الشيخ صادق عبد الله الأحمر: نصير المظلومين
( ١٩٥٦ - ٢٠٢٣م )
هو الشيخ صادق بن عبد الله بن حسين الأحمر زعيم "حاشد" أقوى القبائل اليمنية وهو أكبر أبناء عبد الله بن حسين الأحمر، وقيادي في حزب التجمع اليمني للإصلاح.
المولد، والنشأة:
ولد الشيخ صادق بن عبدالله الأحمر في غرة ربيع الأول سنة 1376هـ/ الموافق 5/10/1956م في قرية الخمري التي تقع شمال غرب مدينة خمر التاريخية في محافظة عمران في اليمن، ونشأ في كنف والده الشيخ الوجيه عبد الله حسين الأحمر رحمه الله تعالى، وكان أكبر الإخوة، والأخوات: حميد الأحمر، وحسين عبد الله حسين الأحمر، وهاشم عبد الله حسين الأحمر، ومذحج عبد الله بن حسين الأحمر، وحمير عبد الله حسين الأحمر.
الدراسة، والتكوين:
تلقى تعليمه الأولي في كتَّاب القرية علي يد الأستاذ / حسين علي بسيس وعند قيام الثورة سنة 1962م وخروج والده المناضل الشيخ / عبد الله بن حسين الأحمر ــ رحمه الله ــ من سجن المحابشة في محافظة حجة انتقل هو ووالده إلى مدينة خمر وفي سنة 1965م استقر المقام بأسرته في مدينة صنعاء حيث التحق الفتى اليافع بمدرسة ( ابن الأمير ) الإبتدائية، ودرس بها الصفوف الثاني والثالث، ولم يطل به المقام في اليمن حيث بعثه والده إلى مصر للدراسة وهناك في طنطا درس الصفوف الرابع والخامس.
وحينما اشتد الخلاف بين والده من جهة والسلال والمصريين من جهة أخرى ألغت مصر العربية المنحة التي كان يدرس بموجبها الشيخ / صادق في مصر فعاد إلى اليمن سنة 1966م حيث أكمل الشهادة الابتدائية في مدرسة ( نشوان الحميري ) بأمانة العاصمة وتنقل في المرحلة الإعدادية بين اليمن ومصر حتى أكمل المرحلة الإعدادية .
بعد ذلك حصل الشيخ صادق على الثانوية العامة سنة (1974ـــ 1975م) من مدرسة (الأورمان) في القاهرة .
وحصل على الثانوية متنقلاً بين عدة مدارس في اليمن ومصر، حيت التحق بمدرسة أبن الأمير في صنعاء عام 1965م.
ومن ثم أرسله والده إلى مصر، لكنه عاد الى اليمن بعد عام بسبب الخلافات بين والده الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر من جهة، والرئيس عبد الله السلال والمصريين من جهة أخرى.
وفي عام 1975 أكمل التعليم الثانوي في مصر، لكنه لم يكمل دراسته الجامعية هناك نتيجة خلافات والده مع الرئيس إبراهيم الحمدي الذي قطع بعثته الدراسية.
وفي عام 1982 توجه الشيخ صادق لدراسة الطيران المدني في الولايات المتحدة.
وحصل على شهادة في مجال قيادة الطائرات المدنية الصغيرة عام 1986.
الوظائف، والمسؤوليات:
تولى خلال حياته عدداً من المناصب:
فهو عضو مجلس النواب اليمني بقي في المنصب 1993 – 2003م.
وقد تزعم قيادة القبيلة بعد وفاة والده، فأصبح شيخ مشايخ حاشد في المنصب 28 يناير 2008 – 6 يناير 2023م.
دور قبلي بارز:
كان الأحمر الابن الأكبر لوالده، وبعد أن تلقى تعليما أساسيا في مصر واليمن، اختار مرافقة الأب على غرار الأبناء البكور لزعماء القبائل في اليمن، وخلال تلك المدة أثّر مع رجال القبائل في أهم الأحداث المفصلية سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
ووفق سيرته الذاتية على موقع والده الإلكتروني فإن قدرات الأحمر ظهرت في التعامل مع العديد من القضايا القبلية، كما فهم الكثير عن عادات وأعراف "حاشد" وغيرها من قبائل اليمن التي كان يتردد عليها ويتعامل معها.
