الشيخ اﻹمام محمد أبو زهرة
العالم العامل ، الحر الأبي ، الفقيه المجتهد صاحب مدرسة تخرج على يديه آلاف العلماء من المشرق والمغرب .. إشتهر بعزة النفس وكرامتها ، والصلابة والصدع بكلمة الحق .. والذاكرة القوية ، ومقارعه الخصوم بالحجج والبراهين الساطعة والجهاد والمصابرة ..
شغل عصره بفقهه ، وغزارة علمه مع صلابة في الرأي المعزز بالدليل والبرهان ..
كان جريئا شجاعا .. يصدع بالحق متصديا ﻷصحاب الانحراف الفكري ، والمذاهب المستوردة .. فأصدر حاكم مصر أوامره بحرمانه من التدريس في الجامعة أو إلقاء الدروس والمحاضرات ، ومن التحدث في الرائي والإذاعة والكتابة في الصحف ، بل حرض الصحف الرخيصه لتنال منه وتتهمه بالتزمت والرجعية ، وحدة الطبع...
كانت له مواقف صلبة من السلطة الباغية التي تريد إبعاد الشريعة الإسلامية ، أو تطويرها لتﻻئم هوى الحكام .. وخاض في سبيل ذلك المعارك العنيفة ، وكان المنتصر فيها جميعا.. عارض تحديد النسل ، وقاوم إقحام الاشتراكية في الإسلام .. وتصدى لدعاة الإلحاد واﻹباحية .
دعي إلى مؤتمر إسلامي في الجزائر مع جماعه من كبار العلماء في العالم الإسلامي وكان رئيس الدوله حاضرا .. فافتتح الرئيس المؤتمر بكلمة يعلن فيها مايسميه (إشتراكية اﻹسلام ) ويدعو العلماء إلى تأييد مايذهب إليه على أنه الحق الوحيد الذي لاتاني له ..
فطلب أبو زهرة الكلمة في ثقة .. وإعتلى المنبر ليقول في شجاعه :
إننا نحن علماء الإسلام الذين يعرفون حكم الله في قضايا الدولة ومشكلات الناس ، وقد جئنا هنا لنصدع بما نعرف .. فعلى رؤساء الدول أن يقفوا عند حدودهم .. فيدعوا العلم إلى رجاله .. ليصدعوا بكلمه الحق ، وقد تفضلت بدعوة العلماء لتسمع أقوالهم .. لا لتعلن رأيا لا يجدونه صوابا .. مهما هتف به رئيس .. فلنتق الله في شرع الله .
وفض المؤتمر بعد الجلسة الأولى لأن صاحب الدوله قد وجد الإعصار فخرج مغضبا يزفر .
وليقرأ ذلك علماء السلاطين الذين يحضرون الإفطار السنوي عند الطاغيه وهو يخطب فيهم ويحاضر فيهم وهم له يصفقون ..
- إن المكتبة الإسلامية مدينة للعﻻمة الكبير أبي زهرة بهذه المؤلفات التي خطها بقلمه .. فكانت ثروة ضخمة وتراثا علميا كبيرا .
فقد ألف الشيخ كتبا عظيمة جدا .. منها كتاب في أصول الفقه .. درسته وتمثلته فصرت بكتابه أستاذا في الخسروية بجانب اﻷستاذة العمالقة..
المدرسة التي درس فيها شافعي زمانه سعيد اﻹدلبي وسيبويه زمانه محمد الجبريني والشيخ أسعد عبجي ومحمد بلنكو الفقيه الحنفي الكبير والنحوي القدير الشيخ عبد الوهاب سكر .
إن قامتي العلمية كانت لما درست كتاب أبو زهرة في اﻷصول ..
العالم الوحيد في كل مصر الذي وقف أمام فرعونها العبد الخاسر حين أنشأ لجنة لﻷحوال الشخصية لتعديل القانون .. وكان الفرعون حاضرا وهو عامي الفكر واللسان وهو يريد طي مادة كذا وإبراز مادة كذا .. فقال له أبو زهرة ( اسكت فهذا ليس ميدانك ) وغضب الفرعون وأنهى اﻻجتماع وحل اللجنة .
أبو زهرة زار الخسروية وتشرفنا بالسﻻم عليه وفي يوم زيارته كان وفد من المطارنة يزور الخسروية .. ودخلوا إلى الصف وكان المدرس الشيخ محمد راغب الطباخ .. وهم أصحاب لحى كثة والشيخ أبو زهرة غفر الله له بدون لحية ..
مما جعل المربي القدير أبو الخير زين العابدين أن ينتقده قائﻻ بإشارة من يده مطران النصارى بلحية طويلة وشيخ اﻹسﻻم حليق اللحية والشارب أكرر غفر الله له ...
العﻻمة الكبير ألف كتابا عن اﻷئمة اﻷربعة يحتاج المفاتي أن يدرسوا فقه أبي حنيفة إذا كان المفتي حنفيا .. والشافعي إذا كان المفتي شافعيا .. وأنا شخصيا حنفي المذهب لم أفهم لم أنا حنفي حتى قرأت كتاب أبي زهرة عنه .
وألف رحمه الله كتابا عن فقه زيد بن علي وفقه الزيدية وكتابا في فقه الجعفرية .. والذي يكتب عن إمام سيدرس فقه الإمام وأصول مذهبه ومقارنة مع غيره .. القضية كبيرة وتحتاج إلى جهود جبارة.. وعلم وفير غزير ..
تتلمذ عليه شيخنا السباعي رحمه الله وتمثل كتبه العظيمة .. ولما زار دمشق والتقى بالشيخ السباعي صرح للصحف عن علم السباعي وخلقه وأدبه وبﻻغته الخطابية ومواهبه .. كﻻما أحلى من العسل في فم الذواقة .. وكعنقود عنب في الصيف .. صنعته الشمس وسقته الندى والطل وجعلته أحلى من الترياق
رحم الله أستاذنا العﻻمة أبا زهرة ورحم شيخنا السباعي .. ممن حملوا أمانة العلم والدعوة وجاهدوا في الله حق جهاده حتى إختارهم الله إلى جواره .. رحمهم الله .
وسوم: العدد 654