذه الأسئلة بشكل خاصّ في نهاية العمل الأدبيّ، فبعد أن منعته قوى الاحتلال من دخول بلاده، واتّهمته بأنّه قادمٌ للبقاء في الوطن، طرح أسئلة كثيرة تمتدّ على نحو صفحة ونصف، مُحقّقًا بذلك الشّعريّة بين الواقع والخيال، بين اليقين والشّكّ، مانحًا القارئ مساحةً للإجابة على هذه الأسئلة الاستنكاريّة. نذكر منها:
"هل أُحضرهم لزيارتي ثمّ أعيدهم لفلسطين، لعلّي أنجح في الدّخول في سنواتٍ قادمة، أم أستسلم رافعًا راية الغُربة البيضاء إلى الأبد؟ أم أنتظر حتى تتحرّر، وأعود رافعًا شارة النّصر؟
ضحك بيأسٍ!!! تتحرر؟؟ لقد دمّروا سوريا، العراق، اليمن، ليبيا. فمن سيحرّرها؟
وإلى أن يحصل ذلك، هل أتركهم في فلسطين؟ أم يلحقون بي". ص219
هذه الخاتمة إنّما هي اعتراف بالواقع المرير الّذي قاتل الكاتب بحُلمه وحنينه من أجل تغييره. هذه الخاتمة تجسِّد الصّراع مع ذاته أوَّلًا، ومع الآخر والبيئة ثانيًا، وقد صوّر ذلك من خلال الحنين الّذي رصد فيه أعماقه، راسمًا الحقيقة كما يريد بضمير المتكلّم "الأنا"، مُصوّرًا عالمه تصويرًا أدبيًّا وفنّيّا.
الزّمان كمكان:
لقد خصَّ الكاتبُ الحنينَ بالمستقبل، والمستقبل تعبيرٌ زمانيّ لا مكانيّ!!
إلا أنَّ الحنين في هذه السّيراويّة لا يقف عند حدٍّ معيّنٍ، لا زمانيّ ولا مكانيّ؛ إنّه يحنّ إلى عائلته البعيدة عنه، يحنّ إلى الحريّة المسلوبةِ منه، يحنّ إلى وطنه القابع تحت الاحتلال، يحنّ إلى سجن النّقب رغم ظروفه الصّعبة، فالسّجن في الغُربة، وإن كانت ظروفه أفضلَ، فهو أشدّ قسوةً ومرارةً.
إنَّ هذا الحنين لا ينفصل عن المكان، وبهذا تنكشف ملامح الانتماء والتّعلّق بالمكان. لقد شكّل المكان عاملًا مُهمًّا في بُنية هذا العمل الأدبيّ، شكّل زاويةً يستدعي فيها الكاتب صور حياته المختلفة.
استذكر مدينتَه الأولى والأخيرة، القدس؛ القدس ليست مكانًا جغرافيًّا فحسب، إنّما انتماء يعكس علاقة الكاتب بها وبأحداثها. فذكر أسماء مناطقَ مقدسيّة نحو: وادي الجوز، البلدة القديمة، باب العمود، باب خان الزيت، وأسماء محلّات نحو محل عاهد طقش وغيرها. بالمقابل، اقتصر ذِكر الأماكن الأمريكيّة على أسماء السّجون الّتي دخلها، والبلدة الّتي تواجد فيها.
إنَّ التّغييب الطبوغرافي للمناطق الأمريكيّة في الرّواية دليلٌ على إدانته لها، وعن ابتعاده عنها من حيث الانتماء. فلم تكن للمناطق الأمريكيّة، كما جاء ذكرها في السّيراويّة، أيّ وظيفةٍ، بل شكّلت محطةً إجباريّةً ينتقل منها الكاتب إلى أخرى. أمريكا، بالنّسبة له، لهذا الشّاب الّذي أراد العمل والعودة إلى أرضه وعائلته، هي أرض التّعاسة والشّقاء.
