الإعلامي الإسلامي أحمد منصور مذيع قناة الجزيرة
هو كاتب وإعلامي مصري من مواليد عام 1962، دشن حياته المهنية عبر مراسلة الصحف والمجلات خلال المرحلة الثانوية، وبدأ يمارس العمل الصحفي متدربا حينما التحق بالجامعة. اشتهر بتغطيته لعدد من الحروب بينها حرب أفغانستان والعراق والبوسنة والهرسك. بدأ العمل مع قناة الجزيرة نهاية التسعينيات وعمل فيها منتجا ومذيعا لعدة برامج أشهرها "شاهد على العصر" و"بلا حدود".
المولد، والنشأة:
ولد أحمد منصور يوم 16 يوليو/تموز 1962 في مدينة كفر الدوار بمحافظة البحيرة المصرية، حيث كان والده يعمل في شركة كفر الدوار للغزل والنسيج.
عندما بلغ الرابعة من عمره عاد مع والديه إلى قرية منية سمنود مركز أجا بمحافظة الدقهلية، والتي كانت مسقط رأس والديه، وهناك التحق بالكتاب ثم تعلم القراءة والكتابة وحفظ 10 أجزاء من القرآن على يد أشهر محفظي القرآن الكريم في القرية الشيخ جعفر المرشدي.
لنشأته قرب القرآن مبكرا تعلّق بقصصه وباللغة العربية عموما فأحبها حتى صار شغوفا بها، فأمضى طفولته بين الكتب والقصص والروايات التاريخية، حتى إنه كان يدخر من مصروفه لشراء الكتب.
بدأ تكوين مكتبته المصغرة في عمر الثالثة عشر حينما زار معرض القاهرة الدولي لأول مرة وفي يده 3 جنيهات، فأنفقها كلها وهنا كانت بداية نواة المكتبة، التي مع الوقت باتت تضم الآلاف.
إثر تعلقه بالكتب منذ صغره كان حلمه أن يكون أحد الكتاب الذين يقرأ لهم، وهو ما يعد سببا لتركيزه في مسيرته لاحقا على كتابة الكتب وتحويل برامجه لسلسلة مكتوبة مطبوعة.
الإفراج عن أحمد منصور
الإفراج عن أحمد منصور بعد اعتقال ألمانيا له عام 2015 (وكالة الأناضول).
الدراسة، والتكوين:
بالإضافة لحبه القراءة، كانت الإذاعة رفيقا له في سنوات دراسته بمدرسة منية سموند الإعدادية والثانوية، حيث كان مسؤولا عن إدارة الإذاعة المدرسية على مدار العام طوال مراحله الدراسية، ورافق ذلك الاهتمام بوادر شخصية قيادية بعدما انتخب رئيسا لاتحاد الطلبة منذ الصف الأول إعدادي حتى مرحلة الثاني ثانوي.
درس أحمد منصور اللغة العربية وآدابها في كلية الآداب بجامعة المنصورة في مصر وتخرج منها عام 1984 ويعد من خريجيها الأوائل حيث كان من الدفعة الثانية.
التجربة الإعلامية:
بدأ تجربته الصحفية أثناء دراسته الجامعية بعدما راسل عدة صحف ومجلات، وبدأ في كتابة الأخبار والمقالات، منها دار وفاء للطباعة والنشر حتى عين مديرا لها في إدارة المطبوعات والنشر حتى نهاية عام 1986.
أشرف على إصدار أكثر من 150 كتابا، ثم انتقل للعمل الصحفي حيث عمل مراسلا صحفيا لعدد من الصحف والمجلات العربية من باكستان لشؤون آسيا الوسطى وأفغانستان التي كانت تحت الاحتلال السوفياتي حتى عام 1990.
وقد أصدر خلال تلك الفترة أربعة كتب عن أفغانستان، ونشر أكثر من ألف تقرير ومقابلة صحفية وتحليل وخبر انفرادي عن الحرب الأفغانية في صحف ومجلات كانت تصدر في مصر والكويت والإمارات والسعودية. أتاحت له بدايته كمراسل حربي تعلم فنون الصحافة وممارسة أشكال من العمل الصحفي من خلال تغطيته للحرب، متبعا الأسلوب الغربي.
انتقل بعد ذلك للكويت حيث عمل مديرا لتحرير مجلة المجتمع الكويتية من عام 1990 وحتى بداية عام 1997، وقام خلال هذه الفترة بتغطية الحرب في البلقان بين عامي 1993 و1994 وأصدر كتابا عنها، كما قام بتطوير مجلة المجتمع خلال إدارته لها حيث أصبحت أهم المجلات السياسية الأسبوعية في منطقة الخليج وأكثرها توزيعا وانتشارا في 120 دولة مع مراسلين في 40 منها.
عمل في النشرة السرية لـ"المرابطون" الكويتية التي كانت تنشر أثناء الغزو العراقي على الكويت، وبسبب الملاحقات والخوف من الاعتقال فرّ إلى لندن وأكمل عمله من هناك حتى تحرير الكويت، ثم عاد إلى الكويت ومنها قام بتغطية حرب البوسنة والهرسك.
انتقل في بداية عام 1997 إلى قناة الجزيرة الفضائية للعمل منتجا ومقدم برامج، وبعد دورة عمل مكثفة داخل غرفة الأخبار أصبح معدا ومقدما لبرنامج "الشريعة والحياة"، حيث أعد خلال فترة تقديمه له -التي امتدت عاما ونصف العام- لبرنامجيه "بلا حدود" و"شاهد على العصر" اللذين ظهرا معا في بداية فبراير/شباط عام 1999.
وأثناء عمله مع طاقم قناة الجزيرة، ذهب مراسلا إلى العراق لتغطية معركة الفلوجة في أبريل/نيسان 2004، الأمر الذي عرضه لهجوم كبير من أميركا، حتى قصف مقر الجزيرة في العراق.
اعتقال وتوقيف:
تعرض عام 2005 لاعتداء جسدي في 9 نوفمبر/تشرين الثاني وذلك بسبب إعداده لسلسلة حوارات مع زعماء الأحزاب الرئيسية في فترة الانتخابات البرلمانية في مصر، حيث هجم عليه رجلان أثناء انتظاره لأحد ضيوفه.
تعرض لسرقة حقائبه في عام 2010 بباريس من داخل غرفته الفندقية وذلك أثناء إعداده لبرنامجه "شاهد على العصر"، ليعرف أن المخابرات التونسية لزين العابدين كانت تلاحقه بسبب كتاب "سيدة قرطاج".
في 20 يونيو/حزيران 2015، أوقفت السلطات الألمانية أحمد منصور في مطار برلين بناء على مذكرة توقيف مصرية.
وتم التوقيف استنادا إلى مذكرة صادرة عن الإنتربول في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2014، في حين أنه حصل من الإنتربول نفسه على وثيقة بتاريخ 21 من الشهر نفسه تفيد بأنه ليس مطلوبا في أي قضية.
وفي 22 يونيو/حزيران 2015 قرر النائب العام الألماني إطلاق سراحه دون توجيه أي تهم له.
الإعلامي المصري أحمد منصور
أحمد منصور يعد من أبرز المراسلين الحربيين العرب، حيث غطى الحرب في أفغانستان والعراق وغيرها (الجزيرة).
برامج أحمد منصور
قدم أحمد منصور وأنتج عدة برامج عبر قناة الجزيرة، وهي:
الشريعة والحياة في يناير/كانون الثاني 1999.
بلا حدود في فبراير/شباط 1999.
شاهد على العصر /شباط 1999.
شاهد على الثورة.
لقاء اليوم.
الوظائف والمسؤوليات:
عين مديرا لدار وفاء في إدارة المطبوعات والنشر.
عمل مراسلا حرا لمجلة المجتمع الكويتية والاتحاد الإماراتية.
مدير تحرير المجتمع من عام 1990 إلى 1997.
عمل في النشرة السرية لـ"المرابطون" الكويتية.
عمل منتجا ومقدم برامج في قناة الجزيرة الفضائية نهاية التسعينات.
كاتب في صحيفة "الوطن" القطرية.
مدرب أساسی فی معهد الجزیرة للإعلام منذ افتتاحه.
عضو في نقابة الصحفيين المصرية.
عضو في جمعية الصحفيين الدولية.
المؤلفات
صدر لأحمد منصور 25 كتابا من أهمها "تحت وابل النيران في أفغانستان"، و"تحت وابل النيران في سراييفو"، و"قصة سقوط بغداد"، و"معركة الفلوجة"، و"أضواء على السياسة الأميركية في الشرق الأوسط". كما كانت له تجربة مميزة في تحويل البرامج التلفزيونية إلى كتب مقروءة.
وقام أحمد منصور بتدشين موقع إلكتروني شخصي (ahmedmansour.com) جمع فيه برامجه وكتبه ومؤلفاته خلال 40 عاما من مسيرته الإعلامية، وأطلق له شعار "من أجل الحرية – الحقيقة – الإنسان".
المصدر : الجزيرة
أحمد منصور
النشأة والطفولة (1962).
ولد أحمد منصور في مدينة كفر الدوار (1) بمحافظة البحيرة المصرية، في ١٦ يوليو عام ١٩٦٢، حيث كان والده يعمل في شركة كفر الدوار للغزل والنسيج .
عاد مع أبويه إلي مسقط رأسيهما في قرية منية سمنود مركز أجا محافظة الدقهلية، وهو في الرابعة من عمره، حيث التحق بالكُتّاب وتعلم القراء والكتابة وحفظ عشرة أجزاء من القرآن الكريم علي يد الشيخ جعفر المرشدي، أحد أشهر محفظّي القرآن الكريم في القرية آنذاك .
وقد ساعده حفظه المبكر للقرآن الكريم علي حب اللغة العربية و القصص القرآني، فأصبح شغوفاً بالقصص والكتب والروايات التاريخية بشكل عام، لدرجة أنه كان يدخر مصروفه القليل ويُنفقه علي شراء الكتب.
زار معرض القاهرة الدولي للكتاب للمرة الأولي وهو في الثالثة عشرة من عمره، ومعه ثلاثة جنيهات مصرية كانت كل ما كان يملك.. و شكلت الكتب التي اشتراها بها نواة لمكتبته، التي باتت تضم آلاف الكتب، وقد كان حلمه منذ الطفولة، أن يصبح واحداً من هؤلاء الذين يقرأ كتبهم أو رواياتهم .
عرف بشخصيته القيادية منذ صغره، فانتخب رئيساً لاتحاد الطلاب في مدرسة منية سمنود الإعدادية والثانوية طوال سنوات دراسته، من الأول الإعدادي وحتى الثاني الثانوي، كما كان مسئولاً عن إدارة الإذاعة المدرسية علي مدار العام طوال تلك المرحلة.
يُذكر أنه من شدة شغفه بالقراءة كانت أمينة المكتبة الأستاذة ليلي، والدة زميله وصديقه آنذاك خالد ربيع، تمنعه من استعارة الكتب، بعدما لاحظت إصراره على استعارة كتاب أو قصة جديدة بشكل شبه يومي، فخشيت من تأثير ذلك علي دروسه المدرسية، لكن المدرسين أبلغوها أنه متفوق في دراسته، فأذنت له باستعارة الكتب والقصص والروايات مجدداً، علي أن تمنعها عنه خلال فترات الامتحانات (2).
الدراسة الجامعية والشغف بالصحافة (1980):
حصل أحمد منصور علي الثانوية العامة بتفوق، وقد نصحه أساتذته بدراسة الأدب لتنمية قدراته في الكتابة والصحافة التي كان يحلم بالعمل بها، فالتحق بكلية الآداب جامعة المنصورة، وتمكن من خلال ثقافته وقراءاته الواسعة من إقامة علاقات قوية مميزة مع أساتذته في كلية الآداب، وكان معظمهم منتدبين من كلية الآداب جامعة القاهرة، حيث كانت كليته حديثة، وكان منصور أحد طلاب دفعتها الثانية.
