وَقَالَ: «وَاللهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ»
الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر، ثم اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، لقد قال الله تعالى "الله لا اله الا هو الحي القيوم لا تاخذه سنه ولا نوم له ما في السموت وما في الارض من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشي من علمه الا بما شا وسع كرسيه السموت والارض ولا يوده حفظهما وهو العلي العظيم"-البقرة255-، ثم عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟» قَالَ: قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟» قَالَ: قُلْتُ: {اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255]. قَالَ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِي، وَقَالَ: «وَاللهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ» صحيح مسلم، ثم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «هَلْ تَرَوْنَ قِبْلَتِي هَا هُنَا، وَاللَّهِ مَا يَخْفَى عَلَيَّ رُكُوعُكُمْ وَلاَ خُشُوعُكُمْ، وَإِنِّي لأَرَاكُمْ وَرَاءَ ظَهْرِي» صحيح البخاري، ثم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ، فَلَمَّا سَلَّمَ نَادَى رَجُلًا كَانَ فِي آخِرِ الصُّفُوفِ، فَقَالَ: «يَا فُلَانُ، أَلَا تَتَّقِي اللَّهَ؟ أَلَا تَنْظُرُ كَيْفَ تُصَلِّي؟ إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي إِنَّمَا يَقُومُ يُنَاجِي رَبَّهُ فَلْيَنْظُرْ كَيْفَ يُنَاجِيهِ، إِنَّكُمْ تَرَوْنَ أَنِّي لَا أَرَاكُمْ، إِنِّي وَاللَّهِ لَأَرَى مِنْ خَلْفِ ظَهْرِي كَمَا أَرَى مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ» المستدرك على الصحيحين، ثم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ»، وَزَادَ هَمَّامٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ» صحيح مسلم، وبعد:- أولا: فكل الصفات المذكورة في آية الكرسي هي صفات لله تعالى وحده إلا ثلاث صفات اختص الله تعالى بها عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم وهي (1) الشفاعة يوم القيامة بإذن الله، (2) إبصار النبي صلى الله عليه وسلم ركوع وخشوع المصلين من وراءه وهذه معجزة بإذن الله، (3) علم أمارات الساعة، وهذه الخصائص الثلاثة يمكن استنباطها من قول الله تعالى "من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه" ومن قول الله تعالى "يعلم ما بين أيديهم" بتقدير القول فيما يخص النبي صلى الله عليه وسلم على التقدير التالي "يعلم بين أيديهم" فيكون المحذوف تقديره (يعلم النبي الخشوع بين أيديهم و هم ركوع وهم سجود وليس أكثر من ذلك كأي غائبة عنهم بين أيديهم) وقول الله تعالى "ولا يحيطون بشي من علمه الا بما شا"، ثم إن عدد حروف تلك النصوص الثلاثة من آية الكرسي يساوي ثلاثة وستين حرفا، وكذلك ثلاث وستون سنة هو عمر النبي صلى الله عليه وسلم، ولما كان عدد حروف آية الكرسي هو مائة واثنين وثمانين حرفا، وعدد أسماء الله الحسنى المذكورة في آية الكرسي هو خمسة وهي "الله" و "الحي" و "القيوم" و "العلي" و "العظيم" وعدد حروف تلك الأسماء الحسنى يساوي خمسة وعشرين حرفا، لذا فإن مائة واثنتين وثمانين ناقص ثلاثة وستين ناقص خمسة وعشرين يساوي أربعة وتسعين حرفا، وهذا هو عدد حروف كلمات الله التامة التي فيها صفات الله تعالى وحده في آية الكرسي، فإن أربعة تسعين هو عدد أسماء الله الحسنى التي لم تذكر نصا في آية الكرسي، فسبحان الله، ثانيا: عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ: الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ، الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ" صحيح مسلم، ثم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ" صحيح مسلم، ثم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ، فَقُلْتُ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ الحَدِيثَ -، فَقَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ، لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ ذَاكَ شَيْطَانٌ» صحيح البخاري، وبعد: فعدد كلمات الحديث التالي "لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ" هو خمسة وما يلي ذلك في الحديث هو تبيان لكلمة التوحيد المذكورة، فخمسة ضرب مائة يساوي خمسمائة فبتلك الكلمات التامة مع تبيان معانيها يتحصل المؤمن من الله تعالى على حرز من الشيطان، وكذلك عدد كلمات الله التامة في آية الكرسي هو خمسون كلمة، والحسنة بعشر أمثالها، فخمسون ضرب عشرة يساوي خمسمائة، وبقراءة آية الكرسي يتحصل المؤمن من الله تعالى على حرز من الشيطان. فسبحان الله لا نحصي ثناء عليه كما أثنى على نفسه، ثم اللهم ربنا إنا نعوذ بك من همزات الشياطين ونعوذ بك أن يحضرون. والحمد لله رب العالمين.
وسوم: العدد 1072