إسقاط الحقوق الفلسطينية مسبقا شرط لنجاح المفاوضات
بدون مؤاخذة-
إسقاط الحقوق الفلسطينية مسبقا
شرط لنجاح المفاوضات
جميل السلحوت
بعد أن رضخت أمريكا والعرب والرباعية لشروط نتنياهو بالعودة الى المفاوضات من نقطة
الصفر، ودون تحديد مرجعيات للتفاوض، ودون وقف للاستيطان، ودون البدء من النقطة التي
وصلت اليها في عهد ايهود أولمرت، ها هو نتنياهو يضع شرطا جديدا يتمثل في
"قبل كل شيء يجب الإعتراف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي وأن ينص الإتفاق على نهاية
النزاع"، معتبرا أن "مثل هذا الإعتراف سيتيح إستبعاد طلبات إضافيّة"،
وشرط نتنياهو هذا يعتبر مدخلا للبدء بالتفاوض، وهذا
يعني التنازل عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين بشكل مسبق وبدون تفاوض، كما يعني
اعطاء الضوء الأخضر لنتنياهو لطرد مليون وربع المليون فلسطيني يعيشون في وطنهم داخل
دولة اسرائيل، وهذا يعني ايضا تحميل العرب مسؤولية الصراع منذ بدايته وبالتالي دفع
تعويضات لاسرائيل عن كل ما تكبدته من خسائر بشرية ومادية، طيلة سنوات الصراع وحتى
قبل قيام دولة اسرائيل، وهذا يعني ايضا اطلاق الاستيطان اليهودي في فلسطين
التاريخية-ارض اسرائيل - والاعتراف بيهودية اسرائيل ليس شرطا من وجهة نظر نتنياهو،
بل هو بدهية مفروغ منها، لأن اسرائيل:"
إسرائيل تنوي التقدّم بجدية وبشكل مسؤول بهدف التوصل إلى اتفاق سلام". وجدية
نتنياهو في الرغبة بالتوصل الى اتفاق سلام من منطلقاته هذه ستقود الى طروحاته
السابقة بأن لا دولة أخرى بين النهر والبحر، واذا ما أراد الفلسطينيون اقامة دولتهم
فعليهم اقامتها شرق نهر الأردن، واذا ما بقي عدد قليل من الفلسطينيين داخل اسرائيل
اليهودية، فانه على رأي أستاذه جابوتنسكي فانه" لايضير الديموقراطيات وجود أقليات
قومية فيها" .وبدهية نتنياهو بوجوب الاعتراف باسرائيل دولة للشعب اليهودي قبل كل
شيء،تعيد الى الأذهان ما اشترطه اسحق رابين رئيس وزراء اسرائيل الأسبق على منظمة
التحرير بوجوب الاعتراف بدولة اسرائيل، فكان أن اعترفت المنظمة بدولة اسرائيل مقابل
اعتراف اسرائيل بالمنظمة وليس بدولة فلسطينية.
وهكذا فان نتنياهو ذاهب الى المفاوضات لفرض املاءات وليس للتفاوض، وستطلب امريكا من الدول العربية والاسلامية ابداء حسن النوايا تجاه اسرائيل لتشجيعها على التفاوض، وذلك باقامة علاقات تجارية وثقافية ودبلوماسية بشكل مسبق، علما أن هناك دولا عربية واسرائيلية تقيم علاقات كاملة مع اسرائيل، بعضها بشكل معلن وبعضها على استحياء شبه معلن، وربما ستطلب اسرائيل أن تشاركها الدول العربية في شن حرب على ايران لتدمير مشروعها النووي، كي تطمئن اسرائيل الى حسن نوايا الدول العربية في الحفاظ على أمن اسرائيل.
وبناء على ذلك واذا ما تحققت لنتنياهو طلباته فانه قد يوافق على منح الفلسطينيين ادارة مدنية على السكان وليس على الأرض.
فهل ستتخذ الدول العربية موقفا موحدا للضغط على "الصديقة" أمريكا و"الجارة" اسرائيل للوصول الى حل عادل يحفظ حقوق شعوب ودول المنطقة، أم أن اسرائيل ستبقى اللاعب الوحيد في المنطقة تفرض ما تشاء وكيفما ومتى تشاء؟

