الشيخ محمد بلال
الشيخ محمد بلال
(العالم الفقيه المفتي، الأديب الخطيب)
(1328ـ1420هـ/1910ـ2000م)
فياض العبسو
نسبه ومولده:
هو العلامة الفقيه الأديب الخطيب ، الشيخ أبو عمر فؤاد ، محمد بن عمر بلال الحلبي=الشافعي الحنفي ، مفتي الديار الحلبية .. ويطلق عليه: الشيخ محمد عثمان بلال ..
ولد في حلب عام ( 1910 م ) ونشأ فيها وتعلم القرآن الكريم ، ومبادىء العلوم الأولية ..
دراسته:
دخل المدرسة الخسروية بحلب ، عام ( 1922 م ) .. وأمضى فيها ست سنوات ، وتلقى فيها العلم على كبار علماء حلب في ذلك الوقت .. وتخرج منها عام 1347 هـ / 1928 م ،
( القافلة الثالثة ) ..
شيوخه:
من شيوخه في المدرسة الخسروية:
الشيخ العلامة اللغوي محمد الناشد الملقب بـ ( الزمخشري الصغير ) ، ودرس عليه النحو والصرف والبلاغة ..
والشيخ العلامة المتكلم فيض الله الأيوبي ، ودرس عليه علم التوحيد والمنطق ..
والشيخ العلامة حسين رضا أورفلي ، ودرس عليه أصول الفقه ..
والشيخ العلامة الفقيه أحمد الزرقا ، ودرس عليه الفقه الحنفي ..
والشيخ العلامة علي العالم ، ودرس عليه أحكام الأوقاف ..
والشيخ العلامة المحدث المؤرخ محمد راغب الطباخ ، ودرس عليه الحديث والمصطلح والتاريخ ..
والشيخ العلامة المفسر أحمد الشماع ، ودرس عليه التفسير ..
والشيخ المربي الفاضل عيسى البيانوني ، ودرس عليه الأخلاق ..
والشيخ العلامة الفرضي=عبد الله المعطي ، ودرس عليه علم الفرائض ..
والشيخ العلامة الأديب المؤرخ كامل الغزي ، ودرس عليه علم الإنشاء ..
والشيخ العلامة المحامي عبد القادر السرميني ، ودرس عليه مجلة الأحكام العدلية ..
والأستاذ أبو السعود الكيالي ، ودرس عليه الحساب والجغرافية ..
والشيخ القارىء المقرىء أحمد أبو التيج المدني ، وأخذ عنه علم التجويد ..
إجازاته ، ومكانته العلمية:
وأجازه الشيخ الفقيه اللغوي محمد أسعد العبه جي ، مفتي الشافعية بحلب ، رحمه الله ،
بما أجازه به شيخه العلامة أحمد المكتبي الحلبي الشافعي الأزهري رحمه الله ، بإسناده عن مشايخه في الأزهر الشريف ، وخصوصاً العلامة الكبير الشيخ محمد الأنبابي ، شيخ الأزهر ، رحمه الله .. وشهد له بأنه من أهل العلم ، المحصلين له ..
كما شهد له الشيخان الفاضلان محمد الحكيم ، ومصطفى الزرقاء ، رحمهما الله تعالى ، بالرسوخ في العلم ..
وكان بينه وبين مفتي سورية السابق ، العلامة الشيخ الطبيب محمد أبو اليسر عابدين ،
( 1307 ـ 1401 هـ / 1889 ـ 1980 م ) ، رحمه الله ، مراسلات ومذاكرات علمية ..
وكان يزوره ، في دمشق الشام ..
أقرانه:
وكان من أقرانه الذين تخرجوا معه في الخسروية:
الشيخ صبحي الصباغ ، رئيس محكمة التمييز الشرعية بدمشق ، والشيخ المحامي الأديب عبد القادر الكرمان ، والشيخ محمد نجيب خياطة ، فرضي حلب وشيخ قرائها .. والشيخ صبحي الريحاوي .. والشيخ أحمد أبو صالح ، والشيخ كامل السرميني ، والشيخ عبد الغفور السرميني والشيخ محمد البكار التادفي الحلبي ، والشيخ محمد علي كحال .. والأستاذ مصباح هبراوي ..
أعماله ووظائفه:
عمل بعد تخرجه من الخسروية ، إمام مسجد بحلب ، وخطيباً في جامع حي المعادي ،
جنوب حلب ، ثم عين كاتباً لمحاضر الحكم في المحكمة الشرعية ، ثم نقل لقضايا الاستئناف
في العادلية ..
