عيادة المريض فضائل وآداب
د. بدر عبد الحميد هميسه
عيادة المريض وزيارته من الآداب الرفيعة التي حث الإسلام المسلمين عليها وجعلها من أولى حقوق المسلم على أخيه المسلم , بل ومن سبل التأليف بين القلوب الذي امتن الله تعالى علينا به في كتابه الكريم فقال : " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) سورة آل عمران .
وعيادة المريض يشعر المريض عند مرضه بروح الأخوة الإسلامية , فيكون ذلك سبباً في تخفيف آلامه وأحزانه ، وتعوضه بعض ما حرمه من القوة والصحة .
لذا كان من أدب السلف ـ رضوان الله عليهم ـ إذا فقدوا أحداً من إخوانهم سألوا عنه، فإن كان غائباً دعوا له، وخلفوه خيراً في أهله، وإن كان حاضراً زاروه، وإن كان مريضاً عادوه.
يقول الأعمش رحمه الله: كنا نقعد في المجلس، فإذا فقدنا الرجل ثلاثة أيام سألنا عنه، فإن كان مريضاً عدناه.
فهم قد عرف أن ذلك من حق المسلم على أخيه المسلم , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ : قِيلَ : مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللهَ فَشَمِّتْهُ ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ ، وَإِذَا مَاتَ فَاتْبَعْهُ. أخرجه أحمد 2/372(8832) و"البُخاري" في "الأدب المفرد" 925 و"مسلم" 5702.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:خَمْسٌ مِنْ حَقِّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ : رَدُّ التَّحِيَّةِ ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ ، وَشُهُودُ الْجِنَازَةِ ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ إِذَا حَمِدَ اللهَ ، عَزَّ وَجَلَّ. أخرجه و"أحمد" 2/332و"البخاري" في "الأَدب المفرد" 519 و"ابن ماجة" 1435 .
وعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، قَالَ:أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِسَبْعٍ ، وَنَهَى عَنْ سَبْعٍ ، قَالَ : نَهَى عَنِ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ ، وَعَنِ الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ ، وَآنِيَةِ الذَّهَبِ ، وَعَنْ لُبْسِ الدِّيبَاجِ ، وَالْحَرِيرِ ، وَالإِسْتَبْرَقِ ، وَعَنْ لُبْسِ الْقَِسِّيِّ ، وَعَنْ رُكُوبِ الْمِيثَرَةِ الْحَمْرَاءِ ، وَأَمَرَ بِسَبْعٍ : عِيَادَةِ الْمَرِيضِ ، وإتباع الْجَنَائِزِ ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ ، وَرَدِّ السَّلاَمِ ، وَإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ ، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي.أخرجه أحمد 4/284(18698) و"البُخَارِي" 2/90(1239).
قال يزيد بن ميسرة رحمه الله: "إن العبد ليمرض وماله عند الله من عمل خير فيذكره الله سبحانه بعض ما سلف من خطاياه فيخرج من عينه مثل رأس الذباب من الدمع من خشية الله فيبعثه الله مطهرًا أو يقبضه مطهرًا".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "مصيبة تقبل بها على الله خير لك من نعمة تنسيك ذكر الله".
ومن فوائد المرض طهارة القلب من الأمراض فإن الصحة تدعو إلى الأشر والبطر والإعجاب بالنفس لما يتمتع به المرء من نشاط وقوة وهدوء بال، فإذا قيده المرض وتجاذبته الآلام انكسرت نفسه ورق قلبه وتطهر من الأخلاق الذميمة والصفات القبيحة، قال العلامة ابن القيم رحمه الله: "لولا محن الدنيا ومصائبها لأصاب العبد من أدواء الكبر والعجب والفرعنة وقسوة القلب ما هو سبب هلاكه عاجلاً وآجلاً، فمن رحمة أرحم الراحمين أن يتفقده في الأحيان بأنواع من أدوية المصائب تكون حمية له من هذه الأدواء . زاد المعاد 4/173.
