معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه

في عيون الفقهاء والمحدثين

(1-3)

موسى بن سليمان السويداء / السعودية

[email protected]

هذه ترجمة للصحابي الجليل خال المؤمنين معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه – نقلتها حرفياً من كتاب " سير أعلام النبلاء " للحافظ أبي عبد الله الذهبي – رحمه الله - لأنها من أوسع التراجم له فقد جاءت من الصفحة 119 إلى 162 من الجزء الثالث والسبب أن الحافظ الذهبي مصادره كثيرة في كتابة الترجمة مثل صحيح البخاري ومسلم والسنن ومسند الإمام احمد وطبقات ابن سعد وتاريخ دمشق وغيرها فلذا أحببت عرض هذه التعريف الواسع عنه لكي يعرف المنصف الذي يخاف الله حقيقة الأمر علماً إن الذهبي ممن ينتقد الروايات ويعلق عليها بقوله ( قلت ) ولا يدعها تمر مرور الكرام فهو محدث كبير له خبير بالرجال قوة وضعفاً ولديه المقدرة على نقد الروايات علمياً فأرجو أن تكون هذه الترجمة مبنية على الإنصاف والعدل في شخصية هذا الصحابي الجليل الذي دار بينه وبين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنهما - خلاف وفتنه ظن بعض أهل البدع والجُهال أن معاوية كفر بهذا العمل ! – والعياذ بالله - وحسبنا في هذا الخلاف والقتال الدائر بينهما في صفين قول العالم الثقة الجليل خامس الخلفاء الراشدين أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز – رضي الله عنه - فيما رواه الشافعي عنه قال : " قيل لعمرين بن عبد العزيز ما تقول في أهل صفين ؟ قال : تلك دماء طهر الله منها يدي فلا أحب أن أخضب بها لساني "(1) .

 بداية الترجمة قال الحافظ الذهبي – رحمه الله - :

(( معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب أمير المؤمنين ملك الإسلام أبو عبد الرحمن القرشي الأموي المكي  وأمه هي هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي  قيل إنه أسلم قبل أبيه وقت عمرة القضاء وبقي يخاف من اللحاق بالنبي صلى الله عليه وسلم من أبيه ولكن ما ظهر إسلامه إلا يوم الفتح  حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم وكتب له مرات يسيرة وحدث أيضاً عن أخته أم المؤمنين أم حبيبة وعن أبي بكر وعمر  روى عنه ابن عباس وسعيد بن المسيب وأبو صالح السمان وأبو إدريس الخولاني وأبو سلمة بن عبد الرحمن وعروة بن الزبير وسعيد المقبري وخالد بن معدان وهمام بن منبه وعبد الله بن عامر المقرئ والقاسم أبو عبد الرحمن وعمير بن هانىء وعبادة بن نسي وسالم بن عبد الله ومحمد بن سيرين ووالد عمرو بن شعيب وخلق سواهم  وحدث عنه من الصحابة أيضاً جرير بن عبد الله وأبو سعيد والنعمان بن بشير وابن الزبير  ذكر ابن أبي الدنيا وغيره أن معاوية كان طويلا أبيض جميلاً إذاً ضحك انقلبت شفته العليا وكان يخضب روى سعيد بن عبد العزيز عن أبي عبد رب رأيت معاوية يخضب بالصفرة كأن لحيته الذهبية .

 قلت(2): كان ذلك لائقاً في ذلك الزمان واليوم لو فُعل لاستهجن .

 روى عبد الجبار بن عمر عن الزهري عن عمر بن عبد العزيز عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ سمع معاوية على منبر المدينة يقول : " أين فقهاؤكم يا أهل المدينة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن هذه القصة " ثم وضعها على رأسه فلم ارى على عروس ولا على غيرها أجمل منها على معاوية  وعن أبان بن عثمان : " كان معاوية وهو غلام يمشي مع أمه هند فعثر فقالت : قم لارفعك الله , وأعرابي ينظر فقال : لم تقولين له ؟! فوالله إني لأظنه سيسود قومه , قالت : لارفعه إن لم يسد إلا قومه ")3) .

