الداعية، المفكر، المؤرخ ياسين محمد نجيب غضبان
( 1936 م /1355ه – 1435 ه /2014 م )
هو الداعية المفكر والمؤرخ والكاتب السياسي ياسين بن محمد نجيب غضبان (1936 – 2014 م ) الذي كان يعمل أستاذًا جامعيًّا، ومؤلّفًا في التاريخ وعلم الاجتماع لا يشق له غبار، ترك أثراً لا يزول بالموت، تمضي الرجال ، ويبقى النهج والأثر .
عمل بإخلاص في خدمة المشروع الإسلامي الذي يتعرّض لمحاولات التشويه والإقصاء ..
وهو عضو مجلس شورى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، كما كان عضو مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين في سوريّة، والمشرف على المركز الإسلامي بمدينة (كاستيون) بإسبانيا، عضو مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، وأستاذ التاريخ الإسلامي، والسيرة النبوية بجامعة الإيمان في اليمن، وبكلية الدراسات الإسلامية في دبي.
المولد والنشأة :
ولد الأستاذ الدكتور ياسين محمد نجيب الغضبان في بلدة التل التابعة لمدينة دمشق عاصمة سورية عام 1936 /1355 ه، ونشأ، وترعرع في كنف أسرة متدينّة توقّر الدين وأهله، أنجبت هذه الأسرة المباركة عدداً من الكتاب والمفكّرين، وقدمت قوافل الشهداء، وفي مقدمتهم شقيقه الأكبر الشهيد طه غضبان رفيق العلامة المؤسس مصطفى السباعي، وشقيقه العلامة الدكتور منير غضبان المراقب العام للإخوان في سورية، والأستاذ عامر الغضبان رئيس تحرير مجلة الفجر، وولده المهندس حسام الغضبان نائب المراقب العام للإخوان في سورية، وترعرع على حب الفضائل والقيم والأخلاق .
دراسته، ومراحل تعليمه :
حفظ القرآن الكريم، وقرأ كثيراً من كتب الأدب والتاريخ، وكان جمّاعاً للكتب، ضمّت مكتبته مئات المجلدات القيّمة في شتى ألوان المعرفة.
أنهى مراحل الدراسة الثلاث في بلدته التل .
ثم دخل في قسم التاريخ في كلية الآداب في جامعة دمشق، وتخرج فيها عام 1964، ..
ثم حصل على شهادة الماجستير التمهيدي من جامعة عين شمس في مصر بالدراسات الإسلامية عام 1966م، وبعدها أكمل شهادة الماجستير في التاريخ والسيرة النبوية من جامعة السند في حيدر أباد عام 1986 م .
وحصل على شهادة الدكتوراه في الفكر والتاريخ الإسلامي من جامعة البنجاب في مدينة لاهور بباكستان عام 1990 م .. وكان موضوع أطروحته: (الفكر السياسي عند الأنصار).
أعماله، والوظائف التي تولاها :
عمل مدرساً للمواد الاجتماعية في المدارس الثانوية ما بين 1967-1973 في ثلاث مدارس، هي:
مدرسة عفرين – عفرين – حلب
الثانوية الشرعية – دمشق
ثانوية التل – التل – دمشق .
وفي عام 1973 م سافر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث عمل مدرساً لمادتي التاريخ والدراسات الاجتماعية وإدارياً بالمدارس الثانوية بالإمارات في الفترة ما بين 1973 – 1980 في المدارس التالية:
مدرسة معاوية الإعدادية – العين – الإمارات
ثانوية زايد الأول – العين – الإمارات
المعهد الإسلامي – العين – الإمارات
انتقل للعمل في جامعة الإمارات العربية المتحدة وعمل في مجال الإدارة والتدريس والثقافة في الفترة ما بين 1980-1990م .
ومن ثمّ عمل أكاديمياً في كلية الدراسات الإسلامية والعربية في دبي حتى عام 1994.
ثم عمل سكرتيراً للتحرير في مجلة الإصلاح في دبي في دولة الإمارات العربية من 1990- 1994 م .
عمله في اليمن :
ثم انتقل الشيخ الداعية ياسين الغضبان إلى اليمن عام 1994، فساهم مساهمة فاعلة في تأسيس جامعة الإيمان بمساعدة فضيلة الشيخ الدكتور عبد المجيد الزنداني، والشيخ الدكتور عبد الكريم زيدان، ودرّس بالجامعة العديد من المواد : التاريخ ، والسيرة ، وحاضر العالم الإسلامي، ثم عيّن وكيلاً للجامعة للشؤون التعليمية ونائباً لمدير الجامعة للتطبيقات العملية.
وكذلك عمل في المعهد العالمي للتوجيه والإرشاد حتى عام 1998.
الهجرة إلى الغرب :
غادر اليمن في عام 1998 إلى أمريكا، وعمل في مجال الدعوة الإسلامية في أنحاء أمريكا، وبعض الأقطار الأوروبية مثل فرنسا، واستقر به المقام في إسبانيا عام 2003، حيث عمل مديراً للمركز الثقافي الإسلامي في مدينة كاستيون، ومساهماً ومحاضراً في أكبر المساجد بمنطقة فالنسيا، وأيضاً مساهماً في تأسيس المساجد وإداراتها.
أقام في العاصمة الأردنيّة محاطاً بمحبّة إخوانه، يدعو إلى المحبّة ونبذ الفرقة، وإصلاح البيت الداخلي لجماعة الإخوان المسلمين في سوريّة، وانتخب عضواً في مجلس الشورى.
