الدكتور محمد حميد الله
علماء مسلمون منسيون رغم غزارة علمهم ومؤلفاتهم.
منهم أ.د.محمد حميد الله راهب العلم المتبتّل.
عالمٌ جليلٌ ، لا يعرفه من المسلمين إلا القليل ، مع أنّه بشهادة الغرب تعدّى جميع الدرجات العلميّة المعروفة حتى حصل على جوائز نادرة جدّاً لم يأخذها إلا عدد قليل من الأشخاص تاريخيّاً .. ولم تجتمع إلا له .
كان يتقن 22 لغة ، وآخر لغة تعلّمها هي التايلندية في سنّ ال84
لم يتزوّج ، فقد تزوّج العلم فقط ، وأنجب منه 450 كتاب بلغات متعدّدة .
كان عالماً بالإسلام كلّه وليس في تخصّص منه .
أسلم على يديه أكثر من 40000 شخص في فرنسا خلال نصف قرن عاش فيها.
هو أوّل من أثبت أنّ الحديث الشريف تمّت كتابته في عهد النبي عليه الصلاة والسلام عن طريق تحقيق صحيفة (همّام بن المنبّه) وبذلك ردّ على الشبهة المشهورة بأنّ الحديث تمّت كتابته بعد 100 عام ( وهناك شواهد أخرى على كتابة الحديث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مثل حديث (اكتبوا لأبي شاة)، وحديث أبي هريرة أن عبد الله بن عمرو كان يكتب الحديث، وحديث صحيفة علي وغيرها رضي الله عنهم جميعا.)
عندما دخل (دار المصنّفين) وهي إحدى أشهر المؤسسات العلميّة في القارة الهنديّة ، دخلها حافي القدمين ، حياءً من رسول الله صلّى الله عليه وسلمّ ، لأنّ كتب السيرة كان تملأ المكان .
كان يغسل الأواني بيده مع طلبته أثناء رحلتهم في فرنسا بالرغم من مكانته العلميّة الهائلة جدّاً آنذاك .
دار الأرضَ كلّها طالباً للعلم . إنه شيخ الإسلام محمد حميدالله رحمه الله (1908-2002) .
وعلى مثل هؤلاء تنزل الدموع ، وتنزل الدموع أكثر على عدم وجود إعلامٍ يهتمّ بهم . يكفيك إعلام الآخرة .. يكفيهم أن تعرفهم السماء .. لقد اعتذر عن قبول جائزة الملك فيصل قائلاً:
" أنا لم أكتب ما كتبت إلا من أجل الله عز وجل، فلا تفسدوا عليّ ديني "
عاش الدكتور محمد حميد الله عمرا مديدا، بنفس أبيّة، وعلم غزير، وقلب واجف متبتّل. ترك الدنيا وراء ظهره، وانكبّ على العلم والتعليم وخدمة الإسلام. فكان مثالا للعالِم الموسوعي المتبحّر الذي لا يجد لفضوله المعرفي نهاية، والعابد الزاهد الذي لا تساوي الدنيا عنده نقيرا. ولد عام 1908 في حيدرآباد بجنوب الهند، وهو ينتسب إلى أسرة ترجع جذورها إلى قبيلة قريش. وقد هاجرت أسرته من الحجاز إلى البصرة خوفا من بطش الحجاج بن يوسف، ثم استقر المقام بسلالتها في الهند خلال القرن الثامن الهجري، وفي العام 1934 التحق بجامعة (السوربون) الفرنسية، فحصل منها على شهادته الثانية للدكتوراه عن رسالته المعنونة: (الدبلوماسية الإسلامية في العصر النبوي والخلافة الراشدة) وهي التي أصبحتْ فيما بعد كتابَه الأشهر باللغة العربية بعنوان (مجموعة الوثائق السياسية للعصر النبوي والخلافة الراشدة). وهي أشهر كتبه رحمه الله تعالى .
عرضت عليه فرنسا الجنسية الفرنسية فأباها مكتفيا ومفتخرا بجنسيته الحيدر أبادية.
توفي في عام 2002 م
وسوم: العدد 884