المجاهد الشهيد علاء الدين قصاص
( ١٩٦٠ - ١٩٨٠م )
من المؤمنين رجال يعرفون بسيماهم بعد أن يكبروا وتشتد أعوادهم..
ومن الناس من يعرف برجولته وهو لما يزل صبياً يلعب مع أقرانه.. ترى مخايل رجل فيه وهو يدرج في مدرسته.. في حيه.. وعندما يغدو شاباً قوي الزند والساعد، متين العقل، شجاع القلب يعمر الإيمان جوانب نفسه..
ولقد كان علاء الدين من هذا النمط الرفيع من الشباب.. نشأ على التقوى، وتربى في أحضان أسرة تتنفس وتتغذى بتعاليم هذا الدين الحنيف...
أسرة قدمت ثلاث زهرات من بينها شهداء كراماً، بعد أن كانت حياتهم كلها شجاعة وإيماناً وإقداماً وهم الأحبة: (علاء) و(زياد) و(عامر) تغمدهم الله جميعاً بفيض رحمته ورضوانه..
المولد، والنشأة:
ولد شهيدنا البر في مدينة حلب عام 1960م في حي من الأحياء الشعبية المعروفة بأريحيتها وجرأتها واندفاع أبنائها في تقدم الصفوف ليكونوا في طليعة المجاهدين ضد سائر أشكال الطغيان التي ابتليت بها سورية الحبيبة في سائر العهود.
وكان آل القصاص من حي المشارقة بحلب سباقين في حمل السلاح في وجه المستعمرين الفرنسيين وفي وجوه الحكام الطغاة الذين تعاقبوا على الحكم في سورية.
ومن هنا كان انتماء علاء إلى الحركة الإسلامية انتماء جعله ينصرف عن حطام هذه الدنيا، ويتطلع إلى جنة عرضها السموات والأرض، الأمر الذي جعله يحث خطاه نحو تلك الجنة فيحمل السلاح في مواجهة الحكم الأسدي الطاغوتي في دمشق، فيما هو يؤدي خدمة العلم عام 1979م.
لقد جعل من بيته في باب الجابية بدمشق قاعدة ومقراً للشباب المجاهدين يقدم لهم المعلومات والسلاح والذخائر، وهو يبث في نفوسهم روح العزيمة، ويتصل بإخوانه في حلب، ويستقدمهم إلى دمشق لمقارعة الطغاة فيها، وكان أخوه (عامر) فيمن استقدمه إلى دمشق مع مجموعة من المجاهدين كان يستطلع لهم الأهداف ويحملهم بسيارته العسكرية إلى مكانها حتى إذا ما أنهوا مهمتهم أسرعوا إلى نقطة الازدلاف حيث (علاء وسيارته ليحملهم آمنين مطمئنين إلى الغوطة أو إلى بيته.
وهكذا إلى أن اكتشفت قاعدته، ودوهمت بأعداد هائلة من زبانية السلطة..
وكانت معركة حامية استشهد فيها أربعة من إخوانه منهم أخوه الشهيد (عامر) والأخ المجاهد مالك عقيلي، وأسر خامس (سامح كيالي) وعلاء يجوب شوارع دمشق يستطلع الأهداف ولا يدري عن بيته شيئاً..
اشترك علاء في عمليتين لإخراج الإخوة المعتقلين في سجن المخابرات العامة في كفر سوسة وعندما أخفقت المحاولة الأولى بكى بكاءً حاراً، وطلب من إخوانه أن يجددوا توبتهم إلى الله الرحمن الرحيم، فما كان الله ليخذلهم لو لم يرتكبوا معصية، أو يشيحوا عن مكرمة على حد تعبيره، وكانت مشاركته في إخراج الإخوة السبعة عشر الذين هربوا من سجن المخابرات العامة فعالة.. وعندها اشتد عليه الطلب في دمشق فاتصل بقيادته التي أمرته بالتزام الهدوء ليصرف الأنظار عنه، رجا قيادته أن تسمح له بالسفر إلى حلب ليلتحق هناك بكوكبة من إخوانه المجاهدين وانطلق علاء إلى حلب في الساعة التي جاءه فيها السماح والإذن بالالتحاق بإخوانه في حلب وهناك أبلى بلاءً حسناً واشترك في أكثر من عملية إلى أن رآه أحد المخبرين فوشى به لزبانية النظام ودوهمت قاعدته في أيلول عام 1980م
وكانت معركة شديدة جندل فيها هو وإخوانه العشرات من عناصر النظام الظالم إلى أن دكت القاعدة وغدت ركاماً، وهو يصرخ بإخوانه:
الثباتَ يا رجال الإسلام الثبات يا رجال الإسلام حتى ظن الناس والجوار بأن حيهم قد اشتعل ولم يهدأ القصف حتى بعد أن صعدت أرواح المجاهدين جميعاً في تلك القاعدة بساعات ظناً من العناصر الجبانة أن في القاعدة عشرات من المجاهدين المقاتلين الأشداء ولم يعلموا أن علاء كان ذلك العشرات..
رحمك الله يا علاء.. إني لأراك وأنت في عليين إن شاء الله في سمتك الإيماني الهادئ الرصين تبتسم في حياء وتسارع في الخيرات ثم... أسداً هصوراً في الملمات.
سلاماً علاء وهنيئاً لك الشهادة فطالما حلمت بالشهادة والحور..
سلاماً عليك وعلى إخوانك وعهداً على المضي في هذا الطريق الجهادي إلى أن نلقى الله راضياً عنا وإلى أن نلقاك وإخوانك في تلك الجنة التي تهيأت لاستقبالك واستقبال الشهداء من أمثالك والسلام عليك وعلى إخوانك الخالدين.
مصادر الترجمة:
١- رابطة أدباء الشام- وسوم: العدد 713.
٢- مواكب الشهداء: عبد الله الطنطاوي.
٣- مواقع الكترونية أخرى.
وسوم: العدد 1005