الملك فيصل الثاني

(1935 – 1958)

جاسم محمد صالح

[email protected]

هو فيصل بن غازي بن فيصل الأول بن الشريف حسين , وُلد في 2 مايس 1935م وهو الابن الوحيد لوالده الملك غازي الأول , حيث أشرفت على تربيته والدته الملكة عالية وعاونتها في ذلك المربية الانكليزية : ( مس ريموس ) وبعد مقتل والده الملك غازي الأول في 3 نيسان 1939م في مؤامرة نفذها الانكليز بالتعاون مع نوري السعيد وبعض الخونة المحيطين بجلالة الملك غازي الأول أصبح فيصل الثاني ملكا على العراق وعمره لا يتجاوز الرابعة , ونظرا لصغر سن فيصل الثاني فقد تقرر أن يصبح خاله الأمير عبد الإله بن علي بن الشريف حسين وصيا على عرش.

العراق لحين بلوغ جلالة الملك فيصل الثاني السن القانوني الذي يسمح له بان يكون ملكا على العراق وبدون وصاية من احد عليه , حيث شهدت الملكة عالية بان الملك غازي أوصى بان يكون الأمير عبد الإله وصيا على فيصل الثاني في حالة حدوث مكروه له .

 كان الملك فيصل الثاني ومنذ صغره يحب ركوب الخيول ولا سيما تلك الخيول التي تستعمل في السباق و تسمى خيول ( السيسي ) والتي كثيرا ما كان يمنع من ركوبها بسبب إصابته بالربو منذ طفولته وكان جلالته شديد التعلق بأمه الملكة عاليه بنت علي بنت الشريف حسين وكان تعلقه بها تعلقا شديدا بسبب يُتمه المبكر وكونه الوحيد لأبويه وفي السادسة من عمره درّسه الدكتور مصطفى جواد مبادئ اللغة العربية والأدب العربي ويذكر عنه في أحداث ما يس 1941م انه نُقل بالقطار جبرا مع بقية أفراد العائلة المالكة إلى اربيل على الرغم من انه كان في ذلك الوقت مصابا بالربو , فنزل مع العائلة المالكة في دار والد احد النواب في ذلك الوقت وهو : (عز الدين ملا أفندي) وهو من المشهورين في ذلك الوقت وبقي هنالك حتى هدأت الأوضاع ثم عاد إلى بغداد .

 أنهى الملك فيصل الاول دراسته الابتدائية عام 1947م وبعدها سافر إلى لندن لوحده لإكمال دراسته هنالك , حيث دخل (كلية هارو ) التي عاد منها إلى بغداد في 30 آذار 1950م , وبعدها عاد إلى لندن لإكمال دراسته أيضا , لكنه هذه المرة لم يكن وحده بل رافقته أمه الملكة عالية , وصادفت دراسته هذه المرة مع ابن عمه الملك حسين بن طلال الذي كان مقارِبا لعمره وصديقا حميما له , وكانت أمه إثناء مرافقتها له تستكمل علاجها هناك لأنها كانت مصابه بداء السرطان , حيث توفيت رحمها الله فيما بعد في 21 كانون الاول ولقد أكمل فيصل الثاني دراسته في بريطانيا وتخرج من ( كلية هارو) في تشرين الاول 1952 .

 لقد كان فيصل الثاني يقضي عطله عيد الفصح ( الايستر ) المدرسية سنه 1948م في (مدينة فيلارد ) بسويسرا حيث وقع في حفرة ماؤها متجمد , فانكسرت ساقه اليمنى وعُولج في الفندق الذي يسكنه وكان اسمه (قصر فيلارد) تحت إشراف شخصي من والدته الملكة عالية , وزار جلالته الولايات المتحدة مرتين , الأولى في 1952م والثانية في 1956م .

عاد الملك فيصل الثاني إلى الوطن مارا بعدد من الدول بينها مصر التي شهدت قبل اشهر من زيارته لها ثورة أطاحت بالملك فاروق , فاستقبله اللواء محمد نجيب رئيس جمهورية مصر في مدينة الاسكندريه ثم بعدها زار لبنان قبل وصوله إلى بغداد , وبعد ستة أشهر تم تتويجه ملكا على العراق , لان العراقيين كانوا ينظرون إلى فيصل الثاني نظرة أمل في أن يعبّر عن مطامحهم عندما يتولى عرش العراق , فقد رسم العراقيون صورة فيصل الثاني متصلة بدور والده الراحل جلالة الملك غازي الاول في أن يكون العراق عراقا حرا متوحدا وتام الاستقلال .

في 2 مايس 1953 حين بلغ الثامنة عشر من عمره حيث انتهت وصاية خاله سمو الشريف عبد الإله على عرش العراق حيث كان البعض يتوسم من خلال انتهاء الوصاية وبدء التتويج في فيصل الثاني حكمت جده فيصل الاول ووطنيته واندفاع والده الملك غازي الاول وكان العراقيون يأملون منه الخير عندما يكبر ويتسلم السلطة وها هو الآن قد كبر وتسلم السلطة , وبناء على إلحاح الملكة عاليه عليه في أن يتزوج وان يكون لها حفيد , سافر جلالته إلى المغرب مع خاله الأمير عبدالاله ونوري السعيد لخطبة الأميرة عائشة ابنة السلطان محمد بن يوسف الخامس , لكن الاميره عائشة ( ولأسباب خاصة جدا) اعتذرت عن قبول هذه الخطبة , وعلى اثر ذلك خطب جلالته الأميرة فاضلة بنت الأمير محمد علي بن محمد بن وحيد الدين بن إبراهيم بن احمد بن رفعت بن إبراهيم بن محمد علي الكبير ووالدتها هي : الاميره خان زاده بنت الأمير عمر فاروق ابن الخليفة العثماني عبد المجيد .