في كلية الآداب جامعة المنصورة درس منصور الفلسفة علي يد الدكتور حسن حنفي، والأدب المقارن علي يد الدكتور حلمي بدير، واللغة الفارسية علي يد الدكتور السباعي محمد السباعي، وفقه اللغة علي يد الدكتور مصطفي إبراهيم، والشعر علي يد الدكتور علي أبو زيد، والنحو والبلاغة علي يد الدكتور إبراهيم بركات الذي أصدر موسوعة شاملة في النحو والبلاغة .
ومع التحاقه بالجامعة بدأ مراسلة بعض الصحف والمجلات، وكتابة الأخبار والمقالات، ولسعة اطلاعه وثقافته عرضت عليه دار الوفاء للطباعة والنشر ـ والتي أصبحت فيما بعد إحدى دور النشر الكبرى في مصر ـ وهو في المرحلة الجامعية، أن يشرف علي اختيار كتب المؤلفين وتقييمها، وكتابة مقدمات الناشر للكتب التي يتم اختيارها، فأضافت هذه التجربة له المزيد من التعارف والاحترام والتقدير لدي قطاع كبير من المؤلفين والكتاب والناشرين في مصر والدول العربية ، لاسيما بعدما قامت دار الوفاء بتعيينه مديرًا لإدارة المطبوعات والنشر بها، فكان مسئولاً بشكل كامل عن التعامل مع المؤلفين طيلة ثلاث سنوات، نشر خلالها أكثر من مائة وخمسين كتابا قام باختيارها من بين عشرات الكتب التي قدمها المؤلفون للدار ، كما قام بإبرام العقود مع مؤلفيها الذين كانوا من دول عربية مختلفة، وكتابة مقدماتها، والإشراف علي مراحل طباعتها، فأكسبه التعامل مع المؤلفين ودور النشر والطباعة خبرة كبيرة في هذا المجال ، حيث يعتبر أحمد منصور مجال النشر أقرب المجالات لعالم الصحافة (3) .
الانغماس في عالم الصحافة (1984):
غير أن العمل في مجال النشر كان مرحلة بالنسبة له، وكانت الصحافة هي شغفه وطموحه الأساسي (4) فقد كان احترافه العمل في النشر خلال سنوات دراسته الجامعية وفترة الخدمة العسكرية بعد تخرجه من الجامعة، جزءاً من شغفه بالكتب والقراءة، و كان يواصل خلال تلك الفترة البحث عن فرصة للعمل في الصحافة.
لكن العمل في الصحافة في مصر في ذلك الوقت كانت مجالاته محدودة ومقصورة علي الصحف الحكومية والحزبية، ولم يكن أي منها يمثل طموحاً بالنسبة له، فأخذ يبحث عن فرصة عمل في الصحافة خارج مصر، يستطيع من خلالها أن يتعلم الصحافة علي أصولها، وأن ينطلق بعيداً عن قيود الحكومة والأحزاب المصرية، وقد جاءته أكثر من فرصة لكنها لم تكن ترضي طموحه، حتي جاءته فرصة العمل بداية العام ١٩٨٧، مراسلاً لتغطية الحرب الأفغانية لمجلة “المجتمع ” الكويتية حيث كانت أفغانستان تحت الاحتلال السوفيتي آنذاك (5) .
من أهم الأشياء التي ساعدت أحمد منصور علي خوض هذه التجربة هو أنه قرأ كثيراً عن الصحفيين الذين صنعوا أمجادهم المهنية وشهرتهم من خلال تغطياتهم للحروب، فقد أغراه الأمر وشجعه علي خوض تلك التجربة التي يمكن أن تثقل حياته المهنية أفضل من العمل في مكاتب أي صحيفة ، واعتبر أن قيامه بتغطية الحرب الأفغانية قد يُشكل بالنسبة له فرصة عظيمة لامتهان الصحافة والتفوق فيها، فاقتنص الفرصة ولم يُضيعها .
وقد فوجئ أحمد منصور حينما سافر إلي باكستان بأن الساحة فارغة من الصحفيين العرب الذين يقومون بتغطية الحرب الأفغانية، إلا قليلًا ممن يذهبون في زيارات متقطعة، وبعد شهرين من دراسة الساحة، فضّل أن يكون مراسلاً حراً، يكتب لمجلة “المجتمع ” وغيرها من الصحف والمجلات الأخرى، وبالفعل أصبح مراسلاً لعدد من الصحف والمجلات؛ منها الاتحاد الإماراتية، والمجتمع الكويتية، وكانت مقالاته ورسائله الصحفية تتصدر أغلفة “المجتمع ” وصَدر الصفحات الأولي في صحيفة الاتحاد، لاسيما حوارته مع القادة الأفغان آنذاك، فكان يغطي الأحداث بأسلوب أدبي قصصي شيق، يمزج فيه بين رشاقة القصة الصحفية، وتشويق وبلاغة اللغة العربية (6).
أحمد منصور أثناء تغطيته الحرب الأفغانية بين أعوام 1987-1990م.
أحمد منصور يجري حواراً مع البروفيسيور عبد رب الرسول سياف أثناء تغطية الحرب الأفغانية.
يؤكد أحمد منصور أنه تعلم فنون الصحافة الحقيقية خلال تغطيته للحرب الأفغانية، وأنه سلك أسلوب الصحفيين الغربيين في تغطية الحروب، من خلال رواية القصص الإخبارية، كما كتب الأخبار والتحقيقات والتحليلات والدراسات وأجري الحوارات .
وقد ساعده رصيده الذي كونه منذ الصغر في الكتابة وشّكل الذخيرة اللغوية والمعجم الفريد الذي استند إليه فى صياغة المحتوى والقصص الأخبارية .
تغطية الحرب الأفغانية بين أعوام 1987-1990م.
أحمد منصور يجري حواراً مع الرئيس الافغاني الأسبق برهان الدين رباني أثناء تغطية الحرب الأفغانية.
وخلال ثلاث سنوات من تغطيته للحرب الأفغانية بين عامي ١٩٨٧ و ١٩٩٠، كتب أحمد منصور حوالي ألف موضوع صحفي في فنون الصحافة المكتوبة المختلفة، نشرها في أكثر من ست صحف ومجلات عربية ، وكَتَبَ أربعة كتب هي : ”
مستقبل كابل”، و”امرأة من أفغانستان”، و” تحت وابل النيران في أفغانستان”، ثم كتب بعد ذلك “مستقبل أفغانستان في ظل حكم طالبان”، الذي نشره خلال فترة عمله مديراً لتحرير مجلة المجتمع الكويتية مما جعله يقف علي أرض صلبة، و يخط مسيرة حياته في هذه المهنة بثبات وعزيمة.
من الحرب الأفغانية إلي المجتمع الكويتية:
تعرف أحمد منصور علي مجلة ” المجتمع ” الكويتية أول مرة وهو في المرحلة الإعدادية، حيث أهداه والد صديقه هشام شراقي الأستاذ حامد شراقي الذي كان يعمل مدرسا في الكويت آنذاك ، نسخًا منها خلال عودته من الكويت في إجازته الصيفية، فتعلق أحمد منصور بمجلة “المجتمع ” وانبهر بمساحة الحرية الواسعة التي كانت تعالج بها القضايا العربية والإسلامية، وأصبح حلمه أن يصبح أحد المحررين الصحفيين العاملين بها، فهامش الحرية هو أهم أركان الإبداع الصحفي، وقد كان متوفراً بشكل كبير في مجلة ” المجتمع ” والصحافة الكويتية بشكل عام في تلك المرحلة التي تتمتع فيها الكويت بنهضة كبيرة في مجال الصحافة، وكانت تستقطب أعداداً كبيرة من الصحفيين العرب ، وأصبحت وصية أحمد منصور لكل من يعرفه من الذين يعملون في الكويت أن يأتيه بأعداد من مجلة المجتمع التي كانت السلطات في مصر لا تسمح بتوزيعها بسبب موقفها الناقد للنظام المصري، لاسيما بعد زيارة السادات لإسرائيل عام ١٩٧٧ .وقد تحقق حلم أحمد منصور الأول حينما عمل مراسلاً صحفيًا للمجتمع، فقام بتغطية الحرب في أفغانستان وشؤون باكستان وآسيا الوسطي لها طيلة ثلاث سنوات من العام ١٩٨٧ وحتى العام ١٩٩٠، وأصبحت كتاباته تتصدر أغلفتها (7).
غلاف مجلة المجتمع الكويتية حينما كان أحمد منصور مدير تحرير لها..
غلاف مجلة المجتمع الكويتية حينما كان أحمد منصور مدير تحرير لها..
مدير تحرير المجتمع ( من ١٩٩٠ ـ إلي 1997 ):
لكن بعد ثلاث سنوات جاءه ما هو أكبر من حلم العمل صحفياً في المجتمع ، فقد اتصل به رئيس مجلس إدارة مجلة المجتمع الكويتية آنذاك السيد عبد الله العلي المطوع، ثم رئيس التحرير الدكتور إسماعيل الشطي الذي أصبح بعد ذلك وزيراً ونائباً لرئيس مجلس الوزراء في الكويت، وطلبا منه أن ينتقل للعمل في مجلة المجتمع في الكويت، ليس كمحرر، وإنما كمدير للتحرير.
كان عمره آنذاك سبعة وعشرين عامًا، ليكون بذلك أصغر مدير تحرير لصحيفة أو مجلة سياسية إخبارية أسبوعية خليجية، ورغم أن العرض كان مغرياً، إلا أنه اعتذر في البداية، فقد كانت تغطيته للحرب الأفغانية تعطيه مكانة مهنية متميزة كمراسل متخصص محترف، كما أنه أصبح مرجعاً لكثير من الصحف العربية التي كانت تستكتبه أو الصحفيين العرب الذي يقومون بزيارات لتغطية الحرب حيث كانوا يعتبرونه مرجعاً ، كما أنه قد بدأ في إعداد موسوعة عن مسيرة الاحتلال السوفيتي والجهاد الأفغاني من خلال تسجيل الشهادات مع قادة المجاهدين البارزين، والتي كان يود أن يكملها وعلاوة علي ذلك مخاوفه من الانتقال للعمل في ساحة العمل الصحفي المكتبي، حيث لا يوجد زخم الأحداث والتحديات التي يعيشها المراسل الصحفي في ساحات الحروب.
لكن اعتذاره دفع إدارة المجتمع علي التمسك به، وظل التفاوض بين الطرفين ستة أشهر، انتهت بزيارة قام بها السيد عبد الله العلي المطوع لباكستان، التقي خلالها أحمد منصور وأقنعه بالانتقال للكويت، وتسلم مهام عمله كمدير لتحرير مجلة “المجتمع” الكويتية، فاشترط أحمد منصور أن يقوم بزيارة أولية للتعرف علي العمل الجديد.
وبالفعل قام أحمد منصور بزيارة للكويت في شهر يونيو عام ١٩٩٠ استمرت أسبوعين، التقي خلالها مع رئيس التحرير الدكتور إسماعيل الشطي، ورئيس وأعضاء مجلس الإدارة، ووقف خلالها علي أوضاع المجلة، ووضع خطة طموحة لتطويرها حتى تتحول من مجلة خليجية، إلي مجلة عربية عالمية، من خلال المعالجات والقضايا والمحتوي العالمي الذي تتناول به الأحداث من منظور عربي إسلامي، حيث كان منصور شغوفا بنموذج مجلتي ” تايم ” و” نيوزويك ” ويأمل أن تكون مجلة عربية في مستواهما التحريري، والتبويب الشامل في الموضوعات، والحرية الواسعة في المعالجة والرأي، و بعد نقاشات مطولة وافق القائمون علي المجلة علي خطته، ومنحوه ستة أشهر لتظهر ثمارها فوافق، وكان هذا تحدياً كبيراً بالنسبة له.
