الأمير عبد الإله بن علي الهاشمي
الأمير عبد الإله بن علي الهاشمي
الوصي على عرش العراق
محمد فاروق الإمام
الأمير عبد الإله بن الملك علي بن الشريف حسين الهاشمي. ولد في مدينة الطائف في الحجاز عام 1913م، وهو ابن ملك الحجاز علي بن حسين شقيق الملك فيصل الأول، التجأ وعاش مع عائلته في مصر بعد تولي العائلة السعودية المنافسة للعائلة الهاشمية لمقاليد الأمور في الحجاز وشبه الجزيرة العربية. كان عبد الإله قد تزوج من أحد بنات الملك فيصل الأول, وبعد وفاتها اقترن من سيدة مصرية، الأميرة عابدية من عائلة الطرابلسي المعروفة، وتلقى علومه في كلية فكتوريا في الإسكندرية بمصر ، مما أدى إلى تأثره بالثقافة المصرية وأسلوب حياة العائلة الملكية في مصر، وكانت له علاقات وطيدة بالبلاط الملكي للملك فاروق. وبعد الإطاحة بالحكم الملكي في مصر حاول مراراً توطيد علاقاته باللواء محمد نجيب ورئيس وزرائه جمال عبد الناصر ثم عاد بعدها إلى بغداد ملحقاً بالبلاط الملكي ووزارة الخارجية. وفي عام 1941م، أختير وصياً على عرش العراق ولغاية 1953م, وذلك بعد مقتل الملك غازي الأول في حادثة سيارة لأن فيصل الثاني ابن الملك غازي، الوريث للعرش لم يبلغ بعد سن السادسة من عمره وأن عبد الإله يرتبط بصلة الخال للملك حيث إنه شقيق أم فيصل الثاني الملكة عالية. ثم نودي به ولياً للعهد بعد انتهاء الوصاية عام 1953م وتتويج الأمير فيصل الثاني ملكاً على العراق.
لم يلقى عبد الإله تأييداً شعبياً ولم يلق تأييد من النخب السياسية الوطنية أيضاً، بسبب بعض سلوكياته وثقافته المحدودة وميله الجارف للسياسة البريطانية.
تقلد عبد الإله منصبه كوصي على العرش عام 1941م بعد إخماد حركة الكيلاني بدعم من القوات العسكرية الإنكليزية وإقصاء الشريف شرف عن الوصاية بعد أن شهدت الملكة عالية على أن الملك غازي قد أوصى بابن عمه عبد الإله وصياً على ابنه فيصل الثاني أمام مجلس الأعيان والوزراء. وأتت شهادة الملكة عالية بعد عامين من مقتل الملك غازي. ومع أن العراقيين لم يصدقوا هذه الشهادة، حيث كان معروفاً في الأوساط العراقية عدم التوافق بين الملك غازي وابن عمه الأمير عبد الإله إلا أن هذه الشهادة وكونها أتت من الملكة عالية، اعتمدت وتم تعيين الأمير عبد الإله وصياً على ابن أخته فيصل الثاني عام 1941م. وتنازل عبد الإله عن وصايته للعرش عام 1953مم، عندما بلغ فيصل الثاني 18 عاماً من عمره ولكنه بقي كأحد مستشاري الملك فيصل الثاني حيث عرف عبد الإله بميوله نحو الغرب. قتل عبد الإله في قصر الرحاب في بغداد مع فيصل الثاني في 14 تموز عام 1958م.
واثناء تأزم الوضع السياسي المحلي والدولي في منتصف عام 1940م وأوائل سنة 1941م في أعقاب قيام الحرب العالمية الثانية وقيام ثورة أيار عام 1941م التحررية بزعامة رشيد عالي باشا الكيلاني، حيث أظهر عبد الإله تأييده للسياسة البريطانية، وعداءه لقادة الثورة، فغادر بغداد سراً إلى الحبانية ومنها إلى البصرة، فحدثت أزمة خطيرة، مما أضطر حكومة الدفاع الوطني التي قامت في البلاد يومئذ، إلى دعوة مجلس الأمة إلى الاجتماع في العاشر من نيسان عام 1941م، وتعيين الشريف شرف وصياً على العرش بدلا من عبد الإله. فقررت الحكومة البريطانية دخول العراق لاحتلاله بسبب استراتيجيات الحرب العالمية الثانية بذريعة إعادة عبد الإله إلى منصب الوصاية لاسيما وإن قادة الثورة قد طلبوا دعم دول المحور ألمانيا وإيطاليا، خصوم بريطانيا في الحرب، فأصطدم الجيشان العراقي والبريطاني في معارك دامية بدأت في الثاني من أيار عام 1941م، وانتهت في الثلاثين منه، وأعيد الوصي المعزول وأعتقل وفصل الكثير من الضباط والموظفين وغيرهم، كما أوقفت صدور الصحف، وبقي مسيطراً على شؤون الدولة حتى بعد تولي الملك فيصل الثاني سلطاته الدستورية وانتهاء مدة وصايته عام 1953م. وكان قد أصبح ولياً للعهد إضافة إلى منصب الوصاية في قرار مجلس الوزراء بتاريخ 11 تشرين الثاني 1943م. وفي أثناء مدة حكمه قام بزيارة بلدان كثيرة منها زيارته إلى الولايات المتحدة الأمريكية في صيف عام 1945م. وفي أثناء عودته زار بريطانيا حيث مهّد إلى تعديل المعاهدة العراقية البريطانية إلى معاهدة "بورت سموث" في كانون الثاني وبعد زيارته لانكلترا زار فرنسا ومن ثم ذهب إلى تركيا، ووصل بغداد يوم 20 أيلول عام 1945م وفي 15 تموز عام 1947م سافر إلى لندن حيث بحث مع المسؤولين البريطانيين في تعديل المعاهدة العراقية-البريطانية والتي أدت إلى وثبة كانون الثاني عام 1948م، وبالتالي إلى إلغائها، وقد أخذ عبد الإله يمعن في التدخل في شؤون البلاد، حتى سعى إلى عقد حلف بغداد عام 1955م وتكوين الإتحاد الهاشمي مع الأردن عام 1958م، فظهرت الاحتجاجات والانتقادات من الجهات الوطنية والأحزاب، ضد السياسة المتبعة في العراق، حتى قيام الجيش بانقلاب في 14 تموز 1958م وقتل عبد الإله والملك فيصل وألغيت بذلك الملكية في العراق، وأُعلن نظام الحكم الجمهوري.
تاريخ وسمعة الوصي عبد الإله لم تكن مشرفه بنظر الكثيرين فقد كان غير محبوباً وخصوصاً من العامة من الشعب العراقي مما تسبب بمقتله على يد أحد العسكريين الماركسيين التابعين للثكنة المجاورة للقصر الملكي والذين تدخلوا مع الكتيبة المكلفة بالسيطرة على قصر الرحاب أثناء قيام حركة 14 تموز 1958م.