الشيخ المجاهد أحمد عبد الرؤوف أحمد الجمّال، 1942- معاصر

clip_image002_dbc3c.jpg

المولد والنشأة :

هو الشيخ المجاهد أحمد عبدالرؤوف أحمد الجمّال ولد في حماة وسط سورية عام 1942م ، ونشأ في بيئة مسلمة محافظة ، وتربى على قيم ومبادئ التوحيد .

التحصيل العلمي:

 حصل على الشهادة الابتدائية والإعدادية والثانوية من حماة ،ثم حصل على بكالوريوس في الشريعة من جامعة دمشق بتقدير جيد في الدورة الأولى حزيران 1965.

درس الحقوق، ولم يكمل الدراسة.

حصل على الدبلوم العالي في التربية من جامعة دمشق .

الحالة الاجتماعية:

نشأ في أسرة متوسطة الحال وفي بيئة إسلامية فطرية, وأقبل على دروس العلم عندما كان في المرحلة الثانوية. أما الدروس الوعظية فقد حببت إليه في المرحلة الإعدادية وكان من أحبها إليه الدرس اليومي الذي كان يلقيه الأستاذ الداعية مصطفى الصيرفي, في شهر رمضان المبارك بعد صلاة الفجر.

وكان لهذا الدرس أثر كبير في النفوس، وكان الحضور يبلغون عدة آلاف أحياناً.

 وفي أواخر المرحلة الإعدادية حضر دروساً معدودة في حلقة علمية نحوية يعقدها الشيخ علي عثمان ، والأستاذ عبدالقادر علواني رحمهما الله تعالى.

وربما لا يحضرها معهما أحد في غرفة مطلة على نهر العاصي تقع على يمين الداخل إلى جامع المدفن من الباب الرئيسي قبل هدمه وإعادة بنائه, كما شدته حلقة العلم المسائية العامة التي كان يقيمها العلامة محمد الحامد – رحمه الله -في جامع السلطان في مدينة حماة بين المغرب والعشاء وتمتد في كثير من الأحيان قليلاً إلى مابعد العشاء, لكن عندما أقدم الطائفيون على جريمة هدم جامع السلطان سنة 1964 مـ بقذائف المدفعية والدبابات واستشهد عدد ممن كان فيه من خيرة شباب حماة, نقل الشيخ حلقته إلى جامع الأحدب، وكان الشيخ أحمد الجمّال حينها طالباً في كلية الشريعة, فتحول مع الشيخ، وحرص على الحضور كلما جاء من دمشق إلى بلده حماة, ثم أعاد الشيخ درسه إلى جامع السلطان بعد أن أعيد بناؤه.

ومن فضل الله تعالى عليه توفيقه لحضور درس محمد الحامد الصباحي بين الحين والآخر , فهذا الدرس كان الشيخ يقرره في غرفة علوية على يسار الداخل إلى الجامع الجديد الواقع في الجهة الجنوبية من سوق الطويل في حماه.

ولم يكن يحضر هذا الدرس سوى عدد محدود من خواص تلاميذ الشيخ وإخوانه, فيستفيدون فوائد جمّة منها الاعتياد على الدقة في تناول العبارة الفقهية وفهمها. ومنها الاعتياد على التحقيق العلمي النادر الذي عز نظيره في هذه الأيام هذا عدا ما يغرسه الشيخ في نفوس طلابه جميعاً من ورع وما يتحفهم به من معاني التربية والتزكية المنضبطة بعيداً عن الشطحات والغلو.

وممن كان يحضر هذا الدرس الصباحي العلامة محمد علي مراد, وهو من أقران الشيخ، وكان حضوره درساً في التواضع. مع ما للشيخ من مساهمة مفيدة أثناء هذا الدرس القيم.

إن مقدرة الشيخ محمد الحامد العلمية وورعه كانا سبباً لانجذاب الشيخ أحمد الجمال وانجذاب عدد من طلاب العلم إلى ملازمته ولهذا لم يحل تخرجه من الجامعة وازدياد مشاغله دون الحضور كلما تيسر ذلك .