ارتبطت الأماكن في أمريكا بأماكن الإقامة المؤقتة، لأن إقامته بها كانت مؤقتة، فاستأجر بيتًا، نزل في فندقٍ وانتقل من سجنٍ لآخر. لقد عزّزت هذه الأماكن المؤقّتة والضّيِّقة تقنيّة الاستبطان لدى الكاتب، فكلّما ضاق عليه المكان ازدادَت دواعي لجوئه إلى نفسه، وأخذ يستذكر، يسترجع ويحلمُ.
في السّجن زارته الذّكريات، ذكريات الماضي، وفيه قلَّب حياته ومنه انطلَقَت الأحلام، أحلام المستقبل. فالذّكريات تستعيدها كما هي، أمَّا المستقبل فتنسجه بخيالك، تلوّنه كما تشاء، وتفرح فرحًا ممزوجًا بالخوف من هذا المجهول الّذي قد يخيِّب ويحطِّم أحلامكَ، أو يمحو ألوان رسمتِكَ.
إن الصّراع الدّاخليّ للكاتب (بُعده عن الأحبة وحلمه في العودة) تحوّل لاحقًا إلى صراع مع المحيط، تمثَّل في عدم السّماح له بالدّخول إلى البلاد، ممّا زاد الشّرخ، وكان دافعًا له للحنين إلى المستقبل، المستقبل الّذي رسمه هو، المستقبل الّذي تخيّله ولوّنه بريشته وأحلامه.
أمّا المستقبل الّذي رسمه فيتلخّص بالعودة، العودة لأسرته بل لوطنه، تلك العودة الّتي تحطّمت في نهاية السّيراويّة. ولعله أراد بهذه الخاتمة الّتي ذيّلها بأسئلةٍ استنكاريّة إشكاليّةٍ، أنَّ هذا الحنين إلى المستقبل سيبقى حلمًا، لأنَّ المستقبل لن يكون أفضل من هذا الحاضر؟! والأسئلة في نهاية العمل توحي بذلك.
كما توحي بالحالة الّتي يعيشها الفلسطينيّ، إلى ما يتعرّض له من سلبِ حقوقٍ واضطهادٍ، وتمييزٍ وإرهابٍ؛ الإرهاب الّذي يَفْتِكُ جسد المجتمعات.
إنَّ الأسئلة في نهاية السّيراويّة ترصد حال العالم العربيّ، وتأخذنا إلى شريطٍ أسودَ، تأخذنا إلى فلسطين القابعة تحت الاحتلال الإسرائيليّ، إلى سوريا، العراق، اليمن، ليبيا، كلّهم يعانون من تآمر الدّول الرّأسماليّة وحلفائها. منذ سنوات والدّمار يحتلّهم. كلّهم أصابتهم الهجمة الامبرياليّة، وضيّقت الدّول الرّأسماليّة عليهم الخناق. إنَّ هذه الهجمة الّتي روّجت بتحرير الشّعوب، زائفةٌ، تسعى إلى تقوية الأنظمة الرّأسماليّة، ونشر الفساد والتخلّف في الدّول العربيّة، لتمكين سيطرتها عليها وسلب كلّ كنوزها.
*الفنّانة سماح عوض: من دالية الكرمل: معلمة فنون في المدرسة الابتدائية ومرشدة وزارة المعارف (ماتيا) لمعلمات الصفوف الخاصة في دالية الكرمل وعسفيا. حصلت على لقب أوّل من جامعة حيفا ومرشدة للفنون من دار المعلمين العرب، عشقت الرسم بالاكريلك والالوان رسم لوحات للطبيعة والمرأة والإنسان والأحياء والجماد والتراث، بتقنيات مختلفة ومواد متعددة مثل جوز الهند والنس كافيه والسيراميك، ومجسماتها ترتكز على إعادة التّدوير ودعم البيئة الخضراء، تستخدم عجينة الورق والإسمنت والخردوات والمعلبات، قناني وجرائد والخ. لها أكثر من مئة وعشرين مجسّمًا بأحجام مختلفة، وأكثر من ثلاثين لوحة تمتاز بألوانها الزاهية والصارخة، اشتركت بعدة معارض محلية.