وكان الدور الأبرز للأحمر حين قاد مع آخرين من رجال القبائل وما أُطلق عليه ذلك الحين "الجيش الشعبي" وسط اليمن عامي 1981 و1982 لمواجهة الجبهة القومية المدعومة من النظام الاشتراكي الذي كان يحكم جنوب اليمن.
وعقب ذلك، توجه للولايات المتحدة لدراسة الطيران المدني، حيث مكث هناك 4 سنوات، وحصل على شهادة في مجال قيادة الطائرات المدنية الصغيرة ليعود إلى اليمن سنة 1987.
خلال الفترة من 1976- 1987م ظل الشيخ/ صادق بجانب والده – رحمه الله – وهناك صقل الشيخ/ الشاب صادق مواهبه وظهرت قدراته في التعامل مع العديد من القضايا القبلية كما فهم الكثير عن عادات وأسلاف وأعراف قبيلة حاشد وغيرها من قبائل اليمن بحكم موقع والده الرفيع كشيخ مشائخ اليمن بدون منازع .
كما زار الشيخ/ صادق مع والده مناطق قبلية كثيرة في محافظات الجوف ومأرب وصعده وحجة وإب وأكسبته تلك الزيارات ومباشرة القضايا المزيد من المعرفة بالناس وشيوخ القبائل وعوامل النجاح في التعامل مع الشئون القبلية بصورة عامة .
وفي سنة 1979م وحينما اندلعت الحرب بين شطري الوطن كان الشيخ/ صادق مع عمه الراحل مجاهد أبو شوارب في منطقة السده من محافظة إب على رأس الجيش الشعبي لمواجهة الموقف مما مكنه بعد ذلك من قيادة العديد من حملات الجيش الشعبي لمواجهة حروب التخريب في المناطق الوسطى خلال الأعوام 1981-1982م .
وفي سنة 1982م توجه الشيخ صادق/ إلى الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة الطيران المدني ، حيث مكث هناك أربع سنوات وحصل على شهادة في مجال قيادة الطائرات المدنية الصغيرة ليعود إلى اليمن سنة 1987م .
وفي عام 1988م ترشح الشيخ/ صادق لعضوية مجلس الشورى ، حيث فاز بعضوية دائرة منطقة حوث والعشه وجزء من منطقة القفلة بمحافظة حجة سابقا.
في الحادي والعشرين من مايو سنة 1990م كان الشيخ/ صادق بن عبد الله الأحمر في قاعة مجلس الشورى بشمال الوطن ليصوت من أجل تحقيق حلم كل اليمنيين الذي أصبح حقيقة راسخة في الثاني والعشرين من مايو 1990م ألا وهو إعلان قيام الوحدة اليمنية .
وخلال عضويته في مجلس الشورى بين عامي (1988م ، 1993م ) كُلف الشيخ/ صادق من قِبل والده – رحمه الله – بمعالجة الكثير من الخلافات بين القبائل وأصبح أكثر قرباً ودراية بشئونها .
وفي سنة 1993م ترشح مرة أخرى لعضوية مجلس النواب لليمن الموحد ليفوز بعضوية دائرة منطقة حوث والعشة ليواصل بعد ذلك إلى جانب مهامه القبلية مهمة بناء الأساس التشريعي والقانوني لدولة الوحدة، حيث اشترك مع زملاءه في مجلس النواب في إعداد الكثير من مشاريع القوانين ذات الطابع التوحيدي للدولة الجديدة.
كما قام بالعديد من الزيارات البرلمانية للدول الشقيقة والصديقة في إطار الوفود البرلمانية لمجلس النواب .
وفي سنة 1997م ترشح الشيخ/ صادق لعضوية الدائرة (225) مديرية حوث وفاز بعضوية الدائرة للمرة الثالثة ليواصل العمل البرلماني حتى 2003م.
عين في شهر سبتمبر من عام 2005م عضواً في مجلس الشورى الغرفة الثانية.