إن كل ما أشيع عن زواجه من الأمريكية الشابة (جنفييف آرنولت) وادعائها بأنها أرملة ملك العراق فيصل الثاني الذي تزوجها حسب ادعائها في 22 حزيران 1957م ما هو إلا ادعاء باطل ومرفوض , حيث استهدفت هذه المدعية الاستيلاء على مبلغ 91 ألف دولار , حيث رفضت محكمة بريطانية دعواها لأنها كاذبة وباطلة لكنها وبأساليب خبيثة تمكنت من إقناع إحدى المحاكم الأمريكية في نيويورك بادعائها وخولت المحكمة هذه المرأة المحتالة حق كتابة: (( ملكة العراق سابقا )) في بطاقتها الشخصية وللمزيد عن هذا الموضوع تُراجع مجلة آفاق عربية العدد1 كانون الثاني 19888 ص40 – 51 .

إن الظروف السياسية التي كانت تحيط بالملك فيصل الثاني كانت في غاية الحساسية والتأزم , حيث كانت وصاية خاله الأمير عبد الإله عليه وشخصيته القوية والمتنفذة في البلد , إضافة الى سيطرة نوري السعيد بنفوذه الواسع والمتعدد والمدعوم بشكل مباشر وعلني من الانكليز , كل ذلك جعل الملك الشاب فيصل الثاني في حالة من التردد وعدم القدرة لا يحسد عليها أبدا وهو ذاك الفتى الشاب الهادئ الوديع والذي لا يعرف دروب السياسة الشائكة ولا ألاعيبها المختلفة , ومع كل هذا مارس الملك فيصل الثاني نشاطا ملحوظا لمعالجه المشاكل ألاقتصاديه التي كان العراق يعاني منها, فأولى اهتمامه للجانب الاقتصادي التي كان العراق يعاني منه فوضع خطه اقتصاديه سُميت بمجلس الأعمار نهضت بإنشاء كثير من المشاريع الكبرى والمهمة والحيوية للبلد والتي كان بها الأثر المهم والمعتمد على أبناء الشعب ولحد هذا اليوم ومنها ( سد دوكان) وغيرها .

لقد عُرف عن الملك فيصل الثاني أدبه العالي وأخلاقه الرفيعة واحترامه الكبير والمطلق لمن هو اكبر منه سنا ولاسيما أبناء عائلته الهاشمية , اضافه الى صمته وهدوئه , حيث نشأ فيصل شابا ملتزما وبسيطا ومتواضعا وطيب القلب , لم يتوانَ عن خدمة إي إنسان قريب منه او محتاج إليه, يجذب حوله بصمته أكثر مما يجلبه بكلامه لو تكلم وكسب الناس بوجهه الحزين أكثر مما يجذبهم بضحكته او ابتسامته , وهو إذا جادل او ناقش كان جداله صريحا وواضحا كما ذكر ذلك المرحوم الصحفي احمد فوزي , ولروحه الوطنية العالية وحبه الكبير للأرض العربية فقد أرسل برقية تهنئه الى جمال عبد الناصر الرئيس المصري يهنئه فيها بمناسبة جلاء آخر جندي استعماري عن ارض مصر .

كان خاله الأمير عبدالاله من أكثر المقربين إليه لاسيما بعد وفاة والدته الملكة عاليه رحمها الله ... حيث بقي وحيدا بلا أم ... بلا أب ولا أخوه ولا أخوات حيث كان الأمير عبدالاله يرافقه في جولاته خارج العراق ... فرافقه في زيارته الى إيران بدعوة من الشاه محمد رضا بهلوي في 18 تشرين الاول 1957م وكذلك في سفرته الى السعودية في 24 كانون الاول 1957م , وبناءا على تحرك الملك حسين بن طلال بن عبد الله ابن الشريف حسين ودعوته الى إقامة اتحاد عربي هاشمي بين العراق والأردن , توجه الملك فيصل الثاني االى عمان في 11 شباط 1958م … ثم لحقه بعد يومين الامير عبدالاله بن علي في 13 شباط 1958م .

لقد عرف العراق وطيلة حكم جلالة الملك فيصل الثاني الهدوء والاستقرار والرخاء ولقد سقط جلالته شهيدا في أحداث قصر الرحاب المؤلمة في 14 تموز 1958م مع بقية أفراد العائلة المالكة بما فيهم خاله سمو الشريف عبدالاله بن علي وخالته .

لقد سقط فيصل الثاني صريعا برصاصات غادره من ايدي اثيمه لاتعرف الرحمه والحياء ... لقد قتل فيصل الثاني وهو شاب لم يعرف عنه سوى الطيبة والرحمه والنبل الخلق الحسن ويروي البعض ممن كان حاضرا في تلك الفاجعه المؤلمه ان جلاله الملك فيصل الثاني حمل المصحف الكريم فوق راسه والرايه البيضاء بيده وخرج ليسلم نفسهالى الغوغاء بطريقة سلمية حفاضا على عائلته الطاهرة من الفناء ولكن حدث ما حدث حيث قتل في ذلك الصباح الحزين ودفن فيما بعد في المقبره الملكية في الاعظميه مع امه وابيه وجده وجدته ( رحمهم الله جميعا ) وان عمود نسبه هو:

فيصل بن غازي الاول بن فيصل الاول بن الشريف حسين بن علي بن محمد بن عبد المعين بن عون بن محسن بن عبد الله بن حسين بن الامير عبد الله (جد العبادلة ) … صعوداً الى سيدنا الحسن الوصي بن الامام علي عليهما السلام .