فارس الشعر الغنائي .. حسين السيد

إبراهيم خليل إبراهيم

إبراهيم خليل إبراهيم

ولد حسين السيد في اسطنبول في الثالث عشر من شهر مارس عام 1921 من أب مصري و أم تركية وبعد عامين من مولده حضر إلى مصر مع والديه و عاش في طنطا ثم انتقل إلى القاهرة و عاش بالخرنفش .

كان بيت خاله مكانا لتجمع اهل الدين و التصوف وحرص حسين السيد على حضور ندواتهم ولذا أحب الموسيقى الشرقية .

حصل حسين السيد على الثانوية من مدرسة الفرير عام 1937 وكان حسين السيد يعشق اللغة العربية و يكتب بالفطرة الشعر الفصيح ، وكان لأستاذه ( مرجان ) الدور الأكبر في حبه للغة العربية حيث كان شاعرا ويقوم بتحفيظ التلاميذ موضوعات الإنشاء ، وذات يوم حضر ( زكي مبارك ) المشرف على المدارس الأجنبية في زيارة لمدرسة الفرير وكان حسين السيد في الصف الثالث الثانوي ، وعندما مر زكي مبارك على الفصول لم يعجبه مستوى الطلاب في اللغة العربية فقد طلب منهم الكتابة في موضوع ( كل إناء بما فيه ينضح) ثم قال : عايز قلم أحمر .. ولم يجد هذا القلم إلا مع حسين السيد ، فقال له : هذا يسمى قلم أقل من القليل .. فضحك الطلاب ، وأعطى زكي مبارك إلى حسين السيد 5 من 10 وكانت هذه هي أكبر درجة ، وأثناء الفسحة كتب حسين السيد على السبورة بعض الأبيات الشعرية وعندما شاهدها زكي مبارك وضع خطا تحت بعض الكلمات و قال لمدرس الفصل .. أأنت الذي كتبت هذه الأبيات ؟ فقال : لا .. الذي كتبها هو حسين السيد ، وهنا قال زكي مبارك لحسين السيد : أنت تكتب الشعر ؟ فقال : نعم .. وهنا قال زكي مبارك للأستاذ مرجان مدرس الفصل : خلي بالك من هذا الولد .

بدا حسين السيد مشواره الفني في عام 1939 عندما أعلن عن طلب وجه جديد للتمثيل في فيلم ( يوم سعيد ) مع محمد عبد الوهاب فتقدم و نجح في الفوز بدور صغير في الفيلم ، و فجأة قال حسين السيد لعبد الوارث عسر : أنا ممكن اكتب الاغنية التي تخدم الفيلم ، فاخبر عبد الوارث عسر الفنان محمد عبد الوهاب برغبة حسين السيد

عندما تقابل محمد عبد الوهاب مع حسين السيد ساله : اسمك إيه ؟

فقال : اسمي حسين بهاء الدين السيد

فقال محمد عبد الوهاب : اسمك طويل فمثلا نقول : حسين بهاء الدين أو حسين السيد ... فكان ( حسين السيد ) ثم حكى محمد عبد الوهاب إلى حسين السيد المواقف التي سيكتب عنها ففرح حسين السيد وذهب إلى منزله بالعباسية ولم ينم طوال الليل و قبيل الفجر بقليل سمع خطوات خيول عربات الكارو فكتب ( اجري اجري .. وديني قوام وصلني ) ثم قدمها لمحمد عبد الوهاب فاعجب بها ، ومن هنا توطدت العلاقة بينهما .

وبعد ثورة 1952 كتب حسين السيد العديد من الاغنيات الوطنية و القومية ونذكر منها : الصبر و الإيمان - اليوم فتحت عيني - بطل الثورة يا جمال - ساعة الجد - نشيد ناصر - الجيل الصاعد - دقت ساعة العمل - كل اخ عربي - الوطن الأكبر الذي اجتمع فيه لأول مرة في تاريخ الغناء العربي مجموعة كبيرة من المطربين و المطربات في عمل غنائي واحد و هم .. محمد عبد الوهاب و عبد الحليم حافظ و نجاة الصغيرة و صباح و شادية و فايدة كامل و وردة الجزائرية .. و عرض الوطن الاكبر في عيد الثورة الثامن في حفل اضواء المدينة .

وضع الشاعر حسين السيد بصماته الفنية في فيلم بور سعيد و فيلم رسالة من امراءة مجهوله .

