برقيات أدبية (63)
الإبداع الأدبي يحتل المساحة الأكبر في نشاطات رابطة الأدب الإسلامي الكتابة احتراق بغير نار ـ نردين أبو نبعة وقراءة قصصية
من : صالح البوريني- عمان
برز حضور المرأة بروزا موازيا لحضور الرجل المتفوق عادة ، وذلك في الأمسية القصصية التي أقيمت مساء يوم السبت 12/6/2004 في رابطة الأدب الإسلامي حيث قرأت فيها القاصة نردين أبو نبعة عددا من قصصها القصيرة . ويذكر أن السيدة أبـو نبعـة قد أصدرت مجموعتها القصصية الأولى بعنوان ( الجرس ) عام 2002 ، ولها مجموعة قصصيـة أخرى تحت الطبع بعنوان ( مزقة حلم) ، ولها فـي مجال أدب الأطفال مجموعة قصصية بعنوان ( بنطالي مبلل ) .
تتحدث ( الدراجة الهوائية ) وهي القصة الأولى في الأمسية عن سر غامض في حياة الجد يكشفه الأحفاد وذلك حين تلتـقي دهشة الجميع عند مشهد تلفزيوني لطفل فلسطيني يحاول انتزاع دراجته من بين حطام المنزل الذي هدمته آلة البطش الصهيونية . بينما تتحدث قصة ( المفتاح ) عن البطولة الاستـشهادية عبر حوار بين وجهتي نظر تختـلفان في الوسيلة وتـتـفـقـان في الغاية وهي مقاومة المحتلين الصهاينة . ففي حين تختار هالة وسيلة المقاومة بريشتها الفنية تـتجه همة زوجها عبدالله للعمليات الاستشهادية ، وتقوم القصة على قاعدة وجود واستمرار المقاومة بكل الوسائل المتاحة.
وتبدو نردين أبو نبعة أكثر إقـناعا من الناحية الفنية في قصتها ( بوح ) ؛ إذ تسيطر عليها مشاعر فقد الأم ؛ فتبدو أمها ماثلة لها صباح مساء لا تكاد تغيب عن حدث من أحداث حياتها ، فتمزج بين الماضي والحاضر في مشاهد تـتـسـق وتتجانس وتختزل المسافة بين الحياة والموت حتى لتكاد تخلع على الموت صورة أكثر حضورا وجمالا من الحياة ، حين تجعله نوعا من الانسحاب إلى حالة ينعم بها الميت بدفء قلوب محبيه ؛ يسكن حروفهم ، ويشاركهم تفاصيل حياتهم : ( هل تظنون أن الموت رحيل !! هل يرحل من يمـوت ؟ ) . ولكن نردين أبو نبعـة تعود لتعتـرف بالحقيقـة في نهاية القصة ؛ الحقيقة التي تضاعف شعورها بالفقد ، حين تقول : ( الأم وطن .. نعم ، عندما يفقد الإنسان أمه يفقد وطنه ، ويسكن منفى مزروعا بالوحشة والوحدة ، فكيف بمن يفقد وطنه مرتين !! أي إرادة يا ترى يحتاج للعبور ؟! ) .
وقد اتسع فضاء الأمسية لكثير من التعليقات والمداخلات والردود التي ألقت مزيدا من الإضاءة على نصوص الأمسية، ومما قالته السيدة نردين أبو نبعة في أحد ردودها : ( لا شيء أصعب من الكتابة ولا شيء أروع منها ، هي احتراق بغير نار ، كل شيء في الكتابة يبدأ بالقلق والخوف والإحساس بالمسؤولية وينتهي بها أيضا ، مسؤولية الكاتب أن يجدد وأن يتغير وأن يطور نفسه ، ونحن لا نتطور لمجرد التطور ولكن نتطور لنتميز ، ولكي تكون ضربتنا موجعة وقاسية ، لا نكتب لمجرد الكتابة ، فالكتابة نوع من المقاومة ، مع تسليمنا بضخامة الفارق بين من يقاوم بجسده ومن يقاوم بقلمه )