وجد أنّ المسلمين في أوروبا لم يتمكنوا حتى الآن من قراءة قوانين تلك البلاد وفهم أبعادها ودراستها، ويجهلون تماماً حال تلك المجتمعات، ولا يجيدون التعامل معها، أو الاستفادة مما فيها من نصوص قانونيّة تتعلق بالحرية الشخصية، وبممارسة المعتقدات، وبما يمكن للمسلم أن يستفيد منها، خاصة في جو الحرية الذي يعتبر الأساس الأول في حياة تلك الشعوب، ووصفهم بأنّهم الآن في حالة من الضعف والفقر، مثل بقية الشعوب الإسلامية في أراضيها.
عضويته ومشاركاته :
حضر الكثير من المؤتمرات العالمية في مختلف البلدان.
وكان عضوًا في عددٍ من المنظمات الإسلامية العالمية، منها:
1- الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين – الذي يرأسه د. العلامة يوسف القرضاوي .
2-و مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا .
3- ورابطة الأدب الإسلامي العالمية التي أسسها أبو الحسن الندوي، ويرأسها الآن د. عبد القدوس أبو صالح .
4-كما كان عضو هيئة شورى في رابطة العلماء السوريين – التي تولى رئاستها الشيخ المفسر محمد علي الصابوني، والشيخ ممدوح جنيد، وكان الشيخ محمد ياسر المسدي أميناً عاماً لها، ويرأسها الآن د. غازي التوبة.
5- وعضو مجلس شورى في جماعة الإخوان المسلمين السوريين.
عاش غريباً في بلاد العرب يحمل هموم العالم الإسلامي أينما رحل، وعايش القضيّتين السوريّة والفلسطينيّة ومأساة شعبيهما، ولم يكن راضياً عن النتائج التي تمخّض عنها الربيع العربي في مصر، والعراق، واليمن.
ورأى أنّ تدخّل الجيش في الحياة العامّة، وانقضاض العلمانيين على السلطة بعد الاستقلال في العالم الإسلامي، والإفراط في قمع الشعوب العربيّة وقهرها وإذلالها قد دفع البلاد إلى دوّامة العنف والتطرّف، وكان سبب تخلف الأمّة السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
وكان ينظر إلى تحرّك إيران ودعمها للأقليات الشيعيّة بالمال والسلاح وخاصّة الطائفة النصيريّة في سوريّة، والحوثيين في اليمن، وحزب الله في لبنان بعيون الريبة والشك، وأخذ يفضح باطنيتها ومخطّطاتها وأطماعها في المنطقة كاتباً جريئاً وخطيباً مفوّها.
وهاله حجم المجازر والفظائع التي يرتكبها النظام النصيري في سوريّة أمام سمع العالم وبصره، وندّد بالصامتين وأدعياء محبّة الشعب السوري وصداقته، وسخر من دور المنظّمات الدوليّة المشبوه التي اكتفت بتقديم الخيام والطعام للفارّين من جحيم المعارك، دون وضع حد لعنف النظام.
ونظراً لخطورة الدور التنويري الذي اطّلع به الغضبان، فقد أخذ يكتب باسم مستعار (علي بهاء الدين العلوي)، ليدخل كتبه بيوت أهل الزيغ من طوائف الباطنيّة، ويخفّف من تعصبها المذهبي، وحقدها وغلوائها .
عمل بصمت بعيداً عن الضوضاء مصلحاً اجتماعيّاً، وتمكّن بأسلوبه الشيّق، وسلامة منطقه، وقوّة حجّته، من إصلاح ذات البين في كثير من البيوت التي كادت تعصف بها النزاعات، ولم يكن مبتدعاً صاحب هوى.
مؤلفاته :
له العديد من الكتب والمؤلفات في مختلف فنون الفكر والتاريخ الإسلامي منها :
1- دراسات قرآنية .
2- صفة كتاب الله في كتاب الله . المؤلف: ياسين غضبان
عدد الأجزاء: 2 - 734 صفحة، الطبعة: الأولى - 1428هـ/2007م ،
الناشر: دار الوفاء – مصر .
تناول فيه موضوع القرآن : الزمان والمكان ، حيث بدأ النزل في شهر رمضان في غار حراء، بقوله تعالى اقرأ، ثم يذكر الكاتب صفات القرآن فهو الصراط المستقيم، وحبل الله المتين، والعروة الوثقى، من حكم به عدل، ومن صدّق به سبق، ومن حدث به صدق، ومن عمل به أجر، وهو كتاب الله المبين، فيه تفصيل كل شيء، وهو النور والسراج المنير، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من عزيز حكيم، ...سعد الكاتب في تدبر القرآن فترة من الزمان، وعلوم القرآن تشمل : المكي والمدني ، والناسخ والمنسوخ، والإعجاز، .. وقد نقل لنا تجربته مع القرآن على صفحات كتابه هذا ...
3- محمد رسول الله في كتاب الله : وقد تناول هذا الموضوع أكثر من كاتب إسلامي ، منهم د. محمد علي الهاشمي صاحب شخصية الرسول كما وردت في القرآن الكريم، ومنهم د. ياسين الغضبان الذي يتحدث عن صفات الرسول صلى الله عليه وسلم كما وردت في القرآن الكريم، فهو المبشر والنذير، وهو السراج المنير، تولى الله رعايته وتأديبه، وزكي قلبه وفؤاده وسمعه وبصره، بلغ الأمانة، وأدى الرسالة، وصبر على أذى قريش، وجاهد في الله حتى آتاه اليقين،...