تغني بكلمات الشاعر حسين السيد نخبة من الاصوات الغنائية الاصيلة ونذكر علي سبيل المثال : محمد عبد الوهاب و عبد الحليم حافظ و شادية و فايزة احمد و صباح ووردة و محمد فوزي و ليلي مراد ومحمد قنديل و هاني شاكر و ياسمين الخيان ونجاة الصغيرة .

وعلي الرغم من العلاق القوية بين الشاعر حسين السيد و ام كلثوم إلا انه لم يكتب اليها اية اغنية .

كتب الشاعر حسين السيد العديد من الاغنيات للاطفال .. و في هذا الصدد ذكرت زوجته : ان كل الاغاني التي كتبها حسين السيد للاطفال كانت من واقع اسرته مثلا ( ماما زمانها جاية ) قالها لابنتي عندما كنت اعمل بالجامعة حيث تاخرت في العودة للمنزل فقال لها عندما بكت : ( ماما زمانها جاية ) اما اغنية ( ست الحبايب ) اجمل ما قدم للام فقد كتبها حسين السيد لامه لانها عندما كانت تشاهده تقول اليه : اهلا بست الحبايب ، و ذلك كناية عن حبها له ، و المفروض ان يقول هو لها : اهلا بست الحبايب ، و لكن كان يحدث العكس .

وتقول كلمات الأغنية :

ست الحبايب ياحبيبة

ياأغلى من روحى ودمى

ياحنينه وكلك طيبة

يارب يخليكى ياأمى

ياست الحبايب ياحبيبة

زمان سهرتى وتعبتى

وشلتى من عمرى ليالى

ولسه برضو دلوقتى

بتحملى الهم بدالى

أنام وتسهرى

وتباتى تفكرى

وتصحى من الآدان

وتيجى تشقرى

يارب يخليكى ياأمى

ياست الحبايب

ياحبيبة

تعيشى لى

ياحبيبتى ياأمى

ويدملى رضاكى

دا أنا روحى

من روحك أنتى

وعايشه من سر دعاكى

بتحسى بفرحتى

قبل الهنا بسنه

وتحسى بشكوتى

من قبل ماأحس أنا

يارب خليكى

ياأمى

ياست الحبايب

ياحبيبة

لو عشت طول عمرى

أوفى جمايلك الغالية على

أجيب منين عمر يكفى

والاقى فين أغلى هديه

نور عينى ومهجتى

وحياتى ودنيتى

لو ترضى تقلبيهم

دول هم هديتى

يارب خليكى ياأمى

ياست الحبايب

ياحبيبه

كما كتب الشاعر حسين السيد المئات من الاسكتشات و الفوازير لثلاثي اضواء المسرح ، كما كتب ايضا فوازير رمضان .. فبرغم عمله بالتجارة الي ان الشعر تملكه وكانت الكلمة رسالته .

في عيد العلم عام 1960 منح الرئيس جمال عبد الناصر الشاعر حسين السيد وسام العلوم و الفنون ، و في عام 1976 كرمه الرئيس محمد انور السادات في عيد الفن و ذلك عندما القى قصيدة بعنوان ( العبور )

عن الشاعر حسين السيد قال الموسيقار محمد عبد الوهاب : الشاعر حسين السيد كان يكتب الاغنية الموضوعية فاغنيته ذات موضوع و قصة .

وقال ايضا : حسين السيد موسيقي الاذن ، و موسيقي الحس .. فعندما كان يقرا لي ما كتبه يقرا بالوزن وكانه ملحنها .

واخر اغنية غنتها وردة الجزائرية للشاعر حسين السيد كانت الي لبنان .

و الجدير بالذكر ان الشاعر حسين السيد كتب الاغنية الدينية بكل ما فيها من احساس و نبض و روحانية .. فمن منا ينسى ( اله الكون ) و ( الهي ما اعظمك ) .

واخر ما كتبه الشاعر حسين السيد قوله :

مع كل لمحة عين

تقابلنا صور

وكل صورة فيها

ايه و معجزة

بتقولنا شوفوا

بقلوبكم يا بشر

هتلاقوا صنع الله

في كل معجزة

الارض و السما

و البحر و سطوته

و الشمس و القمر

والكون في دورته

و الوحش في الخلا

و الطير في رحلته

و النمل لما يسعد

ويدبر لقمته

والكل ماشي يسبح

بالله و حكمته

سبحانه .. جل شانه

امنت بقدرته .

وفي السابع و العشرين من شهر شباط / شباط / فبراير عام 1983 توفي الشاعر المبدع حسين السيد و هو في مكتبه خلال كتابته لكلمات اغنية يحيي فيها الموسيقار محمد عبد الوهاب بعيد ميلاده لتغنيها فرقة الموسيقى العربية .