عاد منصور لباكستان، وقام بتصفية أعماله وارتباطاته المهنية المختلفة، حتى يعود للكويت، ويتسلم مهام عمله الجديد كمدير تحرير لمجلة المجتمع، لكن وقع ما لم يكن في حسبانه (8) .
من الحرب الأفغانية إلي احتلال الكويت: (أغسطس 1990)
وصل أحمد منصور إلي الكويت فجر الثاني من أغسطس ١٩٩٠ علي طائرة الخطوط الجوية البريطانية القادمة من كراتشي عبر كوالالامبور ، والتي وصلت مطار الكويت في الواحدة بعد منتصف الليل، وسط توتر وأنباء عن غزو عراقي محتمل للكويت.
ويذكر أن ضابط الجوازات في المطار قد تعرف عليه وسأله بقلق بالغ وهو يختم جواز سفره بختم الدخول : هل تعتقد من خلال اطلاعك الصحفي علي أن صدام يمكن أن يدخل الكويت؟
لم يكن أحمد منصور يعرف آنذاك وكذلك الضابط الكويتي الذي قام بختم جواز سفره أن قوات صدام حسين ربما قد تجاوزت بالفعل الحدود العراقية الكويتية في ذلك الوقت، وأن قوات المظلات العراقية في طريقها للهبوط علي أرض مطار الكويت واحتلاله.
خرج أحمد منصور مع قليل من الركاب من المطار، بينما كان معظم ركاب الطائرة في طريقهم إلي لندن، غير أن القوات العراقية نزلت بالمظلات علي المطار وأخذت ركابها رهائن إلي العراق، ولم يفرج عنهم صدام حسين إلا بعد وساطة من الملاكم العالمي محمد علي كلاي.
حينما وصل منصور إلي الفندق الذي كان يقع في قلب مدينة الكويت شعر أن الأمور غير مستقرة، وبعد ساعة سمع قصفاً للمدفعية، فاتصل بموظف الاستقبال وسأله عما يجري فأجابه قائلاً: لقد دخلت القوات العراقية إلي الكويت، فنزل ليستطلع الأمر فوجد قوات عراقية في قلب المدينة، والفوضى العارمة تضرب أطنابها في كل مكان.
كان الجميع في ذهول ولا أحد يصدق ما يجري، فقد كان الفندق الذي نزل فيه يقع بجوار مركز الاتصالات الرئيسي في قلب المدينة، قريبًا من الأسواق، فخرج يمشي في الأسواق يستطلع أحوال الناس، فوجد الذعر في كل مكان، والناس تشتري كل شيء من محلات البقالة والطعام، وأفران الخبز عليها حشود كبيرة من الناس.
رجع إلي الفندق ليتدبر أمره وليقرر ماذا سيفعل.
تواصل أحمد منصور مع الدكتور إسماعيل الشطي الذي كان علي علم بوصوله، والتقي به وظل علي تواصل يومي معه حيث منحه الدكتور إسماعيل الشطي الخيار في مغادرة الكويت أو البقاء مع أهلها الذين قرروا عدم الخروج، فقد كان الموقف ضبابيًا خلال الأيام الأولي للغزو العراقي للكويت، فأبلغه منصور أنه سيبقي ولتكن بالنسبة له تجربة صحفية إضافية يضيفها إلي رصيده.
لقي قراره بالبقاء ترحيباً وتقديراً من الدكتور الشطي ومن فريق العمل من الكويتيين، ففي بداية الغزو كان يلتقي بشكل شبه يومي مع الدكتور الشطي وبعض الزملاء الآخرين إما في مقر “المجتمع”، أو في بيت من بيوت أحدهم، ومن الذين اهتموا به وبصحبته في تلك الفترة من أصدقاء الدكتور إسماعلي الشطي، المحامي عبد الحميد الصراف، والدكتور حسن مكي، والزميل حمد الجاسر، وجمال الكندري، وخضير العنزي، والدكتور عادل الفلاح، وآخرين كثر لم يتركوه لحظة واحدة، فأصبحوا علي علاقة وطيدة معه بعد ذلك، ولازال يكن لهم جميعًا كل الود والاحترام، فالأزمات تصنع علاقات إنسانية مميزة بين الناس.
لم تكن القوات العراقية تشكل في البداية أية خطورة علي الناس، ولم تدخل كل الأماكن، وكان أهل الكويت يتزاورون ويتحركون بحرية، فدبر الدكتور الشطي لـ أحمد منصور من خلال بعض الأصدقاء إقامة أكثر أماناً من الفندق في أحد بيوت أصدقائه الكويتيين، كما دبر له هوية إقامة كويتية رسمية تمكنه من الحركة من خلال أحد ضباط الجوازات الكويتيين، الذين قاموا بعد الغزو بنقل الأجهزة من مبني الجوازات وساعدوا الناس في إصدار الهويات والجوازات حتى يتمكنوا من الخروج من البلاد أو التعامل مع القوات العراقية .
ظل أهل الكويت والمقيمون فيها في ذهول عدة أيام لا يعرفون ماذا يفعلون، فالمطار أغلق والاتصالات قطعت، ولم تكن الهواتف الخلوية قد عرفت آنذاك، حتى أن أحمد منصور فقد الاتصال مع عائلته ما يقرب من شهرين، ولم يكن هناك من وسيلة اتصال سوي هاتف واحد يعمل بالأقمار الاصطناعية، وبطبق استقبال كبير قطره متران، ولا يعمل طوال الوقت، وكلما حاول الذهاب للاتصال بأهله منه لا يتيسر الأمر له.
كان أمام الناس في الكويت طريقان للخروج براً، إما عبر الحدود السعودية، أو عبر العراق للمقيمين في الكويت، لكن منصور قرر البقاء مساندة للكويتيين ونصرة لهم، لاسيما بعدما أبلغوه أنهم بحاجة إليه ليساعدهم في تحرير صحيفة سرية، تحض الناس علي البقاء وعدم مغادرة البلاد ومقاومة قوات الاحتلال، التي غيرت سلوكها وبدأت تعتدي علي الناس (9).
جريدة المرابطون:
العدد التاسع والعشرون من صحيفة المرابطون
صحيفة المرابطون “صحيفة سياسية مستقلة” عمل أحمد منصور مدير تحرير لها.
كان احتلال صدام حسين للكويت في الثاني من أغسطس عام ١٩٩٠، ذروة شهور الصيف، حيث كان الكثير من الكويتيين خارج البلاد، كما أن كثيراً من الناس خرجوا بعد الاحتلال، لكن كثيرين أيضاً قرروا البقاء، بل إن بعضهم قرر أن يقاوم الاحتلال بعد عمليات الاعتقال العشوائي الواسعة التي كان يقوم بها العراقيون، فانتشرت بين الكويتيين آنذاك فتوي دفع الصائل، أي المغتصب للأرض والمال، لاسيما بعدما أصبح الناس غير آمنين علي بيوتهم وأموالهم وأنفسهم، فالكل كان عُرضة للاعتقال، والممتلكات كانت عرضة للنهب في ذلك الوقت.
أصدر المرابطون من أهل الكويت نشرة سرية كانت توزع داخل الكويت اطلقوا عليها اسم ” المرابطون “، وطلبوا من أحمد منصور إن قرر البقاء، أن يقوم بتحريرها، علي أن يشكلوا فريقاً يمده بالمعلومات والأخبار المختلفة علي مدار الساعة، ليقوم بعمله كمدير تحرير لها، وأعطوه مطلق الحرية في قبول الأمر أو رفضه، كما أن له مطلق الحرية في الخروج من الكويت، أو البقاء مع أهلها المرابطين.
فقال لهم منصور: : “ لقد غمرتموني بكرمكم وأخوتكم ومودتكم من أول يوم لمحنة الاحتلال واعتبرتموني واحدا منكم وما كان لي أن أتخلي عنكم وأنتم تحت الظلم والاحتلال فنصرة المظلوم واجب وحق ، سأبقى معكم ما بقيتم وسأقوم بواجبي معكم ولن أتخلي عنكم حتي يرفع الله الظلم عنكم ” هذا الموقف جعل له مكانة كبيرة ومميزة بينهم لازال كثيرون منهم يذكروها له حتى اليوم ولازال يذكر لهم حرصهم عليه ورعايتهم له كواحد منهم طيلة تلك الفترة التي امتدت حوالي شهرين قبل أن يغادر الكويت بطلب منهم .
صدر من نشرة “المرابطون ” داخل الكويت، خلال تلك الفترة ستة أعداد، و كانت توزع على نطاق واسع في المساجد والأسواق وعلى السيارات في الطرق ، لكنها أصبحت تشكل خطراً على كل من لديه نسخ منها ، وبالتالي أصبح عرضة للاعتقال، وبدأت القوات العراقية تبحث عن مقرها والمكان الذي تطبع فيه بعدما أصبحت مصدراً للأخبار ودليلاً علي الصمود والعمل السري ، وهنا طلب منه القائمون علي ” المرابطون ” أن يخرج بشكل عاجل من الكويت إلي لندن، بعد أن قرروا إصدارها من هناك كصحيفة أسبوعية وقد رتبوا ذلك ، وخرج منصور عبر العراق ومنها إلى الإمارات التي كانت لديه إقامة فيها، وذهب من هناك إلي لندن (10)
من لندن إلي الكويت بعد التحرير:
صدرت ” المرابطون ” من لندن كصحيفة أسبوعية ، كانت تطبع في مطابع الشركة السعودية للأبحاث والتسويق التي كانت تصدر صحيفة ” الشرق الأوسط ” في لندن وفي نفس الوقت كانت المرابطون تطبع في “السعودية ” وبقيت تصدر حتى تحرير الكويت . بعدها عاد منصور للإمارات فأقام عدة أشهر عمل خلالها مديراً للتحرير لمجلة ” الإصلاح ” الإماراتية التي كانت تصدر من دبي فحولها من مجلة شهرية إلي أسبوعية ، قبل أن يعود للكويت حيث استأنف خطته لتطوير مجلة “المجتمع ” التي أصبحت خلال سنوات إدارته لتحريرها بين عامي ١٩٩٠ وحتى التحاقه بالعمل في قناة ” الجزيرة في مايو عام ١٩٩٧ واحدة من أهم المجلات العربية وأكثرها انتشارا في الخليج والجزيرة العربية وكثير من دول العالم فكان يكتب فيها مقاله الأسبوعي ” بلا حدود ” الذي حوله إلى برنامج تلفزيوني على شاشة “الجزيرة” بعد ذلك . كما كان يكتب افتتاحية ” المجتمع ” علاوة على تحقيقات ومقابلات وتحليلات أخري.
بلا حدود المقال الأسبوعي الذي كان يكتبه أحمد منصور فى المجتمع الكويتية.
بلا حدود المقال الأسبوعي الذي كان يكتبه أحمد منصور فى المجتمع الكويتية.
كما أنه نجح في استكتاب العشرات من المفكرين والكتّاب من أنحاء العالم بينهم مفكرون وكتّاب غربيون كثيرون، وأجرى عشرات الحوارات مع الزعماء والسياسيين، منها حواره مع رجب طيب أردوغان والي اسطنبول فى عام 1994.
أحمد منصور مدير تحرير المجتمع يجري حواراً مع رجب طيب أردوغان والي اسطنبول عام 199٤
أحمد منصور مدير تحرير المجتمع يجري حواراً مع رجب طيب أردوغان والي اسطنبول عام 1994
وأسس منصور شبكة مراسلين واسعة للمجلة تنتشر في أكثر من أربعين دولة ووصل توزيع المجتمع في عهده إلي ١٢٠ دولة وكان قد تسلمها بعد تحرير الكويت وهي تطبع أربعة آلاف نسخة فقط وتركها وهي توزع خمسة وسبعين ألف نسخة.