وكما قيل:
قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت * * * ويبتلى الله بعض القوم بالنعم
واهتماماً من الإسلام بهذا الخلق الطيب الجميل الذي هو من قبيل التواصل ونشر الألفة والمحبة بين الناس , جعل الإسلام لزيارة المريض فضلاً وثواباً كبيراً , كما جعل لها آداباً يجب أن يلتزم بها كل من يعود مريضاً .
أولاً : فضل وثواب عيادة المريض :
1- الجلوس في معية الله عز وجل :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:إِنَّ اللهَ ، عَزَّ وَجَلَّ ، يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : يَا ابْنَ آدَمَ ، مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي ، قَالَ : يَا رَبِّ ، كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ، قَالَ : أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلاَنًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ ، يَا ابْنَ آدَمَ ، اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي ، قَالَ : يَا رَبِّ ، وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ؟ قَالَ : أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلاَنٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي ، يَا ابْنَ آدَمَ ، اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي ، قَالَ : يَا رَبِّ ، كَيْفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ، قَالَ : اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلاَنٌ فَلَمْ تَسْقِهِ ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي. أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" 517 و"مسلم" 6648 و"ابن حِبَّان" 269 و944.
قال النووي : " قَالَ الْعُلَمَاء : إِنَّمَا أَضَافَ الْمَرَض إِلَيْهِ سُبْحَانه وَتَعَالَى ، وَالْمُرَاد الْعَبْد تَشْرِيفًا لِلْعَبْدِ وَتَقْرِيبًا لَهُ . قَالُوا : وَمَعْنَى ( وَجَدْتنِي عِنْده ) أَيْ وَجَدْت ثَوَابِي وَكَرَامَتِي " . شرح صحيح مسلم 8/371.
وقال المناوي : " قال في العيادة لوجدتني عنده وفي الإطعام وكذا السقي لوجدت ذلك عندي إرشادا إلى أن الزيارة والعيادة أكثر ثوابا منهما وقال السبكي رضي الله عنه : سر ذلك أن المريض لا يروح إلى أحد بل يأتي الناس إليه فناسب قوله لوجدتني عنده بخلاف ذينك فإنهما قد يأتيان لغيرهما من الناس" . راجع : فيض القدير 2/312.
2- صلاة الملائكة عليه :
من فضائل وثمار عيادة المريض أن الملائكة تصلي على العائد وتستغفر له , فعنْ أَبِي فَاخِتَةَ ، قَالَ : أَخَذَ عَلِيٌّ بِيَدِي ، قَالَ : انْطَلِقْ بِنَا إِلَى الْحَسَنِ نَعُودُهُ ، فَوَجَدْنَا عِنْدَهُ أَبَا مُوسَى ، فَقَالَ عَلِيٌّ ، عَلَيْهِ السَّلاَمُ : أَعَائِدًا جِئْتَ ، يَا أَبَا مُوسَى ، أَمْ زَائِرًا ؟ فَقَالَ : لاَ ، بَلْ عَائِدًا ، فَقَالَ عَلِيٌّ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:مَامِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمًا غُدْوَةً ، إِلاَّ صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ ، حَتَّى يُمْسِيَ ، وَإِنْ عَادَهُ عَشِيَّةً ، إِلاَّ صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ ، حَتَّى يُصْبِحَ ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ. أخرجه أحمد 1/91 (702) و"التِّرمِذي" 969.
3- نزول الرحمة والمغفرة :
عن عُمَر بن الحَكَم بن رافع الأَنْصَارِي ، قال : سَمِعْتُ جابرَ بنَ عَبْد اللهِ ، قال : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:مَنْ عَادَ مَرِيضًا ، خَاضَ فِي الرَّحْمَةِ ، حَتَّى إِذَا قَعَدَ اسْتَقَرَّ فِيهَا.أخرجه البُخَارِي ، في (الأدب المفرد) 522.
عَنْ مَرْوَانَ بْنَ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : أَتَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، فَقُلْتُ : يَا أَبَا حَمْزَةَ، إِنَّ الْمَكَانَ بَعِيدٌ ، وَنَحْنُ يُعْجِبُنَا أَنْ نَعُودَكَ ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ ، فَقَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:أَيُّمَا رَجُلٍ يَعُودُ مَرِيضًا ، فَإِنَّمَا يَخُوضُ فِي الرَّحْمَةِ ، فَإِذَا قَعَدَ عِنْدَ الْمَرِيضِ غَمَرَتْهُ الرَّحْمَةُ ، قَالَ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، هَذَا لِلصَّحِيحِ الَّذِي يَعُودُ الْمَرِيضَ ، فَالْمَرِيضُ مَا لَهُ ؟ قَالَ : تُحَطُّ عَنْهُ ذُنُوبُهُ.أخرجه أحمد 3/174(12813).
