من آداب النبوة
الأدب هو مادة مهمة في تعامل الناس مع بعضهم البعض ، فلا نعجب حين يصف النبي نفسه : (أدبني ربي فأحسن تأديبي )
فليس من الأدب رعونة الخُلُق ، وخشونة المعاملة ، لهذا كان الرفق سيّد الأخلاق ، فيعطي الله الأجر بالمضاعفة لمن زان نفسه بالرفق واللين .
وقد عدّت البذاءة وخشونة المعاملة من الصفات المذمومة بين الناس فيما بينهم ، فهم مطالبون أخذ القدوة الحسنة والتأسي من بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم في القول والعمل والصفة ، فقد كان عفّ السان ، ليّن الكلمة ، حسن العشرة ، يسع من يجالسه ، لا يحب الفضح ، ميال للستر.
لا يتميز على الناس بعلو مكان أو نبرات صوت أو وجاهة سلطان ، فلا يفرق بين اثنين في المجلس ، ولا يقاطع متحدث حتى يفرغ ، ولا يتحدث بالإشارة في الجماعة ، ولا يتدخل فيما لا يعنيه ، يعطي المجالس حقها فيلقي التحية ، ويسلّم على من يلقاه ، فيسلّم ويجلس ، حيث انتهى به المجلس ، فكان يستأذن في الجلوس والانصراف ، يسامر جليسه ، يعود المرضى ويسأل عن الغائب ، يحفظ الأقدار والمقامات ، يعرف فضل الأصحاب ، يكره إذاية الخلق ولو بالكلمة ، يرفق بالضعيف ، يمازح الكبير والصغير .يشارك الناس الأفراح والأتراح ، لا يجامل في الحق، يتجمل بالحياء والعفة .
وكان مع أهله نعم الزوج ،يتعامل بالود والإكرام ، يلاعب الصغير ، يمازح الكبير ، يفضل المشاركة في أعمال أهله وأصحابه.
وكان لا يغدر ولا يخون ، يصون العهد ويحفظ الأمانة ، ولا يرد الجوار ، يؤلف ولا يفرق ، يصل ولا يقطع ، يبر ويحسن ، كريم جواد في الصدقة.
قد ينظر المرء لهذه الآداب بالزهادة ، ولكنها في البناء القيمي المجتمعي لها قيمتها ، هي معاملات بسيطة ، لكن لها أثر فاعل في ترصيص العلاقات وتقويتها ، فآداب الجلوس ، وآداب الأكل ، وآداب الحوار ، وآداب الاختلاف والموافقة ، كلها من صميم تعاليم ديننا ، أكد عليها الشارع الحكيم .
فمتى تحيا هذه القيم والآداب في سلوك الفرد والجماعة ؟!
وسوم: العدد 1072