هنا فقط يجتمع كلّ هؤلاء
البراء كحيل
هنا فقط يمكنك أن ترى الأبيض والأسود والأحمر والأصفر ، هنا فقط يمكنك أن ترى الغني والفقير والعبد والأمير سواء بسواء .
هنا فقط يمكنك أن ترى طوفاناً من البشر من كل بقاع الأرض يفوق تعدداهم الملايين مجتمعين في مكان واحد في زمان واحد .
هنا فقط يمكنك أن تسمع جميع لغات الأرض ومع ذلك تظن أنّ الجميع يفهمون لغات الآخرين ، هنا فقط يجتمع كلّ هؤلاء لهدف واحد وغاية واحدة .
هنا فقط الكل ضيوفٌ لدى الواحد الأحد هنا مكّة المكرمة والكعبة الطاهرة إنها بحق بلاد العجائب والغرائب ....
عندما كنت أسير في طرقات مكة في الليلة التاسعة والعشرين من رمضان شعرت كأنني في يوم الحشر أكثر من مليوني انسان من كلّ بقاع الأرض جميع الأشكال والألوان والأصناف والمستويات واللغات , فقلت في نفسي كيف لهؤلاء القوم أن يجتمعوا ؟ وكيف لهم أن يتفقوا ؟ وهم مختلفون في كلّ شيء , في العادات والأفكار والتصرفات فكيف لهم أن يتحدوا ؟
وأكملت طريقي إلى الحرم الشريف وإنْ كُنْتَ تريدُ أن تصل إلى صحن الحرم فذلك انجازٌ ليس من السهل تحقيقه ، وبعد الدهشة من هذه الأعداد الهائلة التي جعلت المسؤولين عن الحرم يغلقون الأبواب مما أدى إلى طوفانٍ من البشر كاد أن يودي بحياتي دهساً.
بعد كلّ هذا تبدأ صلاة العشاء وينطق امام الحرم بكلمة السر ومفتاح السحر حينما يقول " الله أكبر " فيالعجبي ماذا أرى وما الذي جرى !!! كلّ تلك الملايين المبعثرة المختلفة في كلّ شيء أصبحت في صفوف منتظمةٍ مرتبة لا تختل ولا تهتز ولا تختلف تعجز كلّ قوى الأرض العسكرية والمدنية عن جمعها على هذا النسق المتجانس الذي لا يختل .
فسبحان الخالق المبدع المعلّم الملهم الذي جمعهم ووحدّهم على كلمةٍ واحدة في مكانٍ واحدٍ وزمانٍ واحد تحت رايةٍ واحدةٍ ولأجل هدفٍ واحدٍ هو مرضات الخالق الواحد .
إنَّها مظاهرةٌ مليونيةٌ هتافها "الشعب يريد اسقاط الشيطان" .