 قال أسلم مولى عمر : " قدم علينا معاوية وهو أبيض الناس وأجملهم " . ابن إسحاق(4) عن أبيه : " رأيت معاوية بالأبطح أبيض الرأس واللحية كأنه فالج " قال مصعب الزبيري : " كان معاوية يقول : أسلمت عام القضية  " . ابن سعد حدثنا محمد بن عمر حدثني أبو بكر بن أبي سبرة عن عمر بن عبد الله العنسي قال معاوية : " لما كان عام الحديبية وصدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت وكتبوا بينهم القضية وقع الإسلام في قلبي فذكرت لأمي فقالت : إياك أن تخالف أباك فأخفيت إسلامي فوالله لقد رحل رسول الله من الحديبية وإني مصدق به ودخل مكة عام عمرة القضية وأنا مسلم وعلم أبو سفيان بإسلامي فقال لي يوماً : لكن أخوك خير منك وهو على ديني , فقلت : لم آل نفسي خيراً وأظهرت إسلامي يوم الفتح فرحب بي النبي صلى الله عليه وسلم وكتبت له "  ثم قال الواقدي : " وشهد معه حنيناً فأعطاه من الغنائم مئة من الإبل وأربعين أوقية  " .

  قلت : الواقدي لا يعي ما يقول فإن كان معاوية كما نقل قديم الإسلام فلماذا يتألفه النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان أعطاه لما قال عندما خطب فاطمة بنت قيس ( أما معاوية فصعلوك لا مال له ) .

  ونقل المفضل الغلابي عن أبي الحسن الكوفي قال : " كان زيداً ابن ثابت كاتب الوحي وكان معاوية كاتباً فيما بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين العرب " . عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحارث عن زهير بن الأقمر عن عبد الله بن عمرو قال : " كان معاوية يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم  " . أبو عوانة عن أبي حمزة عن ابن عباس قال : كنت ألعب مع الغلمان فدعاني النبي صلى الله عليه وسلم وقال : ( ادع لي معاوية ) وكان يكتب الوحي  , رواه أحمد في مسنده وزاد فيه الحاكم حدثنا علي بن حمشاد حدثنا هشام بن علي حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبو عوانة قال : فدعوته فقيل إنه يأكل فأتيت فقلت يا رسول الله : هو يأكل قال : ( اذهب فادعه فأتيته ) الثانية فقيل إنه يأكل فأتيت رسول الله فأخبرته فقال في الثالثة : ( لا أشبع الله بطنه ) قال : فما شبع بعدها  , رواه الطيالسي حدثنا أبو عوانة وهشيم وفيه ( لا أشبع الله بطنه )  فسره بعض المحبين قال : لا أشبع الله بطنه حتى لا يكون ممن يجوع يوم القيامة لأن الخبر عنه أنه قال : ( أطول الناس شبعاً في الدنيا أطولهم جوعاً يوم القيامة ) .

 قلت : هذا ما صح(5) والتأويل ركيك وأشبه منه قوله عليه السلام : ( اللهم من سببته أو شتمته من الأمة فاجعلها له رحمة ) أو كما قال وقد كان معاوية معدوداً من الأكلة .

