معادلة الابتسامة والدمعة

العيد قادم أيها السوريون

د. عامر البوسلامة

[email protected]

1- العيد شعيرة من شعائر الله تعالى، وتعظيمه من تعظيم هذه الشعائر، قال تعالى :{ ذلك ومن يظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} [ الحج : 32]. هذه الأيام المباركة، أيام عيد، على لسان نبينا – صلى الله عليه وآله وصحبه -

ففي الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: «يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب، وفي حديث صحيح، عن نبيشة الهذلي قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل.»(

2- ومن لوازم العيد، إظهار الفرح، والتمتع بالمباح، ففي الصحيح ، حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: «عن عروة عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها جاريتان تضربان بدفين فانتهرهما أبو بكر فقال النبي صلى الله عليه وسلم دعهن فإن لكل قوم عيدا دخل عليّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعندي جاريتان تغنيان بدفين بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش، وحول وجهه، وجاء أبو بكر فانتهرني وقال: مزمارة الشيطان عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فأقبل عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "دعهما يا أبا بكر، إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا» و في يوم العيد في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- لعب الحبشة بالحراب والدرق بالمسجد، ورقصوا بها، ففي الحديث الصحيح، قالت عائشة: -رضى الله عنها- «سمعت لغطاً وصوت صبيان، فقام النبي -صلى الله عليه وسلم-: فإذا حبشة تزفن، أي: ترقص والصبيان حولها فقال: يا عائشة تعالي فانظري، قالت: فأقامني وراءه، خدي على خده وهو يقول: دونكم يا بني أرفدة، لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني بعثت بحنيفية سمحة» يقول الإمام الغزالي : ( ينبغي أن يكون لنفوس المتقين استراحات ومباحات ).

وتبقى هذه الشعيرة، ظاهرة بإذن الله، رغم كل الظروف والأحوال، وهذا من تعظيمها، عبادة لله تعالى. وكلنا يعلم المصاب الكبير، الذي حل ببلدنا، والكارثة التي وقعت على شعبنا، والمحنة التي ألمت بأهلنا، ورغم هذا لا بد من الصبر، والتغلب على العقبات، وإظهار الفرحة بالعيد، وهذا من متانة خلق المسلم، علينا أن نرسم الابتسامة على وجوه أطفالنا، وأيتامنا وأراملنا وجرحانا، ومجاهدينا ومشردينا، لتكون هذه الابتسامة علامة بشر، بعيد قادم، وقد تحول الوضع من حال إلى حال، وكتب الله النصر.

رحم الله من ساهم في رسم هذه الابتسامة، ولو بكلمة طيبة، أو ثوب جديد يقدم لطفل في بلدي، نعم ستكون ابتسامة، ممزوجة بالدمع، لكن لا بد منها، في عالم التحدي المرير.

ونقول لمن منّ الله عليهم بالمال والأمان : ساهموا في رسم هذه الابتسامة، وتذكروا إخوانكم في سورية، لما تشترون لأولادكم كسوة العيد، أو كعكه، أو بعض مستلزماته.

3-  في العيد، صلاة العيد، وله خطبة، وننصح خطباء الأمة، أن يذكروا بقضية الشعب السوري، ويشرحوا معاناة هذا البلد، المنكوب بفعل هذا النظام العصابة، ومن معه من الطائفيين، ومن سانده من المجرمين، ذكروا الناس بمئات الألوف من الشهداء والجرحى والمعوقين والأيتام والأرامل وملايين المشردين، واشرحوا للناس مشروع هذه الثورة الشعبية، وبينوا للعالم الأهداف التي من أجلها انتفض هذا الشعب، فجهاد الكلمة، لا يقل شأناً عن سائر أنواع الجهاد الأخرى. ولا أظن أن يفوتكم في مثل هذا اليوم، وبعد الصلاة والخطبة، أن تجمعوا التبرعات لهم، فهذا من الواجبات، كما أفتى بذلك خيرة علماء الأمة.

ففي البخاري، عن ابن عباس رضي الله عنهما: «قال له رجل شهدت الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم ولولا مكاني منه ما شهدته يعني من صغره أتى العلم الذي عند دار كثير بن الصلت ثم خطب ثم أتى النساء فوعظهن وذكرهن وأمرهن أن يتصدقن فجعلت المرأة تهوي بيدها إلى حلقها تلقي في ثوب بلال ثم أتى هو وبلال البيت»(

وفي العيد، إحياء شعيرة الأضاحي، ويا لها من شعيرة عظيمة، وأجرها كبير، وفضلها عميم.  ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما، وهي أفضل من الصدقة.

وفي الحديث الصحيح ما روى الترمذي وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما عمل ابن آدم يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم، وإنه ليؤتى يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع بالأرض، فطيبوا بها نفسا. قال الألباني في تحقيق مشكاة المصابيح: صحيح

 ورحم الله من جعل أضحيته في سورية، وهناك مشاريع كثيرة تخدم هذا الغرض، فتعاونوا، ومن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته.

4-  وأنتم يا أبناء سورية، احتسبوا أمركم عند الله تعالى، واصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله. وتسامحوا مع إخوانكم، وانشروا رحيق المحبة في صفوفكم، وكونوا عوناً لبعضكم وسنداً، وإياكم وحالقة الدين، فإنها رأس الكوارث، ومجمع المشكلات.