جهاده بعد الثورة:
بدأ يلعب دورا سياسيا هاما مع خلافته لوالده، وزاد من قوة نفوذه اقترابه من المعارضين للرئيس علي عبد الله صالح، ولعبه دور الوسيط للتوفيق بين الطرفين في السنوات التي سبقت اندلاع الثورة اليمنية مطلع 2011.
وفي مارس/آذار 2011 أعلن انضمام قبيلة حاشد إلى الثورة السلمية، فأصبح إحدى ركائز المعارضة، وتحول إلى خصم لدود للرئيس علي عبد الله صالح، وإلى جدار يستند إليه المعارضون في كسب ولاء القبائل لمطالبتهم برحيل النظام.
وعلى خلفية موقفه الداعم للثورة تعرض منزله لهجوم من قوات صالح، تزامن مع وجود وسطاء لحل خلافه مع صالح، وأدى الهجوم إلى إصابة بعض الوسطاء ومقتل بعض رجال الأحمر.
وقد استمر القتال بين الطرفين عدة أيام، وأصدر صالح أمرا باعتقال صادق الأحمر وبقية إخوته ومحاكمتهم بتهمة التمرد.
وبعد تنحي صالح وتولي عبد ربه منصور هادي السلطة اندمج صادق الأحمر في المسار السياسي في إطار أحزاب اللقاء المشترك، ودعم مؤتمر الحوار الوطني.
وشهدت سنة 2014 مواجهات عنيفة بين قبيلته والحوثيين، استطاع الحوثيون خلالها احتلال مدينة عمران، مركز نفوذه وموطن قبيلته قبل أن ينسحبوا منها في إطار اتفاق مع الحكومة، واتهم صادق الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح بمساعدة الحوثيين وتسليحهم.
دور سياسي أقل:
على خلاف والده، لم يكن الأحمر يملك حضوراً سياسياً رغم انتخابه من قِبل قبيلته عضوا في مجلس الشورى بين عامي 1988 و1993 قبل أن يفوز بمقعد في مجلس النواب حتى عام 2003، ليُعيَّن مجدداً بقرار جمهوري في مجلس الشورى.
ويرجع الحضور السياسي الضعيف للأحمر -وهو كما حدث مع أشقائه- للحضور السياسي الطاغي لوالده الذي أسس حزب الإصلاح في اليمن بعد إقرار التعددية السياسية في البلاد عقب توحيد شمال اليمن وجنوبه عام 1990، كما ترأس مجلس النواب منذ 1993 حتى وفاته.
ويُسجّل الحضور السياسي الأبرز للأحمر، حين برز على الواجهة السياسية بعد إعلان تأييده للانتفاضة الشعبية ضد نظام الرئيس علي عبد الله صالح عام 2011، قبل أن تتطور الأحداث إلى مواجهات محدودة في ذات العام بين رجال القبائل التي يقودها وقوات الأمن بمحيط منزله في حي الحصبة بصنعاء.
وفي خضم الشحن السياسي في اليمن أثناء الثورة، وبالتحديد يوم الثلاثاء 21 جمادى الثانية 1432 هـ الموافق 24 مايو 2011 أمر الرئيس علي عبد الله صالح جنوده بمهاجمة بيت الشيخ الأحمر في صنعاء وتصادف بدء الهجوم مع وجود وسطاء لحل المشكلة ما أدى لإصابة بعض الوسطاء ومقتل بعض رجال الأحمر، وبلغت جملة القتلى خلال بضعة أيام أربعين قتيلا وستة وثمانين جريحا.
واستمر الاقتتال بين الجانبين عدة أيام حتى أصدر الرئيس اليمني أمره باعتقال الشيخ الأحمر وبقية إخوته ومحاكمتهم بتهمة التمرد.
المشهد الأخير:
استهدف الحوثيون منازل بيت الأحمر في محافظة عمران شمالي البلاد، حتى وصلت لمنزل الأسرة الرئيسي، ومعقل بيت الأحمر.
ورغم ذلك رفض الأحمر مغادرة المدينة رغم تهديدات ومضايقات الحوثيين التي دُشنت بالسيطرة على أملاك القبيلة، ومطاردة آخرين، ومن حينها لم يكن يظهر إلا في مناسبات محدودة مثل إحياء ذكرى رحيل والده.
