السيد أحمد بن علي الرفاعي
من أعلام التاريخ المعروفين بالعلم والعرفان والصلاح السيد أحمد بن علي الرفاعي (المتوفى سنة 578هـ).
كان يعيش في جنوب العراق، في قريةٍ تُعرف بأم عَبيدة، وكان له فيها رواقٌ يقوم فيه بإرشاد الناس ووعظهم وتربيتهم.
وكان السيد آية في في سوق القلوب إلى الله سبحانه.
وله مع الناس -على اختلاف مذاهبهم، ومشاربهم- أخبارٌ مؤثرةٌ تدلُّ على عِظَمِ ما منحه الله مِنْ فهمٍ عميقٍ لهدى الإسلام.
ومِنْ ذلك هذا الخبر الذي حكاهُ محدِّثُ واسط الشيخ عبد الرحمن بن عبد المحسن الواسطي (المتوفى سنة 744هـ) في كتابه عن السيد المُسمّى "ترياق المحبين في سيرة سلطان العارفين"،
يقول -رحمه الله-:
(كان في زمن سيدي أحمد رجلٌ من الصابئين قد فُقِدَتْ له دوابٌّ، فخرجَ في طلبها فلم يَعرفْ لها خبراً، فرجعَ فوصلَ في طريقه إلى "أم عَبيدة" ليلاً فدخلها، وكان قد مكثَ ثلاثة أيام لم يَذق طعاماً، لأنَّ الصابئة لا يأكلون خبزَ المسلمين، وكانتْ تلك الليلة شديدةَ البرد والظُّلمة، فدخلَ "الرواق" وقد أضرَّ به البردُ والجوعُ والتعبُ، فألقى نفسَه بين الفقراء ونام، فأظهر اللهُ سيدي أحمدَ على حاله، فخرجَ لأجله، فلمّا وصلَ إليه قعدَ عند رأسه وأيقظه، فانتبه مرعوباً وقال: يا سيدي ماذا تريد مني وأنا فقير غريب؟!
فقال: صدقتَ أيْ ولدي، وإنما أظنُّك جائعاً.
ثم أمره أنْ يمضي معه إلى المنزل، فقام ومشى معه، فلما دخلا المنزلَ أحضرَ له دقيقاً، وسمكةً، وتمراً، وركوة للماء جديدة، وأمره أن يمضي بنفسه ويغسل السمكة، ويملأ الركوة ماء من دجلة بيده، فمضى الرجلُ وغسَلَ السمكةَ والتمرَ أيضاً، وأتى معه بماء، وشرَعَ في عجن الدقيق، وأما سيدي أحمد فإنه أحضرَ حطباً وجعله في التنُّور وأوقد فيه النار، فلما فرغ منه شوى السمكة، ثم قدَّم الجميعَ بين يديه، فأكلَ حتى شبعَ، ثم أمره سيدي أحمد أنْ يأخذ الباقي معه لصِغاره، فجمعه وشدَّه في شيء، ثم حمله سيدي أحمد وخرج قدامَه رجاءَ أنْ يجد سفينة ينحدرُ الرجلُ فيها إلى أهله، فوجد سفينةً فيها جماعة ينحدرون فكلَّمهم سيدي أحمد فقال لهم: تأخذون هذا الفقيرَ معكم إلى كذا وكذا - وذكر قريتَه - وتأخذون أجرتكم؟
قالوا: نعم.
فقدَّموا السفينة وأخذوه معهم، فوصّاهم سيدي أحمد به، ثم رجع بعد أنْ ودَّع الرجلَ، فلما وصل أولئك الجماعة إلى قرية الرجل صعِد من السفينة ودخل على أهله آخر الليل، ففرحوا بقدومه، فسألوه عما جرى له فأخبرهم وحكى لهم قصته مع سيدي أحمد ثم قال لهم: ما هذا إلا رجلٌ كريمٌ على ربِّه وإني داخلٌ في دينه، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فاتبعه أهلُه في الحال وأسلموا معه جميعاً، فلما أصبح خرَجَ إلى بني عمه وعشيرته - وكان كبيرَهم - فاجتمعوا به وسلَّموا عليه وأخبرهم بما جرى له وأنه قد أسلمَ هو وجميع مَنْ عنده، ورغَّبهم في الإسلام، فكشف اللهُ الغمَّة عن كاتب المقال: د. عبدالحكيم الأنيس
من أعلام التاريخ المعروفين بالعلم والعرفان والصلاح السيد أحمد بن علي الرفاعي (المتوفى سنة 578هـ).