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا . قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا . قَالَ فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً . قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا . قَالَ فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا . قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا . قَالَ فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا . قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا اجْتَمَعْنَ في امْرِئٍ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّة.
أخرجه البخاري في الأدب المفرد (515) و"مسلم" 3/92 و7/110 .
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نَافِعٍ ، قَالَ : عَادَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : أَعَائِدًا جِئْتَ أَمْ زَائِرًا ؟ فَقَالَ أَبُو مُوسَى : بَلْ جِئْتُ عَائِدًا ، فَقَالَ عَلِيٌّ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:مَنْ عَادَ مَرِيضًا بُكَرًا ، شَيَّعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ ، كُلُّهُمْ يَسْتَغْفِرُ لَهُ حَتَّى يُمْسِيَ ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ ، وَإِنْ عَادَهُ مَسَاءً ، شَيَّعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ ، كُلُّهُمْ يَسْتَغْفِرُ لَهُ حَتَّى يُصْبِحَ ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ.وأخرجه أحمد 1/121 (976) و"أبو داود" 3098.
4- السعادة والنعيم :
فالله تعالى يجعل ثواب العائد سعادة ورضا , فهو في ممشاه إلى المريض يمشي في رياض الجنة , ويتبوأ منها منزلاً , عَنْ ثَوْبَانَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ:إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا عَادَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ ، لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ ، حَتَّى يَرْجِعَ.أخرجه أحمد 5/276(22731) و"مسلم" 8/12(6643) .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:إِذَا عَادَ الْمُسْلِمُ أَخَاهُ ، أَوْ زَارَهُ ، قَالَ اللهُ ، عَزَّ وَجَلَّ : طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ ، وَتَبَوَّأْتَ فِي الْجَنَّةِ مَنْزِلاً.
- وفي رواية : مَنْ عَادَ مَرِيضًا ، أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللهِ ، نَادَاهُ مُنَادٍ : أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ ، وَتَبَوَّأْتَ مِنَ الْجَنَّةِ مَنْزِلاً. أخرجه أحمد 2/326(8308) و"البُخاري" في "الأدب المفرد" 345 و"ابن ماجة" 1443 .
5- معرفة نعمة الله عليك :
روي أن رجلا جاء إلى عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها فقال يا أم المؤمنين إن بي داء فهل عندك دواء قالت وما داؤك قال القسوة قالت بئس الداء داؤك عد المرضى واشهد الجنائز وتوقع الموت . ابن الجوزي : بستان الواعظين ورياض السامعين 146.
وقال أحد العلماء : زر السجن مرة في العمر لتعرف فضل الله عليك في الحرية ،زر المحكمة مرة في العام لتعرف فضل الله عليك في حسن الخُلق ، زر المستشفى مرة في الشهر لتعرف فضل الله عليك في الصحة والعافية ،زر الحديقة مرة في الأسبوع لتعرف فضل الله عليك في جمال الطبيعة ، زر المكتبة مرة في اليوم لتعرف فضل الله عليك في العقل ،زر ربك كل آن لتعرف فضله عليك في نعم الحياة .
ثانياً : آداب عيادة المريض :
1- اختيار الوقت المناسب :
بعض الناس يتعجل عيادة المريض , فبمجرد سماعه أن فلاناً قد خرج من غرفة العمليات يذهب إليه مباشرة , وقد يكون هذا المريض يحتاج إلى الراحة , فيسبب له الناس حرجاً , والتوسط هنا هو المطلوب فلا نتعجل الزيارة , كما لا نهمل فيها حتى يفوت موعدها , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ:كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لاَ يَعُودُ مَرِيضًا إِلاَّ بَعْدَ ثَلاَثٍ.أخرجه ابن ماجة (1437).