ومن طريف ما يتذكره أنه كان برفقة صديقه وزميله الشيخ رضوان باظو في منطقة الدبّاغة, وهي من أحياء حماة وفيها جامع السلطان, فرأوا الشيخ محمد الحامد فسألاه بعد السلام عن وجهته، فأخبرهما أنه ذاهب إلى عيادة طبيب الأسنان الدكتور فائز الأسود، واستأذناه بمرافقته فأذن لنا, وبعد أن فرغ الشيخ من إصلاح أسنانه أثنى عليهما ثناءً استحيا منه, لكن في الحقيقة أثلج صدر الشيخ أحمد الجمال، وملأ قلبه بالراحة.

وكان مما قاله الشيخ رحمة الله تعالى عليه للدكتور مثنياً على الجمال وعلى الشيخ رضوان "إنهما من الأوفياء, لم يغيرا، ولم يبدلا، ولم يستجيبا للتشويش ومحاولات الإبعاد".

-وممن تلقى منهم مادة التربية الإسلامية في المدارس الحكومية في المرحلتين الاعدادية والثانوية الشيخ عبدالله الشيرازي الصباغ حفظه الله تعالى، والشيخ العلامة محمد علي مراد ، والشيخ العلامة محمد الحامد -رحمهما الله تعالى.

ومن إكرام الله تعالى له أنه تلقى علم التجويد من شيخ قراء حماة الذي قل نظيره في القراءات، وعلوم القرآن الشيخ سعيد العبدالله -رحمه الله تعالى , وقد كان للشيخ فضل كبير في نشر هذه العلوم , وتخرج على يديه عدد كبير من المتقنين ممن يحملون الإجازة منه , وقد أحسن إلى الشيخ أحمد الجمال فمنحه إجازة شفهية .

وكان للفقيه الحنفي المعمر الشيخ زاكي الدندشي - رحمه الله تعالى-وهو أحد شيوخ العلامة محمد الحامد- درس خاص بعد العصر في رد المحتار على الدرّ المختار (المعروف بحاشية ابن عابدين), يقرره في غرفة في الجهة الشمالية من باحة جامع الجديد, وقد يسر الله تعالى للشيخ أحمد الجمال، فحضر بعض هذه الدروس القيمة الغنية وكان أصغر الحاضرين سناً.

وبعد التحاقه بقسم الشريعة في جامعة دمشق انتظم صيفاً في درس خاص أيضاً يلقيه الشيخ زاكي رحمه الله تعالى في متن ملتقى الأبحر مع عدد محدود من طلاب العلم النابغين في جامع الأربعين, ويقع هذا المسجد على يسار الصاعد في شارع العلمين , غير أنه لم يكمل تلقي المتن عن الشيخ لأسباب اضطرارية .

ثم أكمله في بيته وبيت أحد الإخوة مع عدد محدود من طلاب العلم.

ومما جرى له مع الشيخ الشيخ زاكي أنه رآه مرة يحمل بعض الخضار إلى بيته فأبى الشيخ أحمد الجمال إلا أن يحملها عنه فوافقه الشيخ بعد إلحاح، ثم بادره قائلاً : "إنك تحضر الدرس لكنني أنسى الأسماء فما اسمك."  فذكر الشيخ أحمد له الاسم واسم أبي وجده, فما كان من الشيخ -رحمه الله تعالى- إلا أن توقف عن السير وأعاد السلام ثم أخبره دون سؤال منه أن عائلته منسوبون إلى آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن نسبهم ثابت, فسأله الشيخ أحمد : أين ينتهي نسبنا فأطرق الشيخ قليلاً ، وكأنه يحاول أن يتذكر, ثم قال :"إنني في هذه المرحلة من العمر لم أعد أتذكر أين ينتهي نسبكم لكنني أعرف جذور أسرتكم، وما من شك أنكم من آل البيت", فحمد الشيخ أحمد الله على هذا، وشكر الشيخ على هذه الشهادة وهذه البشرى, وكان قد سمع مثلها من جده وأخيه (عم أبيه) رحمهما الله تعالى ومن بعض كبار السن من الأسرة, فجاء كلام الشيخ مؤكداً لأقوالهم جميعاً.