وقد لعب الدعم المطلق الذي وجده من رئيس مجلس الأدارة آنذاك السيد عبد الله علي المطوع الدور الرئيسي في تلك النجاحات التي حققها وكذلك الدكتور إسماعيل الشطي رئيس التحرير، ومن بعده الدكتور محمد البصيري .
إسماعيل الشطي ..رئيس تحرير مجلة المجتمع الأسبق
د/ إسماعيل الشطي ..رئيس تحرير مجلة المجتمع الأسبق
حرب البوسنة والهرسك.
خلال إدارته لمجلة “المجتمع” قام منصور برحلات وتغطيات صحفية من دول كثيرة، غير أن تغطيته لحرب البوسنة والهرسك خلال شهري ديسمبر ١٩٩٤ ويناير ١٩٩٥ كانت علامة فارقة في التغطيات الصحفية التي قام بها، فقد كان دخوله للعاصمة سراييفو المحاصرة آنذاك مغامرة كبيرة، حيث دخلها من النفق الذي حفره البوسنويون تحت مطار سراييفو، وكان هو الشريان الذي تتنفس منه المدينة المحاصرة، وبعدما دخل المدينة المحاصرة، قضي شهرًا كاملًا تحت الحصار مع أهلها في طقس شتوي مريع، دون كهرباء أو تدفئة أو متطلبات الحياة الأساسية (11) وقد أجري لقاءات كثيرة مع السياسيين والعسكريين في البوسنة آنذاك لكنها توجت بلقائه في القصر الرئاسي مع الرئيس علي عزت بيجوفيتش – هذا الرجل السياسي المفكر المبدع الذي تحدي الغرب ووقف ضد مخطط تصفية وجود المسلمين في البوسنة والهرسك – وإجراء حوار معه ومع نائبه أيوب جانيتش نشره في مجلة المجتمع ,
كما عاد أحمد منصور – بعد عمله في الجزيرة – و أجري مع الرئيس علي عزت بيجوفيتش حواراً تلفزيونيًا نادرًا يعتبر وثيقة تاريخية لهذا الرجل، الذي يستحق أن تكون له مكانة مميزة في التاريخ.
لقاء أحمد منصور مع الرئيس علي عزت بيجوفيتش في سراييفو.
. (12) وقد نشر أحمد منصور تفاصيل رحلته للبوسنة علي صفحات المجتمع، كما نشرها في كتاب “تحت وابل النيران في سراييفو.
غلاف كتاب تحت وابل النيران فى سراييفو
ما بعد “المجتمع ”:
لم يتوقف طموح أحمد منصور عند إدارة مجلة “المجتمع ” لاسيما بعد ثلاث رحلات قام بها للولايات المتحدة الأمريكية زار خلالها بعض الصحف ووسائل الإعلام ومراكز الدراسات ورأي أن كثيرا من نجوم البرامج في المحطات التليفزيونية الأمريكية حققوا نجاحاتهم و نجوميتهم من خلال خلفياتهم الصحفية المتميزة ، فانتقلوا من الصحافة المكتوبة إلى تقديم برامج تليفزيونية ناجحة ، فبدأ يفكر جديا في الانتقال من الصحافة المكتوبة إلى جمهور أوسع ومجال صحفي أكثر رحابة هو الصحافة التليفزيونية ، ولكن ماهي المحطة التليفزيونية التي يمكن أن يجد فيها سقف الحرية الذي يستطيع من خلاله أن يواصل تقديم رسالته في الحياة ؟ تلك الرسالة التي تقوم – كما يقول – علي زيادة مساحة الوعي والمعرفة والفهم والحرية لدى الناس .
الرغبة فى الانتقال إلى الصحافة التليفزيونية (1996)
يروي أحمد منصور، أن زميله وصديقه أسعد طه (13) الذي كان يعمل معه مراسلا لمجلة ” المجتمع ” في أوروبا قد أبلغه في منتصف العام ١٩٩٦ أن محطة تلفزيونية إخبارية سوف تبث من قطر وأنه يسعى للانضمام إلي فريقها غير أن اسمها والصورة النهائية عنها غير واضحة بعد وطلب منه المساعدة إن كان يعرف أحد في قطر ليعطيه معلومات عن هذا المشروع الوليد ، تواصل أحمد منصور مع مراسل مجلة المجتمع في قطر آنذاك الدكتور حسن علي دبا الذي أكد علي وجود المشروع بالفعل لكن مبانيه لازالت تحت الأنشاء ولم يتم تحديد موعد للأنطلاق ، فأعطاه هذا أملاً بإمكانية أن تكون هذه هي المحطة التليفزيونية التي يبحث عنها ، لكنه قرر عدم التسرع بترك مجلة “المجتمع ” حتى يتأكد من مساحة الحرية التي ستكون عليها تلك القناة التليفزيونية المرتقبة لاسيما وأن مساحة الحرية التي كانت تنعم بها مجلة المجتمع الكويتية آنذاك كانت عالية إلي حد كبير حتى أن كثيرا من أعدادها كانت تصادر في بعض الدول العربية بينما كانت دول أخري تمنع توزيعها ، فأخذ منصور يترقب ظهور هذه القناة الوليدة و بقي الأمل يراوده حتى نهاية العام ١٩٩٦ حيث كان في رحلة عمل إلى لندن وفي زيارة لأحد أصدقائه أبلغه أن قناة “الجزيرة ” الأخبارية قد انطلقت من قطر وأنها فريدة في أسلوب وطريقة تغطيتها للأخبار وجلسا معا وشاهدا نشرة للأخبار وجانبا من أحد البرامج الحوارية وكان برنامج “أكثر من رأي ” الذي يقدمه الإعلامي سامي حداد، و قبل أن يقوم أحمد منصور من مقامه قال : وجدتها هذه هي المحطة التليفزيونية الذي كنت أتمني وجودها والتي يمكن أن تدفعني للانتقال من الصحافة المكتوبة إلى الصحافة التليفزيونية (14) .
قناة الجزيرة (فبراير 1997):
عاد أحمد منصور للكويت وعينه علي ” الجزيرة ”بعدما أيقن أن مرحلة المجتمع بالنسبة له قد اكتملت وقد قام بدوره فيها علي أكمل وجه، ولابد من نقلة مهنية أخرى أكثر طموحا و اتساعاً ورحابة، فأعد سيرة ذاتية وافية عن حياته المهنية ومؤلفاته التي بلغ عددها آنذاك أحد عشر كتابا ومقالاته التي كانت بالآلاف ثم اقترح فكرة لبرنامجيه ” بلا حدود ” والذي كان عنوان مقاله الأسبوعي في المجتمع، و” شاهد على العصر” الذي بدأ تنفيذ فكرته خلال سنوات تغطيته للحرب الأفغانية بين عامي ١٩٩٧ و١٩٩٠ من خلال تسجيل تجارب قادة الجهاد الأفغاني، حينما كان يغطي الحرب الأفغانية ، حيث قام بتسجيل شهادة برهان الدين رباني وعبد الرسول سياف وقلب الدين حكمتيار وغيرهم علي أشرطة صوتية ، غير أنه لم ينشر أيا منها وبقيت لديه على أشرطة صوتية حتى الآن وأصبح حلمه الآن أن يقدم هذه الشهادات كبرامج مصورة علي شاشة تليفزيونية ..
لم يكن منصور يتوقع تجاوبا سريعا من إدارة الجزيرة على طلبه لكنه فوجئ باتصال من الإدارة يحدد له موعدا للمقابلة في الدوحة وكان ذلك في بداية شهر فبراير عام ١٩٩٧، وبعد مقابلة مطولة مع المدير العام محمد جاسم العلي ونائب رئيس مجلس الأدارة محمود السهلاوي تمت الموافقة على تعيينه بداية كصفي في غرفة الأخبار على أن يبدأ في إعداد برامجه بعد تجاوزه فترة التدريب التى طلب منصور ألا تقل عن ستة أشهر حتى يتعلم بعمق كافة فنون الصحافة التليفزيونية .
عبد الله علي المطوع
عبد الله العلي المطوع رئيس مجلس إدارة مجلة المجتمع الكويتية.
عاد أحمد منصور للكويت حيث قدم استقالته من إدارة تحرير مجلة المجتمع لكن مشكلة كبيرة واجهته حيث رفض رئيس مجلس الإدارة السيد عبد الله علي المطوع استقالته بشكل قاطع وأصر علي أن يبقي في عمله وإذا كانت له أية مطالب مادية أو إدارية يحققها له (15) ، كان منصور يُكّن احتراماً كبيراً للسيد عبد الله علي المطوع رئيس مجلس إدارة مجلة المجتمع فعلاقته به تجاوزت حدود العمل إلى المودة والاحترام والتقدير والاهتمام الخاص، فقد كان المطوع يعامل منصور كأحد أبنائه ويحترم تفوقه المهني وتفانيه في العمل وكان كل من يعرفون المطوع يعرفون مكانة أحمد منصور عنده ، تلك المكانة التي لم ينجح أحد من الوشاة أو الحاسدين الذين امتلأوا حقداً وغيرة من منصور ونجاحاته المهنية في أن يزحزح هذه المكانة عند المطوع طيلة ما يقرب من سبع سنوات من العمل بل كانت تزداد يوما بعد يوم ، وكان منصور يُكّن كامل الاحترام لهذا الرجل الذي يقول إنه تعلم منه الكثير من فنون الحياة وخبراتها وحكمتها ، فعلاوة علي أنه كان أحد كبار رجال الأعمال في الكويت كان صاحب تجربة سياسية و حياتية واسعة وروح وثابة وثقافة واسعة ، وقدرة فائقة على التعامل مع الأحداث بحنكة وخبرة وصلابة منقطعة النظير وكانت له شبكة علاقات واسعة حول العالم ويحظى بالاحترام من الجميع داخل الكويت وخارجها .
وقد قضي المطوع ليلة كاملة حتى مطلع الفجر مع منصور بصحبة رئيس التحرير آنذاك الدكتور محمد البصيري في محاولة لأقناعه بالعدول عن استقالته لكن منصور أبلغه أن الأمر لا يتعلق بمطالب مادية أو إدارية وإنما بطموح مهني ومراحل في الحياة وأنه قد أدي مهمته في المجتمع وانتهت مرحلته فيها .
أخيرا قبل المطوع الاستقالة وأقام حفل تكريم كبير وغير مسبوق – لأي وافد عمل في مجلة ” المجتمع ” – لمنصور حضره لفيف من وجهاء الكويت وأعضاء مجلس الأمة وخلال حفل تكريمه وأثناء كلمته الوداعية أبلغ أحمد منصور الحضور أنه سوف ينتقل للعمل في قناة “الجزيرة ” الفضائية حينها ضجت القاعة بالتصفيق ، لاسيما وأن الجزيرة كانت قد أصبحت محط اهتمام الجميع وكانت تشاهد في الكويت علي نطاق واسع .
ولا ينسي أحمد منصور كيف أن السيد عبد الله علي المطوع قال في كلمته : “رغم حزننا علي فراق أحمد لنا، وحرصنا علي بقائه معنا، إلا أننا سعداء بانتقاله لهذه المحطة التليفزيونية المرموقة، ونتمني له التوفيق فيما هو مقدم عليه”.
وقد بقي منصور في علاقة ود وتواصل مع السيد عبد الله علي المطوع حتى وفاته رحمه الله في شهر سبتمبر من العام ٢٠٠٦.