 جماعة عن معاوية بن صالح عن يونس بن سيف عن الحارث بن زياد عن أبي رهم السماعي عن العرباض سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدعو إلى السحور في شهر رمضان : ( هلم إلى الغداء المبارك ) ثم سمعته يقول : ( اللهم علم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب  ) رواه ابن مهدي وأسد السنة وأبو صالح وبشر بن السري عنه وهذا في جزء ابن عرفة معضل سقط منه العرباض وأبو رهم وللحديث شاهد قوي  . أبو مسهر حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن عبد الرحمن بن أبي عميرة المزني وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي قال لمعاوية  : ( اللهم علمه الكتاب والحساب وقه العذاب  ) . أبو هلال محمد بن سليم حدثنا جبلة بن عطية عن رجل عن مسلمة بن مخلد أنه قال لعمرو بن العاص ومعاوية : يأكل إن ابن عمك هذا لمخضد أما إني أقول هذا وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول  : ( اللهم علمه الكتاب ومكن له في البلاد وقه العذاب ) فيه رجل مجهول وجاء نحوه من مراسيل الزهري ومراسيل عروة بن رويم وحريز بن عثمان . مروان بن محمد حدثنا سعيد بن عبد العزيز حدثني ربيعة بن يزيد سمعت عبد الرحمن بن أبي عميرة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لمعاوية : ( اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به  ) حسنه الترمذي . صفوان بن صالح حدثنا الوليد ومروان بن محمد حدثنا سعيد نحوه وقال أبو زرعة النصري وعباس الترقفي حدثنا أبو مسهر حدثنا سعيد نحوه وفيه سمعت رسول الله  . أحمد بن المعلي حدثنا محمود حدثنا عمر بن عبد الواحد عن سعيد عن ربيعة : أن بعثاً من أهل الشام كانوا مرابطين بآمد وأن عمير بن سعد كان على حمص فعزله عثمان وولى معاوية فبلغ ذلك أهل حمص فشق عليهم فقال عبد الرحمن بن أبي عميرة المزني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لمعاوية : ( اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به واهده  ) . أبو بكر بن أبي داود حدثنا محمود بن خالد حدثنا الوليد وعمر بن عبد الواحد عن سعيد عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس عن عبد الرحمن بن أبي عميرة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لمعاوية : ( اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به  ) . عمرو بن واقد عن يونس بن حلبس عن أبي إدريس قال : لما عزل عمر عمير بن سعد عن حمص ولى معاوية فقال الناس في ذلك فقال عمير : لا تذكروا معاوية إلا بخير فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( اللهم اهد به  ) رواه عن الذهلي عن النفيلي عنه  هشام بن عمار . حدثنا عبد العزيز بن الوليد بن سليمان سمعت أبي يقول : إن عمر ولى معاوية فقالوا : ولاه حديث السن ! فقال : تلومونني وأنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به ) هذا منقطع .

 محمد بن شعيب حدثنا مروان بن جناح عن يونس بن ميسرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذن أبا بكر وعمر في أمر فقالا : الله ورسوله أعلم , فقال : ( أشيرا علي ثم قال : ادعوا معاوية فقال : أحضروه أمركم وأشهدوه أمركم فإنه قوي أمين ) ورواه نعيم بن حماد عن ابن شعيب فوصله بعبد الله بن بسر . أبو مسهر وابن عائذ عن صدقة بن خالد عن وحشي بن حرب بن وحشي عن أبيه عن جده قال : أردف النبي صلى الله عليه وسلم معاوية خلفه فقال  : ( ما يليني منك ؟ ) قال : بطني يا رسول الله , قال : (   اللهم املأه علماً  ) زاد فيه أبو مسهر ( وحلماً )  قال صالح جزرة : " لا يُشتغل بوحشي ولا بأبيه  "(6) . بقية عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسير ومعه جماعة فذكروا الشام فقال : رجل كيف نستطيع الشام وفيه الروم قال : ومعاوية في القوم وبيده عصا فضرب بها كتف معاوية وقال : ( يكفيكم الله بهذا ) هذا مرسل قوي  فهذه أحاديث مقاربة  وقد ساق ابن عساكر في الترجمة أحاديث واهية وباطلة طول بها جداً .

