مرحباً رمضان...
ووداعاً أمَّ علاء
حسن قاطرجي
هي سُنّة الله عزّ وجلّ في تصريف الأيام وتقليب الأقدار فسبحانه من ربٍّ قَهّار... قَهَر عباده بأقداره لتتجلّى الربوبيّة بكمالاتها وقهرها وقيّوميّتها، ولتتجلَّى - في المقابل - العبودية بضعفها ومحدوديّتها ونقصها وعَبْديتها.
ومن أقدار الله ما تنطوي عليه ظاهرة الترحيب والتوديع في الحياة البشرية والكونية من دلالات الاعتبار بالزمن وتقلُّبات الأحوال وكذلك الاعتبار بالموت والحياة...
وها هو رمضان بعد عام كامل على الأبواب فنستبشر بقدومه محمَّلاً بالخيرات... وهو حقيقة كذلك إذا تعاملنا معه في كل تفاصيله بمحاوره الثلاثة الكبرى التالية:
1. أنه شهر الصلة بالله عزّ وجلّ بامتياز: فنُقبل على الله سبحانه بكل همّة، ونستكثر من عبادته في الليل والنهار بكل شَغَف وحُبّ وعزيمة: "من صام رمضانَ وقامه إيماناً وإحتساباً غُفر من تقدم من ذنبه" كما في الحديث الصحيح.
2. أنه صورة مركَّزة لأمة عابدة مجاهدة: إذ إنه يعكس الصورة التي يجب أن تكون عليها الأمة الإسلامية وهي صورة أنها أعبد الأمم لله عزّ وجلّ وأعرفُها به سبحانه توحيداً وتنزيهاً وتعظيماً وتحكيماً، وأنها أمة مجاهدة صاحبة عزيمة وصبر تواجِهُ الباطل فتَصْرَعُه )جاء الحقُ وزهق الباطل ان الباطل زَهُوقا(.
يا رجالَ الليل جدّوا رُبّ صوتٍ لا يُرَدُّ
لا يَـقُومُ اللـيلَ إلا من لـه عَزْمٌ وجِدُّ
ورحم الله من قال:
وما نَيْلُ المـطالـب بالتـمنِّي ولكنْ تُؤْخَذُ الدنيا غِـلابا
وما استعصى على قومٍ مـنالٌ إذا الإقْدامُ كان لهم رِكابا
3. أنه دورة تربوية تغييرية: يتربى فيها المسلم والأمّة على معانٍ عظيمة وأخلاق جليلة... فتكون أجلى مُخرجاتها حصولَ تغييرٍ حقيقي في وعي دورها والالتزام بدينها وتبليغ رسالة ربّها وفي عمارة الأرض بالحق والعدل والإحسان كما في العلم والعُمران.
نرحِّب برمضان مستبشرين فرحين بقدومه وبكثرة بشاراته في وقت ابتُلينا فيه بفَقْدٍ فُجائي للغالية على قلوبنا مسؤولة القسم النسائي في الجمعية (أم علاء)... نودِّعها حزينين لألم الفِراق سائلين الله سبحانه أن يتلقاها برحمته، ويُسعدها برضوانه، ويُغدق عليها شآبيب مغفرته، ويُريَها حصاد أعمالها وجهادها وإيناسها لأَخَواتها، ويُفرح روحها بثمرات توبة الكثيرات من الشاردات على يديها...
ثمانيةٌ تجري على الناس كلّهم ولا بد للإنسان يلقَى الثمـانيةْ
سرورٌ وحُزْنٌ، واجتماع وفُرقةٌ وعُسْرٌ ويُسْر، ثم سُقمٌ وعافيةْ