في ظلال أحاديث الجهاد

د.عثمان قدري مكانسي

[email protected]

قراءة في عشرة أحاديثَ نبويةٍ تحث على الجهاد في سبيل الله تعالى

1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله : إن في الجنة مئة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض " رواه البخاري .

أ‌-   المئة من تمام العدد وكماله؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم " يا أيها الناس : توبوا إلى الله ، واستغفروه ، فإني أتوب إلى الله و أستغفره في كل يوم مئة مرة "

 وروى جد عمرو بن شعيب بإسناد جيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من قال في كل يوم مئة مرة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لم يسبقه أحد كان قبله ولا يدركه أحد كان بعده إلا من عمل بأفضل من عمله – من موقع الدرر السنية –

والأحاديث التي ذكر فيها العدد / المئة / كثيرة تدل على أن العرب تستعمله للكثرة .

ب‌-  الجنة عرضها السموات والأرض"

 وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض

أعدت للمتقين

-     الذين ينفقون في السراء والضراء ،

-     والكاظمين الغيظ

-     والعافين عن الناس ،

-     والله يحب المحسنين.

والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم

-     ذكروا الله

-     فاستغفروا لذنوبهم ، ومن يغفر الذنوب إلا الله ؟

-     ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون ،

أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ، ونعم أجر العاملين. "

-     المسارعة: منافسة في الخير ، وسباق إلى الربح والفوز

-     المغفرة : المسامحة والعفو ولا يكون طلب المغفرة إلا من الغفور الرحيم

-     من ربكم. وهذه لفتة طيبة ، فالرب الذي خلقنا يحب من عباده أن يقصدوه ويسألوه

-     تعريف الجنة : فيها ما عين رأت ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر والجنة من الخفاء ( جنن) ، وكل ما يعرف وهو مخفيٌّ لا يُرى مشتق من هذه الحروف الثلاثة :

فالمجنون لا يرى عقله ،

والجنين في بطن أمه لا نراه ،

والمجنّ ( الترس ) يخفي الجسم من ضربة السيف أو غيره.

والجنّي مخلوق لا نستطيع رؤيته.

إن الله تعالى شوقنا إلى الجنّة ورغّبنا فيها فعرّفناها ، قال تعالى ( ويدخلهم الجنة عرّفها لهم).

-     إن الجنّة واسعة وكبيرة ( فإذا كانت السموات كبيرة مترامية الأطراف لا يعلم حدودها سوى خالقها سبحانه ) واقرأ مقالي { مع سورة الفاتحة }ففيه شيئ من التفصيل عن سعة السموات فالجنة عرضها السموات والأرض.

-     فإذا كانت الجنة عرضها السموات والأرض فكيف طولها؟

-     أعدت: هيئت وكملت وتمت.

-     فمن أهلها وأصحابها ؟ إنهم صنفان ،

-     الصنف الأول " السابقون .. وهم الأقلون ذكرت صفتهم في سورة الرحمن: ، وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (47) ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (48) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (49) فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ (50) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (51) فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (52) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (53) مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ ۚ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (54) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (55) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (59) هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (61)

-      عمر يسمع رجلاً يطوف ويقول : اللهم اجعلني من الأقلين ، فيسأله : ماذا يقصد بالأقلين فيجيبه : إنهم الشاكرون ويقرأ قوله تعالى: (وقليل من عبادي الشكور ... وقليل ما هم ... ثلة من الأولين وقليل من الآخرين.) فيقول الفاروق عمر : كل الناس أفقه منك يا عمر ..

-     فما صفاتهم :

أ‌-   المنفقون في السراء والضراء وما ينفق إلا الكريم الذي يبتغي ثواب الله ورضاه وجنته.

ب‌-        الكاظمون الغيظ ، فهم يقدرون على إنزال العقوبة بالناس ولكنهم يكتمون غيظهم ويتناسونه.

 ج- العافون عن الناس بل هم ينسون ويغفرون للآخرين

 زلاتهم وكأن شيئاً لم يكنْ

 وهؤلاء هم المحسنون. " أن تعبد الله كأنك تراه "

-     ومن دونهما جنتان " الصنف الثاني " أصحاب اليمين . ثلة من الأولين وثلة من الآخرين. وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (62) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (63) مُدْهَامَّتَانِ (64) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (65) فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ (66) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (67) فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (69) فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (70) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (71) حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (73) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (74) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (75) مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (76) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (77)

-     يخطئون ويصيبون لكنهم يستغفرون الله ويتوبون إليه، ويعلمون أن لهم رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ، فهم يلجئون إليه دائماً ( كل بني آدم خطّاء ، وخير الخطائين التوابون .

-      إن الخاطئ قد يكون قليل الذنب أما الخطّاء فصيغة مبالغة وهو ذو ذنوب كثيرة.