 وخلف معاوية خلق كثير يحبونه ويتغالون فيه ويفضلوه إما قد ملكهم بالكرم والحلم والعطاء وإما قد ولدوا في الشام على حبه وتربى أولادهم على ذلك وفيهم جماعة يسيرة من الصحابة وعدد كثير من التابعين والفضلاء وحاربوا معه أهل العراق ونشؤوا على النصب نعوذ بالله من الهوى كما قد نشأ جيش علي رضي الله عنه ورعيته إلا الخوارج منهم على حبه والقيام معه وبغض من بغى عليه والتبري منهم وغلا خلق منهم في التشيع فبالله كيف يكون حال من نشأ في إقليم لا يكاد يشاهد فيه إلا غالياً في الحب مفرطا في البغض ؟ ومن أين يقع له الإنصاف والاعتدال ؟ فنحمد الله على العافية الذي أوجدنا في زمان قد انمحص فيه الحق واتضح من الطرفين وعرفنا مآخذ كل واحد من الطائفتين وتبصرنا فعذرنا واستغفرنا وأحببنا باقتصاد وترحمنا على البغاة بتأويل سائغ في الجملة أو بخطأ إن شاء الله مغفور وقلنا كما علمنا الله  : { ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا } وترضينا أيضاً عمن اعتزل الفريقين كسعد بن أبي وقاص وابن عمر ومحمد بن مسلمة وسعيد بن زيد وخلق وتبرأنا من الخوارج المارقين الذين حاربوا علياً وكفروا الفريقين فالخوارج كلاب النار قد مرقوا من الدين ومع هذا فلا نقطع لهم بخلود النار كما نقطع به لعبدة الأصنام والصلبان  .

 فمن الأباطيل المختلقة : عن واثلة مرفوعاً(7) : ( كاد معاوية أن يبعث نبيا من حلمه وائتمانه على كلام ربي ) . وعن عثمان مرفوعاً  : ( هنيئاً لك يا معاوية لقد أصبحت أمينا على خبر السماء ) . عن أبي موسى نزل عليه الوحي فلما سري عنه طلب معاوية فلما كتبها يعني آية الكرسي قال : ( غفر الله لك يا معاوية ما تقدم إلى يوم القيامة ) .  عن مري الحوراني عن رجل نزل جبريل فقال : (  يا محمد ليس لك أن تغزل من اختاره الله لكتابة وحيه فأقره إنه أمين ) . عن سعد مرفوعاً : ( يحشر معاوية وعليه حلة من نور ) . عن أنس هبط جبريل بقلم من ذهب فقال : ( يا محمد إن العلي الأعلى يقول : قد أهديت القلم من فوق عرشي إلى معاوية فمره أن يكتب آية الكرسي به ويشكله ويعجمه ) فذكر خبراً طويلاً . وعن ابن عباس قال لما أنزلت آية الكرسي دعا معاوية فلم يجد قلماً وذلك أن الله أمر جبريل أن يأخذ الأقلام من دواته فقام ليجيء بقلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( خذ القلم من أذنك ) فإذا قلم ذهب مكتوب عليه لا إله إلا الله هدية من الله إلى أمينه معاوية  . وعن عائشة مرفوعاً : (  كأني أنظر إلى سويقتي معاوية ترفلان في الجنة ) . عن علي قال : " لأخرجن ما في عنقي لمعاوية قد استكتبه نبي الله وأنا جالس فعلمت أن ذلك لم يكن من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن من الله " . عن جابر مرفوعاً : ( الأمناء عند الله سبعة القلم وجبريل وأنا ومعاوية واللوح وإسرافيل وميكائيل ) . عن زيد بن ثابت دخل النبي عليه السلام على أم حبيبة ومعاوية نائم على فخذها فقال : ( أتحبينه ؟ ) قالت : نعم , قال : ( لله أشد حباً له منك له كأني أراه على رفارف الجنة ) . عن جعفر أنه أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم سفرجل فأعطى معاوية منه ثلاثاً وقال : ( القني بهن في الجنة ) قلت وجعفر قد استشهد قبل قدوم مسلماً .   وعن حذيفة مرفوعاً ( يبعث معاوية وعليه رداء من نور الإيمان ) عن أبي سعيد مرفوعاً : ( يخرج معاوية من قبره عليه رداء من سندس مرصع بالدر والياقوت ) . عن علي أن جبريل نزل فقال : ( استكتب معاوية فإنه أمين ) . أبو هريرة مرفوعاً : ( الأمناء ثلاثة أنا وجبريل ومعاوية ) وعن واثلة بنحوه  . أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم ناول معاوية سهما وقال : ( خذه حتى توافيني به في الجنة ) . أنس مرفوعاً : ( لا أفتقد أحدا غير معاوية لا أراه سبعين عاما فإذا كان بعد أقبل على ناقة من المسك فأقول أين كنت يقول في روضة تحت العرش .. ) الحديث . وعن بعضهم جاء جبريل بورقة آس عليها ( لا إله إلا الله حب معاوية فرض على عبادي ) . ابن عمر مرفوعاً : ( يا معاوية أنت مني وأنا منك لتزاحمني على باب الجنة )  فهذه الأحاديث ظاهرة الوضع والله أعلم  .