من غرفة الأخبار إلى الشاشة (مايو 1997):
في ٥ مايو ١٩٩٧ بدأ أحمد منصور عمله في قناة الجزيرة كصحفي في غرفة الأخبار، وقد كلف المدير العام للجزيرة آنذاك محمد جاسم العلي مدير الأخبار صلاح نجم أن يقوم بتدريب منصور على فنون ومهارات الصحافة التليفزيونية فأصبح منصور ظلا لصلاح نجم الذي أصبح مدير الأخبار في قناة الجزيرة الأنجليزية بعد ذلك لكن منصور يقول دائما :
“إن صلاح نجم هو أستاذي الأول في. الصحافة التليفزيونية”، ولازال يعتبره مرجعه المهني الأساسي إلي اليوم ، ثم أخذ منصور ينهل من كبار خبراء الصحافة التليفزيونية في الجزيرة سامي حداد وجميل عازر وأحمد الشيخ وغيرهم .
وبعد ثلاثة أسابيع من التحاقه بالجزيرة طلب منه المدير العام محمد جاسم العلي أن يجري أول تدريب لحوار تليفزيوني لبرنامج “لقاء اليوم ” وكان الضيف هو خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الذي كان في زيارة للدوحة ، لكن إدارة الجزيرة بعدما شاهدت حوار منصور أعجبت بالبرنامج رغم كونه على سبيل التدريب وقررت بثه على شاشة القناة في ٤ يونيو ١٩٩٧ وكان هذا أول ظهور لأحمد منصور على شاشة قناة الجزيرة (16) .
بعد ذلك كّلف أحمد منصور من الإدارة بتقديم برنامج “الشريعة والحياة ” لمدة ستة أشهر تكون ضمن فترة التدريب بالنسبة له ، على أن يبدأ بعدها في تقديم برنامجيه اللذّين قدم فكرتهما للإدارة حينما التحق بالعمل في الجزيرة ، وهما “بلا حدود ” و “شاهد على العصر ” ، غير أن نجاح برنامج “الشريعة والحياة ” وتصّدره استطلاعات الرأي للمشاهدين على شاشة الجزيرة جعل الإدارة تمدد فترة بقائه في تقديمه عاما إضافيا قام خلاله ببدء تسجيل حلقات شاهد على العصر .
الشريعة والحياة (منتصف 1997):
نجح أحمد منصور في تحويل برنامج “الشريعة والحياة ” (17) من مفهوم البرامج الدينية التي كانت تدور حول الأحكام الفقهية والموضوعات التقليدية ، إلي برنامج عصري يتناول حياة الناس بمفهومها الشامل الذي جاء به الإسلام ، فطرق موضوعات هامة خلال برنامجه تدور في إطار الاقتصاد والسياسة والعلاقات الدولية والأخلاق والسلوك وعلاقات المسلمين مع غيرهم حتى أنه كان يجمع في حوارته بين علماء الإسلام والشريعة وآخرين متخصصين في الطب والإقتصاد وغيرها من علوم الحياة المختلفة ، بل إنه ذهب إلي حد أن جمع بين بطريرك القدس ميشيل صباح والشيخ يوسف القرضاوي في برنامج تليفزيوني واحد ، بل ذهب أبعد من ذلك حينما قدم حلقة خاصة للكبار فقط عن العلاقات الزوجية في ظل الشريعة الإسلامية ، وهي التي أثارت ضجة كبيرة في حينها لاسيما وأنها كانت مع الشيخ يوسف القرضاوي الذي لم يجد حرجا في أن يناقش هذا الأمر على الهواء مع المشاهدين لأنه يتعلق بأمور دينهم دون أن يكون هناك حياء في الدين.
وقد نجح أحمد منصور عن طريق تناوله للموضوعات وإدارته للحوارات وتعامله مع الجمهور في أن يجعل البرنامج يتصدر برامج الجزيرة من حيث المشاهدة قبل أن ينتقل لتقديم برنامجيه “بلا حدود ” و “شاهد على العصر “
برنامجين في آن واحد فبراير 1999م:
قدم أحمد منصور الحلقة الأخيرة من برنامج الشريعة والحياة في الأسبوع الأخير من شهر يناير عام ١٩٩٩ وفي الأسبوع الأول من شهر فبراير عام ١٩٩٩ أطلقت الجزيرة في آن واحد برنامجيه “بلا حدود ” (18) و “شاهد على العصر ” (19) حيث بقي طيلة أكثر من عشرين عاما مقدم البرامج الوحيد علي شاشة الجزيرة الذي ينتج و يقدم برنامجين رئيسيين في آن واحد وبقيت هذه ميزة متفردة له لم تمنح لأحد غيره في تاريخ قناة الجزيرة .
كان “شاهد على العصر” يبث كل يوم أحد وكان “بلاحدود ” يبث كل أربعاء وبينما كان “بلا حدود ” يناقش على الهواء المسئولين من الرؤساء والوزراء والزعماء السياسيين علاوة علي الخبراء وصناع القرار حول القضايا السياسية الجارية ، كان “شاهد على العصر” يناقش مع الرؤساء والوزراء و الزعماء السابقين التاريخ العربي الحديث من خلال الشخصيات التي ساهمت في صناعته
بعدما بدأ أحمد منصور في تقديم برنامج الشريعة والحياة أخذ يعد لإطلاق برنامجيه “بلا حدود” و “شاهد على العصر ” ولأن ” شاهد على العصر ” برنامج مسجل ويقتضي جهدا كبيرا في إعداده ودراسة مراحل تاريخية كبيرة ، فقد بدأ مرحلة الإعداد فيه قبل عام كامل من انطلاقه ، وتحديدا بداية العام 1998 ، فقد كانت فكرة البرنامج جديدة تهدف إلي إعادة قراءة وكتابة التاريخ العربي الحديث من خلال الذين صنعوه من الرؤساء والوزراء ورؤساء الحكومات والزعماء العرب السابقين وليس من خلال الروايات الحكومية الرسمية المليئة بالمغالطات .
وكان من الشخصيات التي سجل معها خلال العام ١٩٩٨ قبل إطلاق البرنامج ، الشيخ أحمد ياسين مؤسس وزعيم حركة المقاومة الإسلامية حماس ، والأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود الذي كان يلقب بزعيم الأمراء الأحرار والذي قاد خلافا مع إخوانه أبناء الملك سعود بين عامي ١٩٥٨ و١٩٦١ خلال سنوات حكم الملك سعود (20) ، والفريق مشهور حديثة الجازي رئيس أركان الجيش الأردني الأسبق وقائد معركة الكرامة التي انتصر فيها الجيش الأردني والفدائيون الفلسطينيون على الجيش الإسرائيلي والتي استمرت يوما واحد فى٢١ مارس آذار عام ١٩٦٨ ، كما أعد منصور خطة كاملة لعام كامل من الموضوعات والضيوف لبرنامجه الآخر “بلا حدود ” .
شاهد على العصر ..تحقيق مع الشهود:
يقول أحمد منصور إنه كان يقضي شهورا في القراءة والإعداد من كتب التاريخ والمصادر المختلفة لكل شخصية من شخصيات “شاهد علي العصر”، وقد انتهج مع الضيوف طريقة لم تكن معهودة في التقديم التليفزيوني، هي طريقة وشخصية المحقق الصحفي مع الشاهد، فكان يسعي لتوثيق وقائع التاريخ مع الشهود وتأكيدها أو نفيها، من خلال التحقيق معه في الحوادث وتوثيق الأحداث.
كان منصور يجلس مع الشهود خلال فترة التحضير للبرنامج ساعات استماع مطولة، يجمع فيها المعلومات عن سيرته، ثم يدرس بعدها حياة الشاهد ومسيرته وما كتب عنه، والأحداث التي عايشها والتي شارك فيها، ثم يسجل معه بعد ذلك. وقد سجل مئات الساعات من الشهادات، مع عشرات الشهود شملت كل العالم العربي، من العراق وسوريا شرقًا، وحتى المغرب وموريتانيا غربًا حتى أصبحت تلك الشهادات وثيقة تاريخية مصورة لأحداث التاريخ العربي الحديث من خلال الشخصيات التي صنعته أو شاركت في صناعته .
ومن أشهر الشخصيات التي سجل شهاداته معها علاوة علي ما سبق الإشارة لهم، رئيس الوزراء اليمني الأسبق محسن العيني، ورئيس لبنان الأسبق أمين الجميل، ورئيس سوريا الأسبق أمين الحافظ، ورئيس الوزراء العراقي الأسبق عارف عبد الرزاق، والفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان الجيش المصري وصاحب خطة النصر في حرب أكتوبر عام ١٩٧٣ (21) ونائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق حسين الشافعي، ورئيس وزراء مصر الأسبق مصطفي خليل، والأمين العام الأسبق للأمم المتحدة بطرس غالي، وأول رئيس للمجلس الوطني الليبي محمد المقريف، ومن زعماء السودان حسن الترابي، والصادق المهدي، ومن تونس الرئيس المنصف المرزوقي، وأحمد المستيري، وعبد الفتاح مورو، ومن الجزائر الرئيس أحمد بن بله، ووزير الخارجية أحمد طالب الإبراهيمي، ومن المغرب وزير الخارجية عبد الهادي بوطالب، وأحمد المرزوقي، أحد ضباط محاولة انقلاب الصخيرات عام ١٩٧١ م وصالح حشاد، قائد سرب الطائرات في محاولة انقلاب أوفقير علي الحسن الثاني عام ١٩٧٢، ومن موريتانيا صالح ولد حننا، الذي قاد أكثر من محاولة انقلاب عسكري، ومن الشخصيات التاريخية التي سجل أحمد منصور شهادتها، رئيس وزراء ماليزيا وصانع نهضتها الحديثة الدكتور مهاتير محمد، وغيرهم كثيرون.
وقد نشر أحمد منصور شهادات بعض الضيوف بعد تحريرها وتنقيحها علي هيئة كتب، كما أصبح برنامج ” شاهد علي العصر” مرجعًا تاريخياً أساسياً لتاريخ الدول العربية وكثير من حكامها وحكوماتها (22) …
الأمير طلال بن عبد العزيز شاهد على عصر الملك عبد العزيز وأبنائهغلاف كتاب الأمير طلال بن عبد العزيز شاهد على عصر الملك عبد العزيز وأبنائه.
جيهان السادات شاهدة على عصر السادات.
الشيخ أحمد ياسين شاهد على عصر الإنتفاضة.
حسين الشافعي شاهد على عصر ثورة يوليو.
بلا حدود .. صوت الرأي الآخر أمام صناع القرار
أما برنامج “بلاحدود” فقد كان يناقش علي الهواء مباشرة صناع القرار والسياسيين والمفكرين، وقد شارك فيه مئات الزعماء والسياسيين والقادة، العرب والأجانب.
وعلي سبيل المثال من السياسيين حمد بن جاسم رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري (23) ، وعلي عبد الله صالح رئيس اليمن الأسبق، وعمر البشير رئيس السودان الأسبق، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس النمسا هاينز فيشر، والزعيم اليميني يورغ هايدر، ورئيسة فنلندا تاريا هالوناين، ورؤساء دول آخرين، وكثير من الوزراء والمسؤولين الغربيين والعرب.
وقد انتهج أحمد منصور نهجاً فريداً ومميزاً غير مسبوق في برنامجه “بلاحدود”، حيث كان يمثل الرأي الآخر أمام ضيوفه، ويتبني وجهة النظر الأخرى، أي أنه كان يتخذ موقفًا مضادًا لضيفه، جعله في نقاش حاد وقوي ومثير دائمًا مع ضيوفه السياسيين بشكل خاص، مما شكل نجاحًا وتميزًا خاصًا في برامجه (24).
