صدقت يا شعبنا السوري العظيم حين قلت: (مالنا غيرك يا الله)
صدقت يا شعبنا السوري العظيم حين قلت:
(مالنا غيرك يا الله)
الحمد لله رب العالمين، قاهر الظالمين، وناصر المستضعفين، ومجيب دعوة المضطرين، والصلاة والسلام على نبيه محمّد، المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:
يقول الله تعالى: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) الأنفال : 9-10 .
لقد مضى ما يقارب العامين على الثورة السورية المباركة ضد الظلم والظالمين والطغاة والمجرمين، قدم خلالها الشعب السوري الحر أغلى الأثمان، وأروع التضحيات، وبذل فيها النفس والنفيس، على مَرأى ومَسمَع العالم كلّه، ووقع الشعب السوري فريسة المصالح والمساومات الدولية، وخابت كلُّالآمال في أدعياء الصداقة للشعب السوري، وأصبح حاله كما يقول القائل: (كالمستجير مِن الرَّمضاءِ بالنارِ) !!..
وأمام هذه المحنة العصيبة التي زاغت لها الأبصار، وحارت لها الأفهام، يتوجه العلماء السوريون بهذا النداء إلى إخوانهم المسلمين من الشعب السوري خاصة، وإلى كلِّ المسلمين الذين يعيشون قضية إخوانهم السوريين، وقضايا كل المستضعفين في الأرض، وذلك من باب التواصي بالحق والتواصي بالصبر، بما يلي:
1- تجديد الصلة بالله تعالى والتوبة له، والإنابة إليه، وذلك بالإقلاع عن الذنوب والمعاصي، وأداء الحقوق إلى أهلها، وتطهير القلب من الغل والحسد، والحذر من فساد ذات البين، التي قد تكون سببًا في تأخر النصر.
2- تجديد الثقة بأن النصر بيد الله وحده، وقطعُ الأمل من كلِّ الأشباح الزائفة و من كل الأدعياء الذين لم نرَ منهم على مرِّ الزمان سوى الخذلان وتربص الدوائر، واحتلال بلاد المسلمين ونهب خيراتهم، ولنعِشْ قول الله تعالى: (إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ)آل عمران: 160 .
فلتكن هذه الحقيقة واضحة لدينا لا تغيب عن أذهاننا، حيث لا قوة إلا قوة الله، ولا قدرة إلا قدرته، يقول الله تعالى وهو أصدق القائلين: (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ)الفتح: 4 .
3- الالتجاء إلى الله تعالى والتضرع بين يديه، وذلك بــ:
- الإكثار من صلاة النافلة، قال الله تعالى: (واسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)البقرة :153، وكان rإذا حزبه أمرٌ فَزَعَ إلى الصلاة.
- الإكثار من الاستغفار، قال r: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب) رواه أبو داود.
- الإكثار من قول حسبنا الله ونعم الوكيل، مع تمثل معناها والعمل بمقتضاها، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (حسبنا الله ونعم الوكيل) قالها إبراهيم uحين ألقي في النار، وقالها محمد r حين قالوا (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)رواه البخاري.
- الالتجاء إلى استعمال سلاح الدعاء الذي يملكه كل مسلم على وجه الأرض، بل يملكه كل مظلوم ولو كان كافرًا، هذا السلاح الذي لا يُفلّ، والقوة التي لا تقهر، قوة من لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، فلنخلص الدعاء للمسلمين بالنصر والتثبيت، وعلى الطغاة المجرمين بالهزيمة والخذلان، وقدوتنا في ذلك إمام المتقين، وسيد المجاهدين r، حيث روى الإمام مسلم عن عمر بن الخطاب t قال: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ rإِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ وَأَصْحَابُهُ ثَلاَثُمِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً فَاسْتَقْبَلَ نَبِىُّ اللَّهِ rالْقِبْلَةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ )اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِى مَا وَعَدْتَنِى، اللَّهُمَّ آتِ مَاوَعَدْتَنِى، اللَّهُمَّ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ لاَ تُعْبَدْ فِى الأَرْضِ)فَمَازَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ. وَقَالَ: يَا نَبِىَّ اللَّهِ كَفاكَ مُنَاشَدَتكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّى مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُرْدِفِينَ(، فأمده الله بالملائكة.
ولنجتهد أن نتحرّى بدعائنا أوقات الإجابة بعد التوبة والاستغفار وردِّ الحقوق إلى أهلها، ومن ذلك: وقت السحر، عن أبي هريرة tأنَّ رسول الله r قال: (يَنزلُاللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلّ لَيلَةٍ إلى السَّمَاءِ الدُّنيا، حِينَ يَبقَى ثُلثُ الليل الآخِر، فيقول: مَن يَدعُوني فَأستَجيب لَه، مَن يَسألُنِي فُأعطِيَه، مَن يَستَغفِرُني فأغفِر لَه(رواه البخاري ومسلم.
في حالة الصيام، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله rيقول: (إن للصائم عند فطره لدعوة ما ترد)رواه ابن ماجه.
في حالة السجود، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ rقَالَ:(أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ)رواه مسلم.
نأمل منكل المسلمين المشاركة في هذه الاستغاثة وطلب العون من الله تعالى الذي لا يخيب من رجاه في كل الأوقات، ومن كان قادرًا على الصوم وقيام الليل فليسارع إلى ذلك، وحبذا لو اجتهدنا أن يكون الصيام في يوم الخميس 18 ربيع الآخر 1434هـ الموافق 28/2/2013م، والقيام بعده حيث أن الوقت وقت إجازة من العمل، وربما يكون ذلك أيسر، ولعله يتحقق فينا قول الله تعالى: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ).
نُهيب بكافة العلماء و الخطباء و الدعاة في العالم الإسلامي أن يشاركوا إخوانهم السوريين بهذه الاستغاثة، فيجعلوا موضوع خطبتهم في هذا التاريخ الثورة السورية " آمال و آلام "، ويحثوا المسلمين على مشاركة إخوانهم بالاستغاثة و الصوم حتى يتم لهم النصر بإذن الله تعالى.
اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزم طغاة سوريا ومجرميها، وانصرنا عليهم، واجمع كلمة المجاهدين على الحق والهدى، وأخلص نياتهم، ووحد صفوفهم، وسدد آراءهم، وسدد رميتهم، إنك سميعٌ قريبٌ مجيب.
والحمد لله رب العالمين
رابطة عــلـماء الشام رابطة العلماء الســوريين جمعية العلماء الكرد رابطة العلماء الأحرار الملتقى الإسلامي السوري جبهة عـلـمـاء حلب
مؤسسة علماء ودعاة الثورة السورية
الخميس 11 ربيع الثاني 1434هـ
الموافق 21 / 2 / 2013 م