كما أن عليه أن يختار الوقت المناسب لها , فلا يختار وقتاً يظن أن المريض قد يكون نائماً فيه أو يكون ذلك وقت طعامه .
2- سؤال المريض عن حاله :
على من يعود مريضاً أن يبدأ في السؤال عن حاله ولا يثقل عليه في السؤال , عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ ، قَالَ: لَمَّا أُصِيبَ أَكْحَلُ سَعْدٍ ، يَوْمَ الْخَنْدَقِ ، فَثَقُلَ ، حَوَّلُوهُ عِنْدَ امْرَأَةٍ ، يُقَالُ لَهَا : رُفَيْدَةُ ، وَكَانَتْ تُدَاوِي الْجَرْحَى ، فَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا مَرَّ بِهِ ، يَقُولُ : كَيْفَ أَمْسَيْتَ ؟ وَإِذَا أَصْبَحَ : كَيْفَ أَصْبَحْتَ ؟ فَيُخْبِرُهُ. أخرجه البُخَارِي ، في الأدب المفرد1129 .
عَنْ أَبِى الأَشْعَثِ , الصَّنْعَانِيِ , أَنَّهُ رَاحَ إِلَى مَسْجِدِ دِمَشْقَ , وَهَجَّرَ بِالرَّوَاحِ فَلَقِيَ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ , وَالصُّنَابِحِىُّ مَعَهُ , فَقُلْتُ : أَيْنَ تُرِيدَانِ ؟ يَرْحَمُكُمَا الله. قَالا : نُرِيدُ هَا هُنَا إِلَى أَخٍ لَنَا مَرِيضٍ نَعُودُهُ , فَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا حَتَّى دَخَلاَ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ , فَقَالاَ لَهُ : كَيْفَ أَصْبَحْتَ ؟ قال : أصبحت بِنِعْمَةٍ. فَقَالَ لَهُ شَدَّادٌ : أَبْشِرْ بِكَفَّارَاتِ السَّيِّئَاتِ , وَحَطِّ الْخَطَايَا , فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ : إِنِّى إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنًا , فَحَمِدَنِى عَلَى مَا ابْتَلَيْتُهُ , فَإِنَّهُ يَقُومُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ مِنَ الْخَطَايَا , وَيَقُولُ الرَبُّ عَزَّ وَجَلَّ : أَنَا قَيَّدْتُ عَبْدِى وَابْتَلَيْتُهُ , وَأَجْرُوا لَهُ كَمَا كُنْتُمْ تُجْرُونَ لَهُ , وَهُوَ صَحِيحٌ.أخرجه أحمد 4/123(17248).
قال الشاعر :
كيف أصبحت كيف أمسيت مما * * * يزرع الود في فؤاد الكريم؟
3- رقية المريض والدعاء له :
من السنة إذا عدت مريضاً أن تدعو له بالشفاء , وأن ترقيه فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَى الْمَرِيضِ ، قَالَ : أَذْهِبِ الْبَأْسَ ، رَبَّ النَّاسِ ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي ، لاَ شَافِيَ إِلاَّ أَنْتَ ، اشْفِ شِفَاءً لاَ يُغادِرُ سَقَمًا. أخرجه أحمد 3/267(13859. والنَّسَائِي ، في "عمل اليوم والليلة" 1042 .
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ:دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعُودُهُ وَبِهِ مِنَ الْوَجَعِ مَا يَعْلَمُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِشِدَّةٍ ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَيْهِ مِنَ الْعَشِىِّ وَقَدْ بَرِئَ أَحْسَنَ بُرْءٍ فَقُلْتُ لَهُ دَخَلْتُ عَلَيْكَ غُدْوَةً وَبِكَ مِنَ الْوَجَعِ مَا يَعْلَمُ اللَّهُ بِشِدَّةٍ وَدَخَلْتُ عَلَيْكَ الْعَشِيَّةَ وَقَدْ بَرِئْتَ فَقَالَ يَا ابْنَ الصَّامِتِ إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ رَقَانِى بِرُقْيَةٍ بَرِئْتُ أَلاَ أُعَلِّمُكَهَا قُلْتُ بَلَى قَالَ بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ يُؤْذِيكَ مِنْ حَسَدِ كُلِّ حَاسِدٍ وَعَيْنٍ بِسْمِ اللَّهِ يَشْفِيكَ.أخرجه أحمد 5/323(23139) و"النَّسَائي" في "عمل اليوم والليلة" 1004.
