عبد الهادي فيصل

نعمان فيصل

[email protected]

سيدي وأبي ومصدر فخري واعتزازي، اسمح لي أن أؤدي قسطاً من الواجب تجاه ملهمي وأستاذي الكبير.. تحية الغصون للجذع الذي غذاها نسغاً لتزهر وتعقد، تحية الطيور للدوحة التي شحذت عليها مناقيرها الطرية ورعت رياضة أجنحتها الغضة، فانطلقت وهي في وجدانها ذكر ملهم وذكرى ياسمين. سُئلت "ملكة الإنجليز فكتوريا" مرة عمن يحتل أخطر مركز في الدولة فقالت: هو بلا شك رئيس الحكومة، ولما سُئلت عمن يليه في المنزلة قالت ذاك المعلم، فنعم القول ونعم القدر ونعم الثقة، ولكن أين نحن اليوم من هذا كله؟ فالمعلم منذ أن كان مظلوماً مهضوم الحقوق، وسيظل كذلك إلى يوم يبعثون، تُسند إليه أعظم المهام وأخطرها، ثم لا يكافأ عليها إلا بمعسول الكلام، وقد أنصف المعلم أمير الشعراء شوقي في قصيدته التي مطلعها:

قــم للمعلم وفّهِ التبجيلاً        كاد المعلمُ أن يكون رسولاً

عارضه فيها الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان بقوله:

يا من يريد الانتحار وجدته        إن المعلم لا يعيش طويلا

ثم جاء شويعر ظريف وأضاف هذه الأبيات الثلاثة من الوزن نفسه والقافية نفسها:

يا قومُ كفوا حسبُكم تدجيلا

 

كاد المعلمُ أن يموت قتيلا

يكفيكمُ يا قوم إفكاً واعلموا

 

أن المعـلمَ لا يزالُ هزيلا

يا قومُ أني لا أصدقُ هذركم

 

ما لم تقيموا حجةً ودليلا

ولد المربي عبد الهادي نعمان  فيصل في حي الشجاعية بمدينة غزة في 25 أغسطس (آب) 1947، ودرس بمدرسة الشجاعية (مدرسة حطين اليوم)، وأنهى دراسته الثانوية في مدرسة فلسطين عام 1965، ثم التحق بجامعة الأزهر بمصر، وتخرج من معهد المعلمين بغزة، وعُين في عام 1967 مدرساً في مدرسة حطين الإبتدائية، وبقي فيها إلى أن تقاعد في العام 2006. وانخرط في العمل الوطني مع صديقه المناضل (طعمة مشتهى) بعد احتلال قطاع غزة في حزيران 1967.

هو مثال يُحتذى به في دماثة خلقه وسيرته الحسنة، تخرج على يديه نخبة كبيرة من الطلبة الذين ذخرت بهم الحياة في شتى ميادين العلم، أنا لا أكيل المدح جزافاً، فأبي جدير بكل ثناء واحترام، إذ إنه كرس حياته لخدمة النشء، وبالتالي لخدمة الوطن، عمل في حقل التربية والتعليم على مدار أربعين عاماً بعزيمة جبارة لا تلين، وهمة عالية لا تعرف الكلل أو الملل، ونشاطه يحسده عليه الشبان، يعمل بصمت وسكينة بعيداً عن الأضواء لا يبتغي إلا وجه الله عز وجل. أب وضع بصماته على سجلات تاريخنا، علمني أن الحياة محبة، وأن الوجود صداقة، وأن الحقيقة تنقشها من نفوس الآخرين ومن عظمة لقائنا بهم، ثم إنه إنسان قبل أن يكون مربياً، تجتمع به فترتاح نفسك لملاقاته، وتحدثه فيتحفك بكنوز أفكاره، وثمار علمه وخبرته، فتتمنى أن يطيل اللقاء، وأن يستمر الحديث إلى ما لا نهاية، وهو إلى ذلك بعيد عن الإدعاء والتبجح.. عندما أعود بالذاكرة إلى أيام الدراسة، يتمثل أمامي مربيان كان لهما أعظم الأثر في تنشئتي اللغوية هما: والدي والشيخ عبد الكريم الكحلوت أطال الله في عمرهما اللذين وجهاني الوجهة الصحيحة، وعلماني أن اللغة يسر لا عسر، هي وعاء الفكر ووسيلة نقله.

      تزوج من السيدة سها صبحي صقر، وأنجب منها ثلاثة أولاد وخمس بنات وهم:(نعمان، منذر، مؤمن، رانية، ريهام، ربا، رولا، إيمان).