"مالكوم إكس" في الحج
"مالكوم إكس" في الحج
فيصل الزامل
وصل "مالكم إكس" إلى مطار جدة عام 1964 لأداء الحج وفق نصيحة من أحمد صديق عثمان، من السودان، حتى يتعرف على الإسلام الذي لا يفرق بين الناس، سمع في المطار جلبة وتراكضاً، الجميع اصطفوا لأداء الصلاة، اصطف معهم ولم يكن يعرف كيف يهبط إلى الأرض ويصعد بالسهولة التي مارس بها الآخرون أداء الصلاة، عندما وصل إلى السكن لبس ملابس واسعة وأخذ في تكرار تلك الحركات، وأدى الصلاة لأول مرة رغم مرور 12 سنة على اعتناقه الإسلام عام 1952م، وبقي في غرفته بمفرده في مدينة الحجاج لثلاثة أيام يراقب جموع الحجاج، وأخيراً اتصل بالسيد "عبد الرحمن عزام" حسب الرقم الذي زوده به أحمد صديق، قال له عزام: "أين أنت؟ نحن نبحث عنك، أنا قادم إليك".
أخذه عزام إلى فندق كبير، دخل إلى غرفة واسعة بها ملحق وخدمات، أخرج ملابسه من دوالبيها ووضعها في حقيبته، قال له "مالكون إكس": "ماذا تفعل؟" قال عزام: "هذه غرفتك، أنا سأسكن مع ابني في غرفته، إنها كافية"، تأثر مالكم بتلك الحركة الصغيرة من شخص أبيض كالثلج له منصب رفيع جداً – أول أمين عام لجامعة الدول العربية، وأمين رابطة العالم الإسلامي – ثم التقى "مالكم" بالملك "فيصل بن عبد العزيز" الذي حدثه عن مبادئ الإسلام التي لا تفرق بين الناس لا بأعراقهم ولا بأموالهم ولا بألوانهم، وطلب منه أن يعلم إخوانه المسلمين في أميركا مبادئ الإسلام السمح، قال مالكم: لهذا السبب جئت إلى هنا اليوم".
وكتب في مذكراته "لم أشهد أبداً مثل هذه الضيافة الخالصة وهذه الروح الأخوية الفياضة من كل الأجناس خلال الأيام السبعة الماضية، أكلت من نفس الطبق وشربت من نفس الكوب ونمت على نفس السجادة، عابداً نفس الإله الذي يعبده الجميع ولا يفرق بين أي منا، رفقاء من كل الألوان بعضهم أزرق العينين، وآخر أسمر، وثالث أشقر الشعر، لا أهمية لشيء آخر سوى توحيد الإله، لقد كنا حقاً إخوة قد زالت بيننا جميع الفوارق، لقد تسبب ذلك في إعادة ترتيب أفكاري ومراجعة عدد من المسائل الأساسية" واستمر يتحدث في مذكراته – طبعت 40 مرة وقررت كمادة دراسية في عدد من الجامعات الأميركية – قائلاً: "إن أميركا تحتاج إلى الإسلام، فهو يحمل خلاصة الأديان السماوية، لقد تلألأ ذلك النور في قلبي بعد ليل طويل وحالك".
استذكرت هذه الحوادث التي مضى عليها 45 سنة في موسم الحج العظيم، وإذا كان نصف الحلم قد تحقق في أميركا، فيما يتعلق بزوال التفرقة العنصرية، حسب حلم "مارتن لوثر كنج" فقد تبقى النصف الآخر الذي يتعلق بتفهم الإسلام وعدم تحميله جريرة فعل بعض المسلمين أو غير المسلمين من أصحاب المكر المتقن.
كلمة أخيرة
سمع عمر – رضي الله عنه – شاباً يمشي في سكك مكة وهو ينشد "أنا ابن بطحاء مكة كدها وكديدها" فقال له "إن يكن لك عقل فلك شرف، وإن يكن لك مال فلك مروءة، وإلا فأنت والحمار سواء".