عمل مساعداً في المحكمة الشرعية بحلب ، ثم رئيساً لديوان المحكمة ، ثم مدير أيتام في المحكمة الشرعية .. فمعاوناً للقاضي الشيخ محمد الحكيم ، في الحكم ، وكان يصدر القرارات ..
ثم انتقل من العدلية ، إلى دائرة الفتوى ، ليعمل مدرساً دينياً ( مدرس محافظة ) لمدة ثلاث سنوات ، وذلك مابين عامي ( 1966 ـ 1969 م ) ، ثم ترك التدريس الديني ، بسبب زحمة أعماله .. كما عمل معاوناً لمفتي الأحناف الشيخ محمد الحكيم ، ومفتي الشافعية محمد أسعد العبه جي ، وبعد وفاة الشيخ محمد أسعد العبه جي رحمه الله ، حل مكانه مفت للشافعية بحلب ، لمدة خمس سنوات ، بترشيح وتزكية من علماء حلب ..
ولما توفي الشيخ محمد الحكيم رحمه الله ، أصبح الشيخ محمد بلال ، مفت للأحناف والشافعية لمدة تزيد عن عشرين سنة ، وذلك حتى وفاته رحمه الله .. من عام ( 1387 هـ ) حتى وفاته.
وخطب في الجامع الأموي الكبير بحلب ، بعد وفاة خطيبه الشيخ محمد الحكيم، لمدة ( 3 أو 4 ) سنوات .. ثم قدم استقالته إلى وزير الأوقاف الدكتور محمد الخطيب ، فرد الوزير الاستقالة ولم يوافق عليها ، ورجاه أن يبق خطيباً للجامع الكبير ، لأن بعض الناس كانت تقصد الجامع لسماع خطبته .. ورجاه أيضاً أن يقبل الهدية من مدير أوقاف حلب الدكتور محمد صهيب الشامي ، فقبلها ، وبقي بعدها خطيباً للجامع الكبير لمدة خمسة أشهر ، ثم ترك الخطبة ..
فأمر الوزير بأن يبق له راتبه مدى حياته ، تقديرا لجهوده ..
مؤلفاته وآثاره:
ترك الشيخ كماً هائلاً من الفتاوى ، وهي معدة للطباعة في مجلد كبير ..
مذهبه ومشربه:
مذهبه شافعي ، وحنفي .. ومشربه صوفي معتدل ، أخذ الطريقة النقشبندية ، من الشيخ المحمدي: عيسى البيانوني رحمه الله ، ثم أخذها أيضاً من الشيخ عبد الباسط بن الشيخ المربي الفاضل محمد أبو النصر سليم خلف الحمصي النقشبندي ، شيخ الطريقة النقشبندية في بلاد الشام ... رحمهم الله جميعاً ..
حج الشيخ ست حجج ، واعتمر مرتين ، سوى عمرات الحج ..
شعره وأدبه:
وكان يحفظ الكثير من الشعر والمقالات الأدبية ، وتراجم بعض الأئمة ، وينظم الشعر أيضاً ، ولكنه مقل في ذلك ، وله قصيدة مدح بها أستاذه العلامة الفقيه اللغوي الشيخ أحمد المكتبي الكبير رحمه الله ، تلميذ الشيخ العلامة الفقيه أحمد الترمانيني ، الذي كان من أقران العلامة الفقيه الشيخ محمد الزرقا رحمه الله ..
يقول فيها:
صبا فأبكى كل من هو وشبت به من شدة الحب جمرة وساهر نجم الليل يرعى سهاده | هاجعوحنا فأشجى كل من هو لو الجمر داناها كوته الأضالع فنام السهى وهو يقظان هاجع | والع
إلى أن يقول:
بديعة معنى الحسن مني وإن تجري روحي فإنها في هوى شـهـم كـريم عاقل وعى شمم أديـب أبـي ذو عـفاف طائل مـا مـثله في الجود حتى حاتماً | فواصليفـوصـلـك هذا حللته أسـد تـخر له الأسود وتخضع نـهـيكل ذكي مصقع وسميزع أديـب أبـي بـالـعـطا متلفع فـهـو الـسـخي حاتم له تابع | الشرائع
وذلك لأن الشيخ المكتبي مسلم ، وحاتم نصراني .. ولقد استفاد من كتب الشيخ مصطفى الزرقاء ، بعض الكلمات في هذه القصيدة ..
صفاته وأخلاقه:
أبيض الوجه أنوره ، ذو لحية خفيفة بيضاء ، يلبس عمامة على طربوش أحمر ، معتدل القامة طيب القلب ، سليم الصدر ، متواضع ، أديب فقيه خطيب ، مجلسه مجلس علم وأدب ، محل ثقة ، محبوب لدى الناس ، رشحه علماء حلب لمنصب مفتي الشافعية بحلب ، وأثنوا عليه خيراً .. وشهدوا له بالرسوخ في العلم والفقه .. وكانت أمنيته ، كما أخبرني هو بذلك ، أن يؤخذ من كل مذهب من المذاهب الفقهية ، أرجحه وأقواه ، ويكون منها مذهب ، يسمى ( مذهب الجمهور ) .
