دُرَرٌ عُظْمَيَات، من سورة الحُجُرات (8، 9، 10)
دُرَرٌ عُظْمَيَات، من سورة الحُجُرات (8)
الدُّرَّةُ الثامنة: الناس سَوَاسِية، وأكرمُهُم هو أتقاهُم
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات: 13).
* * *
لنتدبّر في تفسير الآية الكريمة
1- بعد أن تحدّثت الآيات السابقة عن حقائق الأخوّة الإيمانية التي يجب أن تسودَ في مجتمع الأمة المسلمة، وتحدّثت عما يتناقض مع هذه الحقائق، لتحثّ المسلمين المؤمنين على الابتعاد عن الأخلاق السيئة.. بعد ذلك.. توجّه الخطاب إلى الناس أجمعين.. إلى الأمم كلها!.. فانتقل بذلك الخطاب من داخل الأمة المسلمة.. إلى خارجها!.. وفي ذلك عبرة عظيمة، هي أنّ الأمة الإسلامية التي تريد أن تُنقِذَ أممَ الأرض من جاهليتها وشِركها وباطلها وتعاستها، وتنهض بأعباء الدعوة إلى الله عزّ وجلّ لهداية البشر وتكريمهم.. عليها أولاً أن تتمتّعَ بِقِيَمِ الإيمان في مجتمعها وعلاقاتها الداخلية، لأنه إذا فُقِدَت هذه القيم من داخل هذه الأمة المسلمة.. فلن تكونَ مؤهَّلةً لنقل هذه القِيَم العظيمة إلى أمم الأرض الأخرى!..
2- فبعد أن انتهت الآيات من إبراز أركان القوّة للمجتمع المسلم والأمة المسلمة.. انتقل الخطاب إلى الإنسانية كلها، ليبيّن أنّ الإنسان من أصلٍ واحدٍ، ومن أبٍ واحدٍ وأمٍ واحدة، فالناس من آدم عليه السلام وحوّاء.. ومهما اختلفت الأجناس والأعراق والألوان.. فكلهم خُلِقوا من أصلٍ واحد.
3- وعلى الناس جميعاً ألا يختلفوا ويتفرّقوا، مهما اختلفت صفات شعوبهم وقبائلهم.. بل عليهم أن يتعارفوا، والتعارف دليل التآلف والتعاون والمحبة والمودّة.. وهي الأمور التي يحثّ عليها القرآن الكريم.
4- فالناس جميعاً، بألوانهم وأجناسهم وأعراقهم ولغاتهم وأوطانهم.. خَلَقَهم إله واحد، وهم من أصلٍ واحد.. فلا فوارق بين البشر في هذه الأمور، وليس هناك تفاضل بالأحساب والأنساب.. وإنما التفاضل الحقيقيّ يكون بمدى التخلّق بحقائق العبودية لله عزّ وجلّ، فهو الخالق الذي خلقهم جميعاً.. وكذلك التفاضل يكون بمدى الالتزام بما تمليه حقيقة هذه العبودية لله سبحانه على الإنسان.. والتسابق والتنافس بين الناس ينبغي أن يكون بالتقوى، في ظل عبودية البشر كلهم لخالقهم الواحد الأحد.
5- فلا عصبية للجنس، أو للون، أو للعِرق، أو للقبيلة، أو للعشيرة، أو للجماعة، أو للفئة، أو للعائلة، أو للمجموعة.. ولا إقليمية، ولا طائفية.. وإنما العصبية لله عزّ وجلّ وحده، ولدينه، وللمحبّة التي تُعلِّق قلوبَ الناس أجمعين به سبحانه وتعالى وحده لا شريك له.
إذن: لا حواجز نفسية بين الناس في ظل الإسلام.. وهكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دَعُوها فإنها مُنتنة..)، أي: اتركوا العصبية.. إلا العصبية لله عزّ وجلّ ودينه، وللحق من غير الباطل.
6- إنّ الله عزّ وجلّ عليمٌ بكم، خبيرٌ بأسراركم.. عليمٌ بأعمالكم، خبيرٌ ببواطنكم وظواهر أحوالكم.. وكل هذا يقتضي منكم الالتزام الكامل بما يأمركم به سبحانه وتعالى، وبما يدعوكم للتمسّك به أو تركه من أعمالٍ وسلوكٍ وأخلاق.
لنتدبّر في الدروس والعظات المستوحاة من الآية الكريمة
1- الناس من أصلٍ واحدٍ ولهم خالق واحد، فلا تفاضل بينهم إلا بمقدار قربهم من، أو ابتعادهم عن.. خالقهم، وحسب درجة التزامهم بشرعه ومَنهجه وتعاليمه.
