قصصُ العُروج(١٣٠)
الصبرُ المُحمّدي
إخلاص الصبر:
إن مبدأ الإخلاص ينبغي أن يمتد إلى كآفة حنايا النفس الإنسانية، ولا بد أن يظلل سائر قيم الإنسان، ومنها قيمة الصبر، فالصبر لا يكون صبر العاجز المضطر، ولكن صبر الراجي رضى الله، ولذلك قال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم في مطلع الدعوة الإسلامية: {ولربك فاصبر}، ولنلاحظ تقديم شبة الجملة: (لربك) على الفعل (فاصبر)، حتى يؤكد معنى الإخلاص، حيث لا مراد بالصبر غير الله، مثل قوله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين}، حيث قدم المفعول على الفعل والفاعل حتى يفيد معنى الاختصاص.
تأثير البيئة:
مهما تكن شخصية الإنسان قوية فإنه لا بد أن يتأثر بالبيئة التي يعيش فيها ولا سيما البطانة المحيطة به، ولهذا قال تعالى لحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم: {فاصبر إن وعد الله حق ولا يَستخفنك الذين لا يوقنون}، وللاحتماء من شظايا البيئة ينبغي ولوج حصن الإيمان فإنه يمنح الإنسان اليقين، وإذا كان الخطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم فكيف بغيره من المسلمين؟! وإذا كان الحديث عن اليقين بالنصر، فكيف بغيره من القضايا؟!
ضريبة الدعوة:
يستحيل أن يمارس المرء الدعوة إلى الله من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر دون أن يتعرض للتكذيب ويواجه الأذى، ولهذا أمر لقمان الحكيم إبنه بالصبرعلى تكاليف الدعوة وضرائب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقال: {وأمر بالمعروف وانهَ عن المنكر واصبر على ما أصابك..}، ولهذا كان من أولى الأوامر لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم الصبر في قوله تعالى: {يا أيها المدثر قم فأنذر ولربك فاصبر}، وقال له: {واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا}، وقال: {واصبر على ما يقولون}، وقال: {واصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت}.
دُوار الغرور:
لا يكفي أن تكون على حق واضح كالشمس في كبد السماء لكي تأمن من الانحراف أو السقوط، بل ولا بد من التوكل على الله، فقد أوصى حبيبه محمداً بقوله: {فتوكل على الله إنك على الحق المبين}، وتأمل حرف (على) فإنه يفيد الاستعلاء والفوقية، فكأن التوكل على الله يمنح الإنسان نعمة الصبر، ويمنعه من السقوط من هذا العلو المرتفع، حيث يحول دون جزعه أو إصابته بدُوار الغرور!
بُورِك المُتدبِّرون
منتدى الفكر الإسلامي
وسوم: العدد 876