وقد ظل أحمد منصور يقدم برامجه علي مدي ما يقرب من ربع قرن، هو تاريخ الجزيرة، حيث بلغ مجموع ما قدمه من برامج ما يزيد علي ألفين وخمسمائة ساعة تليفزيونية برامجية حوارية.
تغطيته لمعركة الفلوجة (إبريل 2004)
كانت معركة الفلوجة في العراق، التي وقعت في شهر إبريل من العام ٢٠٠٤، واحدة من المعارك الفاصلة في تاريخ الاحتلال الأمريكي للعراق، وكانت قناة الجزيرة قد أعدت تغطية خاصة لذكري مرور عام علي الاحتلال الأمريكي للعراق، وكلفت عددًا من كبار مقدمي الأخبار والبرامج للقيام بها، كان من بينهم أحمد منصور، الذي كلف بتغطية الأحداث من مدينة الفلوجة، بينما كان زميله محمد كريشان في بغداد، وعبد القادر عياض في جنوب العراق.
لكن الفلوجة تعرضت للحصار من قبل القوات الأمريكية قبل توجه أحمد منصور وفريق الجزيرة إليها بليلة واحدة، وطوقت القوات الأمريكية المدينة من جميع الجهات، غير أن منصور وفريق الجزيرة تمكنوا من اختراق الحصار ودخول المدينة من طريق صحراوي غير مطروق ،وكان فريق الجزيرة هو الفريق التليفزيوني الوحيد الذي تمكن من اختراق حصار القوات الأمريكية للمدينة، وتمكنوا من دخول الفلوجة وهي تحت الحصار.
يتناول هذا المقطع الذي جرى بثه فى 5 إبريل 2004 تغطية خاصة للإعلامي أحمد منصور من أسفل قصف طائرات الاحتلال الأمريكي على مدينة الفلوجة، وهي ضريبة نقل الحقيقة والأحداث لحظة بلحظة بكل شفافية ومهنية ووضوح الحرية.. الحقيقة.. الإنسان.
ويعود سبب حصار القوات الأمريكية للمدينة إلي قيام بعض أفراد المقاومة العراقية في ٣١ مارس ٢٠٠٤، بعمل كمين لسيارة تضم مرتزقة متعاقدين من القوات الأمريكية، تابعين لشركة بلاك ووتر، التي كانت تمد الجيش الأمريكي بالمرتزقة، والتي ارتكب جنودها جرائم حرب بشعة في العراق، وقد احترق المرتزقة داخل السيارة التي أصيبت بقذيفة مباشرة، لكن السكان الذين كانوا قد تعرضوا لأذي كبير من القوات الأمريكية والمرتزقة علي مدي عام كامل من الاحتلال، لم يكتفوا بقتل المرتزقة الأربعة، بل قاموا بسحل جثثهم في شوارع المدينة، ثم قام بعضهم بتعليق الجثث بعد ذلك علي جسر يطل علي نهر الفرات في أطراف المدينة.
كان يمكن للحادثة أن تمر مثل كثير من الحوادث المشابهة، لولا أنها صورت علي نطاق واسع، وقامت معظم وسائل الإعلام الأمريكية والعالمية ببثها، مما أعاد للأذهان حادثة سحل جنود أمريكيين في شوارع مقديشيو في الصومال، بعد إسقاط مروحيتين أمريكيتين من طراز بلاك هوك، في الثالث من أكتوبر / تشرين عام ١٩٩٣، حيث نقلت وسائل الإعلام العالمية صورًا لصوماليين بينهم أطفال، يقومون بسحل جثث الجنود والطيارين الأمريكيين في الشوارع، ووثقت الحادثة في كتاب وفيلم يحمل اسم “سقوط الصقر الأسود”، وقد أدت هذه الحادثة إلي فشل أمريكا وهزيمتها وانسحابها من الصومال .
عاد المشهد برمته إلي الولايات المتحدة وإلي وسائل الإعلام، بعد سحل المرتزقة في شوارع الفلوجة في ٣١ مارس ٢٠٠٤، وأصبح الرئيس الأمريكي جورج بوش وإدارته كلها في موضع حرج، فقرر بوش محاصرة الفلوجة وتدميرها علي رؤوس أهلها.
كان الحصار الأمريكي محكمًا، إلَّا أن تمكن منصور وفريق الجزيرة من اختراقه ودخول المدينة، غيّر معادلات المعركة بكاملها، حيث تمكن من القيام مع فريق الجزيرة بتغطية الأحداث من داخل المدينة علي الهواء مباشرة علي مدار الساعة، طيلة أكثر من أسبوع، مما جعل قناة الجزيرة المصدر الوحيد لما يجري داخل الفلوجة من أحداث، وكانت المصدر الوحيد لكل القنوات التليفزيونية العالمية وقد روي أحمد منصور تفاصيل المعركة كاملة وتبعاتها في كتابه ” معركة الفلوجة .. هزيمة أمريكا للعراق ” (25) الذي ترجم للأنجليزية ونشر في الولايات المتحدة وبريطانيا تحت عنوان ” INSIDE FALLUGA(26) .
معركة الفلوجة:
هجوم أمريكي عنيف علي أحمد منصور
أدت تغطية الجزيرة لمعركة الفلوجة (27) إلي غضب أمريكي كبير علي الجزيرة وعلى أحمد منصور (28) الذي كان يقوم بتغطية الاحداث من داخل الفلوجة مع فريق الجزيرة ، بل ودولة قطر، حيث قام نائب قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال مارك كيميت، بمهاجمة أحمد منصور باسمه مرارًا في المؤتمرات الصحفية، (29) التي كان يعقدها بشكل يومي في العاصمة الأمريكية بغداد ، وكان يتهمه بترويج الأكاذيب من المدينة رغم أن تقاريره كلها كانت مصورة وعلي الهواء مباشرة في كثير من الأحيان ، ، كما هاجمه الجنرال مارك كيميت علي شاشة الجزيرة في حوار مع الزميل محمد كريشان، الذي رد علي الناطق الرسمي الأمريكي بأن أحمد منصور ينقل الصور، والصور لا تكذب، لكن كيميت أصر علي الهجوم المتواصل علي منصور أمام الصحفيين في المؤتمرات الصحفية التي كان يعقدها في بغداد، كما قام الناطق باسم الخارجية الأمريكية ريتشارد باوتشر بشن هجوم كاسح علي أحمد منصور في مؤتمره الصحفي الذي عقد في مقر الخارجية الأمريكية خلال زيارة رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية حمد بن جاسم لواشنطن في ٢٧ إبريل ٢٠٠٤، وربما كانت هذه من المرات النادرة التي يتعرض فيها صحفي لهجوم مباشر عليه بشكل شخصي من مسئولين أمريكيين رفيعي المستوي بسبب تغطيته الصحفية للأحداث كما قام وزير الدفاع الأمريكي بالهجوم علي ما تبثه الجزيرة من تقارير من الفلوجة وكذلك الناطق الرسمي باسم القوات البريطانية وقد أفرد أحمد منصور في كتابة معركة الفلوجة التفاصيل الكاملة لهذه الأحداث كما توجد روابط لهذه التصريحات .
بوش يقرر قصف الجزيرة:
لكن الأمر لم يتوقف عند حد الهجوم علي قناة الجزيرة وتغطية أحمد منصور لمعركة الفلوجة ولكنه تجاوز هذا الأمر بكثير حيث قرر الرئيس الأمريكي جورج بوش قصف مقر قناة الجزيرة ، وقد نشرت صحيفة الديلي ميل البريطانية أن جورج بوش قرر قصف مقر قناة الجزيرة في قطر ردا علي قيامها بتغطية معركة الفلوجة وإثارة الرأي العام العالمي ضد ما قامت به القوات الأمريكية هناك من جرائم حرب ضد المدنيين (30) ، وعقدت ندوة في العاصمة البريطانية لندن حضرها مدير شبكة الجزيرة وضاح خنفر مع رئيس تحرير الديلي ميرور وآخرين أكد فيها رئيس تحرير الديلي ميرور أن لديه وثيقة تثبت أن بوش قرر قصف مقر الجزيرة وأن الذي أثناه عن ذلك كان رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الذي سربت الوثيقة من مكتبه وتم فصل الموظف الذي قام بذلك لاحقا ، لكن وضاح خنفر ذكر في حوار أجري معه أنه قام بزيارة العاصمة الأمريكية واشنطن بعد ذلك والتقي مع مساعد وزير الخارجية الأمريكي أرميتاج الذي كان حاضرا في الأجتماع الذي ضم إلي جوار بوش توني بلير ووزير الخارجية كولن بأول ومساعد الوزير أرميتاج وأن بوش فعلا اتخذ هذا القرار لكن الذي أثني بوش عن القرار لم يكن توني بلير ولكن وزير الخارجية بأول الذي قال له إن فعل هذا فسوف يدمر مصداقية أمريكا فيما يتعلق بحرية الأعلام وسوف يتعرض لهجوم غير مسبوق من الاعلام الأمريكي والعالمي سيدمر مكانته وقد ذكر أحمد منصور التفاصيل كاملة في كتابه “معركة الفلوجة .. هزيمة أمريكا في العراق”.
وبقيت تغطية أحمد منصور لمعركة الفلوجة الأولي في إبريل ٢٠٠٤، علامة فارقة في تاريخه المهني وتاريخ الجزيرة في تغطية الحروب.
الاعتداء علي أحمد منصور جسديا في مصر : (نوفمبر 2005)
كانت جرأة أحمد منصور وشجاعته في معالجة كثير من القضايا الشائكة مع ضيوفه من القادة والزعماء و المسئولين السياسيين وصناع القرار، سببًا في كثير من المتاعب التي تعرض لها في حياته، ومنها حادث الاعتداء الذي وقع عليه في القاهرة في ٩ نوفمبر٢٠٠٥، خلال الانتخابات البرلمانية التي كانت تجري آنذاك.
فقد كان أحمد منصور قد أعد سلسلة من الحوارت مع زعماء الأحزاب الرئيسية في مصر، ومنها الحزب الوطني الحاكم، حيث رتب لحوار مع أمينه العام المساعد الوزير كمال الشاذلي، في حلقة الأربعاء ٢ نوفمبر ٢٠٠٥، إلا أن الشاذلي تهرب في اللحظة الأخيرة رغم الأعلان عن الحلقة علي شاشة الجزيرة ، وقد رفض كمال الشاذلي الرد علي اتصالات أحمد منصور المتكررة، مما اضطر أحمد منصور إلي الاتصال بالأمين العام للحزب الوطني الحاكم آنذاك الوزير صفوت الشريف، الذي وعده ببحث الأمر، ثم امتنع الشريف عن الرد علي اتصالات منصور بعد ذلك، مما دفع منصور لشن هجوم كاسح عليهما في مقدمة برنامجه “بلاحدود” علي الهواء مباشرة في حلقة الأربعاء ٢ نوفمبر ٢٠٠٥، بعدما قدم شرحًا وافيًا للمشاهدين علي ما حدث، مما جعل كثيرين يحذرون منصور من عواقب ما قام به، حيث يتمتع كلا الرجلين صفوت الشريف وكمال الشاذلي بنفوذ كبير في مفاصل الدولة المصرية .