وبعد حصول الشيخ أحمد الجمال على الشهادة الثانوية (التوجيهي), انتسبت إلى قسم الشريعة في جامعة دمشق طالباً مداوماً سنة 1961مـ وقد أدرك في بداية التحاقه بالجامعة مجالس الشيخ الرباني محمد الهاشمي التلمساني في بيته وغير بيته, ثم مالبث أن توفي بعد قليل من مداومته في الجامعة.

وفي بيت الشيخ رحمه الله تعالى ذاق لأول مرة في حياته بعض الأكلات المغربية فالشيخ جزائري الأصل استوطن دمشق، وتوفي فيها، ودفن في مقبرة الدحداح المشهورة.

وقد تلقى عن الشيخ مع آخرين دروساً في العقيدة على مذهب الإمام أبي الحسن الأشعري قررها من كتابه (مفتاح الجنة في عقيدة أهل السنة).

 وسنوات الدراسة في الجامعة مرت بسهولة وبلا عقبات, وكان النظام المتبع هو نظام السنوات لا نظام الساعات, فأنهى الدراسة في أربع سنوات متتالية تلقى فيها عن مجموعة من خيرة الأساتذة العلماء الكرام, منهم:

الأستاذ الكريم محمد المبارك رحمه الله تعالى.

وشقيقه الدكتور مازن المبارك

والدكتور يوسف العش رحمه الله تعالى.

الدكتور الداعية العلّامة المجاهد مصطفى السباعي رحمه الله تعالى.

والأستاذ الفقيه العلّامة ابن العلّامة مصطفى أحمد الزرقا رحمه الله تعالى.

والشيخ المحدث الدكتور محمد أمين مصري رحمه الله تعالى.

والشيخ المحّدث محمد المنتصر الكتاني رحمه الله تعالى.

والدكتور الفقيه فوزي فيض الله حفظه الله تعالى.

والدكتور الفقيه وهبة الزحيلي .رحمه الله تعالى .

والقانوني الدكتور وحيد الدين سوار حفظه الله تعالى.

والشيخ العلّامة المحدث عبد الفتاح أبو غدة الذي أقام في دمشق أشهراً معدودة بعد أن أصبح نائباً في المجلس النيابي, ذلك المجلس الذي خسرناه والذي غرقت سوريا بعده في ظلمات المجالس المزيفة التي تعج بأشباه الرجال, ويسيطر عليها الطائفيون القتلة الحاقدون. فكان تدريس الشيخ في الجامعة زمن وجوده في ذلك المجلس.

- زملاؤه في الدراسة :

الشيخ نوح سلمان القضاة الذي أصبح فيما بعد مفتي القوات المسلحة الأردنية، ثم قاضي قضاة الأردن، ثم مفتي المملكة الأردنية رحمه الله تعالى.

ومنهم الدكتور محمد الزحيلي شقيق الدكتور الشيخ وهبة الزحيلي, والشيخ الدكتور عبد الستار أبو غدة، والدكتور مصطفى مسلم, والدكتور محمد خير هيكل, والشيخ التركي جمعة جانبولاد, والشيخ محمد عبدالله الشقفة, والشيخ عبد المجيد عرفة الذي قتله الطائفيون صبراً في أحداث حماة الدامية في الثمانينات.

وسعد أيام الدراسة الجامعية بالسكن سنة مع الشيخ سعيد حوى رحمه الله تعالى وكان هو يؤدي الخدمة الإلزامية العسكرية ، ولا ينسى ذكريات تلك الأيام المليئة بالفوائد, ومنها أنه قرأ على الشيخ أكثر من مجلد من كتاب تحفة الفقهاء الذي كان من مقررات الدراسة الجامعية.

كانت سنوات الدراسة الجامعية في دمشق الفيحاء سنوات مباركة غنية لم يكتف فيها بالتلقي عن أساتذته في الجامعة بل حرص على اللقاء مع نخبة من علماء دمشق والتلقي عمن استطاع أن يتلقى عنه منهم.

فقد حضر عدة دروس في كتاب الاختيار لتعليل المختار في بيت شيخ الحنفية في عصره الشيخ عبد الوهاب الحافظ رحمه الله تعالى, مع عدد محدود من طلاب العلم.