4- يا أيها الذين آمنوا : تكرر الخطاب بهذه العبارة ( يا أيها الذين آمنوا) في القرآن العديد من المرات، وهذا تكريم من الله لعباده، وكانت النصائح تعقب تلك العبارة ، وقد تتبعها الكاتب وشرحها وبين ما فيها من إرشاد وتوجيه وتشريع ...
5- الفكر الإسلامي الحركي : والمكتبة الإسلامية فقيرة في هذا الموضوع الهام، وقد جاء كتاب الشيخ ياسين الغضبان؛ ليسد فراغاً في المكتبة الإسلامية.
6- الخطاب الإسلامي – الواقع وآفاق المستقبل .
7- المجتمع العربي - الأصول والواقع .
8- كنتم خير أمة أخرجت للناس .
9- الدعوة في العشير الأقربين .
10- حاضر العالم الإسلامي .
11- مدخل لدراسة الإسلام والمذاهب المعاصرة .
12- سيرة نبوية : مدينه يثرب قبل الإسلام .
13- السيرة والتاريخ
14- نساء في حياة الأنبياء
15- نساء في حياة خاتم الأنبياء
16- مئة من عباد الله الصالحين
17- الخطاب الإسلامي.. تاريخ الأنصار السياسي : وهو رسالة الدكتوراه التي تقدم بها الأستاذ ياسين الغضبان وقد أشرف عليه الدكتور أبو الفتح محمد صغير الدين أستاذ التاريخ الإسلامي في جامعة السند .
18- المجتمع العربي الأصول والواقع) حدّد فيه الصلة التي تربط المجتمع العربي بأصوله وبين المشكلات التي يعاني منها المجتمع وسبل حلّها
19- صفحة من تاريخ أمّة " الإخوان المسلمون وثورة 23 يوليو" .
20- سعد بن معاذ – مخطوط كتبه في عهد الطلب، وندعو ورثة المؤلف إلى نشره .
21- سعد بن عبادة .
22- أسيد بن حضير .
بالإضافة إلى عدد من الكتب المخطوطة المعدّة للنشر، والعديد من الأبحاث العلميّة والدراسات الفكريّة والمحاضرات.
وفاته - رحمه الله تعالى - :
عاش – رحمه الله تعالى - في المنفى لأكثر من 35 سنة، ومنذ بداية الثورة السورية عام 2011 م انخرط فيها، وكان له مشاركة في دعمها، وحضر العديد من اللقاءات والمؤتمرات خلال الثورة.
ثم توفي بالعاصمة الأردنيّة محاطاً بمحبيه ومقدّري فضله، بعد معاناة مع المرض بالمستشفى الإسلامي صباح 21/9/2014 م، ودفن في مقبرة بلدة ناعور بوصيّته..، ورحل شيخنا المؤرخ بعد حياة حافلة بالبذل والعطاء .
أصداء الرحيل :
وكان لرحيله صدى واسع في الإعلام حيث نعته رابطة العلماء السوريين بقولها :
( تنعي رابطة العلماء السوريين الأخ العامل الداعية الدكتور ياسين الغضبان .رئيس هيئة الشورى في رابطة العلماء السوريين. ولقد شارك الأخ الفقيد في دورات عديدة إخوانه العلماء في مجلس شورى الرابطة، فكان الأخ الصادق الناصح الصداع بالحق الذي لا تأخذه في الله لومة لائم.
تغمد الله تعالى أخانا ( أبا نجيب ) بغفرانه ورحمته ورضوانه وتقبل منه صالح ما عمل .
نتقدم بأصدق مشاعر العزاء لإخوان الفقيد في رابطة العلماء السوريين، ولأسرته، ونخص بالعزاء أنجاله : نجيب، وحسام .. وإنا لله وإنا إليه راجعون
الأخ ياسين الغضبان في ذمة الله :
ونعاه الأستاذ زهير سالم، فقال :
( ينعى مركز الشرق العربي الأخ العامل المجاهد الدكتور ياسين الغضبان . أحد الرجال العاملين الذين عرفهم طريق الدعوة إلى الله في جماعة الإخوان المسلمين ..
ولقد مثّل الأخ الفقيد في دورات عديدة إخوانه في مجلس شورى الجماعة فكان الأخ الصادق الناصح الصداع بالحق الذي لا تأخذه في الله لومة لائم. تغمد الله أخانا ( أبو نجيب ) بغفرانه ورحمته ورضوانه وتقبل منه صالح ما عمل .نتقدم بأحر مشاعر العزاء لإخوان الفقيد في جماعة الإخوان المسلمين ، ولأسرته ونخص بالعزاء أنجاله نجيب وحسام وكريماته وأصهاره أجمعين ..
وإنا لله وإنا إليه راجعون .
ياسين الغضبان في ذمة الله
ونعاه موقع ( زمان الوصل ) في 21 / 9 / 2014م حيث جاء في الموقع :
( توفي اليوم الدكتور "ياسين الغضبان" في العاصمة الأردنية عمان، وهو من الرموز التي كان لها تأثير في جماعة الإخوان المسلمين بسوريا.
والغضبان من الرعيل الأول لجماعة الإخوان، من مدينة التل بريف دمشق، فر من سوريا في ثمانينات، وانتقل بين عدد من الدول العربية، حتى استقرّ به المقام في الأردن..) .