وفي حلقة الأسبوع التالي، الأربعاء ٩ يناير ٢٠٠٥، بينما كان منصور ينتظر رئيس حزب الوفد الدكتور نعمان جمعة، أمام المبني الذي يقع فيه مكتب قناة الجزيرة في ميدان عبد المنعم رياض وسط القاهرة، حيث كان جمعة ضيفه في حلقة بلاحدود لتلك الليلة (32)، تقدم رجلان قويا البنية منه، وبعدما تأكدا من شخصيته حيث ألح كل منهما بالسؤال : هل أنت أحمد منصور فأجاب كل منهما بنعم علي اعتبار أن كثيرا من الذين كانوا في الميدان كانوا يطلبون التصوير من أحمد فاعتقد أنهما يريدان صورة معه لكنهما قاما في لمح البصر بالاعتداء عليه بالضرب المبرح بشكل سريع بالركلات واللكمات الخاطفة (33)، وأبلغاه أن هذه الرسالة من معمر القذافي، رئيس ليبيا، لكن منصور تماسك وقاومهما، وقبل أن يتمكن أحد من صدهما أو الإمساك بهما، لاذا بالفرار، وسط ذهول الناس الذين كانوا ينتشرون في المكان مما يعني أنهما كانا مدربين بشكل جيد .
بعد لحظات وصل الدكتور نعمان جمعة فصحبه منصور إلي الأستوديو ، وخرج بعد حادث الاعتداء عليه بدقائق علي الهواء مباشرة، وآثار الضرب بادية علي وجهه، في حلقة لم ينساها الناس، حيث وجه بلاغًا عاجلًا لوزير الداخلية آنذاك حبيب العادلي، وشرح للمشاهدين ما تعرض له (34) ورغم تحقيق النيابة العامة في الأمر، إلا أن التحقيقات لم تسفر عن شيء (35) حيث كانت أصابع الاتهام تشير للأمن المصري، أو بلطجية الحزب الوطني، بسبب هجوم منصور في الأسبوع السابق علي كل من كمال الشاذلي وصفوت الشريف، وأن ما ذكره المعتديان وهو يضربانه بأن هذه رسالة من القذافي لم يكن سوي محاولة لصرف الأنظار عن الفاعل الحقيقي إلا أن منصور فوجئ بالحقيقة بعد ذلك وهي أن ما حدث كان رسالة شخصية من معمر القذافي .
محاولة اغتيال من مخابرات القذافي
بعد قيام الثورة الليبية بأشهر وفي نهاية العام ٢٠١١ فوجئ أحمد منصور باتصال من أحد المسئوليين الأمنيين في ليبيا بعد سقوط القذافي وهو اللواء عبد الرحمن بن غويله يبلغه بأن الشخصان اللذّين قاما بالاعتداء عليه في مصر في العام ٢٠٠٥ ليبيان كانا يعملان لصالح المخابرات الليبية وهما معتقلان وقد اعترفا بالجريمة ضمن جرائم أخرى ارتكباها، من بينها الاعتداء على وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل في فندق سميراميس بالقاهرة قبل ذلك، لكن الجريمة الأكبر لهما أنهما متهمين بالاشتراك في مجزرة سجن أبو سليم التي وقعت في ٢٩ يونيو عام ١٩٩٦.
وكان منصور قد تعرف علي اللواء بن غويله في بيت شقيقه الأعلامي عبد الباسط بن غويلة خلال قيام منصور بتغطية الأوضاع في العاصمة الليبية طرابلس بعد سقوط القذافي ونظامه .
على الفور قام أحمد منصور بالتوجه إلي طرابلس ودبر له اللواء عبد الرحمن بن غويلة لقاء مع عميلي المخابرات الليبية حيث كانا معتقلين في السجن المركزي في طرابلس مع كثير من رجال نظام القذافي ، وقد تعرف منصور عليهما فور مجيئهما حيث كان كل منهما له مميزات جسدية مختلفة ، قد وجلس معهما أكثر من ساعتين في السجن بحضور كل من اللواء عبد الرحمن بن غويلة ومساعد وزير الدفاع آنذاك خالد الشريف الذي كان اللقاء في مكتبه ، وقد قام أحمد منصور باستجوابهما علي مدار أكثر من ساعتين وشرحا له بحضور كل من اللواء بن غويله والسيد خالد الشريف كافة تفاصيل محاولة اغتياله التي أراد القذافي من خلالها أن يرسل منها رسالة لكل الصحفيين والإعلاميين العرب الذي كانوا قد بدؤوا بالتجرؤ عليه وعلى أبنائه في تلك الفترة وقد أخبراه بأنه تم اختياره على اعتبار أنه الأكثر شهرة بين الأعلاميين العرب وأن حادث الأعتداء عليه سوف يكون مدويا ورسالة للجميع كونه هو الأشهر وكونه يعمل في أهم محطة تليفزيونية عربية عالمية هي الجزيرة ، وأكدا له أن المخابرات الليبية أرسلت قبلهم ثلاث فرق للقيام بالمحاولة لكنهم فشلوا في القيام بالمهمة وأن مكافأة كل منهم مقابل ما قاموا به كانت مائة ألف دولار أمريكي تلقياها من عبد الله السنوسي مدير المخابرات الليبية آنذاك (36) .
ويقول منصور إنه تلقي أكثر من رسالة سابقة لهذا الاعتداء تفيد بكراهية القذافي الشخصية له، حيث كان يفصح عن ذلك حتى أمام المسؤولين القطريين الذين يقومون بزيارته، وأبلغه أحدهم أن القذافي سبّ منصور عدة مرات أمامه، وربما يكون هذا أحد أسباب اختياره ليكون الضحية لهذا الهوس الذي كان يسيطر علي القذافي، حيث كان لا يتورع عن محاولات سفك دماء كل من يعارضه أو يفضح جرائمه من الأعلاميين وقد قام بسفك دماء عدد من الصحفيين الليبين من أبرزهم الأعلامي الليبي البارز محمد مصطفي رمضان مذيع بي بي سي الذي اغتالته مخابرات القذافي في العاصمة البريطانية لندن في ١١ إبريل ١٩٨٠ .
وحينما سألهما منصور عن أسباب استهدافهما له بالضرب في الرأس وأن هذا يمكن أن يفضي إلي الموت أو إلي إصابة بليغة ؟ أو عاهة مستدامة كان ردهما أن هذا كان هو المقصود ، كما أبلغاه أنهما بقيا مختفين في القاهرة لمدة شهر كامل بعد العملية في إحدي الشقق التابعة للمخابرات الليبية وكانا يعيشان في خوف بالغ حيث لم يتم التعرض لقيام القذافي بالمحاولة في أي من وسائل الاعلام بعد توجيه أصابع الأتهام لأمن الدولة في مصر ، حتى أنه بلغهما أن المخابرات الليبية فكرت جديا في الوشاية بهما وتسليمهما للنظام المصري حتي يتحقق الهدف من المحاولة وهو إشاعة أن القذافي ونظامه هو من يقف وراءها لكن ربما عدلوا في النهاية وأمنوا عودتهم إلي ليبيا عبر ضباط الامن في السفارة في القاهرة ، وأن ضابط مخابرات ليبي برتبة رائد هو الذي أشرف علي تنفيذ العملية ومتابعة كافة خطواتها حتى عودتهم إلي ليبيا .
حينما سرق الرئيس بن علي حقائبه (أغسطس 2010)
في صيف العام ٢٠١٠ كان أحمد منصور في العاصمة الفرنسية باريس يعد لتسجيل برنامجه شاهد علي العصر مع أحمد بنور وزير الداخلية والدفاع التونسي الأسبق في عهد الرئيس بورقيبة والذي كان يعيش لاجئا سياسيا في باريس هاربا من نظام زين العابدين بن علي ، وكان منصور يقيم في فندق بولمان الذي يقع به مقر اتحاد الصحفيين الفرنسي والملاصق لأرض المعارض ، وذات يوم فوجيء منصور باختفاء حقائبه من الفندق بكل ما فيها من محتويات ، واختفي معهما موظفان تونسيان كانا يعملا في الأستقبال تعرفا علي منصور من أول يوم وكانا حريصين علي عرض خدماتهما عليه ومعرفة تحركاته دون أن يدري أنهما كانا جزءا من شبكة أقامتها المخابرات التونسية في فرنسا تضم المئات ممن يعملون في الفنادق والمطاعم وسائقي التاكسي ومحلات البقالة والفواكه من أجل رصد حركات المعارضين التونسيين الذين كانوا يسببون إزعاجا غير عادي لزين العابدين بن علي وزوجته لاسيما بعد صدور كتاب ” سيدة قرطاج ” الذي قدم فضائح غير مسبوقة لزوجة بن علي وعائلتها وما تقوم به في تونس من فضائح كشفت الثورة التونسية الكثير منها فيما بعد .
أبلغ منصور البوليس الفرنسي بعدما عجز مدير الفندق عن تقديم تبريرات لمنصور عن اختفاء حقائبه ، وقد أخذ البوليس الفرنسي الأمر بجدية ورفع التحقيق من مجرد عملية سرقة إلي مكتب المخابرات الفرنسية التي تولت القضية علي مستويات عليا ، بعد اتصالات علي مستويات عليا قام بها كل من السفير القطري في باريس أنذاك محمد جهام الكواري وأحمد بنور حينما علم بالأمر وفسره علي أن مخابرات بن علي هي التي قامت بالعملية وأنهم رصدوا زيارات أحمد منصور المتكررة لبيت بنور في باريس حيث زرعوا أمام بيته محل بقالة يعمل به مخبرون تونسيون لرصد تحركات بنور ومن يقوم بزيارته ومن المؤكد أنهم أدركوا من زيارات منصور المتكررة لبيت بنور طيلة عام كامل قبل التسجيل أنه يرتب للتسجيل معه وربما اعتقدوا أن الحقائب تحتوي علي أشرطة التسجيل لذلك سرقوها وربما نقلوها إلي تونس .
(37)”وقد روي منصور القصة كاملة في عدة مقالات تحت عنوان ” الرئيس الذي سرق حقائبي “
وبعد قيام الثورة التونسية التقي منصور مع الباجي قائد السبسي الذي تولي الحكومة بعد قيام الثورة ثم الرئاسة وسأله عن حقائبه التي سرقها بن علي من باريس إن كان لها أثر في تونس أو هناك معلومات عمن قام بالعملية لاسيما وأن المخابرات الفرنسية قد أطلعوا منصورعلي أشرطة كاميرات الفندق وعملية السرقة كاملة والأشخاص الذين قاموا به ، وقد أبلغه الفرنسيون أن ما قام به نظام بن علي يعد اعتداء من مخابرات دولة أجنبية علي الأرض الفرنسية دون إذن وهذا ما أزعجهم وأنهم كانوا مشغولين بالتعرف علي هذه الشبكة ومن يديرها ، لكن القضية طويت بعد ذلك ليس لسقوط نظام بن علي فحسب ولكن للتعاون الوثيق بين أجهزة المخابرات في البلدين .
اعتقاله في ألمانيا (يونيو 2015)
كان لأحمد منصور دور بارز في ثورة ٢٥ يناير في مصر يتجاوز دوره كإعلامي إلي كونه مواطنًا مصريًا يهمه شأن مصر مثل كل المصريين (38) ، ويذكر أنه قد وقعت بينه وبين عبد الفتاح السيسي مشادة حادة في أعقاب مجزرة محمد محمود التي وقعت في شهر نوفمبر من العام ٢٠١١ وقتل وجرح فيها المئات من الثوار المصريين (39) ، والتي كانت تعتبر الموجة الثانية الحقيقية لثورة ٢٥ يناير، حيث تجمعت لدي منصور أدلة تثبت تورط جهاز المخابرات الذي كان يرأسه عبد الفتاح السيسي وذراعه العسكري المعروف باسم الكتيبة ٧٧٧ والمتخصصة أصلًا في مكافحة الأرهاب في تلك المجزرة.
واجه منصور السيسي بما لديه من معلومات حول تلك المجزرة، مدعمة بأسماء الضباط الذين شاركوا فيها، وكان ذلك لقاء جري بينهما في مبني المخابرات الحربية في مصر الجديدة حضر في نهايته اللواء عباس كامل الذي كان مديرا لمكتب السيسي آنذاك ، فغضب السيسي غضبًا شديدًا من منصور، ووقعت مشادة بينهما، دفع منصور ثمنها بعد ذلك حينما تم إقحامه في قضية تعذيب وقعت في ميدان التحرير لأحد الأشخاص خلال ثورة ٢٥ يناير، ولفقت له تهم باطلة، وحكم عليه بالسجن الغيابي كمحاولة من النظام لاغتياله معنويًا، وملاحقته جنائيًا عبر الإنتربول.
