تأملات في القران الكريم ح426، سورة الجن الشريفة
بسم الله الرحمن الرحيم
وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً{16}
تستمر الآية الكريمة ( وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ ) , وانه لو استقاموا على الطريقة الافضل او الامثل , ( لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً ) , لأنزلنا عليهم ماءا كثيرا , تتوسع معه ارزاقهم , وتتحسن احوالهم .
لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً{17}
تستمر الآية الكريمة ( لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ) , لنختبرهم أيشكرون ام يكفرون , ( وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ ) , ومن ينصرف عن توحيده وعبادته او طاعته جل وعلا , ( يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً ) , يدخله في عذاب شاق , يفوق همة المعذب , ويعلوه ويغلبه .
وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً{18}
تستمر الآية الكريمة مقررة ( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ ) , فقط , فلا يعبد بها غيره جل شأنه , ( فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً ) , نهي ان يشرك به جل وعلا وان يعبد غيره فيها , كما كانت تفعل اليهود والنصارى , عندما يدخلون كنائسهم وبيعهم , فيشركون .
الآراء حول المساجد مختلفة , ننقل منها :
1- المساجد هي دور العبادة .
2- المساجد هي مواضع الصلاة , في أي مكان كانت .
3- هناك بعض الروايات تشير الى ان المساجد هي اعضاء السجود السبعة , من قبيل الرواية ( عن أمير المؤمنين عليه السلام يعني بالمساجد الوجه واليدين والركبتين والابهامين ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً{19}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ ) , النبي الكريم محمد "ص واله" , ( يَدْعُوهُ ) , يعبده جل شأنه , ( كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً ) , يختلف المفسرون في النص المبارك , منها :
1- ان الجن حضروا بجماعات كثيرة متراكمة بعضها فوق بعض , بيانا لشدة ازدحامهم حول النبي الكريم محمد "ص واله" مقتربين منه ما امكنهم , حرصاً لسماع قراءته للقرآن الكريم.
2- ان قريش لفرط تعجبهم من عبادته "ص واله" وقراءته للقرآن , ازدحموا حوله "ص واله" .
3- لا تنافي في الجمع بين كلا الرأيين .
قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً{20}
تستمر الآية الكريمة مخاطبة الرسول الكريم محمد "ص واله" ( قُلْ ) , لهم يا محمد "ص واله" سواء كان المعنيين قريش او الجن او كلاهما , مقررا ( إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي ) , اعبد ربي جل وعلا , ( وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً ) , لا اشرك احدا بعبادته جل وعلا , وهذا ليس بالأمر المبتدع ولا بالمنكر يوجب تعجبكم واطباقكم وازدحامكم عليّ .
قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلَا رَشَداً{21}
تستمر الآية الكريمة مخاطبة الرسول الكريم محمد "ص واله" ( قُلْ ) , لهم يا محمد "ص واله" سواء كان المعنيين قريش او الجن او كلاهما , مقررا ( إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلَا رَشَداً ) , يقرر "ص واله" انه لا يملك ضرا او نفعا لاحد , فأن دفع الضر وجلب النفع مختص به جل وعلا .
قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً{22}
تستمر الآية الكريمة مخاطبة الرسول الكريم محمد "ص واله" ( قُلْ ) , لهم يا محمد "ص واله" مقررا ايضا ( إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ ) , لن يجيرني احد من عذابه جل وعلا ان عصيته , ( وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً ) , ولن اجد غيره جل وعلا ملتجئا ألتجيء اليه .
إِلَّا بَلَاغاً مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً{23}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( إِلَّا بَلَاغاً مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ ) , استثناء التبليغ , فأبلغكم بما بلغت به , ( وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ) , ومن عصاه جلا وعلا في توحيده وطاعته وطاعة رسوله ويعرض عنه دينه , فليس له جزاء غير النار خالدا فيها .
حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً{24}
تستمر الآية الكريمة مبينة ( حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ ) , يختلف المفسرون في النص المبارك , فمنهم من يرى :
1- لا يزال الكفار على كفرهم , حتى يعاينوا العذاب الموعود لهم , وذلك يوم القيامة .
2- لا يزال الكفار على كفرهم , حتى يعاينوا العذاب الموعود لهم , وذلك يوم بدر .
3- لا يزال الكفار على كفرهم , حتى يعاينوا اليوم الموعود حين ظهور المهدي "عجل الله فرجه الشريف" ونزول عيسى بن مريم "ع" .
( فَسَيَعْلَمُونَ ) , سيعلم الكفار علما يقينيا في حينه , ( مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً ) , هم أم المؤمنون , او النبي الكريم محمد "ص واله" ومن معه من المؤمنين ومن سار بنهجة ام الكفار .
قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً{25}
تستمر الآية الكريمة مخاطبة الرسول الكريم محمد "ص واله" ( قُلْ ) , لهم يا محمد "ص واله" , وذلك عندما اخبرهم "ص واله" بذلك , سأله الكفار "متى يكون هذا" ( إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ ) , ما ادري ان كان هذا العذاب قريب , ( أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً ) , غاية او آجلا , المحصلة ان لا احد يعلم ذلك اليوم الا الله جل وعلا .
عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً{26}
تستمر الآية الكريمة ( عَالِمُ الْغَيْبِ ) , ما غاب عن العباد , او ما غاب عن الحواس , او ما لم يكن , ( فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً ) , فلا يطلع على غيبه احدا من الناس .
إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً{27}
تستمر الآية الكريمة مستثنية ( إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ ) , استثناء من ارتضاهم الله تعالى من الرسل , فيطلعهم على الغيب , كمعجزة او لمصلحة معينة , ( فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً ) , يرى القمي في تفسيره ان الله تعالى يخبر رسوله الذي يرتضيه بما كان قبله من الاخبار وما يكون بعده من اخبار القائم "المهدي" والرجعة و القيامة , اما ( رَصَداً ) , حرسا من الملائكة يحفظونه ويحرسونه من اختطاف الجن واستراق السمع وتخاليطهم , فيهمسون بها الى الكهنة او بعض البشر من الكفار .
( عن الباقر عليه السلام في هذه الاية قال وكان محمد صلى الله عليه وآله ممن ارتضاه .
عن الرضا عليه السلام فيها فرسول الله صلى الله عليه وآله عند الله مرتضى ونحن ورثة ذلك الرسول الذي أطلعه الله على ما يشاء من غيبه فعلمنا ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً{28}
تستمر الآية الكريمة مختتمة ( لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ ) , الله , علم ظهور "تفسير الجلالين للسيوطي" , او ليعلم الله تعالى ان الانبياء قد ابلغوا ما اوحي اليهم من الرسالات , و في اراء اخرى ليعلم الرسول الكريم محمد "ص واله" ان الرسل قبله كانوا على مثل حاله , يوحى اليهم كما يوحى اليه , وقد بلّغوا كما بلّغ , ( وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ ) , احاط علمه جل وعلا بما عند الرسل "ع" ظاهرا وباطنا , ( وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً ) , ومنه الرمل والحصى وقطرات المطر , لا يخفى عليه شيء منها , او يفوته جل جلاله شيئا من العدد مهما كان المعدود صغيرا وكثيرا .
وسوم: العدد 828