وكيع بن الجراح
سلسلة أهل العلم الحلقة ( ٢١ )
اسمه ونسبه ومولده :
هو وكيع بن الجراح بن مَلِيح الرؤاسي، أبو سفيان الكوفي من قيس عيلان.
ولد سنة تسع وعشرين ومائة، قاله أحمد بن حنبل، وروى عنه أنه قال: (ولدت بأبة قرية من قرى أصبهان) .
قال الذهبي : (كان وكيع أسمر ضخماً).
*وقال سعيد منصور: (قدم وكيع مكة) .
وعن أبي جعفر الجمال قال: (أتينَا وكيعاً فخرج بعد ساعة وعليه ثياب مغسولة، فلما بصرنا به فَزِعنَا من النور الذي رأيناه يتلألأ من وجهه، فقال رجل بجنبي: أهذا ملَك؟ فتعجبنا من ذلك النور) .
قال محمد بن سعد: (كان ثقة مأموناً عالماً رفيعاً ، كثير الحديث ، حجة) .
وعن يحيى بن يمان قال: (نظر سفيان إلى عيني وكيع فقال: ترون هذا الرؤاسي؟ لا يموت حتى يكون له شأن) .
*وعن أحمد بن أبي الحواري قال: (سمعت مروان يقول: ما وصف لي أحد إلا رأيته دون الصفة إلا وكيع، فإنه فوق ما وصف لي)*.
وعن يحيى بن معين قال: (والله ما رأيت أحداً يحدث لله غير وكيع، وما رأيت رجلاً أحفظ من وكيع، ووكيع في زمانه كالأوزاعي في زمانه) .
وعن جرير الرازي قال: (قدم ابن المبارك فقلت له: يا أبا عبد الرحمن! من خلفت بالعراق؟ قال: وكيع، قلت: ثم من؟ قال: ثم وكيع) .
*وقال محمد بن عامر المصيصي: ( سألت أحمد بن حنبل : وكيع أحب إليك أو يحيى بن سعيد؟ فقال: وكيع، فقلت: كيف فضلته على يحيى، ويحيى ومكانه من العلم والحفظ والإتقان ما قد علمت؟ قال: وكيع كان صديقاً لحفص بن غياث، فلما ولي القضاء هَجَرَهُ ، وإن يحيى كان صديقاً لمعاذ بن معاذ ، فلما ولي القضاء لم يهجره يحيى)*.
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : (سمعت أبي يقول: كان وكيع حافظاً حافظاً، ما رأيت مثله) .
*وقال بشر بن موسى: (سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما رأيت قط مثل وكيع في العلم والحفظ والإسناد والأبواب مع خشوع وورع) . قال الذهبي: (يقول هذا أحمد مع تحريه وورعه، وقد شاهد الكبار مثل هشيم ، وابن عيينة، ويحيى القطان ، وأبي يوسف القاضي وأمثالهم)*.
وقال أحمد العجلي: (وكيع كوفي ثقة عابد صالح أديب من حُفاظ الحديث وكان مفتيا) .
وعن السائب سلم بن جنادة قال: (جالست وكيع بن الجراح سبع سنين فما رأيته بزق، وما رأيته مس والله حصاة بيده ، وما رأيته جلس مجلسه فتحرك ، وما رأيته إلا مستقبل القبلة، وما رأيته يحلف بالله) .
وعن محمد بن أبي الصباح قال : (كان وكيع بن الجراح إذا أراد أن يحدث احتبى، فإذا احتبى سأله أصحاب الحديث، فإذا نزع الحبوة لم يسألوه ، وكان إذا حدث استقبل القبلة) .
وروي عن وكيع : (أن رجلاً أغلظ له فدخل بيتاً فَعَفرَ وجهه، ثم خرج إلى الرجل فقال: زد وكيعاً بذنبه، فلولاه ما سلطت عليه).
عن سعيد بن عفير قال: أخبرني رجل من أهل هذا الشأن ثقة من أهل المروءة والأدب قال: (جاء رجل إلى وكيع بن الجراح فقال له: إني أمُتُ بحرمة قال: ما حرمتك؟ قال: كنت تكتب من محبرتي في مجلس الأعمش: قال: فوثب وكيع فدخل منزله فأخرج له صُرةَ فيها دنانير فقال: اعذرني فإني ما أملك غير هذا) .
*درر من أقواله*:
*عن إبراهيم بن شماس قال: سمعت وكيع بن الجراح يقول: (من لم يأخذ أهبة الصلاة قبل وقتها لم يكن وقرها)*
*وقال وكيع: (من تهاون بالتكبيرة الأولى فاغسل يديك منه)*
وعن الفضل بن محمد البيهقي قال: (سمعت وكيعاً يقول -وقد جاءه رجل يناظره في شيء من أمر المعاش أو الورع- فقال له وكيع : من أين تأكل؟ قال: ميراثاً ورثته عن أبي، قال: من أين هو لأبيك؟ قال: ورثه عن أبيه قال: من أين هو كان لجدك؟ قال: لا أدري، فقال له وكيع: لو أن رجلاً نذر لا يأكل إلا حلالاً ولا يلبس إلا حلالاً ولا يمشي إلا في حلال لقلنا له: اخلع ثيابك وارم بنفسك في الفرات، ولكن لا تجد إلا السعة .ثم قال وكيع: لو أن رجلاً بلغ في ترك الدنيا مثل سلمان وأبي ذر وأبي الدرداء ما قلنا له زاهداً لأن الزٌّهد لا يكون إلا على ترك الحلال المحض، والحلال المحض لا نعرفه اليوم، فالدنيا عندنا حلال وحرام وشبهات، فالحلال حساب، والشبهات عتاب، فأنزل الدنيا بمنزلة الميتة، وخذ منها ما يقيمك، فإن كانت حلالاً كنت قد زهدت فيها، وإن كانت حراماً كنت قد أخذت منها ما يقيمك لأنه لا يحل من الميتة إلا قدر ما يقيمك، وإن كانت شبهات كان فيها عتاب يسير) .
*وعن أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت وكيعاً يقول: (إنما العاقل من عقل عن الله أمره، وليس من عقل أمر دنياه)*.
قال علي بن عثام: (مرض وكيع فدخلنا عليه فقال: إن سفيان أتاني فبشرني بجواره فأنا مبادر إليه) .
قال أبو هشام الرفاعي: (مات وكيع سنة سبع وتسعين ومائة يوم عاشوراء، فدفن بفيد يعني: راجعاً من الحج).
وسوم: العدد 877