البطولة في الإسلام
عبد المعز الحصري
[email protected]
1- البطولة : أن تملأ قلبك بحب الله وتقواه ويطمئن بذكره وأن يكون لله وحده فلا
تغفل عن ذكره أبدا ، حتى اذا جاءك الموت نطق لسانك بالشهادة، فيختم لك بأحسن
خاتمة، فتكون من أهل السعادة في الجنة
"
وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ
السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108)
" هود .
2- البطولة
: أن تعمّر الدنيا بما يرضي الله، وتترك بصمتك فيها لتكون محمود الذكر في الدنيا
والآخرة، وتلبس في الجنة تاج الوقار (وَمِنْ
اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً
مَحْمُوداً (79))
الإسراء .
قال ابن الوردي ( المعرِّي الأصل ) في لاميته المشهورة :
ليس من يقطع طرقا بطلا إنما من يتق الله البطل
قلت
: وقطاع الطرق على أضرب وأعظمهم فتكا وأشدهم خطرا من يقطع عليك الطريق وأنت سائر
إلى الله ،
3- البطولة
: أن تكون بطلا في حمل اثقال مّن ترعاهم ( كلكم راع وكلكم
مسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن
رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولةعن رعيتها .... )
(
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا
النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ
مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)
) التحريم .
ولمّا تولىّالخليفة الراشد الخامس عمر بن عبد العزيز قال
:" وأيم الله انما أنا رجل من المسلمين غير أن الله جعلني أثقلكم حملا "
فكان يقصد بذلك القيادة وأعباءها .
4- البطولة
: أن تعمل عملاً صالحاً لا تتوقف الملائكة عن كتابته حتى بعد موتك، قال – صلى الله
عليه و سلم - : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ، صدقة جارية ، أو علم
ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له " رواه مسلم .
5- البطولة :
أن تهب نفسك و أهلك لله بصدق و إخلاص ، قا ل الله تعالى : "
إِذْ قَالَتْ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي
مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) فَلَمَّا
وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا
وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي
أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36) فَتَقَبَّلَهَا
رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا
كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ
يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ
يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37)
" سورة مريم .
قال لي أحدهم : لقد كانت امرأتي حاملاً فأشهدت الله أني قد وهبت ما في بطنها لله
فرزقني الله منها غلاماً فلحق بركب الأنبياء و الصديقين و كانت مرتبته الثالثة من
الذين أنعم الله عليهم ولا نزكي على الله أحدا .
6- البطولة
: أن تكون علانيتك كسريرتك و أن يكون عملك خالصاً لله ليس فيه شرك أو رياء أو نفاق
.
7- البطولة :
أن تكون قوياً ناجحاً متميزاً فتحتفظ بالبطولة و تبقى هي أهلاً لك و أنت أهل لها ،
لا أن ترجع القهقرى و تخسر جولات فتصبح من المتساقطين في الطريق قال تعالى
:
"
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا
فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا
لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ
فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ
يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصْ
الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176)
" سورة الأعراف .
فهذا الإمام أحمد رحمه الله احتفظ بالبطولة و لم يستطع الشيطان أن يكسب منه جولة
واحدة حتى وهوعلى فراش الموت .
8- البطولة
: أن تكون متَّبِعاً لسنة الرسول – صلى الله عليه و سلم ( أي أن تكون متبعا
لامبتدعاً ) .
"
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَنُ
وُدّاً
" سورة مريم الآية 96
9- البطولة
: أن تكون موفقا في جمعك بين الدنيا والآخرة بما أمر به الشارع الحكيم فتكون خليفة
الله في أرضه .
10- البطولة
: أن تكون
في صلح دائم مع الله
بأن تحدث توبة نصوح كلما أذنبت
11- البطولة
: أن لا تقطع بسيف الغفلة عمرك – أقصد وقتك – فأن اضاعة الوقت أشد من أضاعة المال
فالمال له عوض ولاعوض للوقت – العمر – (...إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ
فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ) ، يونس(49).
12- البطولة
: أن تضرب بكل غنيمة بسهم ، وصدق القائل : اعلم عن كل شيء شيئا واعلم عن شيء كل
شيء ، قلت : وهذا يقتضي التخصص وسعة العلم
13- البطولة
:هي المحافظة على التوازن في الامور كلها فان لجسدك عليك حقا وان لعينك عليك حقا
وان لزوجك عليك حقا وان لزورك عليك حقا ( لزورك :أي زائرك ) .
14- البطولة
: أن تكون أعمالك موافقة للشرع ومرضية لله مجتنبا ما يعتذر منه .
15- البطولة
: أن تعمل على أن يكون نتاج عملك - جائزتك – في الآخرة مقعد صدق عند مليك مقتدر
وذلك بالاخلاص والاجتهاد في العمل الذي يرضي الله وحسن الظن بالله تعالى فتكون من
الذين قال الله فيهم "
يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً
" سورة مريم الآية 85 .
مراتب البطولة
1-
أدناها أن تضع لبنة – من نوع مميز – في بنا ء الحضارة ( كمخترع الكهرباء ، أديسون )
، ما ؤها الاخلاص والتوحيد ، فان لم يكن التوحيد في قلبك ، أصبح عملك هباء منثورا
يوم القيامة
(إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ
وَيَغْفِر مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء}
[سورة
النساء:
آية
48])
2 – أن تكون فردا صالحا ومصلحا فتتصف بصفات الذين يحبهم الله ( المتقين ،المحسنين
، التوابين ، المتطهرين ....) حتى تكون من الكمّل ، فانه لم يكمل من النساء الا
أربع ، وكمل من الرجال كثير .
3-
أن تقيم صرحا ضخما تفوز بالبطولة به على أقرانك ويكون رأسمالك في الآخرة
4-
أن تجتهد في اللحاق بأي مرتبة من مراتب البطولة ، الذين قال الله تعالى عنهم (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ
الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ
وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا)
النساء (69)
وختاما : علينا أن نورّث البطولة لابنائنا أعمالا ترادفها الأقوال حتى تتشرب في
نفوسهم وكأنها عين الحقيقة فيسهل عليهم تطبيقها بلا عناء أو مشقة أو عنت
.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان الى يوم
الدين