بسمات شيخي

محمود القلعاوي

إمام وخطيب بوزارة الأوقاف

[email protected]

وبعد ما صلينا العيد في الخلاء حيث هذا الجمع الغفير من الرجال والنساء والأطفال .. حيث البسمات التي تعلو الوجوه .. حيث السعادة التي تغمر القلوب .. حيث الروائح الطيبة التي تملأ الأنوف .. حيث نفحات الطاعة .. حيث الملائكة التي تحيط جوانبنا .. أخذت ابحث عن شيخي لأهناه بقدوم العيد .. فوجدته يتلألأ بشراً وفرحاً وسعادة والبسمات تملأ وجهه .. فأسرعت إليه وقبلت يديه .. وسألته عن سر سعادته وعن كل هذه البسمات التي تملأ وجهه  .. فأجابني قائلاً : نعم يا ولدى البسمة تعلو وجهي بل وحياتي كلها في يومي هذا .. وخصوصا مع هذا المنظر الذي يملأ القلب فرحاً وسعادة  .. وكما أخبرتك عن سبب دمعاتي من قبل سأخبرك عن سبب بسمات هذه :

·       البسمة الأولى : فلهذه اللحظة التي نعيشها .. انظر إلى جمال ديننا وحلاوته .. للحظة نعيشها في ظل الإسلام .. ولسنة طبقناها من سنن الإسلام تمتلأ القلوب بكل هذا الفرح .. فما بالك لو عشناه حياتنا كلها .. ولو طبقناها في أمورنا كلها .. الإسلام يا ولدى ما أحلاه وما أجمله .. وسبحان ربنا حين قال : " ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى .." سورة طه : 124 ..  نعم معيشة الضنك والنكد والألم .. وصدق حين قال : - " الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب " سورة الرعد : 28 ..

·       البسمة الثانية : لهذا التكبير الذي كبرناه " الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. لا إله إلا الله  .. الله أكبر .. الله أكبر .. ولله الحمد " ما أحلاه من ذكر تلهج به الألسنة .. نبدأ به حياتنا حين نؤذن في أذن مواليدنا .. نبدأ به أشرف لقاء لنا في حياتنا كلها لقاء الله في الصلاة .. وحين نصعد نردد الله اكبر نعم أكبر من كل كبير مهما كان الكبير .. نعم يا ولدى .. اكبر من هؤلاء الطواغيت مهما بدت قوتهم ومهما ظهر لنا كبرهم .. الله أكبر على من جاء ليهدم بلادنا .. ويغتصب أعراضنا  ويهدم قيمنا وأخلاقنا .. يا ولدى نعم ... الله أكبر في حياتنا كلها .. لو استشعرناها وعشناها ما هزمنا في حياتنا مهما كان نوع الهزيمة .. فالله أكبر الله أكبر ..

·       البسمة الثالثة : لهذه العفة والطهر الذي نعيشه في هذه اللحظة .. الرجال مع الرجال .. النساء مع النساء .. الجميع يحس بسمو وطهر .. فأين العُقد التي قالوها .. وأين الكبت الذي كبتونا به .. يا ولدى والله للهذا الطهر لذة ما أحلاها وما أجملها وصدق نبي الطهر – صلى الله عليه وسلم - حين قال :" النظرة سهم من سهام إبليس من تركها مخافة الله أبدله الله حلاوة لا يجدها سواه " رواه مسلم ..

·       البسمة الرابعة : فلهذا الأب الذي صحب أسرته من زوجة وأولاد .. رباهم على ثياب العفة .. أمسك بيده زوجته وأولاده وهو في طريقه إلى الصلاة .. وسيظل ممسك بهم حتى يصل بهم إلى الجنة إن شاء الله ..  فهو الحافظ المتدبر لقوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون " سورة التحريم : 6 

يا ولدى إن يومنا هذا هو يوم البسمات .. ولكن مع بسماتنا هذه قلوبنا لا ولن تنسى إخواننا وأخواتنا في كل بقاع الدنيا .. أسأل الله أن يملآ قلوب وبيوت جميع المسلمين في بقاع الأرض فرحاً وسعادة .. فتركت شيخي كما تركته في المرة الماضية وأنا أردد

اللهم آمين .. اللهم آمين .