أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ؟
محمد مسعد ياقوت*- باحث تربوي
ألم ترَ إلى تلك اللجنة الأمريكية التي أنيط به الدفاع عن الحرية الدينية في العالم؛ إذ تأمر الناسَ بالبر وتنسى نفسها، إذ فصلتْ باحثةً [1]من عملها، لاعتناقها الإسلام!
هي لجنةٌ مشبوهة، تأسست في أواخر التسعينيات على يد الكنائس التنصيرية الأمريكية، وترأسها مسؤول يهودي يُدعى " إليوت أبرامز ".
وجعلت تلك المنظمة من مهامها، فحص الكتب المدرسية في المدارس الإسلامية ببعض المدن الأمريكية، وتُركز بلا نصفةٍ على اضطهاد النصارى، وتُعمي بصرها عن اضطهاد المسلمين من قبل الصهاينة والأمريكان، وكأنما هي تقول : ليس علينا في الأميين سبيل.
هي متعصبةٌ ضد دول عربية معينة، كمصر والسعودية، وكأنما دستور الحريات خاص بفئة دون أخرى، " أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ " [ البقرة85].
إنهم يضحكون على العالم بشعارات براقة، لا يحترمونها، ويخدعون الناس بقوانين مونقة، لا يطبقونها .
نقول لهم : " لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ " آل عمران71
ماذا عساهم أن يقولوا، ونحن نقول لهم تعالوا إلى كلمة سواء في احترام المقدسات، وعدم إكراه الناس في الدين، وترك تنصير المسلمين، وقد علمتُم أن بشارة المسيح إنما كانت لخراف بني إسرائيل من دون الناس، فلِم جعلتم من النصارنيةِ دينًا عالميًا تبشرون به، وقد تعلمون أن ذلك يُخالف دينكم.
وتعضون علينا الأنامل من الغيظ؛ أنْ آمنت امرأةٌ منكم، فضاق إيمانها بكم ذرعًا، ولم تحترموا إيمانها، فكشفتم عن ثوبكم الزور، وجادلتم فيما فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ، وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ .
ثم، أليس من المضحك، أن تُوْلدَ مؤسسةٌ للحوار من رحم الكنائس التنصيرية ؟
بل لا ترجو السماحة من بخيل فليس في النار للظمآن من ماء !
إن الذين يحسدون الناس أنْ هدهم الله للإيمان، ليسوا جديرين بالحديث عن قيم الحرية والمساواة والعدالة، وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم - : « الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلاَبِسِ ثَوْبَىْ زُورٍ »[2].
الذين يحسدوننا على السلام والتأمين[3]، لن يحترموا شعائرنا، ولن يراعوا مشاعرنا، كما لم يراعوها من قبلُ في حملتهم الإعلامية لتشويه صورة النبي – صلى الله عليه وسلم -."وَتَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ " [ المائدة: 62].
الذين يقولون على الله الكذبَ وهم يعلمون، لن يكونوا صادقين حينما يرفعون شعار الحرية الدينية .
الذين يَفْتَلُونَ ألسنتهم بالكتاب – لتحسبوه من الكتاب - ، ويقولون للناس قولاً، ويزعمون أنه من عند الله – كاذبون مدلسون، فلا تعجب حيئذ إذا علمت أن الرئيس السابق لتلك المنظمة، - اليهودي الذي ذكرناه آنفًا - قد تورط في قضية كذب شهيرة .
[1] اسمها : صفية جوري أحمد، حفظها الله وثبّتها [ أنتِ فخر لنا أنت شرفٌ وسؤدد، أنتِ ضربت لنا المثل في التضحية والثبات، نحسبك كذلك ولا نزكيك على الله ]
[2] أخرجه البخاري (5219) ومسلم (5706 )
[3] أقصد حديث " إن اليهود ليحسدونكم على السلام و التأمين" [ أخرجه الخطيب (11/43) ، وهو في السلسلة الصحيحة، برقم 692]، وحديث " إن اليهود قوم حُسَّد" [أخرجه ابن خزيمة (1585) ، وهو في السلسلة الصحيحة، برقم 691]