أخي أبا نجيب الدكتور ياسين الغضبان إلى روضات الجنان :
ونعاه الدكتور المفكر. علي العتوم في جريدة السبيل الأردنية بقوله :
( عرفته قبل اثني عشر حولاً، وذلك عندما قدّر الله أن يكون أحد أصهاري بخِطبة ابنة ابنته أم الحسن(الآن) زوجاً لولدي الدكتور أيمن. وقد تم آنذاك للأمر تمامه والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات. وقد عرفتُ يومئذ أنه شقيق أخينا في الله الدكتور منير الذي عُرِف بدراسته القيّمة في السيرة النبوية، والذي كنتُ تعرّفتُ عليه قبل ذلك باثني عشر عاماً سابقة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وقد بدا لي المرحوم من أول لقاء لقيته فيه لهذا الغرض – غرض الخِطبة – ببيته العامر في عمان - حي نزال، الذراع الغربي، بجانب مسجد أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، أجل بدا لي بنضارة مُحيّاً فيه، وحُسن سمتٍ في شخصه، وبشاشة استقبال وجميل ترحيب منه، أنه رجل كريم النِّجار، طيب الأخلاق، ذو خبرة في الحياة واسعة، وصاحب علم ودين، وأنه من رجالات الدعوة الإسلامية المعدودين في سورية العزيزة، منذ زمان طويل.
وإذا كان أشقاؤنا في القطر السوري اليوم ومنذ ثلاث سنوات ونيِّفٍ، قد هجر الكثيرون منهم قطرهم الحبيب قسراً إلى أقطار أخرى في شتى أنحاء العالم، تحت قصف طائرات حاكم القطر الجهنمية، وقذف حمم أسلحته اللاهبة من الأرض والجو على سكانه الآمنين قتلاً وإهلاكاً، مع تهديم بيوتهم وتخريب منشآتهم وإفساد حقولهم، فإن مجموعة من أهل هذا القطر العريق من إخواننا في الله، الإخوان المسلمين السوريين وفي مقدمتهم أخونا ياسين وأهله آل الغضبان، كان قد سبق إلى هذه الهجرة القسرية قبل ما يربو على ثلاثين سنة مُشتَّتين في أقطار الدنيا، بعد أن كان لهم شرف البدء بهذه الثورة على حاكم قطرهم الظالم آنذاك.
لقد وُلِد أخونا في بلدة(التل) على بعد بضعة كيلو مترات من مدينة دمشق إلى الجهة الشمالية منها، عام (1936م)، وأكمل تعليمه الثانوي فيها ومن ثَمَّ الجامعي في دمشق، ثُمَّ خرج بعد أن عمل لمدة في دوائر الحكومة السورية، مهاجراً إلى الله ورسوله ناجياً بروحه ودينه على إثر أحداث حماة أو قبلها من ظلم الحكام الذين دوّنوا في دساتيرهم أن مجرد الانتساب لجماعة الإخوان المسلمين – وما زالت المادة لم تُرفع إلى الآن – ليس له كِفاء سوى حبل المقصلة. فكان أن عمل لسنوات في الإمارات بجامعة العين وغيرها، حتى أُضِير في عمله فانتقل إلى صنعاء في اليمن، حيث عمل في جامعة الإيمان. ومن ثم عاد ليتخذ من الأردن مقرّه الدائم رحمه الله.
لقد قضى الدكتور ياسين تغمده الله بعفوه وغفرانه حياته في حقل الدعوة الإسلامية مدرساً وموجهاً وباحثاً ومُربّياً. فكان أن نال درجة الدكتوراة في أطروحته: (الفكر السياسي عند الأنصار) إضافة إلى مؤلفات أخرى مثل: صفة كتاب الله في كتاب الله، محمد رسول الله في كتاب الله، الخطاب الإسلامي المعاصر، حاضر العالم الإسلامي وسواها. ولقد كان الرجل كثير التجوال في العالم عربيِّه وأعجميِّه للدعوة إلى الله، وشرح معالم الإسلام الحنيف للجاليات العربية والإسلامية وغيرها، ولا سيّما في إسبانيا. كما كان بعض جولاته هذه للتواصل مع أرحامه من أهل وبنين وبنات، إلى متابعة طبعات بعض كتبه، ولا سيّما في القاهرة.
ولقد كان لبعض أقرباء الرجل ومنهم والده كما حدّثني، صلة قديمة بالأردن إذ كان هو وبعض ذويه ممن يرتاد العاصمة عمان، ولعل ذلك في الأربعينيات من القرن المنصرم، مُعلِّمَ بناء يُنشئ العمارات ويقيم البيوت. وكان الأخ أبو نجيب لكبر سنه وقدره، وتجربته الواسعة في الحياة، ومنزلته في الدعوة، وخلقه السمح يبدو، وكأنّه شيخ الكثيرين من السوريين في عمان، إذ كان بيته مجمعاً أو مضافة لهؤلاء الكرام، وخاصة ممن أُوذوا في دينهم ودنياهم في سورية الغالية، يقوم بالعمل على قضاء أوطارهم، وحل مشكلاتهم الاجتماعية والحقوقية.
