محمد قطب.. وترجل الفارس
محمد عبد الكريم النعيمي - المدينة المنورة
وترجَّل الفارس.. المفكر الشيخ محمد قطب إبراهيم شاذلي، بعد كفاح مرير لأسرته المباركة مع الطغيان العسكري منذ انقلاب العسكر المشؤوم عام 1952م، لتبدأ رحلة معاناة أسرة قطب، التي نذرت نفسها لتأكيد معنى توحيد الله في نفوس المسلمين، ومقارعة وثنية الطغيان.
توج ذلك الكفاح باستشهاد الشقيق عملاق الفكر الإسلامي سيد قطب، واعتقال وتعذيب كلٍّ من محمد وأمينة وحميدة قطب، لفترات متفاوتة في سجون الهالك جمال عبدالناصر، فيقصة فداء وتضحية نادرة، دفعت كثيراً من العلماء والدعاة في مشارق الأرض ومغاربها إلى القول: صبراً آلَ قطب.. فإن موعدكم الجنة إن شاء الله.
ويُعَدُّ فكر الشيخ محمد قطب امتداداً لفكر شقيقه سيد قطب، في ربط المبادئ والمعاني الإسلامية المجردة بالواقع المُعاش، ونقل المعركة الفكرية بين الإسلام والقوانين الوضعية الوافدة، من الدفاع الفكري الذليل إلى الهجوم الفكري والحركي العزيز، والتأكيد على المعنى العملي لتوحيد الله سبحانه وتعالى، من إفراد الله بالعبادة، والخضوع لجلاله بتحكيم شرعه، إلا أن شهرة شقيقه الشهيد طغت على شهرته في هذا الميدان.
وقد تضمن تراث الشيخ محمد قطب عشرات الكتب والمقالات والمحاضرات الثرية، من أشهرها: جاهلية القرن العشرين، وشبهات حول الإسلام، ومعركة التقاليد، ومذاهب فكرية معاصرة، ومفاهيم ينبغي أن تصحح، وواقعنا المعاصر، وغيرها من مؤلفات الشيخ، الذي يعد أيضاً من أبرز منظري الأدب الإسلامي المعاصر.
رحل محمد قطب عن عمر يناهز السابعة والتسعين سنة قمرية، لتجتمع أخيراً الأسرةُ المكلومة في سبيل الله، ولتنتقل من ضيق زنازين الطغاة، إلى سَعَةِ جنةٍ عرضها السماواتُ والأرض، وليتحقق اللقاء الذي نَظَمَتْ في الشوق إليه الشقيقة أمينة قطب، في رِثاء زوجها الشهيد كمال السنانيري:
هــل تُـرانــا نلتقي أم أنهـا كانت اللُّقيا على أرض السَّرابِ