-     والفاحشة " الذنب الكبير نسأل الله العفو عن الذنب وتسديد العمل .

-     الفرق بين الخاطئ والمخطئ أن الخاطئ قد يتعمّد الذنب وقد لا يتعمّده أما المخطئ فهو الذي يتعمد ويصر على الذنب .

-     ذكرُ الله يطهر القلوب ، ويمحص الذنوب ، ويستر العيوب ، ولا يغفر الذنوب إلا القادر المقتدر سبحانه شرط أن لا يصر الإنسان على الذنب وهذا من شروط التوبة .

-     وهم يعلمون حدودهم فيلتزمونها ما استطاعوا ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها وحديث الرسول " والذي نفسي بيده ! لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ، ولجاء بقوم يذنبون ، فيستغفرون الله ، فيغفر لهم" ويعلمون أن الله غفار الذنوب.

-     هؤلاء يغفر لهم ثم هم بعد أن يغفر الله تعالى ذنوبهم يعيشون خالدين في جنات النعيم.

ج- الدرجة في الجنات ، والدركات في النار

-     والفرق بين الدرْج والدرْك هو الفرق بين النور والظلام ، فالدرج حركة وحرية والدرك أسر وضيق .

-     والمكانة بين الدرجات في الجنة كبيرة لا تقارن بعضها ببعض نسأل الله الفردوس الأعلى .

-     وفي الإعداد لهذه الجنات الكمالُ الذي ليس فيه نقصان ، ومن الذي أعدها وأحسن صنعها ؟ إنه الخلاق العظيم ، وما يصنعه الكامل المطلق كمالٌ مطلق.

-     الله: من الإله ( أله ) ووزن الإله الفعال ، ووزن كلمة الله العال. فالأصل والوزن لهذه الكلمة العظيمة نور وأنوار، ورَوح وريحان.

-     ولا يكون المجاهد مجاهداً إلا إذا بذل جهده وشمر عن ساعديه وأخلص عمله لله تعالى .. ولا ننسَ أنه بالنية الخالصة لله تعالى يتم العمل ويَكمُل ويقبله المولى ، وغير ذلك لا يُقبل ، ولْنتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثلاثة الذين توقد بهم نار جهنم : المقاتل ليقال :إنه شجاع، والمتصدق ليقال :إنه كريم ، والمتعلم ليقال : إنه عالم.

................................................................

2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله ، لا يفتر من صيام ولا صلاة حتى يرجع المجاهد في سبيل الله تعالى " رواه البخاري ومسلم

-     نجد في هذا الحديث ضرباً للمثل . وضرب المثل فيه فوائد جمة منها :

1-  ـ لتقريب الفكرة إلى الأفهام .

2-  ـ وتوضيح مقاصدها .

3-  ـ ولاتخاذ العظة والعبرة .

-     المجاهد في سبيل الله يعدل الصائم القائم ( كثرة الصلاة ) القانت ( المطيع)

-     لا يفتر : لا يتوقف ولا يضعف ، وحدوث هذا صعب ، لا يطيقه أحد من البشر. (ولذلك كان أجر المجاهد عظيماً )

....................................................................

3-                        عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " انتدب الله لمن خرج في سبيله ، لا يخرجه إلا ايمان بي ، وتصديق برسلي أن أرجعه بما نال من أجر ، أو غنيمة ، أو أدخله الجنة " رواه البخاري

أ‌-   ندبه لأمر كلفه ، وانتدب : وعد من أجاب وأطاع. فالله تعالى وعد المجاهد في سبيله غنيمة وبراً

ب‌-  وفي كلمة انتدب : ترغيب في الجهاد وحض عليه وهو أسلوب تربوي رائع

ت‌-  الخروج فيه انطلاق من راحة ، وتكلفٌ لجهد يبذله الإنسان راغباً ، ولا تكون الرغبة إلا عن إيمان بالله راسخ وتصديق بنبوة الحبيب صلى الله عليه وسلم ( وهذا هو الإسلام)

ث‌-  وينبغي أن يكون الخروج خالصاً لله تعالى في قوله صلى الله عليه وسلم ( لا يخرجه إلا ... )

ج‌-  فما هو الأجر ؟ إنه 1- النصر والثواب الكبير والغنى في الدنيا والعز في الحياة نصراً ومالاً .

 2- الشهادة ودخول الجنة

 3- وكلاهما يؤدي إلى الرضا الله والجنة

...........................................................................

4-                        عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده لودت أن أقتل في سبيل الله ثم أُحيا ثم أقتل ، ثم أحيا ثم أقتل ، ثم أحيا ثم أقتل " رواه البخاري. وفي رواية مسلم " لودت أني أغزو في سبيل الله فأقتل ثم أغزو فأُقتل ثم أغزو فأقتل "

أ‌-   القسم أسلوب تربوي يدل على قناعة المتكلم إن كان صادقاً .. والرسول صلى الله عليه وسلم مثال الصدق والإيمان فيما يدعو إليه ، وينبئ عن رغبته في إقناع الآخرين ..