وكم كنت أشعر بأنّ له ولأمثاله السوريين حقاً علينا نحن الدعاةَ كبيراً، لا لأنه صهري – وإن كان هذا شيئاً مهماً ولا شك – ولكنْ لشعوري أنه هو وأضرابه من الإخوان السوريين هم من المكافحين، أو بالأحرى من المجاهدين في سبيل الله بالتحمل والصبر والهجرة في الدين والدعوة، وأنهم تركوا ديارهم وأموالهم وممتلكاتهم فراراً بعقيدتهم من ظلم أعداء الله وأعداء الإسلام، بعد أن دفعوا الثمن باهظاً: سجناً وقتلاً وتشريداً وتعذيباً وطرداً من أعمالهم. فواجبٌ علينا والحال هذه في هذا البلد الطيِّب أن نُكرِمَ وفادتهم، ونوسِّع لهم من صدورنا وبيوتنا ما وسعنا الجهد.
كما كم كنتُ أسعد عندما أُرافقه بطلب مني لزيارة بعض الإخوان السوريين المقيمين هنا، وقد كنتُ تعرفتُ إلى بعضهم عهد الطلب بجامعة دمشق كالأخ أبي سليم صاحب مكتبة (الفكر) التي طالما كنا نرتادها لشراء بعض الكتب المقررة وغيرها، حيث كان يبدو لنا أبو سليم رجلاً مهيباً وفيه صرامةٌ، تماماً كما كان يبدو لنا هنا أخونا أحمد الخطيب صاحب مكتبة (المعارف) في إربد يوماً، ومن ثم (الأقصى) في عمان رحمه الله. وكانت مثل هذه الزيارات قصدَ التواصل مع معارف الأمس، ووفاء للذكريات الجميلة في دمشق وجامعتها، وسورية ومجدها التليد. وكم أسيتُ صِدقاً عندما علمتُ قبل سنوات بوفاة أبي سليم في وقت متأخر دون أن أُعْلَمَ في حينها، لأقوم تُجاهه ببعض واجب الأخوّة، رحمه الله رحمة واسعة.
لقد كان الأخ أبو نجيب دائم الحركة والنشاط، ولا سيّما في محيط الدعوة الإسلامية. فبالإضافة إلى ثباته الراسخ في صفوفها إلى يوم وفاته رحمه الله، ونشاطه العلمي في مباحث الإسلام وموضوعاته، كان ذا مكانة مرموقة بين رجالها. فلقد شغل مركز عضوية مجلس الشورى فيها لأكثر من مرة، ومستشاراً في مسائلها الهامة
عامة. فكان في كل ذلك ذا رأي مُقدّر، وتوجيه بار، وحضور محسوب. وكان من الذين يأخذون بالعزيمة، ويشيدون بعلو الهمة.
وأخيراً مرض أخونا مرضاً أقعده عن الحركة، ونشاطه الدعوي والاجتماعي، قبل عدة شهور زرته على أثرها في بيته أكثر من مرة للسلام عليه والاطمئنان على صحته، إلى أن دخل مؤخراً وقبل أسابيع المستشفى الإسلامي حيث وُضِع في العناية المركزة إلى أن فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها في عمان صباح يوم الأحد بتاريخ (26 من ذي القعدة 1435هـ، 21/9/2014م) إذ صُلِّيَ عليه وشُيِّعت جنازته إلى مثواه، حيث دُفِن حسب وصيته في منطقة ناعور.
وإنني - إضافة إلى نعيي له في جريدة السبيل الزاهرة، وحضوري إلى سرادق العزاء الذي أُقيم له في حي نزال، وإلقائي كلمة هناك بالمناسبة باسمي واسم إخواني في إربد مُعزياً ومُسرِّياً، وداعياً الله له بالرحمة والرضوان - لأغتنم الفرصة في هذا المقال فأكرر تعزيتي الحارة لأهله جميعاً من آل الغضبان الأفاضل هنا في الأردن وهناك في سورية وفي مقدمتهم زوجته الفاضلة أم نجيب وصهره العزيز أبو أحمد، وابن أخيه الشاب المهذب الدكتور عامر، وشقيق زوجته الدكتور المحترم أبو حسان، ولأنجاله الكرام كلهم : نجيب، وحسام ، وحمزة، ومجاهد، ولبناته الفُضليات: هند، وإلهام، وهدى، وتقى، وهناء (إجازة في أصول الدين من كلية الشريعة (الأردن) عام 2003م ..) ، وأزواجهم، ولحفدته من بنين، ونسائهم، وبنات، ورجالهن جميعاً.
إنّا لله وإنّا إليه راجعون. ومع السلامة أخي أبا نجيب، إلى رحمة الله ورضوانه، ومغفرته الواسعة وجِنانه، وبرفقة الصالحين من مرسلين وصدِّيقين...
ورثاه الإعلامي أحمد موفق زيدان فقال : ( وفاة الشيخ ياسين الغضبان عمان، رحمك الله وأسكنك فسيح جناته مع شقيقك الشيخ منير، ترحلون قبل النصر، كم سنفتقدكم، دعواتكم له .
حوار مع الرحالة الإسلامي د. ياسين غضبان : أجري معه في 1 صفر 1429ه :
مسلمو الغرب بتفريطهم لا يمثلون الإسلام بشكل جيد.. وأوروبا ترتد عن النصرانية ..
في أوربا اليوم ردة عن النصرانية الملتزمون بدينهم من مسلمي الغرب لا يتجاوزون 25% التضييق على المسلمين بالغرب زاد بصورة واضحة بعد 11 سبتمبر مسلمو الغرب يفقدون الكثير من تعاليم الإسلام.. ودورهم "الديني" مفقود!