2- العصبية الجاهلية مُدَمِّرة للإنسان، وعلى أي أمرٍ بُنِيَت هذه العصبية.. فإنها تتناقض كلياً مع حقائق الإسلام والإيمان.. فالناس في ظل المجتمع الإسلاميّ سواسية، ولا تفاضل بينهم إلا بالعمل الشريف وتقوى الله عزّ وجلّ، وكل تفاضلٍ يُبنى على الجنس أو القرابة أو اللون أو العائلة أو القبيلة أو.. هو تفاضل باطل بحكم الله سبحانه، وبحكم دينه ومنهجه.. باطل جملةً وتفصيلاً.
3- كرامة الإنسان في الأمة المسلمة، تُقاسُ بمدى تحقُّق شروط العبودية لله عزّ وجلّ، ومدى قرب الناس من، أو ابتعادهم عن.. عبادة الله الخالق الواحد الأحد.. العبادة الحقيقية، بالفكر والعمل، والمنهج والسلوك والأخلاق، وتنفيذ منهج الإسلام وشرعه ودستوره.
* * *
- من أهم المراجع:
(تفسير ابن كثير)، و(في ظلال القرآن)، وكتاب (البيّنات في تفسير سورة الحجرات).
************************************************
دُرَرٌ عُظْمَيَات، من سورة الحُجُرات (9)
الدُّرَّةُ التاسعة: لا إسلامَ بلا إيمان
(قَالَتِ الأعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ).
(الحجرات: 14-17).
* * *
لنتدبّر في تفسير الآيات الكريمة
1- لقد بيّن الله عزّ وجلّ في الآية رقم (13) السابقة لهذه الآيات مباشرةً.. أنّ الناس لا يتفاضلون إلا بالتقوى.. ثم اتجه لمحاورة الأعراب الذين زعموا أنهم آمنوا حق الإيمان، وامتنّوا به على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبيّن لهم أنهم لم يُحقّقوا مقتضيات الإيمان، ولم يسلكوا سبيل المؤمنين، وإنما أسلموا فحسب.. بإعلان الشهادتين.. فهم أعلنوا إسلامهم، ولم يعملوا أو يتصرّفوا كباقي المسلمين المؤمنين، لأنّ الإيمان الحق لم يدخل قلوبَـهم بعدُ.
2- ثم بيّن الله عزّ وجلّ لهم، أنّ الإيمان النقيّ الصادق المخلص لله ولرسوله وللمؤمنين.. ينبغي أن يؤدي إلى طاعة الله ورسوله في كل شيء، بالإخلاص والالتزام بالصالحات من الأعمال.. وكذلك ينبغي أن يؤدي إلى تبنّي مَنهج الإسلام تبنّياً كاملاً غير منقوص، وإلى التصديق المطلق، والامتثال المطلق، وعدم الشكّ بالله عزّ وجلّ أو بدينه أو بمنهجه أو برسوله، وإلى الجهاد في سبيل الله وحده بالمال والنفس وبقية أنواع الجهاد.. فإن فعلوا ذلك.. فإنه سبحانه وتعالى لن ينقصَهُم من ثواب أعمالهم شيئاً، بل إنه سيغفر لهم ما فرّطوا، وسيرحمهم، وسيتفضّل عليهم بإعانتهم على أنفسهم وعلى تثبيت الإيمان في قلوبهم.
3- فليس كل مَن زعموا الإيمان بلسانهم.. بمؤمنين، إلا إذا آمنوا حقاً بقلوبهم، والتزموا بمقتضيات الإيمان المذكورة آنفاً، فالإيمان ليس بالأفواه أو بالألسنة، لكنه بالقلوب.. إنه طاعة الله ورسوله، والتزام منهج الإسلام العظيم وشرعه ودستوره، ومنهج الحياة الذي جاء به، منهجاً شاملاً كاملاً يحكم جوانب الحياة البشرية كلها، وعدم الشكّ بذلك مطلقاً.. والإيمان يدفع المؤمنين إلى الجهاد في سبيل الله، لأنه دليل قاطع على صدق إيمانهم، وتغلغله في أعماق قلوبهم.
لنلاحظ كيف جاء ردّ القرآن على الأعراب بأداة الحصر (إنما)، لتحصر معنى الإيمان بالتصديق المطلق والطاعة المطلقة وعدم الشكّ أو التردّد، وبالجهاد بالأموال والأنفس في سبيل الله وحده.. فبهذه الأمور حصراً.. يكون الشخص مؤمناً، أما بغيرها.. فليس بمؤمنٍ مهما زعم وملأ الدنيا من حوله ضجيجاً وادعاءً باطلاً!..