مستقبل "حاشد":
جرت العادة في اليمن أن يُنصّب أفراد القبيلة، عقب وفاة شيخها، أحد أقاربه وبالتحديد نجله الأكبر ثم الذي يليه، بيْد أن ما أحدثته جماعة الحوثيين من تأثير على البنية القبلية وتراتبية زعامتها وعاداتها وتقاليدها، وتغيير ولاءات وجهائها كما حدث في قبيلة حاشد بالتحديد، جعل من استمرار ذلك العُرْف القبلي بالشكل المعروف أمرا صعبا ومحط أنظار الحوثيين وأطماعهم بتفكيك القبيلة واستهداف زعاماتها.
ووفق مصدر مقرب من الأسرة تحدث للجزيرة نت، فإن مشيخة القبيلة ستنتقل للابن التالي للشيخ عبد الله، وهو حمير الأحمر الذي ما يزال باقيا في صنعاء ولم يغادرها رغم سيطرة الحوثيين عليها في سبتمبر/أيلول 2014.
ويقول الباحث اليمني عادل دشيلة إن "حاشد" تمر بمرحلة ضعف كبقية المجتمع اليمني جراء استمرار الحرب، ومستقبل هذه القبيلة مرهون بالتطورات السياسية، غير أنه يتوقع أن "حاشد" ستبقى متماسكة نتيجة الروابط الاجتماعية والتقليدية والموروث الثقافي من الأعراف والعادات القبلية.
ويضيف للجزيرة نت أن "حاشد" ستسعى إلى انتخاب خليفة من أولاد الشيخ عبد الله لتبقى محافظة على حضورها السياسي مع بقية القبائل التي ما تزال عامل توازن بين المجتمع والدولة، ولها أدوار سياسية ومجتمعية فاعلة.
وفاته:
توفي الشيخ صادق عبد الله الأحمر فجر يوم الجمعة،6 يناير 2023م الزعيم القبلي الأبرز في اليمن، وشيخ مشايخ قبيلة حاشد، أكبر القبائل اليمنية، عن عمر ناهز 67 عاماً، في العاصمة الأردنية عمّان التي كان يتلقى فيها العلاج من مرض السرطان.
ونعت أسرة الأحمر رحيله إثر معاناته مع المرض الذي أجبره على مغادرة العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين مطلع أغسطس/آب الماضي، ومنذ ذلك الحين ظل في مركز الحسين للسرطان يتلقى العلاج حتى وفاته.
وورث الأحمر زعامة قبيلة حاشد، بعد أن عُقدت له البيعة عام 2008 في مدينة خمر بمحافظة عمران، شمال صنعاء، خلفا لوالده عبد الله بن حسين الأحمر، المُتوفى نهاية عام 2007، الذي كان أيضا واحدا من أبرز الشخصيات اليمنية التي أثرت في المشهد السياسي منذ الثورة وإعلان النظام الجمهوري عام 1962.
أصداء الرحيل:
أعلنت وسائل اعلام يمنية وفاة الشيخ القبلي البارز صادق بن عبد الله بن حسين الأحمر اليوم بعد معاناة طويلة مع المرض.
وقالت مصادر مقربة من الشيخ صادق الأحمر أنه توفي اليوم عن عمر 66 عاماً بعد معاناته الكبيرة بسبب المرض، حيث كان يتعالج في دولة الأردن.
وكان مقربون من الشيخ الأحمر قد أوضحوا أن سبب مرضه هو تعرضه لعدة أزمات صحية.
وكتب مراسل قناة الجزيرة الإعلامي سمير النمري: “وفاة الشيخ صادق بن عبد الله بن حسين الأحمر بعد معاناة مع المرض في مستشفى الحسين للسرطان بالعاصمة الأردنية عمان”.
اللهم ارحمه واغفر له، وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة مع النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين، وحسن أولئك رفيقا..
مصادر الترجمة:
١- الموسوعة التاريخية الحرة.
٢- موقع الجزيرة نت.
٣- موقع التجمع اليمني للإصلاح.
٤- مواقع الكترونية أخرى.
وسوم: العدد 1017