الأسيرين الشقيقين بهيج وباهر بدر
مؤبدات كبيرة تحول دون عنقاهما لوالدتهما والعائلة
اعتقلوا الابنين، وبعد أيام عادوا لاعتقال الأم، ووضعوها في مركز التحقيق لمدة تسعة أيام، وشددوا الخناق على العائلة بأكملها، ففرضوا إقامة جبرية على الابن الذي يسكن في الرملة، وإلى الآن يعيش هو في مكان، وزوجته وأولاده في مكان آخر.
هي قضية وموضوع عرضهما مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان في تقرير يحاكي معاناة عائلة بأكملها ذاقت من ويلات الاحتلال، وتجرعت المعاناة التي كانت ما بين اعتقال وملاحقة ومداهمة وفرض عقوبات.
عائلة الأسيرين باهر وبهيج محمد محمود بدر، من بيت لقيا، قضاء مدينة رام الله، حيث بدأت قصة العائلة مع الاحتلال، من اعتقال الابنين باهر وبهيج، لتتوالى فيما بعد بقية المعاناة التي لم تنتهي حتى الآن.
بدأت الحديث لمركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان، أم باسم، والدة الأسيرين باهر وبهيج، والتي روت تفاصيل اعتقال نجليها، وروت حكاية الأيام التسعة التي قضتها في مركز تحقيق المسكوبية.
تطرقت أم باسم لسيرة حياة ابنيها الأسيرين: باهر 35 عاماً، وبهيج 39 عاماً، والذين جاء الاحتلال لاعتقالهما بتاريخ: 27/7/2004، بعد تفتيش واستنفار في كل المنزل، فاعتقلوا بهيج وهو أب لثلاثة أطفال، بينما كان باهر والذي كان يجهز لعرسه الذي كان قد تبقى عليه أسبوعاً واحداً، في منزل شقيقه بشير في مدينة الرملة، واعتقله الاحتلال من هناك، وفرض على شقيقه بشير إقامة جبرية.
تقول أم باسم:" اختلطت الآلام في تلك الليلة، وتأجل الفرح إلى إشعار آخر، وتحولت زغاريد العرس والفرح، إلى دموع سكبت على وجه كل من في العائلة لاعتقال ولدي، وتقييد الحصار على الثالث، ففي لحظات تبدل كل شيء سعيد إلى حزن".
وبينما هي تكمل حديثها، تلعثمت أم باسم، وروت كيف أتى جنود الاحتلال إلى منزلهم في بيت لقيا بعد 20 يوماً من اعتقال باهر وبهيج، واقتادوها معلنين اعتقالها، رغم سنها حيث كانت تبلغ من العمر في ذلك الحين 51 عاماً، الأمر غير المهم بالنسبة للاحتلال، بل المهم هو القبض على من يصفونهم وينعتوهم ب( المخربين).
أيام تسعة... تحفظ أم باسم ما جرى معها فيها، ابتداء من تقييد يديها وأرجلها، ووضعها في الجيب العسكري، وأخذها إلى مركز تحقيق ميداني في البداية، ثم نقلها لمركز تحقيق المكسوبية، والذي قضت فيه تسع ليال في زنزانة منفردة، رغم أنها تعاني من أزمة صدرية.
تقول أم باسم:" كنت أجلس على كرسي الشبح من الساعة التاسعة صباحاً وحتى السادسة مساء، والجنود يتكالبون علي والتحقيق معي مستمر ويصفونني بأني مخربة كأبنائي، وأنني كنت أساعدهم على قتل جنودهم، واستمر ذلك الحال معي إلى حين تقرر الإفراج عني، بينما لا أدري ما يجري مع باهر وبهيج".
وتكمل أم باسم: في الأيام التسعة، جربت ألم السجن، وشعرت بمدى قسوة السجان، وبكيت على ابني الذين لم أدري ما الذي تعرضوا له من تعذيب على أيدي هؤلاء الوحوش البشرية التي لا تخشى شيئاً.
وتضيف أم باسم لمركز أحرار: بقي ولدي في التحقيق مدة خمسة أشهر، إلى أن صدر الحكم على بهيج بالسجن 18 مؤبداً، وباهر بالسجن 12 مؤبداً، وكانت تلك صعقة قوية لأسرتهما ولأبناء بهيج الثلاثة وزوجته الصابرة، التي لا زالت تحمل المسؤولية المزدوجة، ويصبرها الأمل، والعائلة تأمل بفرج لهم قريب، وأن تلك الأحكام لن تنقضي بل سينالون جميعاً حريتهم بإذن الله، وذلك هو الأمل الذي نعيش عليه".
أما زوجة بهيج وأبنائه، فهم يعيشون على ذكراه، ويذكر بعضهم بعضاً بتفاصيل الحياة التي كانوا يعيشونها قبل اعتقاله، ويقولون إن الزيارة بهيج في سجنه تشكل لهم محطة تواصل معه وإن كانت قصيرة جداً، لكنها تسد قليلاً من رمق الشوق له.
الآن...الأسيرين الشقيقين باهر وبهيج، يؤنسان بعضهما في سجنهما، وهما حالياً يقبعان في سجن ريمون، وقد توقف بهيج بهذا الاعتقال عن عمله، حيث كان يعمل محاسباً في لجنة الزكاة في مدينة رام الله قبل خمسة أعوام من اعتقاله، أما باهر فكان قد أنهى دراسة الثانوية العامة في الفرع الصناعي قبل أن يتم اعتقاله.
وبالعودة لأم باسم فنقول:" إن الأم في عادتها تخبئ مشاعرها في كثير من الأحيان... تحتفظ بها ليس لأنها تخجل منها، بل لأن تلك المشاعر متجسدة في قلب لا يستطيع أي إنسان أن يراها فيها، وإن رأى البعض منها فبقيتها لا يراها أحد.... وهكذا هي أم باسم، توفى زوجها وأبناؤها صغار... فحملت مسؤوليتهم كلها وهي الآن تخفي بداخلها شوق وحزن ولوعة، وتظهر على وجهها بسمة أمل وتنطق كلمات بالدعاء مكللة.. وتستودع ابنيها عند الحي الذي لا ينام ولا يموت.
من جهته قال فؤاد الخفش مدير مركز أحرار لحقوق الإنسان أن اعتقال شقيقين وزجهما في سجون الإحتلال أمر صعب وتحديدا اذا كان الحكم مؤبدا مشيرا الى وجود عدد كبير من الأسرى الأشقاء في سجون الإحتلال الأمر الذي يزيد من معاناة العائلة والأسرة