استووا

محمود القلعاوي /مصر

إمام وخطيب بوزارة الأوقاف

[email protected]

في برنامج « أسرة واحدة » على قناة المجد كان الضيف د. يحي اليحيى رئيس لجنة التعريف بالإسلام  .. حيث نفى عن المسلمين تهمة الفوضى وعدم النظام .. وقال :-

إنهم يكونون مرتبين ومنظمين إذا اقتنعوا .. حيث عرض بعض الدعاة على رجل أمريكي مشهد حي للحرم المكي .. وهو يعج بالمصلين قبل إقامة الصلاة - وكان فيه إفطار في رمضان- ..ثم سألوه :-  كم من الوقت يحتاج هؤلاء للاصطفاف في رأيك ؟

فقال :-  ساعتين إلى ثلاث ساعات ..

فقالوا له :- إن الحرم أربعة أدوار ..

فقال :- إذاً 12 ساعة .. فقالوا له :- إنهم مختلفو اللغات،

فقال :- هؤلاء لا يمكن اصطفافهم .. ثم حان وقت الصلاة .. فتقدم الشيخ السديس وقال :- استووا .. فوقف الجميع في صفوف منتظمة في لحظات قليلة .. فأسلم الرّجل ..

________________________

لا للصفوف العوجاء ..

فالصف الأعوج ليس محل نظر الله .. لو نظرت لصفوف المسلمين فى كثير من المساجد أدهشك ما ترى من صفوف عوجاء .. وكأن اعوجاج القلوب الذى نراه نضح على صفوفنا فكانت عوجاء هى الأخرى .. فرق كبير بين ما نراه وبين هذه القصة الرائعة من استواء للصفوف .. آه لو شعر كل مصلى بأنه بعوجه هذا فى الصف يجعل الصف كله آثماً ما تأخر ولا تقدم عنه ..

وإذا ما نظرنا إلى إسلامنا نجد الصف نظام إسلامى صرف حتى أن القرآن الكريم من بين سوره سورة تسمى سورة الصف فيها قوله تعالى :- ( إن الله يحب الذين يقاتلون فى سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص ) ..  فأين هذا كله من صفوفنا فى حياتنا ؟! ..

________________________

صفوف الصلاة ..

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسوي صفوفنا حتى كأنما يُسوي بها القداح ، حتى إذا رأى أن قد عقلنا ، ثم خرج يوماً فقام حتى كاد أن يكبر ، فرأى رجلاً بادياً صدره ، فقال :- عباد الله ! لتسوّن صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم رواه مسلم

وتسوية الصف معناه :- محاذاة بعضهم لبعض ، وعدم تقدم أحدٍ على أحد ، بل يكون أحدهم مصافاً للآخر دون أن يكون متقدماً أو متأخراً عنه ، هكذا تكون تسوية الصفوف .. وقد أخبرنا الحديث أن تسوية الصفوف من تمام الصلاة .. وورد في الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم : (صفوا كما تصف الملائكة عند ربها ، قالوا :- وكيف تصف الملائكة عند ربها ؟ فقال :- يتمون الصفوف الأول، ويتراصون في الصف)

يقول فضيلة الشيخ صالح العثيمين :- لا شك أن النبي صلي الله عليه وسلم أمر بتسوية الصفوف وكان عليه الصلاة والسلام يمر بالصف يمسح صدورهم ومناكبهم يأمرهم بالتسوية ..فخرج ذات يوم وقد عقلوا عنه فرأى رجلاً بادياً صدره أي متقدماً فقال عليه الصلاة والسلام :- ( لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم ) أي بين قلوبكم حتى تكونوا أعداءً متباغضين .. وهذا وعيد لمن ترك تسوية الصف وهو دليل على وجوب التسوية .. ويقول :- ( وما نشاهده الآن من التهاون في تسوية الصف أمرٌ يؤسف له ) .. ويقول :- ( فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتراص وأخبر أن الملائكة عند الله عز وجل يتراصون ..

________________________

مدرسة النظام ..

ومن حكم الله أن يكون هناك مدرسة فى كونه نتعلم منها النظام مدرسة النمل .. ويقول الكاتب المهندس عبد الدائم الكحيل فيها :- ( ومن الأشياء المذهلة ما نراه من حركة دقيقة للنمل أثناء العمل وجمع الطعام والقيام بالمهمات اليومية مثل تربية الأولاد وبناء المساكن والدفاع عن المستعمرة .. وخلال هذه العمليات نلاحظ أنه لا يحدث أي تصادم على الرغم من الأعداد الهائلة للنمل والتي تسير ضمن مساحات محدودة ..

هذه الملاحظة استرعت انتباه العلماء الألمان فقاموا بمراقبة النمل أثناء عمله، فقد أظهرت دراسة علمية أجراها معهد دريسدن للدراسات التكنولوجية قدرة فائقة يتميز بها النمل في تنظيم حركة المرور، ويبقى على العلماء معرفة اللغز الذي يكمن وراء نجاح النمل في تجنب الاصطدام لتطبيقها على حركة مرور السيارات.

________________________

بيتنا منظم ..

وتعالى ننتقل لبيوتنا التى الأصل كما كتب فضيلة الشيخ سعيد حوى :- (تبدو عليه علامات النظافة والجمال والبساطة ، والأسرة المسلمة تهتم بتنظيم البيت وتنسيق حجراته ، بحيث تتناسب وظيفة كل حجرة واستعمالها مع موقعها ومساحتها ، وكذلك على الأسرة المسلمة أن تهتم بتنظيم كل حجرة من حجرات البيت وترتيبها بتوزيع قطع الأثاث الموجودة بها بشكل مناسب ، لتحقيق الأغراض المطلوبة منها حتى تبدو جميلة ومريحة تسر الناظرين ..

وكل حجرة من حجرات البيت لها قيمتها وفق وظيفتها ، ويلزم تحديد مكان لكل شيء في البيت ؛ بحيث يُعرف مكانه عند الحاجة إليه ، وتجمع الأشياء المتشابهة مع بعضها البعض في مكان خاص بها ؛ كأن توضع إبر الخياطة والخيوط في مكان ، وتوضع أدوات الصيانة في مكان ، وهكذا .. فهذا النظام يوفر وقتًا كبيرًا قد يضيع في البحث عن الأشياء عند الحاجة إليها ) كتاب : قوانين البيت المسلم.