*د. رياض كامل: من مواليد المغار 8-7-1954، ويعيش مع عائلته في مدينة النّاصرة، حيث عمل في مدارسها الأهلية معلمًا، ثمّ مديرًا لمدرسة راهبات مار يوسف. حصل على اللّقب الثّالث في اللّغة العربيّة وآدابها من جامعة بار إيلان، بعد تقديم بحثه حول خطاب حنّا مينة الرّوائيّ. كاتب وناقد له العديد من الأعمال النّقديّة والدّراسات الأدبيّة والفكريّة، في مجال القصّة، والرّواية، والمسرح والشّعر. يعمل محاضرًا في كلّيّة أورانيم الأكاديميّة، منذ عام 1993 وحتّى اليوم، في قسم اللّغة العربيّة لطلاب اللّقب الأول واللّقب الثّاني. صدر له ثمانية كتب في مجال الدّراسات والنّقد، أهمها: كتاب "دراسات في الأدب الفلسطينيّ" (2017). كتاب، "الظل الآخر- دراسات في المسرح" (2015). كتاب "محاورة النص - دراسات في القصّة والرّواية" (2003). كتاب "توهج الكلمة- دراسة في لغة الشّعر لدى طه محمد علي”، (2001)، وشارك في تحرير كتاب "شكيب جهشان- إضاءات على مسيرته وأدبه" مع عضو الكنيست د. يوسف جبارين (2013). له عدد من الدّراسات تتمحور معظمها حول الأدب العربيّ الفلسطينيّ.
*الأديب عادل سالم: من مواليد القدس 1-7-1957، انهى دراسته في القدس بتفوق في الرياضيات، غادر أهله إلى أمريكا عام 1976 ولحق بهم عام 1988، وكتب في الصحف العربية: الفجر الأدبي، الشعب، الفجر، الكاتب، البيادر، الحرية، فلسطين الثورة، وعرب تايمز، وقد استمر في الكتابة في عرب تايمز، ثم أسس عام 1988 موقع ديوان العرب البارز وهو رئيس تحريره: اهتم بالكتابة الشعرية والنثرية، من كتبه: ديوانين شعريين "عاشق الأرض" عام (1981)، و"نداء من وراء القضبان" عام (1985). دراسة توثيقية عام 1990 بعنوان: "الطبقة العاملة الفلسطينية والحركة النقابية في الضفة والقطاع من عام (1967- 1987).
"لعيون الكرت الأخضر"، مجموعة قصصية عام (2006). "أسرانا خلف القضبان" دراسة توثيقية عام (2006). "ليش ليش ياجارة؟"، مجموعة قصصية عام (2007). رواية "عناق الأصابع" عام 2010. رواية "قبلة الوداع الأخير" عام 2012. رواية "عاشق على أسوار القدس" عام 2012. "يحكون في بلادنا" مجموعة قصصية عام 2012. "يوم ماطر في منيابولس" مجموعة قصصية عام 2012. واليوم وفي الامسية تناولنا آخر إصداراته: المجموعة الشعرية بعنوان الحب والمطر عام 2016، ورواية الحنين الى المستقبل عام 2016.
كلمة العدد
سعيدة شريف
تعد "الطائفية" من أشد المعضلات التي استشرت في المجتمعات العربية الإسلامية خلال السنوات الأخيرة، بسبب الصراعات العرقية والإثنية المتزايدة، وبسبب المصالح السياسية المتضاربة لمجموعة من الأطراف والجهات، التي تعطي لهذه النزاعات الطائفية لبوسا دينيا، حتى تبلغ أهدافها السياسية وطموحاتها في السلطة والانتشار، كما تعتبر "الطائفية" لدى باحثي العلوم السياسية أحد أبرز مؤشرات عدم الاستقرار في الدول.
يندرج مفهوم "الطائفية" ضمن مفاهيم علم الاجتماع عامة، وعلم الاجتماع السياسي خاصة، ويقصد به التعصب لطائفة معينة ومحاباتها على حساب بقية الطوائف، وقد يحيل أيضا إلى التنوع في المعتقدات والممارسات الدينية، و"الطائفية" كما يقول الدكتور طه جابر العلواني: "مفهوم مشتق من جذر متحرك، فهو مأخوذ من (طاف، يطوف، طواف، فهو طائف)، فالبناء اللفظي يحمل معنى تحرك الجزء من الكل دون أن ينفصل عنه، بل يتحرك في إطاره وربما لصالحه لقوله تعالى: (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون)".