(40)وقد أدي هذا إلي اعتقاله في برلين في ٢٠ يونيو / حزيران عام ٢٠١٥، في أعقاب زيارة قام بها عبد الفتاح السيسي لألمانيا.
أحد الصحف الألمانية تكتب عن واقعة اعتقال أحمد منصور في برلين في عام 2015
صحيفة دي فيلت الألمانية تكتب عن واقعة اعتقال أحمد منصور في برلين في عام 2015
ورغم أن منصور قدم للسلطات الألمانية بعد اعتقاله وثيقة من الإنتربول الدولي تفيد بأن الإنتربول يتحفظ علي ملاحقته دوليًا، ويطالب الدول الأعضاء بعدم ملاحقته لأنه ينطبق عليه البروتوكول الثاني في عدم ملاحقة المدانين بقضايا سياسية أو دينية، إلا أن السلطات الألمانية أصرت علي اعتقاله وأبلغته مديرة الشرطة في برلين في حضور محاميه أن هذا قرار ألماني وقد أكد المسئولين الألمان الذين التقاهم منصور بعد ذلك علي أن الأمر تم بترتيبات مع مسئولين ألمان ونظام السيسي وأحد هؤلاء كان يعمل في السفارة الألمانية في القاهرة وله علاقات وطيدة بإسرائيل حيث قامت إسرائيل بشكل مباشر بالترويج للسيسي ونظامه وترتيب رحلاته وعلاقاته مع الألمان والأوروبيين بعد انقلابه
وقد روي منصور في حلقة من برنامج “بلاحدود” تفاصيل قصة اعتقاله، (42) كما نشر عدة مقالات حول الأمر، كذلك نشرت تفاصيل كثيرة حول الموضوع في صحف عالمية كثيرة، وقد حصل منصور بعد ذلك علي ملف قضيته كاملًا من السلطات الألمانية، ويقول إنه يقع في أكثر من مائتي صفحة، ويحتوي علي وثائق ألمانية ومصرية ومكالمات هاتفية ورسائل بين السلطات المختلفة في ألمانيا.
ويتضمن الملف كل تفاصيل أحداث اعتقاله، منذ لحظة توقيفه من مطار برلين، وحتى الإفراج عنه من سجن مؤبت في العاصمة برلين، وقال إنه يحتوي علي تفاصيل مذهلة سيكشف عنها فيما بعد (43).
غير أن وقوع السلطات الألمانية في مأزق قانوني كبير، والهجوم الكبير الذي تعرضت له من الصحافة والسياسيين الألمان، دفعها لطي ملف القضية والإفراج عنه، بعدما بدأت تلوح في الأفق فضائح تمس مسؤولين ألمان متواطئين مع نظام السيسي في مواقع مختلفة من السلطة.
وقد قامت زعيمة حزب الخضر السابقة في ألمانيا، ورئيس اللجنة القانونية في البرلمان الألماني آنذاك ريناتا كوناست باستقبال منصور بعد الإفراج عنه في مكتبها في البرلمان، وأبلغته أنه بسبب قضيته تم تغيير قوانين تسليم المطلوبين من ألمانيا، حيث أصبحت مشددة عما كانت عليه من قبل، حماية للمطلوبين، لاسيما السياسيين الذين تضعهم الأنظمة الاستبدادية علي قوائمها (44) .
اعتقال أحمد منصور فى الصحافة الغربية:
، شغلت قضية اعتقال الإعلامي أحمد منصور الإعلام العربي والألماني والغربي بشكل عام، وكانت الخبر الأول في وسائل الإعلام الألمانية والغربية، علاوة علي الجزيرة (45) ، وكتبت عشرات التقارير والمقالات طيلة فترة اعتقاله وحتى إفراج السلطات الألمانية عنه دون شروط أو تحقيق في ٢٢ يونيو 2015 من تلك التقارير :
” تواجه ألمانيا قضية قانونية وسياسية حساسة جدًا، إذ لا يزال أحمد منصور، أحد أشهر الصحفيين في العالم العربي، مهددًا بالتسليم. ويتعين على محكمة الاستئناف في برلين البت في ذلك (46) “
صحيفة فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ .. فى 21 يونيو 2015
تعليق صحيفة فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ على اعتقال الإعلامي أحمد منصور.
“إذا كانت السلطات المصرية قد أجرت تحقيقاتها هذه المرة –استثنائياؤ- بشكل صحيح، فقد كان من الأجدر بالنسبة لهم إرسال نتائج التحقيقات إلى بريطانيا، التي يحمل الصحفي المحتجز جنسيتها. لكن يبدو أن القاهرة تريد أن تجعل منه مثالا. ولذا فيجب على ألمانيا ألا تنضم لهذه اللعبة ” (47) “
صحيفة فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ .. فى 21 يونيو 2015
“انتقد الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”، توقيف السلطات الألمانية لمقدم برامج قناة “الجزيرة” القطرية، المصري “أحمد منصور”، السبت الماضي، متهماً ألمانيا بالإذعان لطلبات “السلطات الانقلابية” في مصر” (48)
الأناضول التركية فى 22 يونيو 2015
كما استنكرت عملية الاعتقال التايم (49)، الجارديان (50) ، وشبكة إيه بي سي الأمريكية (51). .
(52) ” ساسة ألمان بارزون يدعون لإطلاق سراح أحمد منصور (52) .. “دويتشه فيله : 21-6-2015
منظمات إعلامية ألمانية تندد باعتقال منصور (53).. الجزيرة نت : 22/6/2015
الصحفي الإسلامي د. أحمد منصور
(ولد في 16 يوليو 1962 بمنية سمنود، دقهلية-)
هو مذيع، وصحفي، ومنتج مصري يعمل في قناة الجزيرة الفضائية، قدم برامج مثل بلا حدود، وشاهد على العصر الشهيرين في العالم العربي.
وهو مدير تحرير سابق لمجلة المجتمع الكويتية. يحمل الجنسية المصرية والبريطانية.
المولد والنشأة:
ولد د. أحمد السيد منصور في 16 يوليو 1962 (العمر 61 سنة) في قرية منية سمنود - محافظة الدقهلية في مصر.
الدراسة والتكوين:
درس مراحل التعليم المختلفة في مدارس مصر.
ثم حصل على ليسانس آداب من جامعة المنصورة في مصر 1984.
الوظائف، والمسؤوليات:
عمل مدير إدارة المطبوعات والنشر في دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع في مصر 1984-1987.
كما صار مراسلا لشئون أفغانستان وآسيا الوسطى للعديد من الصحف والمجلات العربية في باكستان، وقام بتغطية الحرب الأفغانية 1987-1990.
وأصبح مدير تحرير مجلة المجتمع الكويتية 1990-1997.
قام بتغطية الحرب في أفغانستان 1987- 1990.
وقام بتغطية الحرب في البوسنة والهرسك 1994-1995.
قام بتغطية معركة الفلوجة الأولى في العراق 2004.
الاعتداء عليه في عام 2005م:
في 8 نوفمبر 2005م، أثناء تواجد المذيع أحمد منصور أمام مكتب قناة الجزيرة بالقاهرة لاستقبال الدكتور نعمان جمعة رئيس حزب الوفد الجديد لبدء حلقة برنامجه الأسبوعي الذي يذاع على قناة الجزيرة، حيث فوجئ أحمد منصور بشخصين يتوجهان بالقرب منه، وكان أثناء ذلك يجري مكالمة عبر هاتفه المحمول مع د. نعمان جمعه، وسأله أحدهم إذا ما كان هو أحمد منصور فلم يتمكن من الإجابة، وبعد انتهائه من إجراء المكالمة فاجأه أحدهم بتوجيه لكمة مباشرة في وجهه، الأمر الذي أفقده توازنه، وسقط على الأرض، فقام الشخصان بركله في وجهه ورأسه، وقد أفاد أحمد منصور أن الشخصين تعمّدا إصابته في الوجه والرأس الأمر الذي أدّى إلى إصابته بكدمات وتورّمات بمنطقة الرأس والوجه ونظرا لضيق الوقت وارتباط أحمد منصور بعرض برنامجه الأسبوعي مما اضطّره إلى تقديم بلاغ عبر برنامجه حيث قام بذكر الواقعة كاملة.
وقد استنكرت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان هذا الحادث.
توقيفه في مطار ألمانيا:
أوقفت الشرطة الألمانية الصحفي في قناة الجزيرة أحمد منصور في مطار تيغال في برلين ظهر يوم السبت 20 يونيو 2015م، مبررة الاعتقال بأنه يستند على قرار ملاحقة من منظمة الشرطة الجنائية الدولية، على خلفية تهم ذات طبيعة جنائية، من بينها الاغتصاب والاختطاف والسرقة، بناء على مذكرة توقيف مصرية.
إلا أن تأكيد فريق الدفاع عن منصور والشرطة الفدرالية الألمانية أنه لا ملاحقات أو تعليمات من منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول) بشأن قضية منصور، وأن الأمر برمّته في يد الشرطة الجنائية الألمانية. وهو الأمر الذي اعتبرته منظمات حقوقية ألمانية ودولية فضيحة، وأمرا غير مقبول في دولة تعتبر من أعرق الدول الديموقراطية، ونموذجا يحتدى لشعوب العالم، ولثورات الشعوب العربية في مجالي حقوق الإنسان وحرية الصحافة والتعبير، وإنما رأت الأمر كونه يرضخ إلى دافع سياسي كان وراء هذا التوقيف، معتبرة أن تسليم منصور -إن حدث- سيمثل فضيحة لألمانيا. (الجزيرة) خصوصا أن الأنتربول سبق أن رفضت مذكرة الاعتقال المصرية، لأنها لا تتماشى والقواعد المعمول بها حقوقيا ودوليا.
ولكن العدالة الألمانية في خانة القضاء أثبت مدى استقلاليته ومهنيته التامة، حيث تم إطلاق سراح أحمد منصور بعد لقائه مع قاضي التحقيق واستكمال الإجراءات الشكلية للقضية، بعد أن كشفت التحريات أن جميع الإتهامات في حقه باطلة ومغلوطة ذات دوافع سياسية بالأساس.
مؤلفات:
صدر له أكثر من 20 كتاباً منها:
١_ معركة الفلوجة هزيمة أمريكا في العراق
٢_ تحت وابل النيران في أفغانستان
٣_ تحت وابل النيران في سراييفو
٤_ النفوذ اليهودي في الإدارة الأميركية.
٥_ قصة سقوط بغداد.
وقام بتحويل برنامج شاهد على العصر إلى كتاب مقروء حيث أعد سلسلة كتاب الجزيرة عن الذين شاركوا في برنامج شاهد على العصر، وصدر منها:
٦_ كتاب «جيهان السادات.. شاهد على عصر السادات»
٧_و«الشيخ أحمد ياسين.. شاهد على عصر الانتفاضة» وغيرها.
وهو كاتب مشارك في العديد من الصحف والمجلات العربية.
العضوية:
عضو نقابة الصحفيين المصرية.
عضو جمعية الصحفيين البريطانية.
عضو صحفيون بلا حدود الفرنسية.
عضو جمعية الصحفيين الدولية.
مراجع:
١_ الموسوعة التاريخية الحرة.
٢_ الموقع الرسمي د. أحمد منصور.
٣_ موقع الجزيرة نت.
٤_مواقع إلكترونية أخرى.
وسوم: العدد 1057