4- فالإيمان أعظم نعمةٍ يمنّ الله عزّ وجلّ بها على عباده.. وهو يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.. لذلك فهو سبحانه وتعالى يستنكر على أولئك الأعراب.. زعمهم وعدم صدقهم في إيمانهم، قائلاً لهم: أتُخبِرون الله وتُعَرِّفونه بحقيقة إيمانكم بقولكم: آمنا.. وهو أعلم بكم وببواطنكم أكثر من علمكم بها، لأنه لا تَخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، بل يعلم حقيقةَ كل شيءٍ في هذا الكون، لأنه هو الذي خلق كلَ شيء!.. وهو توبيخ لهم على ما ارتكبوه من سوء أدبٍ مع الله ورسوله دون حُسن تقديرٍ منهم!..
5- ثم يتوجّه الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لتلقينه الردَّ على أولئك الجفاة، وذلك بالقول: إنهم يمنّون عليكَ بإعلان إسلامهم، ظانّين أنّ ذلك فضل منهم عليكَ يا محمد.. فقل لهم وأجبهم: لا يحق لكم أن تمنّوا على الله ورسوله بإعلان إسلامكم.. لأنكم أنتم وحدكم الذين ستنتفعون من إسلامكم، وإن كفرتم فلن تضرّوا إلا أنفسَكم بكفركم.. والله عزّ وجلّ هو الذي يمنّ عليكم إذ شرح صدوركم للإسلام، ودلّكم على طريق الإيمان الذي فيه نجاتكم وسعادتكم، وهو يمنّ عليكم بدخول الإيمان إلى قلوبكم إن صدقتموه وصدقتم في إيمانكم!..
إنه رد على كل المنافقين أو ضعاف الإيمان في كل زمانٍ ومكان.. وتنديد بهم، وتحذير للمؤمنين من الانخداع بمثلهم.. ومنهم الذين يتغلغلون في صفوف الأمة معلنين إسلامهم.. لكنهم بعيدون عن الإيمان الحق والإسلام الحقيقيّ.. بُعدَ المَشرقَيْن.. ومع ذلك يخدعون الناس بأنهم مسلمون، وربما يزعمون أنهم يحكمون بالإسلام!..
* * *
لنتدبّر في الدروس والعِظات المستوحاة من الآيات الكريمة
1- إعلان الإسلام ليس دليلاً على الإيمان الحق بالله ورسوله ودينه ومَنهجه.. وهناك علاقة وثيقة بين الإسلام والإيمان.. فقوّة الإيمان تدعو إلى قوّة التنفيذ العمليّ للإسلام ومنهجه.. وقوّة الإسلام تُفضي إلى تقوية الإيمان.. وضعف أحدهما يؤدي إلى ضعف الآخر.. والمطلوب من المسلم أن يكونَ مؤمناً حقيقياً لينجوَ بنفسه.
2- الإيمان أعظم نعمةٍ يُقدّمها الله عزّ وجلّ لعباده الصالحين، وعليهم أن يشكروه على هذه النعمة العظيمة، لا أن يمنّوا عليه أن أسلموا وآمنوا.
3- من علامات الإيمان الحق: اطمئنان القلب بلا أدنى درجةٍ من الشكّ والارتياب، وطاعة الله عزّ وجلّ ورسوله صلى الله عليه وسلم في تنفيذ شرعه والحكم بمنهجه والوقوف على أي خللٍ يصادفه المؤمن، والجهاد في سبيل الله بالمال والنفس من غير أي تردّد.
4- كلما قوي إيمان العبد.. استشعر فضل الله سبحانه وتعالى عليه، لأن للإيمان حلاوةً لا يشعر بها إلا المؤمنون الحق.. وإنّ العمل بأحكام الإسلام وشرعه ومَنهجه القويم.. هو الطريق الحقيقيّ للترقّي في مقامات الإيمان الحق.
5- إن استغلال الدين، والدخول به للوصول إلى مغانم الدنيا وتحقيق المآرب الشخصية أو الفئوية.. إنّ ذلك دليل على النفاق أو ضعف الإيمان، وهذا يستجلب الهلاك في الدنيا والآخرة.
* * *
- من أهم المراجع:
(تفسير ابن كثير)، و(في ظلال القرآن)، وكتاب (البيّنات في تفسير سورة الحجرات).
***************************************
دُرَرٌ عُظْمَيَات، من سورة الحُجُرات (10/الأخيرة)
الدُّرَّةُ العاشرة: لا يَخْفَى على الله شيء.
(إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).
(الحجرات: 18).
