عدنان بدر الدين بن عبد الله سعيد
سلام على نفسك المطمئنّة يا أبا بدر وطوبى للغرباء
(1354/1935 ـ 1430/2009)
محمد علي شاهين
مفكّر إسلامي، أحد الدعاة المربين الفضلاء، عضو المحكمة العليا لجماعة الإخوان المسلمين في سوريّة، عضو نقابة المحامين في اللاذقيّة، المستشار الفني لدى الندوة العالميّة للشباب الإسلامي في الرياض.
ولد في مدينة اللاذقيّة، ونشأ في بيت علم وتقوى، وتربّى على الفضائل، وكان أبوه من مؤسّسي جماعة الإخوان المسلمين في مدينة اللاذقيّة، وكان من أوائل العاملين في ميدان التجارة والصناعة والزراعة في الساحل السوري، أمّا والدته فهي الشريفة عالية بنت القاضي الشيخ محمد محاسن الأزهري، نقيب الأشراف في اللاذقيّة، وكان بيت جدّه ملجأ الناس كلّما ادلهمت الخطوب واشتدّت ضراوة المستعمر الفرنسي وعملائه، أمّا أخواله فكلّهم علماء فضلاء خطباء: الشيخ صلاح الدين، والشيخ عماد، والشيخ حسين.
أكمل مراحل التعليم الثلاث في بلده، ثم انتسب إلى جامعة دمشق، وتخرّج من كليّة الحقوق سنة 1961.
تولى بعد تخرجه منصب مدير التعاون الزراعي في الساحل السوري، وقام بجولات في المناطق الجبليّة الساحليّة دعا فيها المزارعين لزراعة الأشجار المثمرة ذات الناتج العالي، وحثّ الفلاّحين على تعلّم أساليب الزراعة الحديثة، وابتعث إلى ألمانيا الغربيّة لحضور دورة في التعاون الزراعي.
ثم استقال من عمله، وتفرّغ لأعماله الخاصّة، فعمل مستشاراً قانونيّاً وشرعيّاً، وافتتح مكتباً للمحاماة.
انتسب إلى جماعة الإخوان المسلمين في وقت مبكّر، وتشبّع بفكر الإمام الشهيد حسن البنا، وكان مثال الرجل الأمين على حقوق أمّته وبلاده.
وعرف بين مواطنيه بأنّه داعية وحدة وطنيّة وتفاهم وتعاون بين طوائف الأمّة، ويرتبط بعلاقة صداقة بكافّة الطبقات الاجتماعيّة، ولم يعرف عنه التعصّب والانغلاق والغلو.
وكان التواضع والتقشّف والكرم من خصاله الحميدة التي ورثها عن أجداده، تجري صفاتها في عروقه مجرى الدم.
وكان براً بإخوانه عطوفاً عليهم، يتفقدهم كلّما غابوا عنه، وصدف أن رأيته يطوف حول البيت العتيق طواف الإفاضة، فما أن رآني رحمه الله وسط الزحام حتى اتجه إلي وأحاطني بين يديه، فلمّا نظرت في وجهه فإذا بالدموع تبلّل لحيته التي وخطها الشيب، فما تمالكت نفسي حتى بكيت.
وكان عطوفاً على الضعفاء والفقراء وملجأ ذوي الحاجات، وكان الناس ينزلون على حكمه إذا تنازعوا، بسبب حياده والتزامه بالشرع وتقيّده بالسنّة الشريفة، فيأمرهم بالمعروف وإحقاق الحقوق، والإحسان إلى النساء، وكان يأبى الترافع أمام المحاكم عن قضيّة لا يرى فيها دفاعاً عن مظلوم، أو إحقاقاً لحق مسلوب.
ولمّا أنشبت الفتنة أظفارها عام 1980 اعتزلها، وآثر الهجرة إلى المملكة العربيّة السعوديّة، وأقام في الرياض بعيداً عن مرابع طفولته في اللاذقيّة التي أحبّها، وعن إخوانه وعارفي فضله ومروءته، وكان عاشقاً للكتاب، يؤمن بأن العلم بحر زاخر، فنال درجة بكالوريوس في الشريعة الإسلاميّة، ودرجة الماجستير والدكتوراه في الشريعة الإسلاميّة، وجمع بين علم القانون وعلم الشريعة.
وعمل مستشاراً فنيّاً لدى الندوة العالميّة للشباب الإسلامي سنة 1402/1980، ثم مستشاراً شرعيّاً وقانونيّاً ورئيساً للجان التحقيق وكتابة العقود في سنة 1403/1983.
مثّل الندوة في المؤتمرات العالميّة التالية: ندوة الدفاع الاجتماعي والسياسة الجنائيّة سنة 1401/1981 في المغرب، وندوة الصحوة الإسلاميّة في إسبانيا سنة 1402/ 1982، والمؤتمر الإسلامي بالهند سنة 1404/1984.
أعدّ كتاباً وثائقيّاً عن التنصير في دول الخليج، وأعدّ دراسة عن المنظّمات الإسلاميّة في جنوب الهند والتحدّيات التي تواجهها، وعرّف بمشاريع المنظّمات الإسلاميّة العالميّة وخدماتها، وقام بتحرير وإصدار نشرة الندوة الدوريّة (بريد الشباب)، وأعدّ كتاباً عن برنامج المنح الدراسيّة للطلاب النابغين، كما أعدّ كتيّباً بعنوان: (المملكة العربيّة السعوديّة في سطور)، وصفه الدكتور مانع بن حمّاد الجهني الأمين العام للندوة العالميّة للشباب الإسلامي بأنّه كان مثال المتابع المخلص الدؤوب الجاد، توفي بمدينة الرياض في 10/2/2009 مهاجراً غريباً، فسلام على روحك الطاهرة ونفسك المطمئنّة يا أبا بدر وطوبى للغرباء.
ونسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يرحم أستاذنا الدكتور عدنان بدر الدين سعيد رحمة واسعة، وأن يلهم أبناءه وإخوانه الصبر والسلوان، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله.