تأملات في القران الكريم ح421 سورة المعارج الشريفة
للسورة الشريفة جملة من الفضائل والخصائص , لعل ابرزها ما جاء في كتاب ثواب الاعمال عن الامام الصادق عليه السلام : أكثروا من قراءة سئل سائل فان من أكثر قراءتها لم يسأله الله تعالى يوم القيامة عن ذنب عمله وأسكنه الجنة مع محمد صلى الله عليه وآله .
بسم الله الرحمن الرحيم
سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ{1}
تستهل السورة الشريفة ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) , دعا داع من الكفار بنزول العذاب عليه وعلى قومه , يختلف المفسرون في ذلك الداعي , فمنهم من يرى :
1- النضر بن الحارث , حيث قال بنحو ما { وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }الأنفال32 .
2- ان القائل كان ابو جهل وذلك في واقعة بدر , حيث رفع يده فقال : اللهم إن محمدا أقطعنا للرحم واتانا بما لا نعرفه فأجاه العذاب فأنزل الله تبارك وتعالى ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ{1} ِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ{2} .
لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ{2}
تستمر الآية الكريمة ( لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ ) , واقع بهم لا محالة , لا يرده ولا يمنعه مانع عنهم .
مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ{3}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( مِّنَ اللَّهِ ) , منه جل وعلا , ( ذِي الْمَعَارِجِ ) , ذو الدرجات والمصاعد , حيث يصعد اليه الكلم الطيب , ويرفع العمل الصالح , ويرتقي المؤمنون بها , وتعرج الروح والملائكة فيها .
تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ{4}
تستمر الآية الكريمة ( تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ ) , لبيان ارتفاع تلك الدرجات "المعارج" , فتصعد الملائكة والروح "جبريل – ع - على بعض الآراء" الى مهبط امره جل وعلا , ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) , ذلك اليوم يقدر بخمسين الف سنة من سني الدنيا .
( عن النبي صلى الله عليه وآله قيل له يا رسول الله ما أطول هذا اليوم فقال والذي نفس محمد صلى الله عليه وآله بيده إنه ليخف على المؤمن حتى يكون اخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا .
عن أمير المؤمنين عليه السلام وقد ذكر النبي صلى الله عليه وآله قال اسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى مسيرة شهر وعرج به في ملكوت السماوات مسيرة خمسين ألف عام أقل من ثلث ليلة حتى انتهى إلى ساق العرش .
عن الصادق عليه السلام إن للقيامة خمسين موقفا كل موقف مقام ألف سنة ثم تلا في يوم الآية .
وعنه عليه السلام قال لا ينتصف ذلك اليوم حتى يصل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار .
) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً{5}
تستمر الآية الكريمة مخاطبة الرسول الكريم محمد "ص واله" ( فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً ) , فأصبر على تكذيب من كذبك او كذب بذلك اليوم , او اصبر على اذى قومك واستهزاءهم بك واستعجالهم العذاب صبرا لا جزع معه ولا شكاية فيه .
إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً{6}
يستمر الخطاب في الآية الكريمة ( إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً ) , ان الكفار يرونه بعيد المدة , او انهم يستبعدون وقوعه , فينكرونه .
وَنَرَاهُ قَرِيباً{7}
يستمر الخطاب في الآية الكريمة ( وَنَرَاهُ قَرِيباً ) , قريب الوقوع , واقعا لا محالة .
يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاء كَالْمُهْلِ{8}
تضيف الآية الكريمة ( يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاء كَالْمُهْلِ ) , يومها تكون السماء كالرصاص الذائب , او كالفضة الذائبة , او كحثالة الزيت , على اختلاف الآراء .
وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ{9}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ ) , عندها تكون الجبال كالصوف المصبوغ الوانا المنفوش الذي ذرته الرياح , يرى بعض المفسرين سبب وصف الجبال بالصوف المصبوغ لاختلاف الوانها , فبعض الجبال اصفر وبعضها اسود ... الخ .
وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً{10}
تستمر الآية الكريمة ( وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً ) , ذلك اليوم , لا يسأل قريب قريبا عن حاله , لانشغال كلا منهما في نفسه .
يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ{11}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( يُبَصَّرُونَهُمْ ) , أي يبصر ويرى الاقرباء بعضهم بعضا , يتعارفون , لكن لا يتكلمون , ( يَوَدُّ الْمُجْرِمُ ) , يتمنى الكافر , ( لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ ) , لو يفدي نفسه من العذاب بأبنائه , الذين هم اعز الخلق اليه .
وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ{12}
تضيف الآية الكريمة ( وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ ) , ليس بأبنائه فقط , بل وزوجته واخيه ايضا .
وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ{13}
تضيف الآية الكريمة ( وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ ) , وليس ذاك فقط , بل يتمنى ان يفتدى بكل عشيرته التي ضمته نسبا وقرابة , وعلى اراء اخرى انها امه التي انفصل عنها .
وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ{14}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ) , وليس ذلك فقط " ابنائه وزوجته واخيه وعشيرته" , بل يتمنى ان يفتدى بكل من في الارض , ( ثُمَّ يُنجِيهِ ) , كي ينجو من ذلك العذاب .
كَلَّا إِنَّهَا لَظَى{15}
تستمر الآية الكريمة رادعةً هذه المرة ( كَلَّا ) , ردعا لتمني الكافر , ودلالة على ان لا ناصر له من ذلك العذاب , ولا ينفع في رده حتى الافتداء , ( إِنَّهَا لَظَى ) , ان النار لهب خالص , او انها جهنم تتلظى أي تتلهب على الكافرين .
نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى{16}
تضيف الآية الكريمة ( نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى ) , الشوى الاطراف , او هي جمع شواة وهي جلدة الرأس , فيكون المعنى بجمع معاني الشوى , ان جهنم من شدة حرها تنزع جلدة الرأس وسائر اطراف البدن .
تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى{17}
تستمر الآية الكريمة ( تَدْعُو ) , تنادي بقولها "إليّ ... إليّ" , او تجره اليها , ( مَنْ أَدْبَرَ ) , عن الرسول الكريم محمد "ص واله" وما جاء به من الحق , ( وَتَوَلَّى ) , وانصرف عاصياً .
وَجَمَعَ فَأَوْعَى{18}
تستمر الآية الكريمة ( وَجَمَعَ ) , المال , ( فَأَوْعَى ) , ملأ به الاوعية , ولم ينفق منه في سبيل الله تعالى , او لم يؤد حقوقه , كالزكاة والخمس .
وسوم: العدد 820