نفحاتُ الرُّوح 1 الكُنُوزُ الإيمانيةُ والشرعيةُ والأخلاقيةُ لسورة الحُجُرات

*الكنـز الأول: أضواء تحليلية* 

*أولاً:* سُمِّيَتْ سورة (الحُجُرات) بسورة (الأخلاق).. وهي: 

- سورةٌ مدنية. 

- نزلت في السنة التاسعة للهجرة. 

- تتكوّن من ثماني عشرة آية (18 آية). 

*ثانياً:* تحتوي سورة (الحجرات) على حقائق كبيرةٍ في التشريع والتوجيه، وترفع بناءً ضخماً للأخلاق الإسلامية والعلاقات بين المسلمين، وتؤسِّسُ قواعد راسخةً للإيمان وحقيقته.. ما يجعل أهميتها عظيمةً يفوق حجمها (18 آية فقط).. ويجعل منها منهجاً متكاملاً ودستوراً ناضجاً لكل مسلم. 

أول ما يبرز لنا عند دراسة هذه السورة العظيمة.. أربعة أمور : 

*1-* إنها ترسم لنا عالماً قائماً بذاته، يقوم على قواعد وأصولٍ ثابتةٍ راسخةٍ من التربية والتهذيب والسلوك الإنسانيّ النظيف.. الذي يجب أن يسودَ بين البشر، ضمن مجتمعٍ مسلمٍ خالص. 

*2-* إنها تمثّل أنموذجاً ومثالاً حياً، للجهد القرآنيّ الضخم، وللتربية النبوية العظيمة في إنشاء الأمة المسلمة وتربيتها.. وهي الأمة التي أصبحت حقيقةً واقعةً حيةً على الأرض، وأعطت المثل لكل مسلمٍ، أنّ بناء هذا المجتمع المسلم ممكن وحقيقيّ، وليس ضَرباً من الخيال.. وأنّ القرآن الكريم يرسم لنا الخطوط العامة والقواعد والأصول، التي يمكن عند اتباعها وتَمَثُّلِها، أن ينتجَ مجتمعاً مسلماً حقيقياً، يشبه ذلك المجتمع المثاليّ الذي بناه وشيّد بنيانه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. 

*3-* إنها تؤكّد على حقيقةٍ كبيرةٍ تُهِمُّنا جميعاً -نحن المسلمين- وتهمّ كل أبناء الأمة الإسلامية، هي: إنّ الأمة الإسلامية المثالية التي يمكن أن تُبنى حقيقةً واقعةً على الأرض.. كما بُنِيَت في فترةٍ سابقةٍ من التاريخ الإنسانيّ.. هذه الأمة المسلمة لم تنشأ فجأةً، وإنما نمت نمواً طبيعياً بحكمةٍ ودأبٍ وصبرٍ وجُهدٍ وجهادٍ متواصلٍ.. في التربية والإعداد والرعاية والعناية.. واحتاجت إلى المعاناة والتجارب الطويلة والابتلاءات الشاقة، وإلى رعاية الله عز وجل أولاً وأخيراً وفي كل وقتٍ أو مرحلةٍ من مراحل بنائها.. ما أثمر جيلاً فريداً، ودولةً قويةً، وحضارةً متقدّمةً، وأمةً كانت خير أمةٍ أُخرِجَت للناس. 

*4-* إنها تربط ربطاً وثيقاً بين: الإيمان والأخلاق، فالمسلم عندما يؤمن بالله عز وجل تمام الإيمان، فلا بد أن يسعى بشكلٍ حثيثٍ لإرضائه سبحانه وتعالى، ما يؤدي به إلى التحلّي بالأخلاق الإسلامية الفاضلة الحميدة.. وارتفاع شدة تمثل الأخلاق الفاضلة، سيؤدي بالضرورة إلى ازدياد قوّة الإيمان في النفس الإنسانية المسلمة.. من ذلك نستنتج الحقيقة الكبيرة التالية: 

*إنّ أعداء الإسلام يركّزون هجمتهم الشرسة على الأخلاق الإسلامية، لِيُخرِجوا المسلمَ، بشتى الوسائل،  عن هذه الأخلاق الفاضلة.. لكنهم في الحقيقة يهدفون من وراء ذلك إلى النيل من إيمان الإنسان المسلم.. الذي عندما تتخلخل أخلاقه.. فإنه يتخلخل إيمانه.. فيخرج عن الإسلام وتعاليمه.. وهذا هو، في حقيقة الأمر، هدف الأعداء بالضبط، للنيل من المسلمين.* 

*    *    * 

*من أهم المراجع:* 

(تفسير ابن كثير)، و(في ظلال القرآن) للشهيد سيد قطب، وكتاب (البيّنات في تفسير سورة الحجرات).

وسوم: العدد 836