جوهر التقوى
جوهر التقوى
رضوان سلمان حمدان
التقوى من أعظم مقامات الدين، وأطيب ثمار الإيمان، وأفضل ما يحرص
عليه المؤمنون، وقد ناط القرآن بها كل خير وكل فضل وكل أثر طيب في الدنيا
والآخرة؛
فهي سبب النجاة، وسبب اليسر والسعة، وسبب تكفير السيئات، وسبب معيَّة الله
تعالى
لعبده، وسبب محبة الله لعبده وحفظه إياه من كيد الأعداء، وهذه التقوى لها شكلٌ
وصورةٌ، ولها جوهر وحقيقة، فأما شكلها فالمحافظة على رسوم العبادات وطقوسها
الظاهرة، والاهتمام بأعمال الجوارح وطاعات الأبدان، والحرص على تجنب معاصي
الجوارح
دون الحذر من الوقوع في معاصي القلوب.
أما جوهر التقوى وحقيقتها فيتجلَّى في
القلب الذي هو موضع نظر الله تعالى، والذي هو أساس النجاة في الآخرة، قال تعالى-
على لسان إبراهيم حين دعا ربه-:
﴿وَلاَ تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ* يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ* إِلاَّ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ الشعراء: 87- 89
وفي الحديث الصحيح أن النبي- صلى الله عليه وسلم- أشار إلى صدره وقال: "التقوى هاهنا" (ثلاثًا)، وقد جاءت جملة من الأحاديث الصحيحة كلها تبيِّن أهمية النية في دين الله، وفي قبول الأعمال عند الله، فالعبادات كلها لا تقبل عند الله إلا بشرط أساسي لا بد منه؛ وهو الإخلاص لله تعالى.