وواظب مدة على درس في جامع التوبة يقرر فيه الشيخ سعيد برهاني رحمه الله تعالى كتاب الهدية العلائية في الفقه الحنفي,كما أكرمه الشيخ المجاهد حسن حبنكة الميداني رحمه الله تعالى بدرس صباحي في النحو والصرف في بيته العامر مع اثنين من أبناء بلدته حماة.

وعلى الرغم من بعد بيته عن بيت الشيخ كان يصل بيت الشيخ مع طلوع الشمس تقريباً فيجد الشيخ قد فرغ من درس في تفسير أبي السعود يبدؤه بعد صلاة الفجر وينتهي مع وصوله أو قبله بقليل, ولا يزال يذكر اثنين ممن كانوا يحضرون درس التفسير هما الشيخ مصطفى البغا، وشيخ قراء دمشق محمد كريم راجح حفظه الله تعالى, كما واظب مدة على حضور خطبة الجمعة عند الشيخ لطفي الفيومي رحمه الله تعالى.

أما الذين زارهم في بيوتهم أو التقى بهم من علماء دمشق كثيرون يتذكر منهم مفتي سوريا إذ ذاك العلّامة الدكتور أبو اليسر عابدين رحمه الله تعالى الذي حظي بزيارته في بيته.

ومنهم الشيخ السيد مكي الكتاني الذي زاره في بيته أيضاً، والتقى به في مناسبات دينية.

وحضر بعض دروس الشيخ المربي عبدالكريم الرفاعي -رحمه الله تعالى- في جامع أسامة بن زيد رضي الله عنه .

ومن العلماء الكرام الذين زارهم مراراً مفتي دوما الشيخ الحنبلي أحمد الشامي رحمه الله تعالى, وكانت أكثر زياراته في بيته مع الشيخ الرباني أديب كيلاني الذي قتله الطائفيون سنة 1982مـ, إبان أحداث حماة المؤلمة, و قلّ أن تجد للشيخ أحمد الشامي نظيراً في أدبه وتواضعه زيادة على علمه الغزير.

وكذلك زار الشيخ الدكتور محمد أديب صالح -حفظه الله تعالى- في بيته في قطنا مرة واحدة .

أعماله والوظائف التي تقلدها :

بعد تخرجه عمل مدرساً لمادة التربية الإسلامية، وكان البداية من ثانوية البو كمال الحدودية التابعة لمحافظة دير الزور الواقعة في الجهة الشرقية من سورية ولما رأى المخدوعون بحزب البعث من أبناء تلك المدينة أن أمور الطلاب كادت أن تخرج من أيديهم بسبب استفادة الطلاب من دروس التربية الإسلامية والتفافهم حول أستاذهم أحمد الجمّال تميزوا غيظاً لا سيما، وهم يرون أنه تمكن من إقامة صلاة الظهر جماعة في الثانوية لأول مرة ، وكان العدد يزداد يوماً بعد يوم .

 ثم زاد الطين بلة ظهور اللحى بين الطلاب، وهذا شيء لم يعهدوه من قبل . فما كان من الحزبيين إلا أن بذلوا ما في وسعهم لنقله، فكان لهم ما أرادوا ، فنقل نقلاً تعسفياً إلى السويداء في أقصى الجهة الجنوبية من سورية، وهي مدينة أهلها من الطائفة الدرزية .

وفي هذه الاثناء أدى الخدمة العسكرية الإجبارية برتبة ضابط وعندما أنهى خدمته عاد إلى مدينة السويداء مرة ثانية .

وبعد محاولات كثيرة نقل إلى بلدة سلحب التابعة لمحافظة حماة، وهي بلدة جميع أهلها من الطائفة النصيرية ، وكان له مع بعض أبنائها ومشايخها حوارات ومناقشات في عقائدهم .

ومنها نقل إلى بلدة محردة، وهي أقرب إلى حماة من سلحب ، ويجب الانتباه إلى أن الغرض من دفعه إلى هذه المدن هو عزله عن المناطق التي يمكن أن يستفيد أهلها منه فائدة كبيرة .