كان يعيش في جنوب العراق، في قريةٍ تُعرف بأم عَبيدة، وكان له فيها رواقٌ يقوم فيه بإرشاد الناس ووعظهم وتربيتهم.
وكان السيد آية في في سوق القلوب إلى الله سبحانه.
وله مع الناس -على اختلاف مذاهبهم، ومشاربهم- أخبارٌ مؤثرةٌ تدلُّ على عِظَمِ ما منحه الله مِنْ فهمٍ عميقٍ لهدى الإسلام.
ومِنْ ذلك هذا الخبر الذي حكاهُ محدِّثُ واسط الشيخ عبد الرحمن بن عبد المحسن الواسطي (المتوفى سنة 744هـ) في كتابه عن السيد المُسمّى "ترياق المحبين في سيرة سلطان العارفين"،
يقول -رحمه الله-:
(كان في زمن سيدي أحمد رجلٌ من الصابئين قد فُقِدَتْ له دوابٌّ، فخرجَ في طلبها فلم يَعرفْ لها خبراً، فرجعَ فوصلَ في طريقه إلى "أم عَبيدة" ليلاً فدخلها، وكان قد مكثَ ثلاثة أيام لم يَذق طعاماً، لأنَّ الصابئة لا يأكلون خبزَ المسلمين، وكانتْ تلك الليلة شديدةَ البرد والظُّلمة، فدخلَ "الرواق" وقد أضرَّ به البردُ والجوعُ والتعبُ، فألقى نفسَه بين الفقراء ونام، فأظهر اللهُ سيدي أحمدَ على حاله، فخرجَ لأجله، فلمّا وصلَ إليه قعدَ عند رأسه وأيقظه، فانتبه مرعوباً وقال: يا سيدي ماذا تريد مني وأنا فقير غريب؟!
فقال: صدقتَ أيْ ولدي، وإنما أظنُّك جائعاً.
ثم أمره أنْ يمضي معه إلى المنزل، فقام ومشى معه، فلما دخلا المنزلَ أحضرَ له دقيقاً، وسمكةً، وتمراً، وركوة للماء جديدة، وأمره أن يمضي بنفسه ويغسل السمكة، ويملأ الركوة ماء من دجلة بيده، فمضى الرجلُ وغسَلَ السمكةَ والتمرَ أيضاً، وأتى معه بماء، وشرَعَ في عجن الدقيق، وأما سيدي أحمد فإنه أحضرَ حطباً وجعله في التنُّور وأوقد فيه النار، فلما فرغ منه شوى السمكة، ثم قدَّم الجميعَ بين يديه، فأكلَ حتى شبعَ، ثم أمره سيدي أحمد أنْ يأخذ الباقي معه لصِغاره، فجمعه وشدَّه في شيء، ثم حمله سيدي أحمد وخرج قدامَه رجاءَ أنْ يجد سفينة ينحدرُ الرجلُ فيها إلى أهله، فوجد سفينةً فيها جماعة ينحدرون فكلَّمهم سيدي أحمد فقال لهم: تأخذون هذا الفقيرَ معكم إلى كذا وكذا - وذكر قريتَه - وتأخذون أجرتكم؟
قالوا: نعم.
فقدَّموا السفينة وأخذوه معهم، فوصّاهم سيدي أحمد به، ثم رجع بعد أنْ ودَّع الرجلَ، فلما وصل أولئك الجماعة إلى قرية الرجل صعِد من السفينة ودخل على أهله آخر الليل، ففرحوا بقدومه، فسألوه عما جرى له فأخبرهم وحكى لهم قصته مع سيدي أحمد ثم قال لهم: ما هذا إلا رجلٌ كريمٌ على ربِّه وإني داخلٌ في دينه، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فاتبعه أهلُه في الحال وأسلموا معه جميعاً، فلما أصبح خرَجَ إلى بني عمه وعشيرته - وكان كبيرَهم - فاجتمعوا به وسلَّموا عليه وأخبرهم بما جرى له وأنه قد أسلمَ هو وجميع مَنْ عنده، ورغَّبهم في الإسلام، فكشف اللهُ الغمَّة عن قلوبهم، وأسلموا بأجمعهم، وكان ذلك ببركة سيدي أحمد وحُسْنِ نيته، وخالصِ طويته).
وسوم: العدد 687