& ويروى في فضائل معاوية أشياء ضعيفة , تحتمل منها :  فضيل بن مرزوق عن رجل عن أنس مرفوعاً : ( دعوا لي أصحابي وأصهاري ) . أحمد في المسند حدثنا روح حدثنا أبو أمية عمرو بن يحيى بن سعيد حدثنا جدي : أن معاوية أخذ الإداوة وتبع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع رأسه إليه وقال : ( يا معاوية إن وليت أمرا فاتق الله واعدل ) فما زلت أظن أني مبتلى بعمل لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ابتليت ؛ ولهذا طرق مقاربة  . يحيى بن أبي زائدة عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر عن عبد الملك بن عمير قال معاوية : والله ما حملني على الخلافة إلا قول النبي صلى الله عليه وسلم لي : ( يا معاوية إن ملكت فأحسن ) ابن مهاجر ضعيف والخبر مرسل . الأصم حدثنا أبي سمعت ابن راهويه يقول لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل معاوية شيء . ابن فضيل حدثنا يزيد بن أبي زياد عن سليمان بن عمرو بن الأحوص عن ابي برزة كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فسمع صوت غناء فقال : ( انظروا ما هذا ) فصعدت فنظرت فإذا معاوية وعمرو بن العاص يتغنيان فجئت فأخبرته , فقال : ( اللهم أركسهما في الفتنة ركسا ودعهما في النار دعا ) هذا مما أنكر على يزيد(8) ... )) .

               

1/ رواه ابن سعد في الطبقات  ج5 ص 394 طبعة دار صادر بيروت , وأبي نعيم في حلية الأولياء ج9 ص 114 طبعة دار الكتاب العربي بيروت , والرافعي في التدوين في أخبار قزوين ج1 ص192 طبعة دار الكتب العلمية بيروت . 

2/ هذا القول والمداخلة للحافظ الذهبي كما اشرنا في المقدمة وسوف يأتي غيره كثيراً .

3/ تقصد أنها تتفرس فيه أنه سوف يسود على قومه وعلى غيرهم وليس على قومه فقط كما ظن الأعرابي وقد حصل له ذلك فأصبح خليفة وهذه من قوة فراستها .

4/ هذا أسلوب اتخذه الذهبي في كُتبه كالسير والتاريخ وهو أن يبدأ بقوله : ابن إسحاق ...أو ابن سعد ...أو الترمذي ... ثم يسوق بقية السند وذلك من اجل الاختصار فيعرف القارئ بذلك أن هذا السند لأبن إسحاق أو ابن سعد أو الترمذي وهكذا . وفي بعض الأحيان يبدأ بشخص تتفرع عنه القصة لأنها مروية في عدة مصادر حديثيه .

5/ هذا تضعيف من الذهبي لهذه الروايات التي تذكر دعاء الرسول على معاوية بعدم الشبع ولكن الحديث ورد في صحيح مسلم وسبب تضعيف الذهبي هو أبو حمزة عمران القصاب الذي لم يروي عنه مسلم إلا هذا الحديث ثم هو مختلف في تقويته كما ذكر الذهبي في ترجمته من كتاب ميزان الاعتدال فليراجع للفائدة .

6/ يقصد أنهما من أهل الضعف في رواية الحديث ..

7/ المرفوع يقصد به انه من قول الرسول صلى الله عليه وسلم وليس من قول الصحابي .

8/ يعني انه ضعيف ولا يصح هذا القول عن الرسول صلى الله عليه وسلم ..