أجرى الحوار: همام عبد المعبود :
أوضح الداعية الإسلامي الدكتور ياسين غضبان المشرف على المركز الإسلامي بمدينة كاستيون الأسبانية أن المسلمين الذين يعيشون في الدول غير الإسلامية والذين يقدرون بنحو 600 مليون مسلم، يعيشون كأقليات، يتعرضون للكثير من المضايقات في أعمالهم وفي أداء شعائر دينهم، مشيرا إلى أن هذا التضييق زاد بصورة واضحة عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
وقال الدكتور غضبان في حوار خاص: "فيما يخص تفاعل المسلمين المقيمين في الدول غير الإسلامية مع قضايا الأمة، فليس لديهم سوى الاحتجاج والدعاء، حيث منعتهم الحكومات الغربية من تقديم المساعدات المالية، وأغلقت الكثير من مؤسساتهم التي كانت تدعم هذه القضايا، بل وقامت بملاحقة القائمين بجمع التبرعات المالية لمساعدة المتضررين من أبناء الشعب الفلسطيني".
وكشف غضبان عن أن المسلمين بالغرب لم يتمكنوا حتى الآن من قراءة قوانين البلاد التي يعيشون بها، وفهم أبعادها ودراستها، بل إنهم للأسف لا يجيدون التعامل معها، أو الاستفادة مما فيها من نصوص تتعلق بالحرية الشخصية، وبممارسة المعتقدات، معتبرا أنه يمكن للمسلم الواعي أن يستفيد من هذه القوانين خاصة فيما يخص مساحة الحرية المتاحة بالغرب.
وأضاف الدكتور غضبان – خلال زيارته للقاهرة- :
"تعداد المسلمين في العالم الآن حسب إحصائيات السي آي إيه (CIA) حوالي ألف وسبعمائة مليون ثلثهم يعيشون أقليات في بلاد غير مسلمة، أكثرهم في الصين ثم في الهند ثم في أوربا ثم في أمريكا واستراليا، غير أن هذا العدد الضخم الذي يعادل حوالي 600 مليون يعيشون أقليات لا يحكمهم الإسلام من أي جانب لا في الأحوال الشخصية ولا في القضايا العامة.
مزيد من التفاصيل في نص الحوار:
* نود في بداية اللقاء أن نعرف جمهورنا الكرام على فضيلتكم ؟
اسمي دكتور ياسين محمد نجيب غضبان، سوري الجنسية، من مواليد عام 1936م بمدينة دمشق، بدأت تعليمي في المدرسة السورية، وتخرجت في جامعة دمشق عام 1964م، من كلية الآداب قسم التاريخ، ثم عملت مدرساً بسوريا للمواد الاجتماعية في المرحلة الثانوية حتى عام 1974م.
ثم سافرت إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث عملت مدرسا وإداريا بالمدارس الثانوية بالإمارات، ثم انتقلت إلى جامعة الإمارات وعملت بمجال الثقافة والإدارة في الجامعة، ثم بعد ذلك عملت سكرتيرا لمجلة الإصلاح بالإمارات، ومستشارا للمدرسة الإسلامية في دبي ومدرسا لمواد التاريخ والسيرة بكلية الدراسات الإسلامية في دبي.
ثم انتقلت إلى اليمن عام 1994م، فساهمت مساهمة فاعلة في تأسيس جامعة الإيمان بمساعدة أخوي فضيلة الشيخ الدكتور عبدالمجيد الزنداني، والشيخ الدكتور عبد الكريم زيدان، ودرست بالجامعة مواد التاريخ والسيرة وحاضر العالم الإسلامي، وظللت بها حتى عينت وكيلا للجامعة للشؤون التعليمية ونائبا لمدير الجامعة للتطبيقات العملية، ثم خرجت من اليمن عام 1998م.
وبعدها عملت في مجال الدعوة الإسلامية في أمريكا، وبعض الأقطار الأوروبية، واستقر بي المقام في الفترة الأخيرة منذ عام 2003 في أسبانيا، حيث أعمل هناك مديرًا للمركز الثقافي الإسلامي في مدينة كاستيون، ومساهما ومحاضرا في أكبر المساجد بمنطقة فالنسيا، وأيضا مساهما في تأسيس المساجد وإداراتها، فضلا عن تنقلي بين أسبانيا وغيرها من بلدان أوربا للدعوة والعمل الإسلامي.
صدر لي العديد من المؤلفات منها كتاب: "كنتم خير أمة أخرجت للناس"، وكتاب "الدعوة في العشيرة الأقربين"، وكتاب "نساء في حياة الأنبياء"، وسيصدر لي قريبًا: كتاب "الخطاب الإسلامي.. تاريخ الأنصار السياسي"، و كتاب "محمد رسول الله في كتاب الله".
* وماذا عن أحوال الأقليات المسلمة في الدول الغربية؟
** الأقليات المسلمة في الدول غير الإسلامية تقدر بنحو 600 مليون مسلم، يعيشون أقليات لا يحكمهم الإسلام من أي جانب؛ لا في الأحوال الشخصية، ولا في القضايا العامة، وقد أعطت لهم بعض البلدان شيئًا من الأحوال الشخصية، ولكنها منعت أشياءً أخرى مثل تعدد الزوجات، كما أنها لا تسمح بقضايا الميراث، ولا تعليم الأولاد الإسلام، ومع هذا فإن الذين يلتزمون بدينهم في بلاد الغرب من المقيمين فيها أو الذين تحصلوا على جنسيات تلك البلاد والذين يأتون إلى المساجد لا يتجاوزون 25% من مجموع المسلمين في البلاد.
