المناضل الفلسطيني الكبير شفيق الحوت
شفيق الحوت |
محمد فاروق الإمام |
القائد الكبير شفيق الحوت - أبو الهادر أحد الرموز الحية في النضال الوطني الفلسطيني، فهو قائد وكاتب وإعلامي وخطيب وسياسي لم يتلوث بفيروسات الواقعية والعقلانية السلمية التي غزت الساحة الفلسطينية وانتشرت بين معظم أفراد القيادة المهيمنة على منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية. أهتم الرجل بدرء مخاطر الأوبئة الفتاكة التي جاءت بها تلك القيادة، وذلك منذ قبولها بالتسوية وحتى انعقاد مؤتمر (نعي) فتح في بيت لحم مؤخراً ..
ولد الحوت عام 1932م في مدينة يافا في فلسطين، وأنهى دراسته الثانوية من المدرسة العامرية في يافا عام 1948م حيث أجبر مع عائلته على الهجرة إلى لبنان في نيسان من نفس العام، ثم التحق بالجامعة الأمريكية في بيروت عام 1948م، وتخرج منها عام 1953م. أسس جبهة التحرير الفلسطينية "طريق العودة" عام 1963م، كما كان أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية، وشارك في مؤتمرها التأسيسي الذي عقد في مدينة القدس في الثامن والعشرين من أيار عام 1964م، وأصبح عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني حتى وفاته، عُين في أول اجتماع للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا ومديرا لمكتب المنظمة في لبنان، كما انتخب عضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بين عامي 1966 و1968م، وبين عامي 1991و 1993م، وعين ناطقاً رسمياً باسم منظمة التحرير الفلسطينية في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ العام 1974 حتى 1992م.
أبو الهادر عرف أكثر من خلال اسمه الآخر شفيق الحوت وكممثل لفلسطين في لبنان منذ أسس المرحوم أحمد الشقيري (م ت ف) قبل أن يختطفوها منه تحت شعار المنظمة لحملة البنادق، ومن الشعب الفلسطيني فيما بعد بعد ، تحت شعار المنظمة لجماعة أوسلو.. نسألهم اليوم أين البنادق وأين الرايات وأين الخنادق وأين استقلالية القرار وأين بر الأمان والسلام المنشود وتحرير الأسرى وإزالة الاستيطان وعودة اللاجئين ومآذن وكنائس القدس ؟؟؟؟؟ ... هؤلاء بدلوا كل تلك الشعارات ببطاقات ال (فيب) التي منحها لهم الاحتلال كي يتحركوا بحرية مقابل سجن وحصار كل الفلسطينيين في الضفة والقطاع.
إن الفيروس الوحيد الذي استقبله أبو الهادر عن طيب خاطر وأدخله مع دمائه في شرايينه وأوردته حتى وصل القلب والعقل، هو فيروس حب فلسطين كل فلسطين، من يافا حيث كانت ولادته إلى غزة حيث يحاصر الأعداء كل شيء حيّ في القطاع.. لقد قبل شفيق الحوت أن يكون فدائياً وأن يضحي ويعطي ويقدم كل شيء لأجل استعادة أرض فلسطين وتحريرها ومن ثم عودة كل لاجئ فلسطيني مع ذريته إلى كامل التراب الوطني الفلسطيني، هذا ال (كامل) الذي يتناساه أو تناساه منذ فترة طويلة وبالذات هذه الأيام الأخوة الأعداء وكذلك الرفاق الأعزاء.. المهددون من رأس السلطة بقطع الميزانية عنهم وتجويعهم حتى تركيعهم. أو أنهم يبقون أمينين لدور شاهد الزور في المجلسين الوطني والمركزي وكذلك في اللجنة التنفيذية للمنظمة المختطفة.
بدأ شفيق الحوت فرض نفسه سياسياً في وقت مبكر ، بعد أن فرض نفسه إعلامياً في جريدة الحوادث اللبنانية الشهيرة ليصبح اسماً إعلامياً لامعاً في كل الوطن العربي. .. ومع الكاتبة المبدعة الراحلة سميرة عزام ونقولا الدر رئيس تحرير جريدة (الدايلي ستار) التي كانت تصدر عن دار الحياة في بيروت، والأخير أصبح عضواً في أول لجنة تنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومن أوائل المشرفين على تأسيس مركز الأبحاث الفلسطيني.. وخالد اليشرطي وعبد المحسن أبو ميزر(عضو لجنة تنفيذية فيما بعد) وسعيد بركة وراجي صهيون في سنة 1961م من القرن المنصرم قاموا بتأسيس تنظيم جبهة التحرير الفلسطينية، الذي كان له نشرة دورية عرفت باسم (طريق العودة) وصدر عددها الأول سنة 1963م. مثل أبو الهادر التنظيم المذكور في اللجنة التنفيذية في عام 1966 و1967م ، ثم تم إعلان حله سنة 1969م . جدير بالذكر أن هناك فصيل فلسطيني آخر يحمل اسم جبهة التحرير الفلسطينية وكان بقيادة الشهيد الراحل (طلعت يعقوب).و له نشرة عرفت باسم (القاعدة). وأخرى باسم (الأفق). كما كان هناك في بداية الستينات من القرن المنصرم فصيل ثالث يحمل اسماً شبيهاً وهو (جبهة التحرير الوطني الفلسطينية - ج.ت.ف ).. ساهم الحوت مع الشقيري وآخرين في تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية سنة 1964م. وفي هذا الصدد يقول في الصفحة93 من كتابه (بين الوطن والمنفى - من يافا بدأ المشوار): (عندما غادرنا القدس ، لم نكن ندرك بعمق أن ما قمنا به في تلك الأيام من أيار/مايو 1964م كان بداية الرد الاستراتيجي الجاد على ما حدث لنا ولفلسطين في مايو/ أيار 1948م. وأعتقد بعد مرور أكثر من خمسين سنة على النكبة، أن أهم انجاز وطني حققه النضال الفلسطيني حتى لحظتنا الراهنة كان التأسيس لقيام منظمة التحرير الفلسطينية).
يقول أيضاً في الصفحتين 93 و 94 : (توجه أبو مازن إلى القدس، المقر الرسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية ورفع علم فلسطين على السارية، وأعلن أسماء أعضاء اللجنة التنفيذية الأولى) وهنا يتحدث الحوت عن أبي مازن أحمد الشقيري أول رئيس للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وعلى ذكر اللجنة التنفيذية للمنظمة نذكر بأن شفيق الحوت استقال منها ومن عمله كسفير لفلسطين في لبنان يوم 10 أيلول/سبتمبر 1993م، احتجاجاً على اتفاقية أوسلو بين ياسر عرفات واسحق رابين. ولم يعد إليها أبداً. وكانت حصلت مواجهات كلامية حامية الوطيس أكثر من مرة بين الحوت وعرفات في اجتماعات المجلس المركزي للمنظمة والمجلس الوطني واللجنة التنفيذية. ومنها على سبيل المثال اجتماع للمجلس المركزي عقد سنة 1993م لمباركة اتفاقية أوسلو.. واجه الحوت عرفات بما جاء في إعلان المبادئ من تخلٍ عن حق العودة، فحاول عرفات تفسير الكلام حسبما يريد وبحسب معرفته بالانجليزية، فرد عليه الحوت (انكليزيتي أحسن من انكليزيتك ) .. النص الكامل موجود في الفصل 27 من نفس الكتاب وبعنوان (استقلت احتجاجاً على اتفاقية أوسلو).