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَعُودُ مَرِيضًا لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ فَيَقُولُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ إِلاَّ عُوفي.أخرجه أحمد 1/239(2137) والتِّرْمِذِيّ" 2083 و"النَّسائي" في "عمل اليوم والليلة" 1045.
ومما يهدى إلى المريض تذكيره بوصية النبي في الاستشفاء فقد جاء عثمان بن أبي العاص إلى النبي يشكوه وجعا في جسده فقال له: ((ضع يدك على الذي يألم من جسدك وقل: بسم الله ثلاثا وقل سبع مرات أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر)) رواه مسلم 14/189 .
عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى أعرابي يَعُودُهُ - قَالَ - وَكَانَ النبي صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ فَقَالَ لَهُ لاَ بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ قُلْتَ طَهُورٌ ، كَلاَّ بَلْ هي حُمَّى تَفُورُ - أَوْ تَثُورُ - عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ ، تُزِيرُهُ الْقُبُورَ. فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم فَنَعَمْ إِذًا. أخرجه البخاري 4/246(3616) و"النَّسائي" 7457 ، وفي عمل اليوم والليلة 1039.
4- تذكيره بأجر الصبر على المريض :
على من يعود مريضاً أن يذكره بالصبر على المرض , وجزاء الصابرين الذي وصفه ربنا في كتابه الكريم فقال : " وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) سورة البقرة , عنْ أَبي هُرَيْرَة ، عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ، قَالَ:مَا يُصِيبُ الْمسلِمَ مِنْ نَصَب ، وَلاَ وَصَب ، وَلاَ هَمِّ ، وَلاَ حَزن ، وَلاَ أَذىً ، وَلاَ غَمّ ، حَتى الشوْكَةِ يُشَاكُهَا ، إِلا كَفَّرَ اللهِ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ.
أخرجه أحمد 2/303(8014و"البُخَارِي" 7/148(5641 و 5642) ، و"مسلم" 8/16(6660) .
وعَنْ سِنَانِ بْنِ رَبِيعَةَ ، أَبِي رَبِيعَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:إِذَا ابْتَلَى اللَّهُ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ بِبَلاَءٍ فِي جَسَدِهِ ، قَالَ اللَّهُ لِلْمَلَكِ : اكْتُبْ لَهُ صَالِحَ عَمَلِهِ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ ، فَإِنْ شَفَاهُ ، غَسَلَهُ وَطَهَّرَهُ ، وَإِنْ قَبَضَهُ ، غَفَرَ لَهُ ، وَرَحِمَهُ.
- وفي رواية : مَا مِنْ مُسْلِمٍ ابْتَلاَهُ اللَّهُ فِي جَسَدِهِ ، إِلاَّ كُتِبَ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ فِي صِحَّتِهِ ، مَا كَانَ مَرِيضًا ، فَإِنْ عَافَاهُ ، أُرَاهُ قَالَ : عَسَلَهُ ، وَإِنْ قَبَضَهُ ، غَفَرَ لَهُ. أخرجه أحمد 3/148(12531) و"البُخَارِي" ، في (الأدب المفرد) 501.
قال الشاعر :
يا صاحب الهمّ إنّ الهمّ منقطعٌ * * * أبشر بذاك فإنّ الكافي اللّه
اليأس يقطع أحياناً بصاحبه * * * لا تيأسنّ كأن قد فرّج اللّه
إذا بليت فثق باللّه وأرض به * * * إنّ الذي يكشف البلوى هو اللّه
الحمد للّه شكراً لا شريك له * * * ما أسرع الخير جدّاً إن يشا اللّه
5- عدم إطالة الزيارة :
بعض الناس يكون ثقيلاً في الزيارة , فيطيل الجلوس عن المريض , وهذا مخالف لهدي الإسلام في عيادة المريض بل في الزيارة عموماً , فعَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا أَبَا ذَرٍّ، زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا " رواه الطبراني 10/565 صحيح الترغيب والترهيب 2/350.