ب -لكنّ كثيراً من ضعاف الإيمان والوصوليين اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله ، فلهم عذاب أليم .ومثالهم في واقعنا المعاصر واضح وكثير

ج - كما أن القسَم لا يكون إلا بالله تعالى ( من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت).

د‌-  التكرار للمعنى دليل على شرفه وعظم مكانته. ( لوددت أن أقتل في سبيل الله ...)

ذ‌-  ولعلنا نتذكرقصة عبد الله بن الجموح والد جابر بن عبد الله. الذي كلمه الله سفاحاً فودّ أن يعود ليخبر الناس فنزل قوله تعلى ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً ..)

ر‌- إن القتل ليس سهلاً فهو روح تخرج وسيف يَقطع أو حربة تمزق أو رصاصة تبعَج وتخرِق ،ودماء تنزف ، إلا أن الشهيد يجد لذة عجيبة وشرفاً كبيراً يهون أمامهما كل أمر ، وينقلب كل صعب في سبيلهما سهلاً يسيراً

ز‌- وأرواح الشهداء في حواصل طير خضر يسرحن في الجنة

س‌-  وهذا القتل هو المقصود في الغزو والجهاد وفي كلمة حق عند سلطان جائر..

.................................................................

5-  عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها " رواه البخاري . وعند مسلم : لغدوة في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها "

أ‌-   الرباط : ملازمة ثغر العدو وحراسة حدود البلاد ومتابعة حركات العدو

ب‌-  ويوم في الرباط خير من الحياة كلها في الدنيا يتنعم الإنسان فيها بملذات وحياة رغيدة. وخير من امتلاك المزارع والعقارات وحيازة المال ، إن الإنسان ليترك كل شيء حين يموت ، لكنه ينال الثواب في الرباط في سبيل الله.

ت‌-  الدنيا دنية وهي جيفة قذرة طلابها كلاب . إن الناس يتقاتلون على زائل ويتفانون للحصول على باطل – أقصد بالباطل ما أتركه لغيري فجأة دون سابق إنذار فإذا هو له وقد أدرجت في كفني ثم صرت تحت التراب دفيناً .

ث‌-  ما الباقي إذاً ؟ وما الخالد بعد هذا؟ إنه الجهاد الصادق في سبيل الله تعالى، والعمل بما يرضيه سبحانه.

.................................................................

6- عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : " رباط يوم وليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه ، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله ، وأُجري عليه رزقه ، وأمن الفتّان " رواه مسلم

أ‌-   إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقةٍ جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له . فهذا لكل مسلم صالح يموت وكان قد تصدق أو علّم أو ترك ذرية صالحة . أما هذا الحديث فخاص بالرجل الذي يلقى الله مجاهداً فما كان يعمله من صلاح ظل خيره يتدفق عليه ورزقه منه يتوالى خيراً وبركة وحسنات ، ثم هناك أمر مهم ثالث : نجاته من وسوسة الشيطان = وهو الفتّان= حين الوفاة وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم الشيطان بالفتّان في الحديث الذي رواه الزمخشري في الفائق " المؤمن أخو المؤمن ، يسعهما الماء والشجر ، ويتعاونان على الفتّان"

....................................................................

6-  وروى الهيثمي في مجمع الزوائد قول النبي الكريم

" ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله إلا حرم الله عليهما النار "

أ‌-   وهل يكون الجهاد إلا والمرء في خضم المعركة يعرق ويغبرّ ويتعب ؟

ب‌-  وما االمصدرية الزمانية هذه تدل على قدر من الزمن ولو كان يسيراً ، والله تعالى يرضى من عبده بالقليل ليكافئه على الكثير .

ت‌-  وعبد العباد يعمل وقد لا يؤبه له فالعبد وإن كان سيداً فهو إنسان ينسى وقد يجحد جهود غيره . أما عبد الله إن عمل لسيده بإخلاص ولو قليلاً نال بعمله وإخلاصه الثواب الكبير

ث‌-  وهل أكبر من النجاة من النار ودخول الجنة ، وتدبر معي قوله تعالى ( حرّم عليهما النار) والتحريم منعٌ لنار جهنم أن تؤذي المجاهد ، فيه الفوز والنجاة ، وليس لنار جهنم سبيل عليهما . وهنا ذكر الجزء وأراد به الكل ، حرّم القدمين على النار ، وما القدم إلا جندي عند القلب ، وكذلك الجوارح كلها .

...........................................................................

8- عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من خير معاش الناس لهم رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله يطير على متنه كلما سمع هيعةً أو فزعة طار عليه ، يبتغي القتل والموت مظانّه " رواه مسلم

أ‌-   قال صلى الله عليه وسلم : " وجعل رزقي تحت ظل رمحي ، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ، ومن تشبه بقوم فهو منهم ."

ب‌-  قد يفهم بعضهم أنّ على المسلمين أن يقاتلوا الأمم ليسلبوا اقتصادهم . ولو راجع المنصفون تاريخ المسلمين لوجدوا أمثلة رائعة للالتزام الحق مع الأمم المغلوبة والبلدان المفتوحة ، فأبوعبيدة قائدجيش المسلمين قبل معركة اليرموك أعاد لأهل حمص جزيتهم التي دفعوها لأنه لم يتسطع الدفاع عنهم أمام جيش الروم. كما أن قاضي المسلمين في سمرقند أمر المسلمين أن يخرجوا من المدينة بعد فتحها لأنهم حاربوا القوم قبل أن يعرضوا عليهم الإسلام . كما أن القرآن أخبرنا أن ذا القرنين حين وصل إلى بلاد يدخلها يأجوج وأجوج غازين مخربين بنى السد ولم يكلف القوم مالاً بل صرف المال من خزائنه

ت‌-  وعلى هذا فمعنى فقوله صلى الله عليه وسلم (وجعل رزقي تحت ظل رمحي) أن المسلم القوي العزيز يدافع عن بلده واقتصادها وخيراتها ، فلا يسمح للعدو أن ينهب هذه الخيرات ولا يسلب أموالها ، وفي ضعف دول العالم الإسلامي اليوم مثال صارخ على أن بترولها وخيراتها بيد الأعداء وليس للمسلمين سوى الفُتات,

ث‌-  فالمسلم منتبه وحريص على الدفاع عن وطنه لا يرضى الدنية ولا يقبل الذل

ج‌-  ثم إنه ينشر الأمن والأمان في ربوع العالم كله حين يساعد المظلومين على الظالمين. ممسك بعنان فرسه أو مقود ركوبته كلما سمع هيعةً أو فزعة طار عليه .

ح‌-  يبذل روحه وماله ووقته للحرية لا يبالي الموت في سبيل الله .

..................................................................

9- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

(( من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بغزو مات على شعبة من النفاق )) رواه مسلم

أ‌-   أيُّ حياةٍ هي حياة الذل والاستكانة للظالمين المعتدين، والحكام المتجبرين؟

ب‌-  على المسلم أن يجعل نشر الحق والدفاع عنه مبدأه الأول وإلا كان ضعيف الإيمان بعيداً عن الحق

ت‌-  إنما الأعمال بالنيات ، فالإنسان حين يعيش لهدف نبيل ويجعل حياته رهناً له ينال ثوابه وجزاءه ولو لم يباشره.

ث‌-  إن الله تعالى قادر على أن يدافع عن دينه بما يشاء كما يشاء ، ولكنه يختبر عباده ويبلوهم أيهم أحسن عملاً

ج‌-  والدليل على ذلك قوله تعالى: فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم ، وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلي المؤمنين منه بلاء حسناً .فما المؤمنون إلا ستار لقدرته سبحانه. وأداة لإرادته جل شأنه.

..................................................................

10- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

(( من سأل الشهادة بصدق بلّغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه )) رواه مسلم

أ‌-   يؤثر عن سيف الله المسلول خالد رضي الله عنه وهو على فراش الموت قوله: لقد حضرت زهاء ثمانين معركة ، وما في جسمي شبر إلا وفيه ضربة سيف أو طعنة رمح أو رمية بسهم ؛ وهاأنذا أموت على فراشي كما يموت البعير ، فلا نامت أعين الجبناء.

ب‌-  وكثير من الرجال يشتاقون الجنة فيخوضون غمار المعارك ويرمون أنفسهم في أتونها كالأسود الضارية ، ويختطف الموت الناس من حولهم وينجُون منه بقدر الله تعالى فإذا آجالهم تنتهي على فُرُشهم على غير ما يتمنون.

ت‌-  فهل ضاعت منهم مكانة الشهادة في سبيل الله ؟ إنها لن تضيع لأن الله تعالى وإن كتب لهم آجالاً محددة وميتة مقدّرة فسيعاملهم على نياتهم. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) . إن لهم أجر الشهادة ومكانة الشهداء وإن مات أحدهم على فراشه ، فالله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملاً .

وأخيراً

قال الإمام ابن قيم الجوزية: من لاح له الأجر هانت عليه التكاليف

ومن لاح له كمال الآخرة هان عليه فراق الدنيا

إذا استغنى الناس بالدنيا فاستغن أنت بالله، وإذا فرحوا بالدنيا فافرح أنت بالله، وإذا أنِسُوا بأحبابهم فاجعل أنسك بالله.