وكان منهجه التيسير في الفتوى .. مع الدليل .. واتباع منهج السلف ، في ذلك ..
وقدم له الشيخ الشاعر محمد كامل الريحاوي ، رحمه الله ، هدية ، كتب عليها هذه الأبيات:
يـقول شفيع الخلق طه فـهاك بها تهدى إليك تواضعاً فإن شئت في تعدادها وصفاتها سـواك وطيب ثم يتلوه سبحة وما قصدنا في ذاك إلا اجتماعنا مـن الله نرجو أن يعم جميعنا | محمدتـهـادوا لـترقوا للوداد لـرمـز الإخاء والمودة فاعلم طهارة إنعاش جلا القلب فافهم لـذكـر وإنـعاش مطهرة الفم على الحب إذ يهفو له كل مسلم رضـاه بـدار الخلد دار التنعم | بسلم
وممن مدحه شعراً ، الأستاذ محمد نور حسن ، فإنه مدحه بقصيدة ، قال فيها:
مـحـمـد اسـمـه قد بات ينعشنا وإن أردت بـعـثمان الصفات فلا فـإن تـرم فـيـه حلماً فهو زينته والـصـبـر عند بلال فهو جدكم مـعـذب مـعـلناً للحق دون ونى عـلامـة الشرع نبراس لنا وهج لـذ فيه إن رمت حكماً في الشريعة وسـطر الحكم فالفتوى به ظهرت إن الـفـتاوى بشهباء الشآم غدت فـهـامة الفقه حبر العصر مقصدنا تـحصي العلوم بوجه مشرق وهج سـمـح كـريم جواد النفس تألفه فـأنـت بـحر به الأمواج زاخرة أدامـك الله ذخـراً لا بـديـل له ونـحـمـد الله أن أولاك نـعمته ثـم الـصـلاة على المختار قائدنا | في قلبنا ساكن في الموضع الخصب تـجد لها في سوى عثمان من نسب سـيـملأ الصدر فيه دونما غضب قد عيل عند سواه وهو في الخطب بـقـوله " أحد " رغماً عن الريب يـضـفي علينا ضياء لامع الشهب لا تـعـجـزه أي براهين بلا تعب سـلـيـمـة بصحاح الفقه والكتب حـصـراً بكم سيدي يا قائد النجب فـي كـل حـكم إلهي وفي الطلب بـالابـتـسـامة محفوفاً وبالقرب لـمـا بـه من سمات العلم والأدب وأنـت مـنهل نبع صافي الشرب ولا غـنـى عنه في التبيين للكتب بـحـفظ شرع النبي يا أخا العرب مـا غرد الطير أو قلبت في الكتب |
كما مدحه الأستاذ مصطفى بن حسن مصطفى ، بقصيدة ، قال فيها:
وكـل عـام وأنـتـم بيننا يـا من سميك طه المصطفى حسباً والـتـابـعـون ومن كانوا أئمتنا يـا وارث الـمصطفى دم بيننا أبداً عـثـمـان نسبتكم أكرم بها شرفاً والله لـو شـربت روحي على ظمأ عـش في هناء بدنيانا وإن رحلت | صدفإن غـبت عنا يبكي دهرك مـحـمـد جنده الأصحاب والسلف حتى الحساب إلى أن تنشر الصحف يـفـديك جوهرنا يحتاطه الخزف والـعـلـم منهجكم ديوانه الشرف مـن أجـلكم حمماً ما سامني أسف روح لـكـم آجـلاً هذا لنا الهدف | الخلف
في 29 / 6 / 1993 م .
وفاته:
توفي الشيخ بحلب ، ودفن فيها ، مأسوفاً ومحزوناً عليه من الجميع .. وأقيم له حفل تأبين في جامع الإمام الغزالي بحلب ، ورثاه العلماء والأدباء ... رحمه الله تعالى .
المصادر:
هذه المعلومات مأخوذة من الشيخ مباشرة ، في اتصال هاتفي معه بتاريخ 12 / 10 / 1998م ، وفي لقاءات كثيرة معه في دائرة الإفتاء والتدريس الديني بحلب ، رحمه الله تعالى ..
وانظر كتاب: إعانة المجدين بتراجم أعلام المحدثين الحلبيين ، المجلد الثاني ، مخطوط ،
للشيخ المؤرخ أحمد محمد السردار ، رحمه الله ..