الأضحية وأحكامها
تعريف الأضحية:
هي ذبيحة مخصوصةُ الأوصاف من الأنعام، يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى في أوقات معينة. قال الله تعالى: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ). الكوثر: 2.
حكم الأضحية:
ذهب جماعة من أهل العلم إلى أنها واجبة على ذوي اليسر، لظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من كان له سَعة ولم يُضحِّ، فلا يقربَنَّ مُصلَّانا ). رواه أحمد وابن ماجه.
وذهب جماعة آخرون إلى أنها سنة مؤكدة لا يحسن التهاون فيها لفعل النبي صلى الله عليه وسلم لها، كما في حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعاً للنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله من إراقة دم، وإنه يؤتى يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها، وإن الدم ليقع من الله عز وجل بمكان قبل أن يقع على الأرض فطيبوا بها نفساً ) رواه الترمذي و ابن ماجه.
الحكمة من مشروعية الأضحية:
1 ـ الامتثال لأمر الله سبحانه، وإحياء سنة نبينا إبراهيم عليه السلام، ومحمد صلى الله عليه وسلم.
2 ـ التوسعة على الأهل وعلى الجيران والأصدقاء والفقراء في المجتمع.
3 ـ شكر الله على عظيم نعمه.
4 ـ التقرب إلى الله تعالى ونيل محبته ورضوانه.
وقت الأضحية:
يبدأ وقتها بعد صلاة عيد الأضحى إلى غروب شمس الثالث عشر من الشهر وهو آخر أيام التشريق، لحديث البراء رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النّبي صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، مَنْ فَعَلَهُ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْل فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لأَهْلِهِ لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ). رواه البخاري.
ويجوز ذبح الأضحية في أي وقت ليلاً أو نهاراً على الصحيح من أقوال أهل العلم، وساعات النهار أفضل.
عدد من تجزئ عنه الأضحية:
تجوز أضحية الرجل الواحدة من الغنم، أو الماعز، عن أهل بيته ولو كثروا، وتجزئ عن الجميع لفعله صلى الله عليه وسلم؛ وكان يضحي ويقول: ( هذا عن محمد وآله ) كما رواه عبد الرزاق وابن ماجه من حديث أبي هريرة. ويجوز أن يشترك سبعة أشخاص فِي الإبل، والبقر.
شروط الأضحية:
للعلماء تفصيل في هذا وأقتصر فيه على ما يلي:
1 ـ أن تكون من بهيمة الأنعام الغنم، أو الماعز، أو البقر، أو الإبل، فلا تصح من الدجاج والطيور والأسماك وغيرها، قال الله تعالى: (لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ). الحج: الآية 34 .
2 ـ أن تبلغ السن المقدرة شرعاً، بأن تكون ثنية من الغنم، وهي التي أتمت عاماً، أو جذعة من الغنم وهي ما تم لها نصف سنة على الأقل إن كانت سمينة، أو ثنية من الماعز وهي ما تم لها سنة، أو ثنية من البقر وهي ما تم له سنتان، أو ثنية من الإبل وهي ما تم لها خمس سنين، يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا تذبحوا إلاّ مسنة ـ يعني ثنية ـ إلاّ أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن ) رواه مسلم. وفي سنن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الجذع يوفي مما يوفي منه الثني ).
3 ـ أن تخلو من العيوب: كالعور البيِّن، والمرض البيِّن، والعرج البيِّن، والهُزال البين، ونحو ذلك مما يفسد سلامة الأضحية، ويدل عليه حديث الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن سأل عما يُتَّقى من الضحايا: ( العرجاء.. والعوراء.. والمريضة... والعجفاء... ). والأصل في هذا قوله تعالى: (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب ). الحج: الآية32 .
ما يسن للمضحي:
يرى بعض الفقهاء لمن عزم على الأضحية أن يمسك عن قص شعره وأظافره إذا دخلت العشر حتى يضحِّي؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشرته شيئا ). رواه مسلم وفي رواية لأبي داود: ( فليمسك عن شعره وأظافره ). وذهب الإمام أحمد إلى تحريم قص الشعر والأظافر من باب التشبه بالمحرم بالحج.
التوكيل فِي الأضحية:
يجوز للمرء أن يوكّل غيره فِي شراء الأضحية وفي ذبحها، والسنة أن يتولى المضحي ذبح أضحيته إن كان يحسن ذلك، لحديث أنس في صحيح البخاري: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين، قال أنس: فرأيته واضعاً قدمه على صفاحهما يسمي ويكبر فذبحهما بيده ).
شروط ذكاة الأضحية:
1ـ أن يكون المذكي عاقلاً مميزاً، فلا يحل ما ذبحه مجنون، أو سكران، أو صغير لم يميز. وتجوز أضحية المرأة إذ لا تشترط الذكورة في الذكاة.
2 ـ أن يكون المذكي مسلماً، أو كتابياً وهو من ينتسب إلى دين اليهود أو النصارى.
3ـ أن لا يسمي عليها اسم غير الله مثل أن يقول باسم النبي، أو جبريل، أو فلان، فإن سمى عليها اسم غير الله لم تحل وإن ذكر اسم الله معه.
4 ـ أن يذكر اسم الله تعالى عليها فيقول عند تذكيتها باسم الله لقوله تعالى: {فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُم بِآيَـتِهِ مُؤْمِنِينَ }. فإن نسي فلا حرج...
5 ـ أن تكون الذكاة بمحدد ينهر الدم كسكين ونحوه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلّم: ( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ) متفق عليه.
آداب ذبح الأضحية:
1 ـ استقبال القبلة بالأضحية حين ذبحها.
2 ـ الإحسان في ذبحها بحيث تكون بآلة حادة يمرها على محل الذبح بسرعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلّم: ( إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليُرح ذبيحته ). رواه مسلم.
4 ـ قطع الحلقوم والمريِّ زيادة على قطع الودجين.
5 ـ أن يبعد السكين عن البهيمة عند حدها فلا تراها إلا عند الذبح.
6 ـ أن يكبر الله تعالى بعد التسمية.
7 ـ أن يسأل الله قبولها فيقول: بسم الله والله أكبر، اللهم منك ولك.
توزيع لحم الأضحية:
استحبّ بعض أهل العلم ومنهم: الحنفية والحنابلة أن تُقسّم لحوم الأضحية إلى ثلاثة أثلاث، فثُلث يكون للمضحّي وأهل بيته، وثُلث يهديه للصديق، وثُلث يتصدّق به على الفقراء والمساكين.
أمّا الشافعية فقد رأوا أنّ الأفضل للمضحّي التصدّق بأضحيته جميعها إلّا شيئاً قليلاً يأكله منها.
ورأى المالكيّة عدم التحديد في كيفيّة توزيعها، فللمضحّي أن يأكل منها ما يشاء ويتصدّق بما يشاء ويهدي ما يشاء، ودليل ذلك عموم قول الله تعالى: (فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ الْبَآئِسَ الْفَقِيرَ)،[٧] وقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (فكلوا وادِّخِروا وتصدَّقوا).
هذه أبرز أحكام الأضحية من غير تتبع للتفاصيل التي فيها كلام متنوع للفقهاء...
وسوم: العدد 835