لو كان حبك صادقاً

عهد هيثم عقيل

كثير منا بل ربما جميعنا من يقول أحب الله, ربي هو رقم واحد بحياتي, ثقتي بالله مطلقة وبدون أي حواجز أو حدود..

كلام جميل نعم وإعتراف فضيل, لكن هل يا ترى نطقنا تلك الكلمات بأرواحنا قبل أفواهنا, وبأعمالنا وسلوكنا قبل ألستنا؟؟!!

فأنتَ وأنتِ حينما تعترف بحب شخص مقرب لك, لا تتوانى لحظة بإسباغ "النعم" والهدايا لذلك الشخص المحبوب بل إنك لا تفتأ تذكره في المجالس وأينما حللت وذهبت, لا تدري كيف تسعده وتبرهن حبك له تارة بكلمات حانية ملؤها المودة والوئام وتارة برسالة جميلة تكتب فيها أجمل الكلمات..

هذا وأكثر عندما نحب "إنسان" كائن حي مثلنا؛ فكيف وأنت تدَعي حب خالق هذا الإنسان بل خالق الكون أجمع، خالق الحب والمشاعر وتلك "الصفات" التي تحبها في ذلك "الإنسان" المحبوب!!

كيف تدعي حبه جل في علاه وأنت تعصيه المعصية تلو الأخرى، تتبع شهواتك وملذاتك دون حرص أو نخوة، وحين تقف بين يديه في عبادة لا تخلص له ويكون لهذه العبادة الحظ القليل من وقتك وخشوعك وإتقانك!!

نقوم بالفروض الواجبة علينا كفرض وكفى!

وحين نقوم بالنوافل فإنها شيء عظيم نستحق الشكر عليه؟!

ولو جئنا بالمستحبات فلن ترى إلا الرأس شامخاً بتعالي للسماء وكأننا نمُن بعبوديتنا لمن جعل لنا جسداً وأعضاء نقوم بخدمتها لرب السماء!

لا نجد في حياتنا متسعاً لركعتين دون الفرض ، نتذلل فيها بين يدي الرحمن وكل العزة لنا في عبادة رب منَان، نناجيه فيهما بالثناء والحمد على "النعم" التي أسبغها وما زال يسبغها علينا وله الحمد أن منَّ علينا بنعمة "الحمد"!

نستغفره فيهما من كل ذنب عن قصد أو غير قصد فبنقاء القلب يحلو الخلاء برب العرش، نسأله فيهما كل ما يحلو لنا من أرزاق وخيرات وأماني ..

بل وأسمى من ذلك أن تكون الركعتان "فقط" حباً وتقرباً وتلذذاً بمتعة الوقوف بين يدي "الحبيب" رب العرش والكون ومناجاته..

وكيف تدّعي حبه جل في علاه وقلبك ولسانك معلقان بالدنيا وزينتها الواهمة وذكر الله قلّما يجد نصيباً وهو من أحب الأشياء إليه تبارك في علاه..

ورحم الله الإمام الشافعي ، فقد أوجز المعاني بشعره :

تعصي الإله وأنت تظهر حبه هذا محال في القياس بديع

لو كان حبك صادقاً لأطعته إن المحب لمن يحب مطيـع

فـي كـل يومٍ يبتديـك بنعمـةٍ منه وأنت لشكر ذاك مضيع