(أبو الحسن الندوي1914-1999 )
رجال أحبهم الشيخ محمد زين العابدين الجذبة
تعرف الوالد – رحمه الله – على العلامة (أبي الحسن الندوي ) في مكة المكرمة حين تأديته للحج في عام 1963 وقد أهداه بعض كتبه، وكانت بينهما مراسلات .
ولد سماحة الشيخ الندوي في قرية ( تكسيه كلان)في بيئة نقية صافية ، تفرعت الأسرة النبوية الشريفة وحافظت الأسرة على نسبها وتقاليدها ، نشأ في كنف أبوين كريمين، الأب العلامة السيد(عبد الحي الحسني ) لم يكن يملك إلا العلم والفضل والعفاف والتقى، كان سليم العقيدة ، غزير الإنتاج، ورث مكتبة غنية زافرة، أمدته بإعداد مؤلفاته ، وكتب قيمة. أصيب والده بمرض، لقي على أثره ربه عز وجل ، وكان الشيخ الندوي في السنة التاسعة من عمره، تولت أمه الفاضلة ( خير النساء) تعليمه وتثقيفه وتربيته وكانت تحفظ القرآن الكريم ، وتتثقف بثقافة عالية، وكانت تتضرع إلى الله وتقول: ( إلهي ! يعيش ابني علي في الدنيا في حفظك وأمانتك ورعايتك، ويستنير به سراج العالم ومصباح الكون، ويخصب ويخضر به بستان العالم، رباه! استجب دعوتي فأنت المجيب، اجعل عليا" فرحا" فخورا" ذا حظوة ونصيب ) .ولما أتم أخوه الكبير دراسة الطب واستقر في مدينة ( لكهنؤ)نقله إليه ليتابع دراسته، وكانت مدينة (لكهنؤ) مدينة العلم والثقافة ومركز حركة ندوة العلماء .اهتم الأخ الكبير بشقيقه الصغير أبي الحسن ، وجهه إلى مكتبة الوالد الغنية ، التي ورثها عن آبائه، وتعلق قلب أبي الحسن بكتب السيرة النبوية، واستطاع الأخ أن يعد أخاه، ليكون رجل الغد، وشخصية المستقبل ، وعالم الأمة ومربي الأجيال ، وكانت لهذه النشأة الصالحة ثمار يانعة، درس أبو الحسن العربية والأردية والإنكليزية، وقرأ العلوم الدينية على علماء الهند، ولقي شاعر الإسلام الدكتور ( محمد إقبال)وأذن له بنقل قصائده إلى العربية، عمل أستاذا" لعلوم القرآن وتفسيره والأدب العربي في دار العلوم سنة 1934، شارك في تحرير مجلة ( الندوة)ورأس تحريرها فترة من الزمن، وقد ركز جهوده على إصلاح ( دار العلوم ندوة العلماء)وترقية مناهجها، ورفع مستواها، انتخب الشيخ الندوي رئيسا"( لرابطة الأدب الإسلامي العالمية)عام 1981، وأعد الشيخ منهجا" دراسيا" للأطفال، وأعد سلسلة ( قصص النبين للأطفال)في أربعة أجزاء، ولما أنشئت الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة شارك في وضع سياسة التعليم الإسلامي مع ( أبي الأعلى المودودي)وكان عضوا" برابطة العالم الإسلامي، انقطع سماحة الشيخ رحمه الله إلى الدعوة ، واصطنع لنفسه منهجا" لها متأسيا" برسول الله. زار البلاد العربية ، وذكر العرب برسالتهم التي سادوا بها العالم، وخاطب كل مجتمع من المجتمعات ، سافر إلى تركيا عن طريق حلب، ألقى في حلب محاضرة بعنوان( حاجتنا إلى إيمان جديد)في 12 حزيران 1956،وكان الشيخ كثير الزيارات والرحلات لحضور الندوات والمؤتمرات الإسلامية في أنحاء العالم، كان عضو مجمع اللغة العربية بدمشق والأردن، وعضوا" في رابطة الجامعات الإسلامية، واختير لجائزة الملك فيصل العالمية .
قضى الشيخ حياة حافلة بالمنجزات والعطاءات المتنوعة، في 31/12/1999 لقي ربه، وكانت وفاته مأساة عظيمة، هزت القلوب، وترك أكثر من مئة وسبع وسبعين كتابا" ما بين كبير وصغير ، رحم الله الشيخ وأمطر على ثراه الطيب والرحمة والمغفرة .
وسوم: العدد 673