* * *
لنتدبّر في تفسير الآية الكريمة
1- تأتي هذه الآية الكريمة الأخيرة من سورة الحجرات أو سورة الأخلاق.. تأتي في سياق الحديث عن حقيقة الإيمان ومعنى الإسلام، والفرق بينهما، الذي تحدّثت عنه الآيات الأربع اللواتي سبقتها.. فهي تأتي بعد حوارٍ مع الأعراب حديثي العهد بالإسلام، من الذين يدّعون الإيمان.
2- وترتبط، من جهةٍ ثانية.. بكل ما سبقها من آياتٍ كريمةٍ في هذه السورة العظيمة.. وتمثل هذه الآية خاتمة سورة الأخلاق (الحجرات).. وهذا الارتباط وثيق جداً.. فالله عزّ وجلّ الذي يعلم السرّ والجهر، ويعلم ما تُخفي الصدور، ويعلم الغيب في السماوات والأرض، وهو البصير بما يعمل الخَلق جميعاً.. الله عزّ وجلّ سبحانه يُذكّر الناس جميعاً في هذه الآية (الخاتمة).. يذكّرهم بهذه الحقيقة، أي: حقيقة عِلمه وأنه بصير سبحانه بما يعمل الناس، لكي يعملوا على تنفيذ أوامره، ويلتزموا بطاعته في كل شؤون الحياة، لاسيما الأمور الواردة في هذه السورة من أولها إلى آخرها، التي نعيد التذكير بها:
أ- الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتزام منهج الله عزّ وجلّ الذي أنزله على عباده، ليكون نظامَ الحياة لهم يحكم كل شؤون حياتهم.
ب- التثبّت من الأنباء، والتثبّت في تلقّي الأخبار وروايتها.
ج- التصرّف الشرعيّ الإيمانيّ الإسلاميّ كما أمر الله سبحانه وتعالى.. وذلك عند وقوع الفتن بين المسلمين.
د- الالتزام بأخلاق المؤمنين، وبحقائق الأخوّة الإيمانية وموجِباتها.
هـ- الالتزام بحقيقة الإيمان، والعمل بمقتضياته، وبما يقوّيه ويزيده رسوخاً في النفس والروح والقلب والعقل.
3- الله سبحانه وتعالى يقول في هذه الآية (الخاتمة) للناس: الله وحده الذي يعلم كل ما يجري في هذا الكون، ويعلم ما يجول في الخواطر والضمائر والنفوس، وما من إنسانٍ يقوم بعملٍ إلا يعلمه الله العليم البصير، الذي يعلم غيب السماوات والأرض.. فاحذروا أيها الناس من عدم الالتزام بقوانين الإسلام ودستوره ومَنهجه، وبقواعد الأخلاق الإنسانية الإسلامية السويّة، وبحقائق الإيمان الخالص لوجهه الكريم!.. وهكذا ارتبطت بداية السورة في آيتها الأولى مع نهايتها في آيتها الأخيرة.. ارتبطت بالتأكيد على علم الله عزّ وجلّ، وبالتالي على رقابته الصارمة الحازمة لعباده، للوقوف على مدى تنفيذهم لأوامره وشرعه ومَنهجه القويم.
لنتدبّر في الدروس والعظات المستوحاة من الآية الكريمة
1- إن الله تبارك وتعالى، يعلم السرّ وأخفى، ويعرف ظاهر الإنسان وباطنه، ولا تَخفى عليه خافية سبحانه.. فلنستشعر رقابته عزّ وجلّ علينا، ولنعلم أننا آيلين إلى يومٍ يُحاسَب فيه المرء على كل حركةٍ وسكنةٍ فَعَلَهما، وعلى كل سلوكٍ وتصرّفٍ قام بهما.
2- بما أنّ الله عزّ وجلّ يراقبنا في كل لحظةٍ من حياتنا، ويراقب أعمالنا صغيرها وكبيرها.. فلنلتزم بآداب هذه السورة المباركة: سورة الحجرات أو سورة الأخلاق، ولنجعل هذه الآداب أهدافاً لنا في حياتنا، نسعى جاهدين جادّين للارتقاء بأعمالنا وسلوكنا والتزامنا ومستوى إيماننا.. إلى مستوى الآداب الواردة في هذه السورة كلها من أولها إلى آخرها، ونقوم بتربية أبنائنا وبناتنا وأجيالنا، على المبادئ والأصول والأخلاق الواردة في هذه السوررة العظيمة.. فإنّ في ذلك صلاحاً لنا ولأجيالنا، ولأمّتنا المسلمة، وللإنسانية كلها، وسعادةً، ونجاةً في الدنبا والآخرة.
-وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين-
* * *
- من أهم المراجع:
(تفسير ابن كثير)، و(في ظلال القرآن)، وكتاب (البيّنات في تفسير سورة الحجرات).
وسوم: العدد 1028