قال الشاعر :
أدب العيادة أن تكون مُسَلّمًا * * * وتقوم في إثر السلام مودّعا
وقال آخر :
حُسن العيادة يوم بين يومين* * * واقعد قليلاً كمثل اللّحظ بالعين
لا تُبرمِنّ عليلاً في مساءلة* * * يكفيك من ذاك تسأله بحرفين
يعني تقول: شفاك الله.
قال بعض الظرفاء لقوم عادوه في مرضه، فأطالوا الجلوس: المريض يعاد، والصحيح يزار.
فبعض الناس يكون ثقيلاً على المريض , بل يكون عليه أشد من المرض , قال الشاعر :
سقت
الثقيل من السفينة في الدجى * * * فبكى الرفاق لفقده وترحموا
حتى إذا طـلع النهار أتت به * * * نحو السفينة موجة تتقدم ُ
قالت خذوه كما أتاني سالما * * * لم أبتلعه لأنه لا يهضمُ
يحكى أن رجلاً مرض مرضاً شديداً فأمر بإحضار أولاده إلا واحداً منهم فلما قالوا لماذا لم تحضر فلاناً فقال لأنه يتقعر في كلامه , فلما ألحوا عليه قال أحضروه على أن لا يتكلم , فاشترطوا عليه ذلك , فلما دخل الابن قال: يا أبت قل أشهد ألا إله إلا اللهُ وإن شئت فقل أشهد أن لا إله إلا اللهَ فكلاهما جائز والأولى أحب إلى سيبويه، يا أبت ما حبسني عنك إلا أبو علي القالي فقد كنا عنده قال يا أبتي والله ما شغلني عنك إلا صاحبي فلان .فإنه دعاني بالأمس فأهرس وأبصل ,وأعدس واستبذج ,وسكبج وطهبج ,وأفرج ودجج ,وأعدس وأمضر ولوذج وافلوذج ,فقال الأب : أبعدوا هذا الشقي عني فقد سبق ملك الموت إلى قبض روحي.
6- تقليل السؤال:
بعض الناس يكثر من سؤال المريض عن حاله , بل يريد منه أن يحكي له قصة مرضه من أولها إلى آخرها , ولا يراعي حالته الصحية وهذا مما يرهق المريض , بل مما يزيد من علته , دخل رجلٌ على عمر بن عبد العزيز يعوده في مرضه فسأله عن علته فأخبره، فقال الزائر: إن هذه العلة ما شفي منها فلان، ومات منها فلان. فقال عمر: إذا عدت مريضاً فلا تنع إليه الموتى، وإذا خرجت عنا فلا تعد إلينا.
ويقول سفيان الثوري: حماقة العائد أشر على المرضى من أمراضهم، يجيئون من غير وقتٍ، ويطيلون الجلوس.
7- يفسح له في الأمل :
من أهم آداب عيادة المريض أن تفسح له الأمل في الشفاء والمعافاة بإذن الله تعالى , ولا تؤذه بتذكيره بأن فلاناً قد مات بنفس العلة , عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا دَخَلْتُمْ عَلَى الْمَرِيضِ فَنَفِّسُوا لَهُ فِي الأَجَلِ فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَرُدُّ شَيْئًا وَهُوَ يَطِيبُ بِنَفْسِ الْمَرِيضِ.أخرجه ابن ماجة (1438) والتِّرْمِذِيّ" 2087.
عَنْ أبِي بُرْدَةَ ، وَاصطَحَبَ هُوَ وًيزِيدُ بْنُ أبِي كَبْشَةَ فِي سَفَرٍ ، فَكانَ يَزِيدُ يَصُومُ فِي السَّفَرِ ، فَقال لَهُ أَبُو بُرْدَةَ : سَمِعْتُ أبَا مُوسَى مِرَارًا يَقُولً : قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ ، أوْ سَافَرَ ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَاكَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا. أخرجه أحمد 4/41، والبخاري 4/7.