وبعد هذه الجولة التي استغرقت سنوات وبعد وساطات كثيرة نقل إلى ثانوية عثمان الحوراني في حي الحاضر في حماة ، وقد توقع الحزبيون أن هذه الثانوية المعروفة بشغب طلابها وشراستهم ستكون عقاباً له آملين أن يناله الأذى من طلابها, لكن الذي حدث كان عكس الذي توقعوه.

مما حمل البعثيين على نقله إلى مدرسة ناصح علواني الإعدادية البعيدة عن مركز المدينة لعل طلابها أن يكونوا أقل استيعاباً وتفاعلاً مع دروسه من الكبار.

ثم لما لم ينفع هذا كله نقل مع مئات من المعلمين والمدرسين المعروفين بنشاطهم واستفادة الطلاب منهم إلى وزارات أخرى.

وقد نقل أكثر هؤلاء إلى وزارات، وأسندت إليهم أعمال ليس بينها وبين شهاداتهم الجامعية أدنى صلة.

أما الشيخ أحمد الجمال فقد نقل إلى مديرية أوقاف حماة بلا عمل ولا مكتب يداوم فيه, وبعد هذا النقل الجائر الماكر بأشهر, كانت هجرته من بلده الغالي سورية إلى وطنه الثاني الأردن, ونسأل الله تعالى أن يكتب له أجر المهاجرين في سبيله

ومن الأنشطة التي قام بها أنه أسس درسين مسائيين أسبوعياً في جامع الشيخ إبراهيم, الواقع في المدخل الشمالي من سوق الطويل الأثري، وكان ذلك عندما نقل من سلحب إلى محردة , إذ كان يعود يومياً بعد الدوام إلى بلده حماة. وكان المسجد يغص بالشباب والرجال من مختلف الأعمار قبل وصوله إلى المسجد بوقت طويل, وقد استمر الدرسان سنين عدة حتى أضطرّ إلى مغادرة سورية فراراً بدينه ونفسه من أعداء الشعب وأعداء الأمة.

جمعية علماء حماة:

وكان في حماة جمعية مرخصة لا ينتسب إليها إلا أهل العلم هي جمعية علماء حماة وكان الشيخ أحمد الجمال – حفظه الله - من أعضائها .

وفي سنة 1976مـ اجتمعت الهيئة العامة لاختيار إدارة للجمعية فكان العالم الثاني في عدد الأصوات، وأصبح عضواً في إدارة الجمعية وأمين السر فيها, ولما قتل الطائفيون نائب الرئيس صار حكماً نائب الرئيس ولكنه كان حين ذاك قد غادر سورية إلى دار هجرته, وكان للجمعية أنشطة كثيرة دينية واجتماعية, ومن تلك الأنشطة أن الشيخ أحمد جمال دأب مدة على الخروج إلى الأرياف المحيطة بحماة يلقي فيها خطبة الجمعة، ثم يعود إلى حماة, وقد كان أهل الأرياف يشعرون بالسعادة عندما يرون من يقصدهم، ويعرفون من خلال الزيارة أن هناك من يفكر فيهم وأنهم جزء من الجسد الإسلامي الواحد , وبعد نقله إلى حماة وتدريسه في مدارسها عين خطيباً في جامع الحميدية في حي الحاضر، وهو جامع كبير يتسع لآلاف المصلين، وكان تعيينه بعد أن أجرت مديرية أوقاف حماة مسابقة لتعيين خطباء, كان فيها الأول على المتسابقين، وكان الهدف من تعيينه في هذا الجامع دون سواه إحراجه لعله يرفض التعيين أو إيقاع الأذى به من قبل سكان الحي إن وافق , فقد كان رئيس فرع حزب البعث في حماة عمر السحّار في تلك الآونة من هذا الحي.

وأدى هذا إلى كثرة المنتمين إلى الحزب من أبناء الحي, لكن لم يمض سوى أسبوعين حتى صار المسجد يمتلئ يوم الجمعة قبل وصوله، وتفاعل الناس مع الخطب بقوة حتى تغير وجه الحي فما كان من مديرية الأوقاف إلا أن عمدت إلى نقله إلى جامع الشريعة وحي الشريعة منطقة راقية حديثة أبنيتها موزعة متفرقة بل كان كثير من أراضيها خالياً من البناء في ذلك الوقت , حتى لو اجتمع أهل الحي لما بلغوا عشر سكان الحميدية.

