رمضان: خصائص روحية واجتماعية متميزة
رمضان: خصائص روحية واجتماعية متميزة
رضوان سلمان حمدان
لا شك أن شهر رمضان له خصائص روحية واجتماعية تفرض نفسها على الإنسان وكأنَّ الله سبحانه وتعالى جعل هذه الخصائص من أجل تجديد المناعة الإيمانية والاجتماعية للمجتمع المسلم، ونحن كأسر نجتمع معًا لانشغال زوجاتنا وأبنائنا في أعمالهم فيأتي شهر رمضان ليكون فرصةً للالتقاء على الإفطار والسحور؛ ولا شك أنَّ هذا اللقاءَ بغض النظر عن كونه على طعامٍ إلا أنه فرصة لإعادةِ التواصل بين أفرادِ الأسرة بل وأفراد المجتمع من خلال ما يتمثل فيه من دعواتٍ اجتماعيةٍ وعائليةٍ على الإفطار فهذه ميزة وخصيصة لهذا الشهر الكريم يعدها المسلم نعمةً عظيمةً يحمد الله عليها أن جعل شهرًا في العام له هذه الخصائص.
ومن أفضال شهر رمضان أيضًا المناعة الروحية التي يُعطيها للمسلم بما فيه من صيامٍ وقيامٍ وتهجد واقترابٍ من القرآن، فكل هذا يجدد المناعة الروحية للإنسان الذي يظل طوال العام تتصارعه الحياة بمشاكلها ومشاغلها سواء الحياتية أو الدعوية والتي أحيانًا ما تكون صعبة بحكم الظروف القاسية التي نعيش فيها سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو الدعوي نعيش في حالةِ صراعٍ قاسٍ على النفس والقلب حينما يكون مصير العاملين للدعوة السجون والمعتقلات والتضييق فلا شك أنه لولا تجدد المناعة الروحية والإيمانية لكان من الصعبِ تحمل هذه التبعات.
رمضان مع الأسرة
والمسلم يكون حريصًا على صلاةِ التراويح في بعضِ الأيام في البيتِ مع الزوجة والأبناء ليكون شكلاً من أشكال التجمع على القرآن الكريم، لجمع شمل الأسرة على الصلاةِ والسجود والركوع الذي يؤلف به الله القلوب ويقربها ويرققها.
أما البرنامج الشخصي فتزيد فيه الجرعة الإيمانية والاجتماعية بشكلٍ أكبر فتكون فيه أكثر انتظامًا وارتباطًا بالالتزاماتِ الأسرية، فالبيت يحتاج أن يُوضع في برنامج المسلم ويحدد موعدًا ليكون مع أسرته لا يتخلف عنه أبدًا لأي ارتباطٍ آخر.
وهناك يومان على الأقلِ يكون فيهما في البيتِ في الفترةِ المسائية، وهذا اللقاء يسمح بنوعٍ من الحوارِ والتقاربِ وإجراء المناقشات وتذكير الأبناء بشيء ومدارسة المفيد من الكتب، وهذا ما يجب أن يحدث أيضًا في شهر رمضان الكريم؛ حيث تدارس بعض الكتب مثل إحياء علوم الدين للغزالي وكتب عن الرقائق تسمو معها النفس.
وأجمل ما في هذه الأيام الاجتماع على القرآن والعبادة والطاعة، وقد قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- "تماسوا تراحموا" وليس مقصودة في الصلاة فقط بل إنَّ التماسَ هنا بمعنى التقارب والالتقاء على طاعةِ الله عزَّ وجل والتي تتنزل بها الرحمات وتكون لها انعكاس على ترابطِ الأسرة وتماسكها.
وليضع المسلم حدًّا لتلبيةِ دعوات الإفطار بحيث لا تزيد عن عشر دعوات لما يترتب على الدعوات من العودة المتأخرة وقد تفوته صلاة القيام.
ولا يجعل انشغال يؤثر على زيارةِ الأهل وصلة الرحم فليحرص على الالتقاءِ بالأهل وأهل الزوجة والأقارب.
الوقت هو الحياة
على المسلم أن ينظم وقته في رمضان وفي غير رمضان وتنظيم الوقت مفيد جدًّا للإنسان الذي لو نسي أنه يملك أربعا وعشرين ساعة في اليوم لم يفعل شيئًا، فلا يأخذ من وقتِ عملٍ إلى وقتِ عملٍ آخر، وسيجد أنَّ اليوم يكفي للقيامِ بالعملِ الوظيفي والعمل الحياتي والعمل الدعوي، وكذلك تخصيص وقتٍ للأسرة والأبناء ووقتٍ للنوم ووقتٍ للطعام فلا يطغى حق على آخر، ولو عرفنا أنَّ الوقتَ هو الحياة، وأننا سنُسأل عنه يوم القيامة فسوف يكون هذا كافيًا لأداءِ كافة الأعمال في إخلاص ونشاط.
وهي دعوة كذلك لحفظ الوقت وعدم تضييعه هباءً أو في لهو وغفلةٍ كمَن يقضي جُلَّ وقته أمام التلفاز خاصةً في شهر رمضان الذي يتنافس فيه الإعلامُ على مضاعفةِ البرامج والأفلام والمسلسلات مما يُصرفهم عن المقصدِ الحقيقي لهذه الأيام الطيبة وهو مغفرة الذنوب وزيادة الإيمان وتقوى الله عز وجل.