يثير مصطلح "الطائفية" عدة قضايا؛ فالسياق الدلالي الذي احتضن هذا المصطلح في الثقافة العربية مختلف عن نظيره الغربي؛ ففي اللغة العربية لا توجد لمصطلح "طائفة" أية حمولة سلبية، فهو يعني الجماعة أو العصبة أو الفرقة من الناس، عكس الثقافة الغربية التي يحيل فيها مصطلح SECTARISME بالفرنسية على التبعية، وهو معنى سلبي يستعمل للتنديد بمواقف لا تقبلها الحضارة الإنسانية، وهو المعنى الذي أصبح للأسف يغلب على استعمال مصطلح "الطائفية" في الأدبيات العربية، خاصة بعد ثورات "الربيع العربي"، وتلبس الطائفي بالديني والإثني والسياسي، خاصة بعد الصراعات والحروب والتطاحنات التي شهدتها العراق وسوريا ومجموعة من البلدان العربية التي عانت وما تزال من تعصب الحركات الإسلامية المتشددة، ومن توجهاتها التي تتعارض مع الدولة المدنية وحقوق الإنسان والديمقراطية.
الطائفية ظاهرة معقدة تتداخل فيها العديد من الأطراف، فهي تعبير صارخ عن الهدر الوطني، وشرخ مقومات استقراره، وتفسخ بناه المجتمعية، ومهما اختلفت المقاربات في تناول هذا الموضوع وتنوعت رؤى أصحابها، فإنها تجمع على أن الخطاب الطائفي خطاب تعصب بامتياز، قد يتعداه إلى الغلو الذي لا رجعة فيه، والذي يصل إلى إقصاء الآخرين، وهي بهذا نتاج للعصر الحديث وتداعياته السياسية والفكرية والدينية، ولا نخفي سرّا إن قلنا إن "الطائفية المذهبية" هي أخطر أنواع الطائفية، لأنها تقوم على تراكمات ترتبط بالسياسة والقبيلة، وتأخذ طابع القداسة، وتجعل صراعاتها مع الطوائف الأخرى صراعا عقديا مصيريا.
وفي محاولة لاستقصاء أبعاد الظاهرة الطائفية، وتفكيك مصطلحاتها وبُناها المعرفية وحدود ممارساتها في الواقع العربي المثقل بحمولات مدمرة بالنظر إلى الحالة التي وصل إليها الوضع في عدد من الدول التي فعلت فيها الطائفية أفاعيل الحروب والأزمات والدمار، خصصت مجلة "ذوات" ملف عددها (54) لموضوع "الطّائفية.. من الديني إلى السياسي" الطائفية، باعتبار عاملي الدين والسياسة هما العنصران الأكثر إسهاما في خلق المجال العام للطائفية، كي تنشأ وتنمو في مجتمعات مصابة بالجشع السياسي أو الطموح الديني المضلِّل. ويتضمن الملف، الذي أعده الباحث والكاتب الأردني مروان العياصرة، أربع مساهمات بحثية لباحثين عرب، تختلف زاوية النظر بينهم إلى الظاهرة الطائفية، تبعاً لمحددات علمية، وأحيانا لمحددات متصلة بالمكان الذي يتم دراسة الظاهرة في سياقة السياسي والديني، الأولى مساهمة الباحث الأردني الدكتور جمال الشلبي، بعنوان "تحولات الطائفية في العالم العربي من العقيدة الدينية إلى التجاذبات الدولية"، والثانية للباحث السوداني جهاد حسين بعنوان "حزب الله والعنف الطائفي المقدس، مقدمة حول العنف الديني"، والثالثة للباحث والكاتب السوري نبيل علي صالح تحت عنوان "المسألة الطائفية في الاجتماع الديني والسياسي العربي: مقاربة في البنية والمآلات العملية"، ثم المساهمة الرابعة للباحث والأكاديمي العراقي الدكتور إحسان محمد التميمي، بعنوان "الطائفية السياسية والعنف في العراق: قراءة وصفية". أما حوار الملف، فهو مع الباحث المصري الدكتور عمار علي حسن، الذي قال إن أفضل طريقة للولوج إلى الحديث حول الطائفية هي ردّها إلى أولياتها في التاريخ، من خلال طرح أسئلة: كيف نشأت؟ ولماذا انطلقت؟ وما هي الأفكار الأساسية الحاكمة لها؟ ومن هم الرجال الذي عملوا على تعميقها في الواقع المعيش؟ وما مستوى تأثير أفكارهم القديمة على اللاحقين من أتباع الطائفة؟، باعتبارها أسئلة مفتاحية لفهم هذه الظاهرة المتنامية، معتبرا أن النشأة النظرية للطائفية بدأت حين انزلق التعدد في الآراء والاتجاهات والتصورات الاعتقادية أو الدينية إلى تعصب أعمى.
