زعيم مدينة معرة النعمان، حكمت بك الحراكي
كان حكمت بك الحراكي زعيم المعرة بلا منازع بعد وفاة أخيه الأكبر الشهم البطل الحسيب النسيب الشريف سامي بيك الحراكي والذي وافته المنية مبكرا وسرقه المنون من أهله وهو في ميعة الشباب عن عمر ناهز ثلاثا وثلاثين عاما رحمه الله وادخله فسيح جنانه.
اتجه حكمت بيك رحمه الله الى العمل السياسي بحكم واجبه ومركزه في مرحلة خطرة من تاريخ بلاد الشام فكان عضو مؤسسا في المؤتمر التأسيسي السوري عام 1920 وممن نالوا شرف وضع أول دستور في تاريخ سوريا مع ستة إخوة له كان منهم فخامة الرئيس هاشم الأتاسي رحمه الله وفخامة سعد الله الجابري رحمه الله.
كان رحمه الله النائب الدائم لمدينته معرة النعمان التي احبها فأحبته واستمر في نيابته عنها أكثر من خمس وعشرين عاما من عام 1920 الى 1945 قضاها في مبرَّة مدينته وخدمتها فقدم فيها ما قدم وأنفق ما أنفق من ماله الخاص حتى سارت الركبان بذكر مآثره وأياديه البيضاء.
ومما يذكر أنه في سنة 1945 جهز هذا الشريف من حر ماله حملة كاملة لنصرة الثوار ملبياً داعي الجهاد والواجب الوطني تجاه عرين الأسود حماة مضحيا بكل غال ونفيس من مال وأهل في سبيل حرية الوطن وكرامته ومجده كان قائد الحملة المجاهد البطل الشهم طالب بيك الحراكي ومن ال الحراكي طارق بيك الحراكي واحسان الحراكي وكنعان الحراكي وتحرك الركب من معرة النعمان المجاهدة في صبيحة الثورة وكان مكونا من نيف ومائتين مجاهد مجهزين بالسلاح الكامل والعتاد الطيب ليتحمل نفقة تجهيزها الكريم بن الكريم حكمت بيك الحراكي واستقبل المجاهدون في حماه بين زغاريد النساء وتكبيرات الرجال وكان في استقبال المجاهد طالب بيك الحراكي ابن عمه الشيخ محمد أفندي الحراكي رحمه الله والذي اشترك مع المجاهدين (وكان عمره 72 سنة ) في القتال عند باب النهر الموقع المهم تجاه الشرفة وقد ثبت مقتل عشرات الجنود الفرنسيين بأيدي مجاهدي المعرة في هذه المعركة والتي كللت بالنصر المظفر حتى قال قائد القوات البريطانية التي دخلت لفك الاشتباك.
اننا كنا في كل المدن نحمي الشعب من القوات الفرنسية الا في حماه كنا نحمي الفرنسيين من الشعب في حماه.
تولى حكمت بيك الحراكي وزارة التموين والإعاشة ثلاث مرات في ثلاث وزارات:
فقد تولى وزارة التموين في وزارة حسن الحكيم بين عامي 1940 – 1941 ميلادية، ثم تولاها في وزارة حسني البرازي بين 1941 –1943 ميلادية، ثم تولاها في وزارة جميل الإلشي بين 1943 - 1944 ميلادية.
كان ذكياً محنكاً ومما يذكر عنه حله لإحدى المشاكل الدستورية في ذلك العهد فكان لابد للرئيس تاج الدين الحسني أن يعهد للسيد حسني بيك البرازي رحمه الله بتشكيل الوزارة لحل تلك المشكلة لكن المعروف عن حسني بيك البرازي تصلبه وعناده في الرأي وكانت الطبقة السياسية حينها تخشى من استئثارة بالسلطة لكن دهاء الوزير حكمت الحراكي كان هو الحل فقد دخل على السيد حسني البرازي واقنعة بأن الرئيس تاج الدين يريد أن يكلفه بتشكيل الوزارة على أن يوقع على استقالة غير مؤرخة وبالفعل وافق المرحوم حسني البرازي على ذلك تحت ضغطة.
وبالفعل صدقت توقعات الرجل الملهم وتمرد المرحوم حسني البرازي على بعض النقاط الدستورية وحدث سوء تفاهم حكومي كبير بين رئيس الوزراء حسني البرازي ورئيس الجمهورية تاج الدين الحسني أدى إلى خلاف بينهما ومناقشـــات وتهجمات خطابية بعد أن ألقى السيد حسني البرازي خطاباً سياســياً في فندق الشرق بدمشق وكادت البلاد تدخل في مشكلة دستورية عويصة لولا أن حسني البرازي سمع نبا استقالته من المذياع وتكليف جميل الإلشي بتشكيل الوزارة فإنصاع لها فكانت خطة حكمت بيك حينها المخرج لأزمتين من أكثر الأزمات حساسية في تاريخ البلاد.
في 27/9/1941 تم الاعلان عن استقلال سوريا وتبادل الجنرال كاترو بتاريخ 12/9/1941 رسالتين مع الشيخ تاج الدين الحسني، تسلم بموجبهما رئاسة الجمهورية من لدنه وكان الشيخ تاج الدين قد عاد إلى سورية من فرنسا، وقد اتفق مع الجنرال ديغول والجنرال كاترو على قبول رئاسة الجمهورية واعتراف الدولتين المتحالفتين فرنسا الحرة وبريطانيا العظمى باستقلال سورية وسيادتها وبدوره عهد إلى حسن الحكيم بتأليف الوزارة في 16/9/1941 والذي استلم أيضاً وزارة المالية وزكي الخطيب للعدلية وفائز الخوري للشؤون الخارجية وبهيج الخطيب للداخلية بالوكالة وفيضي الأتاسي للتربية الوطنية (المعارف)، وعبدالغفار الأطرش للدفاع الوطني ومحمد العايش للاقتصاد الوطني ومنير العباس للأشغال العامة وحكمت الحراكي للإعاشة والتموين فكانت الوزارة تمثل مناطق دولة سورية من أجل إعادة توحيدها لكن المحزن هو اعطاء الاستقلال للبنان والذي كان جزءاً لا يتجزأ من الأرض السورية وتم اعلان استقلال لبنان رسميا 26/11/1941 فكان هدف الطبقة السياسية الوطنية في سوريا الحفاظ على عروبة لبنان المهددة ودعم العروبيين فيها أمثال المرحوم رياض الصلح وعبد الحميد كرامي وغيرهم من التيار العروبي اللبناني ولي ان أنقل هنا قولة حكمت بيك يوم ان كان وزيرا للإعاشة.
إذا بقي عندي رغيف خبز فوالله لابد أن أقسمه إلى قسمين نصفه للسورين والآخر للبنانين.
وقد كتب الشيخ كامل الغزلي التالي:
في كتاب نهر الذهب في تاريخ حلب الجزء الأول صفحة 436 أن حكمت بك هو وجيه أسرة الحراكي وهو نجل نورس باشا الحراكي هو جار على سنن والده بالسخاء واقراء الضيوف وكرم الأخلاق والوجاهة عند الحكومة ولطف المعاشرة.
عضو المجلس السوري عام 1920 نائب في البرلمان السوري من عام 1920 الى 1945 وزير الاعاشة والتموين من عام 1940 الى 1944.
كان يقول اذا بقي عندي رغيف خبز فوالله لا بد ان اقسمه الا قسمين نصف للسوري ونصف للبنانين.
وكانت وفاته سنة 1969.
وسوم: العدد 746