الأسير رائد السلحوت الحاضر الغائب
جميل السلحوت
اعتقل الأسير رائد صالح محمد السلحوت في 28-11-2002، وصدر حكم عليه بثلاثة عشر عاما ونصف العام بتهمة الانتماء لكتائب شهداء الأقصى...وأسيرنا وحيد أبويه فلا اخوة ذكورا له، وله ثلاث شقيقات، وترك خلفه والدين مريضين، فوالده المريض انتقل الى رحمة الله تعالى في شهر آذار -مارس- 2010وهو يحلم بزيارة وحيده وفلذة كبده الذي لم يتمكن-نتيجة المرض- من زيارته ورؤيته طيلة فترة اعتقاله، لفظ أنفاسه الأخيرة وهو يردد"وين رائد؟ ....بدي أشوف رائد"، ورائد المولود عام 1976شاب دمث الخلق، مهذب هادئ يجيد الإصغاء ويجيد الحديث في موضعه، كدّ وتعب كي يعيل والديه وشقيقاته، وكان على عتبات الزواج عند وقوعه في الأسر، ولو تأخر اعتقاله بضعة اسابيع لكان تزوج، فقد تم الاتفاق على الخطوبة التي حال الأسر دون اتمامها....وكان أسره كارثيا على أسرته، فقد تضاعفت آلام والده المريض حتى رحيله عن هذه الدنيا دون ان يتمكن من أن يلقي ولو نظرة واحدة على وحيده، وتضاعفت آلام والدته التي يعزيها ويؤنس وحدتها إيمانها العميق بالقضاء والقدر...
ورائد الذي تقبل وقوعه في الأسر لم يجد من يسأل عنه سوى الأقربين من الأهل، فهم الذين أوكلوا له محاميا للدفاع عنه، وهم من يرعون والدته وشقيقاته، وهم الذين لا يستطيعون زيارته لأن قوانين المحتلين لا تسمح الا بزيارة الأقارب من الدرجة الأولى.
ورائد الأسير التحق بالتعليم الجامعي وهو في الأسر، ولولا الاجراءات القمعية التي طبقت على الأسرى مؤخرا لكان حصل على البكالوريوس في التاريخ والعلوم السياسية...
ورائد الأسير أسرته مستثناة من جولات الإعلام التي يقوم بها بعض المسؤولين بزيارة أسر بعض الأسرى كنوع من التضامن والمساواة، وليتبوأ الزائرون صدر صفحات وسائل الإعلام على "مكارمهم النضالية"! فلم يسبق لأحد من غير الأقربين أن طرق باب بيت الأسرة حتى للسؤال عن رائد الأسير، أو للتهنئة بشهر رمضان أو بالأعياد أو غيرها من المناسبات.....وربما هذا لم يلفت انتباه أحد منهم، أو بالأحرى هم غير معنيين بذلك....لأنه لا مكاسب شخصية جراء هكذا زيارات....فما هي أحوال الأسرة؟ وكيف تعيش؟ أمور خارجة عن اهتمامات اصحاب القرار؟.
قبل حوالي شهرين رفضت المحكمة تخفيض ثلث مدة المحكومية لرائد، بحجة أنه"خطير" على الأمن...وهذا ما كان يتوقعه رائد قبل الذهاب الى المحكمة، لذا فقد استقبل قرار الرفض بابتسامة ساخرة، فهل سيقضي رائد ما تبقى له من مدة الحكم، ليتحرر وقد بلغ الأربعين من عمره والشيب يكسو رأسه، وليتزوج ويبدأ حياته من جديد؟ بالتأكيد انه سيفعل ذلك اذا ما كتب الله له الحياة، فرائد متفائل دائما، وشعاره" اللي بيشوف مصيبة غيره بتهون عليه مصيبته" فغيره قضى في الأسر سنوات بعمر رائد ولم تلن له قناة، ورائد "يعشق الحياة ما استطاع اليها سبيلا"....فصبر جميل يا رائد، وبالله المستعان...فضريبة الوطن غالية، وسيأتي يوم ستتحرر فيه أنت وبقية الأسرى وما ذلك على الله ببعيد...وان غبتم عن العيون فانتم حاضرون في القلوب وفي الذاكرة.