وبالإضافة إلى الملف، يتضمن العدد (54) من مجلة "ذوات" أبوابا أخرى، منها باب "رأي ذوات"، ويضم ثلاثة مقالات: "كيف تراجع العقل الفقهي؟" للباحث اليمني عبد الله القيسي، و"الرّواية المحرمة وسوسيولوجيا التلقي" للكاتبة والباحثة المصرية د. مروة مختار، و"الحجاب وعقدة الذّكورة المتضخمة" للكاتب السوري رسلان عامر؛ ويشتمل باب "ثقافة وفنون" على مقالين: الأول للناقد والكاتب المغربي د. بوزيد الغلى بعنوان "قيم البداوة في مواجهة التغير الاجتماعي في رواية "إمارة البئر" لمحمد سالم الشرقاوي"، والثاني للباحث اليمني محمد فائد البكري، بعنوان "التعبير بالمرأة في مجموعة "نصف امرأة مؤقتا"".
ويقدم باب "حوار ذوات"، لقاء مع المخرج المغربي محمد الشريف الطريبق، المخرج الذي أثار الانتباه إلى موهبته وعمق رؤيته الفنية والفكرية منذ أفلامه القصيرة الأولى، وفي فيلميه الطويلين، وهي أعمال تضافر فيها إتقان اللغة السينمائية مع مرجعية قوية صقلها عبر تنشئته كمشاهد عاشق للسينما. الحوار من إنجاز الإعلامي المغربي نزار الفراوي. أما "بورتريه ذوات" لهذا العدد، فقد خصصناه لعالم الاجتماع العراقي الراحل الدكتور علي الوردي، الذي كان من الأوائل الذيم تنبهوا لخطر الطائفية، وخصصوا لها كتابات متميزة. البورتريه تحت عنوان "الطّائفية بعيون علي الوردي: جمر يرقدُ تحت رماد الإنكار" بقلم الباحث الأردني نادر رزق.
وفي باب "سؤال ذوات"، يستقرئ الكاتب والإعلامي الأردني مروان البطوش، آراء مجموعة من الكتاب والباحثين العرب حول موضوع الملف، من خلال سؤال: هل يمكن القضاء على الطائفية التي اجتاحت المجتمعات العربية والإسلامية؟، وفي "باب تربية وتعليم" يتناول الباحث التربوي التونسي الدكتور مصدق الجليدي موضوع "الأحقاب المعاصرة للتربية الحديثة، من بناء المعنى إلى الانعطاف الإستيتيقي"، فيما يقدم الباحث المغربي عبد الرحيم رجراحي، قراءة في كتاب "نقد المفاهيم" لعبد الله العروي، وذلك في باب كتب، والذي يتضمن أيضاً تقديماً لبعض الإصدارات الجديدة لمؤسسة "مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث"، إضافة إلى لغة الأرقام، المخصصة لأحدث تقرير للبنك الدولي حول "المرأة، أنشطة الأعمال والقانون 2019: عقد من الإصلاحات"، والذي يؤكد أن النساء عبر العالم لا يحصلن سوى على ثلاثة أرباع ما يتمتع به الرجال من حقوق قانونية على مستوى العالم، وهو ما يعوق قدرة النساء على الحصول على فرص عمل أو إنشاء الأعمال، واتخاذ قرارات اقتصادية، تصب في مصلحتهن ومصلحة عائلاتهن.
وسوم: العدد 819