عمل مدرساً في التكية الهدائية في حماة، وهي مدرسة شرعية لا تدرس العلوم الأخرى وهي شبيهة بمدرسة الشيخ الكبير أحمد الحصري رحمه الله تعالى في معرّة النعمان, وكلا المدرستين خرجتا أئمة وخطباء كان لهم دور كبير في توعية الأرياف وتعريف سكانها بدينهم.

أما الخطب في الاحتفال بالمناسبات الدينية كالمولد النبوي الشريف، والهجرة الشريفة وغزوة بدر ...وغير ذلك فهي كثيرة والحمد لله على ذلك.

لكن كم كان يتمنى أن تكون مسجلة, ولعل هناك من سجلها .

من دواعي الهجرة:

بدأ النظام الطائفي الحاكم تحرشه بالناس والعدوان عليهم وعلى دينهم في وقت مبكر

وما أحداث الثمانينيات إلا نتيجة طبيعية لذلك التحرش والعدوان, فقد كثرت الاعتقالات في حماة وغيرها, وكانت في حماة أكثر وأوسع، وأودع الشباب السجون من غير ذنب إلا أن يقولوا ربنا الله, واستشهد من استشهد من شدة التعذيب فكان بعض الناس يلجؤون إلى جمعية العلماء مطالبين بمساعدتهم في الإفراج عن بناتهم وبنيهم فتبادر الجمعية إلى تشكيل الوفود التي شارك الشيخ أحمد الجمّال في معظمها لمقابلة المسؤولين كمحافظ حماة أو غيره من كبار المسؤولين في دمشق وكان جريئاً في المطالبة جرأة تغيظ المسؤولين, وكان هذا من أسباب النقمة عليه وأحس أن أمراً يدبر له، ثم تسربت بعض الأخبار التي تشير إلى قرب اعتقاله أو اغتياله فخرج في رحلة معاناة ومخاطرة طويلة إلى الأردن، وقد وصلها في الشهر الثالث سنة 1979مـ , فوجد ملاذاً آمناً وملجأً طيباً بين أهل كرام .

بعد سنة من إقامته في الأردن خرج إلى دولة الإمارات العربية المتحدة سنة 1980مـ, وعمل في وزارة الشؤون الإسلامية بوظيفة كبير وعاظ، ثم أصبح خبير بحوث في مجلة منار الإسلام التي تصدرها الوزارة، وقد عين أكثر من مرة بقرار وزاري في لجنة لامتحان المتقدمين لوظيفة إمام أو خطيب, ثم أصبح رئيس بحوث في الوزارة , كما كان ممثل الوزارة في لجنة مشتركة بينها وبين أمانة البلديات لمراقبة الذبح واللحوم المستوردة.

عادَ إلى المملكة الأردنية أواخر عام 1991مـ ولا يزال فيها عاكفاً على كتبه

ولا يغادرها إلا إلى مؤتمر علمي أو ما يشبهه ثم عيود مسرعاً إليها.

عضو رابطة العلماء السوريين :

منذ بضع سنين تداعى بعض الإخوة العلماء السوريين الموزعين في الأقطار إلى إنشاء رابطة تجمعهم، وتقوم بما يجب على العلماء من مهمات، وكان واحداً من هؤلاء الذين وفقهم الله تعالى إلى هذا العمل الجليل فظهر إلى الوجود ذلك التشكيل الذي أطلق عليه فيما بعد اسم رابطة العلماء السوريين, ثم صار أول رئيس لفرعها في الأردن.

المؤتمرات:

دعي الشيخ أحمد الجمال منذ عام 1981 وحتى هذا العام إلى كثير من المؤتمرات وقد لبى الدعوة إلى أكثرها . والذي يتذكره منها هو :

1-   مؤتمر الفقه المالكي في أبوظبي عام 1981

2-   مؤتمر مكافحة المخدرات في المدينة المنورة 1982. مندوباً عن وزارة الشؤون الإسلامية الإماراتية.