وأمام هذه الظواهر نقول إن الذي يحتفظون بدينهم فئة قليلة جدا من المسلمين، فالأوربيون نتيجة الفجوة الكبيرة بين المسلمين الملتزمين وبين تلك الشعوب شبه مقطوعة، ولا يعرف الغرب من المسلمين إلا المنحرفين والذين يساورونهم في أماكن الحرام، وبذلك فإنهم يأخذون هذه الصورة ويقدمونها لنا مشوهة فيها الكثير من الكذب والتضليل والبعد عن الحقيقة.
* إذًا كيف تعيش الأقليات المسلمة في تلك الدول؟
** إن المسلمين الذين لم يتمكنوا حتى الآن من قراءة قوانين تلك البلاد وفهم أبعادها ودراستها يجهلون تماما حال تلك المجتمعات، ولا يجيدون التعامل معها، أو الاستفادة مما فيها من نصوص تتعلق بالحرية الشخصية، وبممارسة المعتقدات، وبما يمكن للمسلم أن يستفيد منه، خاصة في جو الحرية الذي يعتبر الأساس الأول في حياة تلك الشعوب، ولهذا نرى أن اليهود أول ما يدرسون، يدرسون قوانين وتاريخ تلك البلاد، كما يدرسون تاريخ الإسلام ليشوهونه ويقدمون صورة سيئة عنه.
* هلا أعطيتنا مثالا على ذلك لتتضح الصورة؟
** نعم.. لقد تابعت عددا من المقررات في أمريكا عن التاريخ الإسلامي، فوجدت أن هناك جهات مشبوهة وراء تأليفها، كما أنني لم أجد رجلا واحدا من المتخصصين في التاريخ الإسلامي ممن يعتنقون الإسلام، فغالبهم ممن ادعى الإسلام ودخل فيه من المستشرقين بهدف تشويهه.
ولاحظت أيضًا من خبرتي أن اليهود يعملون في مجال القانون بكثرة، وأن أكثر المحامين وأنجحهم هم من اليهود، أما المحامون المسلمون، فيتصدون للقضايا التافهة، مثل قضايا الإقامة، والتجنس، وقضايا الخلافات المالية البسيطة، وهذا كله مما يجعل تأثيرنا كمسلمين في الحياة العامة قليل جدًا.
وأستطيع أن ألخص كلامي بكلمة واحدة وهي أن القوانين الغربية مملوءة بالمنافذ والثغرات التي درسناها جيدا وأتقناها، لأمكن لنا أن نستفيد منها في تحسين أحوالنا.
* إلى أي مدى يؤثر أهل الكتاب على الأقليات المسلمة في الدول غير الإسلامية؟
** الكنيسة لا تحكم في الغرب الآن، الذي يحكم في الدول غير الإسلامية القوانين الوضعية المغلفة بالديمقراطية، ولذلك فإن تعامل المسلمين يتم من هذا الباب، والآن في أوربا ردة عن النصرانية.
وكثيرا ما أسأل بعض الناس في أوربا: ما دينك فيقول لا دين لي، وعندما نريد أن نزوج نصرانية بمسلم، أول ما نسألها أن تؤمن بالله وأن تؤمن بعيسى فغالبا نجدها تجهل كل هذا، لأننا لا يمكن لنا أن نعقد عقدا بين مسلم ونصرانية إلا أن تكون محصنة ومؤمنة.
ولذلك فنحن لا نتعامل مع أهل الكتاب كما نتصورهم في أذهاننا، وعندما نلتقي مع أهل الكتاب في أية مناسبات، إما أن ندعوهم أو يدعوننا للتباحث في بعض القضايا الحياتية، التي ليس لها صلة بأمور المسلمين عامة، وإنما هي ذات صلة ببعض الخدمات الاجتماعية التي تقدم للمسلمين وغير المسلمين.
وأهل الكتاب المعنيين في كتاب الله، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، هم الذين يعيشون في أرضنا، وفي بلادنا، وفي الأماكن التي يحكم فيها الإسلام، وهؤلاء ما زالوا وسيبقون إلى قيام الساعة في رعاية وحماية ومحبة من المسلمين في كل مكان وجدوا فيه.
* وماذا عن دور مسلمي الغرب في نصرة قضايا الأمة المسلمة؟
** ليس لدى المسلمين في الدول غير الإسلامية إلا الاحتجاج والدعاء، فقد منعت عنهم الحكومات هناك تقديم المساعدات المالية، وأغلقت الكثير من مؤسساتهم التي كانت تدعم هذه القضايا، وأصبحت ملاحقة القائمين بجمع التبرعات المالية من الأنشطة الأساسية التي يقوم بها الأمن الأوربي عموما، باعتبارها عملا من أعمال تأييد الإرهاب، لكن المسلمين بواسطة الاتصال الشخصي ببعض الأوربيين المتنورين يظهرون عدالة قضاياهم وظلم الحكومات التي تقوم على مساندة إسرائيل ومساندة الحملة الصليبية الجديدة على العالم الإسلامي.
والمسلمون الآن قد يكونون في حالة من الضعف والفقر، مثل بقية الشعوب الإسلامية في أراضيها، غير أن هامش الحرية المتاح لهم يمكنهم بالتعاون مع بعض المتنورين من الأوربيين من القيام باحتجاجات ومظاهرات لتأييد هذه القضايا.
