من تشبّه بقومٍ فهو منهم
[من كتاب: الإسلام على مفترق الطرق. تأليف: محمد أسد]
إن الميزة الأساسية للمدنية الغربية تمنع التوجيه الديني في الإنسان منعاً باتاً. وإن السطحيين من الناس فقط ليستطيعون أن يعتقدوا أنه من الممكن تقليد مدنية ما، في مظاهرها الخارجية من غير أن يتأثروا في الوقت نفسه بروحها. إن المدنية ليست شكلاً أجوف فقط ولكنها نشاط حي. وفي اللحظة التي نبدأ فيها بتقبّل شكلها تأخذ مجاريها الأساسية ومؤثراتها الفعالة تعمل فينا، ثم تخلع على اتجاهنا العقلي كله شكلاً معيناً ولكن ببطء ومن غير أن نلحظ ذلك.
ولقد قدر الرسول هذا الاختيار حق قدره حينما قال: "مَن تشبّه بقوم فهو منهم". وهذا الحديث المشهور ليس إيماءة أدبية فحسب، بل هو تعبير إيجابي يدل على أن لا مفر من أن يصطبغ المسلمون بالمدنية التي يقلدونها.
وكيما يستطيع المسلم إحياء الإسلام يجب أن يعيش عالي الرأس، يجب عليه أن يتحقق أنه متميز وأنه مختلف عن سائر الناس، وأن يكون عظيم الفخر لأنه كذلك. ويجب عليه أن يكدّ ليحتفظ بهذا الفارق على أنه صفة غالبة وأن يعلن هذا الفارق على الناس بشجاعة بدلاً من أن يعتذر عنه بينما هو يحاول أن يذوب في مناطق ثقافية أُخَر. على أن هذا لا يعني أنه يجب على المسلمين يصموا آذانهم عن كل صوت يأتي من الخارج، فإن أحدنا يستطيع دائماً أن يتقبل مؤثرات إيجابية جديدة من مدنية أجنبية ما، من غير أن يهدم مدنيّته ضرورةً.
وسوم: العدد 944