3-   المؤتمر الشعبي الإسلامي الذي كان يعقد في بغداد أيام حكم صدام حسين رحمه الله. وقد دعي إليه مرات عديدة .

4-   مؤتمر الفقه الإسلامي في مسقط عاصمة عمان وذلك في نيسان عام 1988 مندوباً عن الوزارة .

5-   مؤتمر الجالية الإسلامية في ولاية اوكلاهما من الولايات المتحدة الامريكية والذي انعقد بعد حادثة طائرة لوكربي بيومين.

وكان من جملة الحضور الدكتور الشيخ عبدالله عزام رحمه الله تعالى.

6-   مؤتمر الجامعة الإسلامية دار العلوم- حيدر آباد الهندية بدعوة من رئيس الجامعة الشيخ محمد حميد الدين عاقل الحسامي في 27/5/1990

7-   مؤتمر آخر دعا إليه رئيس الجامعة السابقة في أوائل عام 1991 .

8-   مؤتمر للجالية الإسلامية في بروكسل عاصمة بلجيكا سنة 1995

9-   مؤتمر الوسطية في عمان عاصمة المملكة الأردنية.

10-  مؤتمر لمجمع الفقه الإسلامي في عمان عاصمة المملكة الأردنية

11-  مؤتمر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عام 2010 في اسطنبول، وقد جدد المشاركون انتخاب العلاّمة الدكتور يوسف قرضاوي لرئاسة الاتحاد .

12-   المؤتمر العالمي الثاني للتصوف الإسلامي في طرابلس عاصمة ليبيا من 9-16 /2/2011 .

13-  ملتقى الفتوى والإفتاء دعت إليه دار الإفتاء في الأردن 20/12/2012

الإجازات

1-   إجازة من شيخنا العلامة محمد علي مراد بجميع مجازاته.

2-   إجازة من الشيخ علاء الدين صدّيقي من باكستان

3-   إجازة من الشيخ محمد رفيع العثماني من باكستان

وهناك إجازات من غير هؤلاء الأفاضل.

الأعمال العلمية :

أولاً: كتاب الاختيار

بعد أن درّس كتاب الاختيار عدة مرات رأى أن يقوم بخدمته لزيادة الفائدة منه وذلك بما يلي :

1-   تحقيق النص بمقابلة كثير من عباراته وخاصة ما أشكل عليه منها بنسخة خطية قديمة حصل على صورتها من مكتبة الجامعة الأردنية

2-   شرح الغامض من المفردات والجمل .

3-   أثبتْ عند كل حكم ومسألة رقم الجزء والصفحة التي يستطيع الدارس للكتاب مراجعتها فيه من ردّ المحتار (حاشية ابن عابدين) من أول الكتاب وحتى أول المواريث.

4-   ذكر رأي الجمهور في المسائل اللصيقة بحياة الناس والمسائل التي تمسّ الحاجة إليها .

ولم يُطبع حتى الآن.

ثانيا : كتاب واحة للزاد والراحة :

جمع فيه توجيهات روحية وخلقية وأحكاماً شرعية وأشعاراً وطرائف أدبية وقصصاً مسليّة موجهة، وقد طبعته دار الفتح في عمان .

ثالثا: كتاب تسديد النظر في مسألة الجمع في الحضر .

بيّن فيه خطأ فهم الكثيرين لحديث ابن عباس وخطأ ما يحدُث من جمع في الحضر بأسلوب علمي بعيداً عن اللّغَط والتشويش.

رابعا : كتاب الإخبار بوقت الإمساك والإفطار

وهو دراسة تبيّن الوقت الصحيح للإمساك والإفطار بطريقة غير مسبوقة .

خامسا: بدأ بإعداد كتاب بعنوان القول المفيد في اجتماع الجمعة والعيد .

سادسا : بدأ  كذلك بإعداد كتاب بعنوان : منهج في الفتوى  .

والشيخ أحمد الجمال متزوج ، وعنده تسعة أولاد ذكوراً وإناثاً، وله من الأحفاد (21)  حفيداً.