والمشكلة التي تحزننا في الغرب أن بعض الحكومات العربية خصوصا والإسلامية عموما قد لا يكون لها إلا صلة واهية جدًا مع الجاليات الإسلامية هناك إلا في فرض ضرائب أو استخراج بعض المستندات، ولم يحدث أن قامت سفارة دولة من هذه الدول بمساعدة أفرادها في أي مجال؛ لا في تعليم ولا في حفظ حقوق أو الدفاع عنها أمام القضاء الأوربي وإنما فقط يقولون ما لا يفعلون، وقد لا يعرف المسلم في الدول غير الإسلامية عن بلده إلا موظف السفارة الذي يتعامل معه من أجل استخراج بعض الوثائق.
* وماذا عن دوركم في أسبانيا وإشرافكم على مركز كاستيون؟
** مركز كاستيون باعتباري مشرفا عليه فإنه أولا يؤمن للمسلمين قضاء أوقات الصلاة، كما يعد ملتقى للمسلمين في كل أوقاتهم، لحل مشكلاتهم والتعاون لإزالة القضايا المخالفة للإسلام بينهم وبين معارفهم.
كما أن في المسجد مكتبة لا بأس بها تؤمن لمن أراد منهم المطالعة والاطلاع على قنوات فضائية والإنترنت وغيرها، وتأتي إليه النساء في بعض أوقات الصلاة، وخاصة في صلاة الجمعة، وفي شهر رمضان، ويسعى المركز لأن يتواصل مع المراكز الأخرى في القرى المحيطة لكاستون والتي يبلغ عددها حوالي عشرة مساجد.
كما أن المركز يؤمن دروس ومحاضرات على مدى الأيام، وفي المناسبات، ويستقبل الدعاة ويستفيد منهم، كما يلحق بالمركز مدرسة لتعليم القرآن والإسلام باللغة العربية، وهي عبارة عن يوم واحد في الأسبوع، ويبلغ تعداد الطلاب والطالبات هذا العام ما بين 70 و 80 دارسا يدرسون على أيدي بعض الإخوة والأخوات المتخصصين في التعليم.
ويقدم المركز في شهر رمضان وجبات إفطار يومية لحوالي 70 فأكثر من الشباب الذين يأتون للإفطار فيه، ويكون للمسجد نشاط واسع في رمضان، وفي العيدين.
* وهل هناك مؤسسات أخرى ملحقة بالمسجد؟
** يلحق بالمسجد مؤسستان:
الأولى: هي اللجنة التعاونية التي تقدم مساعدات في حدود طاقتها إلى المحتاجين والمحتاجات وعابري السبيل، وتقوم على الجمعية لجنة تدير شئونها، كما أن المسجد يتعاون مع الجمعيات الخيرية في إسبانيا، وكذلك مع الصليب الأحمر الذي يعطى أطنان من المواد الغذائية يوزعها على المحتاجين من الجالية المسلمة.
أما عن المؤسسة الثانية: فقد بدأ المسجد الآن بتشكيل (اتحاد للنساء المسلمات في أسبانيا)، وقد أنجز هذا العمل بوضع قانون ونظام لهذا الاتحاد، وكذلك اختيار المشرفات على هذا الاتحاد.
* وما الهدف من إنشاء هذا الاتحاد؟ وماذا أنجز منه؟
** هدف الاتحاد حماية ورعاية المرأة المسلمة والطفل المسلم، وأمام المركز الآن مهمة شراء قطعة أرض كبيرة تصلح لإقامة مركز إسلامي متكامل بالمسجد، للرجال والنساء، وقاعة محاضرات، ومواقع للمؤسسات المرتبطة به، وبيوت لسكن العاملين في المسجد.
وقد بدأنا في جمع التبرعات لهذه الغاية، ويتعاون معنا في إنجازها بلدية كاستيون، لإقامة هذا المركز الذي سيبدأ العمل به في أقرب وقت ممكن، ويتعاون المسجد تعاوننا كاملا مع مؤسسات الدولة، والموظفين الكبار للحصول على بعض المميزات للجالية المسلمة، وخاصة الحصول على أراض لإنشاء مقابر خاصة بالمسلمين، إذ أنه حتى الآن نقوم بنقل المتوفين إلى بلادهم الأصلية.
والمركز أمامه طموحات كبيرة، في فتح مجالات للدعوة الإسلامية سواء للمسلمين أو للأسبان، وأن يدير المسجد القضايا الشخصية للمسلمين من زواج وطلاق وإصلاح ذات بين، وكذلك حل المشكلات الناتجة عن الخلافات المادية.
ويعتبر المسجد من أهدأ المراكز في أسبانيا فليس فيه إشكالات وليس فيه تحزبات، ويعمل بشكل جيد على الاتصال مع بقية المواقع في فالنسيا، وأليكانتي، وهذه المواقع شكل مجموع محافظة فالنسيا، فهو عدا المشاركة في اللجان الدينية والفيدرالية، يقوم أيضا بالمساهمة بإدارة بعض المراكز لتقديم المساعدة لها بشكل جيد.
مصادر الترجمة :
(1) المسلم نت، الرحالة الإسلامي د. ياسين الغضبان، حاوره همام عبد المعبود.
(2) مناقشات الأخ ياسين الغضبان في منتدى الحوار الإسلامي.
(3)- ياسين غضبان - محمد علي شاهين – مجلة الغرباء الإلكترونية .
(4)- مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية – بإشراف الأستاذ زهير سالم .
(5)- الموسوعة الحرة .
(6)- جريدة السبيل (الأردن ) : مقالة بقلم د. علي العتوم ، يوم الأربعاء 24 أيلول 2014م .
وسوم: العدد 752