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى شَابٍّ ، وَهُوَ فِي الْمَوْتِ ، فَقَالَ : كَيْفَ تَجِدُكَ ؟ قَالَ : وَاللهِ ، يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنِّي أَرْجُو اللَّهَ ، وَإِنِّي أَخَافُ ذُنُوبِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لاَ يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ ، فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ ، إِلاَّ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يَرْجُو ، وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ.أخرجه "ابن ماجة" 4261 والتِّرْمِذِيّ" 983 و"النَّسائي" ، في "عمل اليوم والليلة" 1062 .
لما طعن عمر جعل يألم، فقال له ابن عباس ـ وكأنه يجزعه ـ: يا أمير المؤمنين، ولئن كان ذاك، لقد صحبت رسول الله فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راضٍ، ثم صحبت أبابكر فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راضٍ، ثم صحبت صحبتهم.
وفي البخاري أيضاً من حديث القاسم بن محمد أن عائشة - رضي الله عنها - اشتكت؛ فجاء ابن عباس فقال: (يا أم المؤمنين، تقدمين على فَرَط صدق، على رسول الله وعلى أبي بكر). صحيح البخاري: كتاب المناقب - باب فضل عائشة رضي الله عنها، حديث (3771).
يجري القضاء وفيه الخير نافلة * * * لمؤمن واثق بالله لا لاهي
إن جاءه فرج أو نابه ترح* * * في الحالتين يقول الحمد لله
ولقد لخص ابن حجر آداب عيادة المريض فقال : فِي الْعِيَادَة أَنْ لَا يُطِيل الْعَائِد عِنْد الْمَرِيض حَتَّى يَضْجَرهُ ، وَأَنْ لَا يَتَكَلَّم عِنْده بِمَا يُزْعِجهُ . وَجُمْلَة آدَاب الْعِيَادَة عَشَرَة أَشْيَاء ، وَمِنْهَا مَا لَا يَخْتَصّ بِالْعِيَادَةِ : أَنْ لَا يُقَابِل الْبَاب عِنْد الِاسْتِئْذَان ، وَأَنْ يَدُقّ الْبَاب بِرِفْقٍ ، وَأَنْ لَا يُبْهِم نَفْسه كَأَنْ يَقُول أَنَا ، وَأَنْ لَا يَحْضُر فِي وَقْت يَكُون غَيْر لَائِق بِالْعِيَادَةِ كَوَقْتِ شُرْب الْمَرِيض الدَّوَاء ، وَأَنْ يُخَفِّف الْجُلُوس ، وَأَنْ يَغُضّ الْبَصَر ، وَيُقَلِّل السُّؤَال ، وَأَنْ يُظْهِر الرِّقَّة ، وَأَنْ يُخْلِص الدُّعَاء ، وَأَنْ يُوَسِّع لِلْمَرِيضِ فِي الْأَمَل ، وَيُشِير عَلَيْهِ بِالصَّبْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ جَزِيل الْأَجْر ، وَيُحَذِّرهُ مِنْ الْجَزَع لِمَا فِيهِ مِنْ الْوِزْر . فتح الباري 16/170.
وما أروع قول شوقي في وصف حالة الزعيم مصطفى كامل في مرضه :
ولقد نظرتك والردى بك محدق * * * والــداء مــلء معالم الجثــمان
فهششت لي حتى كأنك عائـدي * * * وأنـــا الــذي هد السقــام كياني
8- طلب الدعاء من المريض:
يستحب طلب الدعاء من المريض، لأنه مضطر ودعاءه أسرع إجابة من غيره ,قال تعالى : " أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (62) سورة النمل , وعن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، قَالَ : قَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إِذَا دَخَلْتَ عَلَى مَرِيضٍ ، فَمُرْهُ أَنْ يَدْعُوَ لَكَ ، فَإِنَّ دُعَاءَهُ كَدُعَاءِ الْمَلاَئِكَةِ.أخرجه ابن ماجة (1441).
وأخيرا فإن على من يعود مريضاً أن يجعل زيارته له خالصة لوجه الله تعالى فإن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لوجهه سبحانه ؛ وذلك حتى يؤجر من الله على تلك الزيارة وحتى يقبل دعاءه لأخيه .