وبرز من أولاده :

الدكتور محمّد أيمن أحمد الجمال :

ولد الدكتور محمّد أيمن بن الشيخ أحمد الجمّال في مدينة حماة من وسط سوريا من بلاد الشام ليلة النصف من رمضان لعام 1392 هـ، الموافق 1972 م، وكان والده نائب رئيس جمعيّة العلماء في مدينة حماة، وعليه تلقّى علومه الأوّليّة، وهو في سنّ صغير، فكان يرافقه إلى مجالس العلم التي كان يعقدها والده في مساجد المدينة، ثمّ تابع تلقّيه للعلوم الشرعيّة على يديه وعلى يد غيره من مشايخ العالم الإسلاميّ.

خرج من بلده صغيرًا قبل أن يبلغ السابعة من عمره، فخرج به والده الشيخ أحمد الجمّال من مدينة حماة عام 1979 ميلاديّة، إلى الأردنّ، ثمّ انتقل إلى الإمارات العربيّة المتحدة مع والده حتّى أكمل تعليمه الثانويّ بالقسم العلميّ، ثمّ درس الشريعة الإسلاميّة في العراق، وقد اجتهد على نفسه في مرحلة الدراسة الجامعيّة في العراق، فكان يتعلّم في الجامعة، ويذهب إلى المساجد لتلقّي العلم على يد بعض العلماء أمثال الشيخ عبد الكريم الدبان والشيخ عبد الكريم المدرس، وغيرهم من كبار العلماء، في غير أوقات الجامعة، وكان من مشايخه الذين يعتزّ بهم الأستاذ الدكتور الشيخ أحمد الكبيسي، والأستاذ الدكتور الشيخ حارث الضاري، والأستاذ الدكتور الشيخ هاشم جميل عبد الله، والشيخ الدكتور عذاب الحمش الحموي، والأستاذ الدكتور الشيخ عبد القادر عبد الله العاني، وغيرهم. وقد حصل خلال تلك الفترة على إجازة في ترتيل القرءان الكريم بسندٍ متّصلٍ إلى سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

ثمّ تابع تلك المسيرة أثناء دراسته للماجستير، ثمّ تزوّج بعدها وأكمل دراسة الدكتوراه، وقد كان أثناء دراسة الدكتوراه إمامًا وخطيبًا في مساجد المملكة الأردنية الهاشمية، حتى حصل على (الدكتوراه) في الفقه المقارن من جامعة بغداد.

وأقام خلال تلك الفترة في عمان الأردنّ، رزق خلالها بأبنائه الثلاثة، وحصل خلالها على إجازة في الحديث الشريف رواية ودرايةً بسند متّصلٍ إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وإجازة أخرى في قراءة القرءان الكريم وإقرائه برواية حفص عن عاصم من طريقي الشاطبية وطيبة النشر.

ولكنّ البحث عن العمل قذف به إلى قارّة أخرى من بلاد الله الواسعة، فوصل إلى ليبيا من شمال أفريقيا، وما يزال مقيمًا بها حتى كتابة هذه السطور.

وقد عمل عضوًا لهيئة التدريس في جامعاتها، فهو يعمل في جامعة عمر المختار في مدينة البيضاء، كما أنّه درّس في الجامعة الأسمريّة، فرع البيضاء، ودرّس أيضًا في غيرها من مراكز تحفيظ القرءان الكريم والمدارس والجامعات. وهو عضو في لجنة جائزة المختار السنويّة لحفظ القرءان الكريم التي تنظّمها جامعة عمر المختار.

له مؤلّفات منها:

 المقدّمات في الفقه الإسلاميّ

 والميسر في أحكام الميراث والوصيّة

 وأصول الفقه والقانون

 والاحتفال بذكرى المولد النبويّ في ميزان الكتاب والسنّة

 والمقدمات في علم إثبات التوحيد

 وتهذيب شرح الغنيمي للعقيدة الطحاويّة، ....وغيرها.

أطال الله في عمر الشيخ الفقيه الداعية المجاهد أحمد الجمّال ونفع المسلمين بعلمه .

وسوم: العدد 650